قضية (الإمارات 94): برواية القضاء الإماراتي،، تلفيق وتزوير حقائق!!

قضية (الإمارات 94): برواية القضاء الإماراتي،، تلفيق وتزوير حقائق!!

في أكبر قضية عرفتها البلاد، اعتُقل العشرات من الأكاديميين والمسئولين والقضاة والدعاة ورموز الوطن من خبراء اقتصاد وسياسة واجتماع وهندسة، جميعهم خُطفوا واعتُقلوا (بين 2011 و2012م)، وحوكموا بتهمة "الانتماء لتنظيم سري يهدف إلى قلب نظام الحكم"، وذلك لأنهم وقّعوا عريضة إصلاحية سُميت (عريضة 3 مارس)، قدّموها للحكومة الإماراتية بها مقترحات وتوصيات للإصلاحات السياسية في البلاد، فقابلتهم السلطات بالقمع والتنكيل والانتهاكات التي ليس لها مثيل!.
ويسرد هذا التقرير القصة كاملة بين حقيقة الواقع المؤلم ورواية الحكومة الملفقة.

رواية القضاء الملفقة:
تحدث القاضي "فلاح الهاجري" في جلسة المحاكمة قائلاً: (إنَّ قضاء دولة الإمارات العربية المتحدة يستقي أحكامه من مصادر التشريع الإسلامي، وهو ما نص عليه الدستور حيث جعل الشريعة الإسلامية مصدرا أساسيا للتشريع وجعل استقلالية القضاء وعدم المساس به من أولويات التشريع في الدولة حتى يبقى ذلك القضاء حصنا منيعا لا يمس ويكون ملجأ لمن يطلب حقا أو رد مظلمة جاعلًا من قضاء عمر الفاروق وعدله نبراسا له في نظر ما يعرض عليه من خصومات غايته في ذلك إحقاق الحق وإبطال الباطل.. مراعيًا في ذلك الشرعية الدستورية للقوانين واللوائح التي يقوم بتطبيقها على واقع تلك الخصومات والأعراف والمبادئ الدينية والأخلاقية التي انطلق منها المجتمع الخليجي العربي بشكل عام والإماراتي على وجه الخصوص في الحياة المدنية.

وحيث أن القضية الماثلة ومنذ أنْ ولجت أروقة هذه المحكمة وخلال الجلسات التي مرَّت بها قد سارت وفق الإجراءات القانونية التي كفلها الدستور للمتهمين فقد تم إفساح المجال وبكل شفافية لهم وللدفاع الحاضر مع كل منهم بأن يقدم ما لديه من طلبات وأدلة نفي يمكنه بها أن يدافع عن نفسه ما نسب إليه من اتهام وما قدم ضده من أدلة إثبات.

وبعد ذلك واجهت المحكمة المتهمين بجميع تلك الأدلة واستمعت إلى ما أبدوه حيالها ثم أفسحت لهم وللدفاع عنهم المجال للمرافعة الشفوية حيث تمكن كل منهم من تقديم ما لديه من دفع ودفاع كما قدمت النيابة العامة مرافعتها وخلصت إلى طلباتها وبعد أن استنفذ كل من المتهمين والنيابة العامة ما لديهم من دفع ودفاع .. ختمت المحكمة جلسات المحاكمة بحجز الدعوى للحكم لجلسة اليوم.

ولما كانت هذه المحكمة قد أحاطت بواقع الدعوة وحصلتها وفق ما استيقنته نفسها وعرضت لما قدم فيها من أقوال وأدلة إثبات ونفي حيث محصتها عن بصر وبصيرة وعرضت لتلك الأدلة إيرادا وردا ثم خلصت إلى قضائها الذي أسسته على أسباب ترى أنها سائغة ولها معينها من الواقع والقانون مما يجعلها كافية لتكوين عقيدتها وحمل قضائها، وقد جعلت المحكمة نصب عينيها قول المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم في الحديث الذي رواه "عمرو بن العاص" -رضي الله عنه- أنه قال عليه السلام: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر".

ذلك أنَّ العدل من صفات المولى عز وجل فهو العدل والعادل وأن القاضي غير مطالب بإدراك ذلك العدل وما عليه إلا أن يبذل ما بوسعه للوصول إليه ولن يكون ذلك إلا باجتهاده وبحثه مستعينا بالله وآخذا بأدوات الوصول إلى ذلك العدل في حكمه.
إذ أنه لا عاصم للمتهم من أي اتهام بعد الله تعالى سوى شرف ضمير القاضي ونزاهة وجدانه واستقلاله ورفاهة حسه في تمييز الغث من السمين..
لما كان ذلك فإن هذه المحكمة تصدر قضاءها وفق ما سيرد في منطوق حكمها..).

ولا يخفى على أحد مدى الكذب والتزوير في كلام القضاء المأجور لدى محمد بن زايد وإخوانه، وأن تلفيق التهم أسهل عندهم من رمشة عين، وكي نضع الجميع في صورة الحقيقة، إليكم الرواية الصحيحة:

رواية الحقيقة المؤلمة:

في ذلك اليوم المشئوم 02/07/2013م، حكمَ "الهاجري" غيابياً وحضورياً على العشرات من معتقلي الرأي أحكاماً تراوحتْ بين 7 و15 سنة دون طعنٍ أو استئناف، طالت العديد من الأكاديميين والمسئولين الحكوميين والدعاة والقضاة والاستشاريين والخبراء في الاقتصاد والعلوم والهندسة، الذين تعرّضوا لأبشع الانتهاكات الحقوقية داخل وخارج السجون من قِبَل أجهزة الأمن الإماراتي المسعور.

ولم يجدْ معظمهم مجالاً للحديث والدفاع عن نفسه، خاصة وأنَّ بعضهم محامون وقضاة واستشاريون قانونيون، بعكسِ ما تحدّث به القاضي "الهاجري"، وقد أحرجَه بعضهم بوصفه "تلميذه في السابق"، وتنكّر بعضهم من أدلة الإثبات الملفقة وهي عبارة عن تسجيلات صوتية لا تخصّهم، كما طعنَ المعتقلون في نزاهة شهود الإثبات الذين لم يظهروا أمامهم ولم يُواجهوهم أصلاً!!

ثمّ اشتكى كلُّ من وجد فرصةً للكلام من المعاملة المهينة التي لاقوها من السلطات الإماراتية وأجهزتها الأمنية منذ الخطف والاعتقال وطوال جلسات المحاكمة حتى صدور الحكم النهائي، وطبعاً سيستمر الأمر بعدها!.

فقد حُرم معتقلو الرأي من الدفاع وتوكيل محامٍ ومنعوا من الزيارات، وحُرموا من الرعاية الصحية –خاصة الذين تعرضوا للتعذيب والمرض في الزنازين- ولم يُسمح لهم بالعبادة وصلاة الجماعة، كما حُرموا من ضوء الشمس والتهوية والنظافة الشخصية والغذاء السليم.

كل ذلك لم يشبع وحشية الأمن الإماراتي، فأخذ يقتحم الزنازين ويعذب وينكّل بالمعتقلين، كما تحرشوا بهم جنسياً في تفتيش مهين للكرامة الإنسانية بعد تجريدهم ملابسهم، جعل العديد من المعتقلين يضربون عن الطعام منذ حينها وحتى يومنا، رافضين الخضوع لهذه الانتهاكات -برغم تدهور صحة أغلبهم- مفضلين الموت في حرب الأمعاء الخاوية على العيش تحت أنياب السجّان.

وقد تجاوزت الانتهاكات حدود المعقول، حيث وصل الحال بأمن الإمارات أن اعتقلَ أهالي بعض المعتقلين وخاصة فتياتهم وزوجاتهم، للضغط عليهم والتنكيل بهم أو مساومتهم في عرضهم، كما حصل مع زوجة الزعابي وشقيقات السويدي وابنة الصديق وبنات الشهيد العبدولي وحتى مريضة السرطان علياء عبد النور لم تسلم من بطش الاعتقال والتعذيب بتهمة التغريدات المسيئة للدولة!.

ويبدو أنَّ ما خفي أعظم من الانتهاكات التي اقترفها الأمن الإماراتي بحقّ معتقلي الرأي، ضارباً بعرض الحائط كل القوانين الدولية والأعراف والقيم الإنسانية.

كل هذا وأكثر يحدث في حكومة وصفتْ نفسها بالسعادة والتسامح، وتتباهى بذلك، بيْد أنّ الواقع هو سعادة لغير الإماراتيين وتسامح لغير المسلمين!!.

الكاتب