ناشيونال إنترست .. محاولات لدول الخليج للخروج من الهيمنة السعودية بتحالفات خارجية

ناشيونال إنترست .. محاولات لدول الخليج للخروج من الهيمنة السعودية بتحالفات خارجية

ناقشت مجلة "ناشيونال إنترست" التغيرات التي تشهدها دول الخليج ولجوء كل من الكويت وسلطنة عمان لتعزيز تحالفاتهما الخارجية بعيداً عما وصفته المجلة بالهيمنة السعودية على السياسات الخارجية الخليجية خاصة بعد الأزمة الخليجية مع قطر، وتهميش دور مجلس التعاون الخليجي سواء فيما يتعلق بالأزمة الخليجية أو حرب اليمن.

 وتم إنشاء مجلس التعاون الخليجي بقصد ضمان سيادة دوله الأعضاء، إلا أن المآل الذي ذهب إليه مؤخرا، بعد الفشل في القمة الأخيرة، في ديسمبر/كانون الأول، في مواجهة الحصار المتواصل ضد قطر، يدعو إلى إعادة تقييم أولويات الولايات المتحدة في المنطقة.

وتشير المجلة إلى ما تواجهه المملكة العربية السعودية حاليا من الكثير من الضغط بسبب الاتهامات الموجهة إليها بالقتل خارج نطاق القضاء، والحرب المستمرة في اليمن، والدراما القبلية العائلية

وابتداء من العام الحالي، ستبدأ الكويت، بقيادة الشيخ "صباح الأحمد" بتنسيق وتبادل الخبرات العسكرية مع تركيا. ولا يمثل هذا التحرك فقط آخر الدفعات التي يقوم بها الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" داخل دائرة النفوذ السعودي، بل إنه يظهر أيضا القلق الذي ينتاب الأصوات المعتدلة في الخليج.

وقد سارع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" إلى دعم حصار السعوديين على قطر في البداية، ودافع عن النظام في أعقاب مقتل "خاشقجي"، وهو ما يعني أنه لا يُتوقع منه الدفاع عن الكويت إذا قررت العائلة المالكة السعودية الاستيلاء على حقولها النفطية أو شيئا من هذا القبيل.

وإضافة إلى ذلك، تسببت فترة عامين من الحصار ضد دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي في إعاقة قدرة الكويت على ممارسة دورها التقليدي في الوساطة بفعالية، كما أن إسلام تركيا المعتدل، وديمقراطيتها والاستقرار العام في قيادتها، هي أمور تجعلها بديلا واضحا للقيادة في الشرق الأوسط الأوسع.

وقد أثارت قدرة تركيا على الحفاظ على صناعات ثقافية وترفيهية رائدة، وإسلام معتدل، وسياسة خارجية حازمة، وقدرة على التأثير على كلا الجانبين من الانقسام الغربي الروسي، أثارت اهتمام الحلفاء المحتملين بوضوح في جميع أنحاء المنطقة. وقد تم إنشاء مجلس التعاون الخليجي لتوفير الأمن للدول الأعضاء غير القادرة على توفير أمنها الخاص، وسيكون من الصعب على الدول الخليجية الأصغر أن تتخلى عن الحاجة إلى الحصول على راع كبير. وستسعى الدول الصغيرة والغنية، إلى إقامة علاقة مع الإسلام السياسي الذي لا يزال يتمتع بمستقبل سياسي واعد.

ونجحت تركيا في وضع نفسها كبديل واضح للقيادة السعودية. وكان نشر القوات التركية إلى دولة قطر المحاصرة قد بعث ببعض الرسائل. أولا، أن أعمال السعوديين في منطقة الخليج لا تنفصل عما وراء الجزيرة.

ثانيا، أن الدول الجزرية الخليجية تم الاعتراف بها كدول مستقلة ذات هويات تتعدى علاقاتها مع بعضها البعض. وأخيرا، أن هناك دولة إسلامية مستعدة للوقوف في وجه المملكة العربية السعودية، ومنافسها على قيادتها للمنطقة. وقد تم إرسال تلك الرسائل قبل أن يمنح ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" تركيا أحلى هدية، وهي التفوق الأخلاقي.

وفي ظل التقلب داخل أسرة آل سعود، من الطبيعي أن يخشى قادة الأسر الملكية الصغيرة والدول الخليجية الأصغر من تكرار الموقف الذي تواجهه قطر الآن. ويدرك الشيخ "صباح"، أمير الكويت، ضعف بلاده أمام جوارها، وهو ما يذكره بضرورة تأكيد وتعزيز أمن دولته الغنية بالنفط.

سلطنة عمان وقطر

ومع ذلك، لا تعد الكويت وحدها التي تسعى بهدوء إلى تحقيق أجندة تتعارض مع المثلث السعودي البحريني الإماراتي. وهناك مثال آخر هو عُمان، المركز الهادئ لمجلس التعاون الخليجي، حيث لم يستقبل السلطان "قابوس بن سعيد" فقط معرضا حديثا بعنوان "صنع في قطر"، لكنه تحدث عن زيادة بنسبة 100% في التجارة مع الدولة المحاصرة.

ونظرا لافتقار عمان لواجبات الوساطة الإقليمية التي تتحملها الكويت، فمن السهل لها أن تصدر إيماءات أكثر استقلالا، مثل اتفاقية الدفاع المتبادل التي وقعتها مؤخرا مع المملكة المتحدة، أو استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو". ولقد أوفت كل من عُمان والكويت بواجباتهما الإقليمية في القمة الأخيرة عبر إمساك ألسنتهما عن قضية "خاشقجي"، لكنهما لا يخفيان تطلعاتهما البعيدة للاستقلال.

وتتشابه قطر مع الكويت أيضا. وبالرغم من الحصار المستمر ضدها، قامت قطر بتقديم 15 مليار دولار من الاستثمارات للاقتصاد التركي، وخرجت أيضا من جانب واحد من منظمة "أوبك"، وتحدت دول الخليج الكبيرة بإرسال وزير منخفض الرتبة لتمثيلها في القمة الأخيرة. وفي ضوء هذه التطورات، لا شك أن مستقبل مجلس التعاون الخليجي سيكون متوترا، مع خسائر اقتصادية وربما بشرية محتملة. وبعد أن قامت السعودية بـ"تسليع" تراثها الإسلامي، فإنها منحت الفرصة لتركيا لتقدين نفسها كبديل أكثر أمانا وأكثر عولمة.

وكان مجلس التعاون الخليجي في الأساس مبادرة من عائلة "الصباح" بعد الغزو العراقي للكويت، وخطوة منطقية إلى الأمام فقامت بها الدول الصغيرة في المنطقة لضمان أمنها بدعم من قوة عالمية، وهي الولايات المتحدة. واليوم، وعلى الرغم من الموارد المحدودة والسكان غير المستعدين لدعم اقتصادات ما بعد النفط، يبدو أن هناك طرقا متعددة يمكن من خلالها لكل من الكويت وعُمان إنشاء تحالفات استراتيجية داخل وخارج مجلس التعاون الخليجي دون ربط مصيريهما بـ "آل سعود".

التحالف السعودي الإماراتي

ورغم أن المسؤولين السعوديين والإماراتيين يعربون دائمًا عن التزامهم بالحفاظ على تماسك مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فإن أزمة قطر الراهنة دفعت محللين عرب كثيرين إلى التكهن بأن التحالف السعودي- الإماراتي الجديد سيحل، في نهاية المطاف، محل مجلس التعاون، من حيث الأهمية الاستراتيجية.

وجاء إعلان السعودية والإمارات إقامة لجنة مشتركة للتعاون والتنسيق «في كافة الميادين العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية» بالتزامن مع قمة مجلس التعاون في الكويت، حيث اعتبر محللون سياسيون أن الإعلان السعودي الإماراتي المشترك لم يكن إهانة لأمير الكويت وجهوده في مجال الوساطة فحسب، بل كان جهدا محسوبا أيضا لعرقلة القمة الخليجية، وإيذانا بنهاية مشهد مجلس التعاون الخليجي.

كما كانت تسببت القطيعة المفاجئة في العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وكندا في تسليط الضوء على الديناميات السياسية الإقليمية التي وضعت ضغوطا غير مسبوقة وغير قابلة للإصلاح على "مجلس التعاون الخليجي".

الكاتب