لوبوان الفرنسية .. كيف تعاطت جامعة السوربون مع إجراءات أبوظبي ضد طلاب قطريين

لوبوان الفرنسية .. كيف تعاطت جامعة السوربون مع إجراءات أبوظبي ضد طلاب قطريين

ناقشت صحيفة لوبوان الفرنسية كيفية تعاطي جامعة السوربون - أبوظبي مع الإجراءات الاماراتية المتعلقة بمنع الطلبة القطريين من دخول الإمارات وخضوع الجامعة لهذه الإجراءات بما يخالف قوانين الجامعات الفرنسية.

ومنع الإماراتيون الطلبة القطريين من مزاولة تعليمهم في جامعة "السوربون أبو ظبي" ما يعتبر انتهاكا لحقهم في التعليم الجامعي في ظل تواصل الصمت الفرنسي. فهل أن جامعة السوربون أبو ظبي خاضعة لقوانين الجامعات الفرنسية؟ أم إن الإمارة بإمكانها أن تفرض رؤيتها السياسية على الجامعة؟

وقالت صحيفة "لوبوان" الفرنسية في تقرير ترجمته "عربي21" إنه في الواقع، تُرجمت هذه الرقابة في جامعة السوربون أبو ظبي نهاية سنة 2018 حين رفضت الإمارات، من خلال دوافع يلفها الغموض، تعيين الباحثة في الفلسفة، ليلى العمراني، وهو إجراء ندد به نحو 100 أكاديمي في صحيفة "لوموند" الفرنسية

وعلى الرغم من الاحتجاجات والالتماسات، إلا أن مسؤولي الإمارة الثرية لم يعدلوا عن قرارهم وحافظوا على صمتهم دون تقديم مبررات، وهو ما أحرج الإدارة الباريسية لأرقى الجامعات في فرنسا. ولا يعد رفض هذه الأستاذة الفرنسية، رغم اجتيازها بنجاح عملية الترشح بأكملها، أفضل طريقة للترويج لجامعة السوربون في أنحاء العالم.

أما اليوم، فيُعتبر الطلبة السابقون في جامعة السوربون بأبو ظبي ضحايا للأجندة السياسية للإمارات، حليفة السعودية. من جانبها، تجلس الطالبة القطرية في جامعة السوربون أبو ظبي، وتدعى جواهر، في شرفة أحد مقاهي الدائرة السابعة عشرة في باريس لتتحدث عن استيائها.

فبعد منعها من إنهاء سنتها الدراسية في جامعة السوربون الأقرب إلى الدوحة حيث تعيش، لم تتمكن جواهر من العودة إلى أبو ظبي بعد العطلة الجامعية. وفي هذا الصدد، قالت الطالبة القطرية: "لم يسمحوا لي بأن اصطحب معي بناطيل ولا أي ثياب أخرى، واضطررت لنقل متاعي عبر البريد".

وواصلت هذه القطرية حديثها مُراوحة بين الفرنسية والإنجليزية، حيث أفادت: "حددت، عبر السكايب، من الذين سينقلون متاعي وأين وكيف سينقلونها داخل علب كرتونية مضحية بخصوصيتي". 

وأضافت جواهر أنه ما بين إيجارها المدفوع سلفا قبل سنة، وبين تسجيلها في الجامعة والرسوم الدراسية ونقل أغراضها، كلفها كل ذلك نحو 200 ألف يورو، إذ قالت: "ليس لدي مال لتسديد النفقات، ولا حتى التكاليف المتعلقة بدراستي".

تحدث مصدر عن منظمة اليونسكو لمجلة "لوبوان" الفرنسية، حيث أشار إلى أن "دولة تُقْدم على جعل الطلاب بمثابة رهينة لسياستها تعد سابقة منذ الحرب العالمية الثانية عندما تم فصل الطلبة اليابانيين في الولايات المتحدة عن زملائهم.

وقد سجلنا نحو 156 حالة تمييز ضد القطريين، وليس الطلبة فقط، بل شمل ذلك "منع أزواج من العيش مع بعضهم البعض، كانوا ضحايا للإجراءات الانتقامية التي تنتهجها الإمارات".

أجبرت الطالبة جواهر على الانتقال إلى جامعة السوربون في باريس على الرغم من أنها مسجلة في قسم الفلسفة في جامعة السوربون أبو ظبي منذ شهر حزيران /يونيو سنة 2017. كما أُجبرت الطالبة القطرية على الانتقال سرا إلى باريس دون أن تتلقى أية مساعدة أو تعويضات.

ورغم دفاع اتحاد الطلبة في جامعة السوربون عن موقفها، إلا أن ذلك لم يمنع طمس هذه القضية بسرعة. من جهته، ذكر عضو في إدارة كلية الآداب، أنه "بالنسبة لها فقد وجدت مكانا في باريس. لكن الأسوأ من ذلك يتمثل في أن طلبة آخرين ما زالوا يعيشون وضعا صعبا".

بعد أن اشتكت لها قطر، طالبت محكمة العدل الدولية في لاهاي الإماراتيين بالسماح للطلاب القطريين بمزاولة دراستهم أو تسهيل نقل سجلاتهم الجامعية إلى البلد الذي يختارونه. مع ذلك، لا تعتبر هذه المرة الأولى التي تنتهك فيها الإمارات حق التعليم.

فخلال السنة الماضية، تعرض أستاذان أمريكيان بدورهما إلى مضايقات من قبل الإمارات على الرغم من أنهما أتمّا جميع الإجراءات بهدف تقديم دروس في جامعة نيويورك أبو ظبي.

وكان "خطأ" هذين الأستاذين الوحيد يتمثل في أنهما على المذهب الشيعي، الذي تعتبر الإمارات الانتماء له بمثابة الجرم خاصة ضمن سياق الحرب غير المعلنة التي تقودها الممالك النفطية ضد خصمها الإيراني.

في المقابل، تسببت حادثة الأستاذين في إحداث ضجة كبيرة امتدت إلى ما وراء الأطلسي، حيث هاجمت الصحافة الأمريكية بقوة توظيف الجامعة كأداة لتصفية الحسابات الدبلوماسية. أما في فرنسا، فلم يتحرك سوى الإطار الجامعي، في حين التزمت وزارة التعليم العالي الفرنسية الصمت.

بلغ إجمالي الانتهاكات الإماراتية التي رصدتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان 1099 انتهاكاً للحقوق الأساسية للمواطنين والمقيمين في دولة قطر.

وتعرّض تقرير إلى إجمالي الانتهاكات الإماراتية التي تدخل ضمن القرار الصادر من محكمة العدل الدولية فقط، والتي بلغ عددها 745 انتهاكاً.

ويشير التقرير إلى رصد 505 انتهاكات للحق في التقاضي (تشمل 498 انتهاكاً للحق في الملكية، و7 انتهاكات للحق في العمل)، ويليها 153 انتهاكاً للحق في التعليم، و87 انتهاكاً للحق في لم الشمل الأسري.

وعن الانتهاكات التي طاولت الحق في التعليم، يوضح التقرير أنه "بالرغم من قرار محكمة العدل الدولية الذي يؤكد على إتاحة الفرصة للطلاب القطريين لإكمال تعليمهم في دولة الإمارات العربية المتحدة أو الحصول على سجلاتهم التعليمية إذا كانوا يرغبون في مواصلة دراستهم في مكان آخر، فإن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وثقت 159 شكوى لطلاب وطالبات من مواطني ومقيمي دولة قطر"، ولفت إلى أن "الإمارات لم تعالج من شكاوى الطلبة القطريين سوى 6 حالات، تم حلّها لأنها كانت مطروحة كشكاوى فردية في الآليات الدولية مثل اليونيسكو، وسارعت الإمارات لحلّها تفادياً للإدانة الدولية"، معتبراً أن ذلك "يعد استمراراً لانتهاك الحق في التعليم بسبب عدم إمكانية وصول الطلبة لمؤسساتهم التعليمية ولعدم وجود آلية واضحة من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة بهذا الخصوص".

 

الكاتب