علياء عبد النور: قصة مواطنة منكوبة في دولة التسامح المكذوبة!!
خاص: شؤون إماراتية
قبل أكثر من 14 قرناً من الزمان، عُرفت الحادثة التي حصلت مع "عمرو بن هشام" -الملقب بأبي جهل- زعيم كفار قريش، يوم أن قالوا له: (يا أبا الحكم اقتحمْ بيت محمد، فقال لهم: أخاف أن تُـعيِّـرَني العرب أني روَّعْتُ بنات محمد!!).
أفلا يخجلُ قومنا اليوم مما خجل منه أبو جهل الكافر الملعون؟!.
طبعاً كانت هذه لمحة عن نخوة العرب، حتى وإن كانوا (غير مسلمين) ويشركون بالله الجبّار ويؤذون نبيَّه المختار، إلا أنهم لم يجرؤوا يومًا على ترويع بنات العرب والعربدة عليهنّ، كما فعل أمن الإمارات وكلّ الأنظمة العربية المستبدة في هذا العصر.
نكشف عن قصة معتقلة تعاطف معها الجميع دون حتى أن يعرفوها، إنها المواطنة الإماراتية المسكينة "علياء عبد النور محمد عبد النور"، عمرها 41 عاماً من مواليد 20/11/1977م، أصيبت منذ فترة بداءِ السرطان عام 2008م، ثمَّ تمّت السيطرة عليه بعد رحلة علاجٍ موفقة في ألمانيا، وتعافت من المرض حينها، إلاّ أنّ وضعها الصحي بعد الاعتقال القسري تدمّر بشكلٍ مخيف بسبب الإهمال الطبي المتعمد لها، فقد باتت مصابةً بتليّف في الكبد وبأورام سرطانية مستفحلة وتضخم بالغدد الليمفاوية وهشاشة عظام، وتدهورت حالتها كثيراً في الزنزانة بعدما تجددت إصابتها بالمرض العضال!.
واعتُقِلت "علياء عبد النور" بتاريخ 29 يوليو 2015م من محلِّ إقامتها بالإمارات، حيث تعرَّضت للاختفاء القسري في مكان مجهولٍ لمدة 4 أشهر، دون السماح لها بالتواصل مع أسرتها، ودون الإفصاح عن أي معلومة تخصُّ مصيرها لأي جهة، ثم عُرضَتْ فيما بعد على الجهات القضائية، وتمّت محاكمتها بتهمة تمويل الإرهاب والتعامل مع إرهابيين خارج البلاد، (لأنها كانت تقدم المساعدات للاجئي سوريا المشردين من وطنهم المدمر)، وأُدينت بتهمة عجيبة وهي أنها: "تتصفح مواقع إلكترونية وكانت تدعم الثورة السورية وترسل بعض التبرعات لأهل سوريا"، وذلك عن طريق جمع تبرعات ومساعدات مالية وإرسالها للنساء والأطفال من الفقراء والمتضررين من الحرب في سوريا وبعض الأسر المحتاجة المقيمة في الإمارات، فكان جزاؤها أنْ حُكِم عليها بالسجن 10 سنوات!!.
وفي 30 أكتوبر 2017م، أبلغ ديوان ولي العهد الإماراتي أسرة "عبد النور" رفضَه "طلب الاسترحام" المقدم منهم للإفراج الصحي عن "علياء"، والذي كانت الأسرة قد قدمته في 17 من الشهر نفسه، بعدما تدهورت حالتها الصحية بشكلٍ مخيف ومحزن لتصل إلى مراحل خطيرة تهدّد حياتها.
وقبعت "علياء" في غرفة مغلقة للعلاج توجد عليها حراسة بالخارج والداخل، مع التقييد المستمر ليديْها وقدميْها دون مراعاة حالتها الصحية واحتياجاتها، بلا أي إنسانية أو رحمة، بل وكانت تُجْبَر على الذهاب إلى دورة المياه وهي مكبلة اليدين والقدمين، ومن شدة التعب تسقط مغشياً عليها في الحمام، ولا يتم اكتشاف ذلك إلا بعد فترة طويلة، عندما تشعر الحارسة المكلفة بحراستها بتأخيرها، فتذهب لتتفقدها لتفاجأ بها ملقاة على أرضية الحمام مغشياً عليها.
وتعرّضت للعديد من الانتهاكات منها خلع حجابها وملابسها بالقوة، وتسليط الضوء عليها مباشرة وحرمانها من النوم، والتحقيق معها بعنف وتعذيب متواصل، وضعُف بصرها كثيراً مع عدم القدرة على الوقوف على القدميْن، وتؤكد والدتها أن جسم ابنتها أصبح كقطعة بلاستيك سُكبَتْ عليه مادة كاوية!!.
مخالفة القوانين والدستور!
وفي أكبر مخالفة للقوانين الدولية والقانون الإماراتي الاتحادي، يستمرّ الأمن في عملية الاعتقال والتنكيل بالمواطنة المسكينة "علياء" وكل معتقلي الرأي، ضاربًا عرض الحائط ما نصه الدستور، حيث ينصُّ القانون الإماراتي الاتحادي رقم 43 لسنة 1992م، بشأن تنظيم المنشآت العقابية في المادة (32) على أنه: "إذا تبين لطبيب المنشأة أن المسجون مصاب بمرض يهدد حياته أو حياة الآخرين أو يعجزه كليا، فعلى إدارة المنشأة أن تعرضه على اللجنة الطبية المشار إليها في المادة السابقة وذلك لفحصه والنظر في الإفراج الصحي عنه، ويصدر بالإفراج الصحي قرار من النائب العام وتخطر به وزارة الداخلية"، كما تنصُّ المادة (33) من ذات القانون على أنه: "إذا بلغت حالة المسجون المريض درجة الخطورة بناء على تقرير طبيب المنشأة، وجب على إدارة المنشأة أن تبادر إلى إخطار أهله وأن ترخص لهم في زيارته دون التقيد بالمواعيد الرسمية للزيارة".
مطالبات إقليمية ودولية للإفراج الصحي عنها:
وفور من انتشار الخبر، تصاعدتْ مطالبات كل منظمات حقوق الإنسان والمرأة بالإفراج عن المعتقلة المريضة، وطلبات عائلتها بتدخل المجتمع الدولي لدى السلطات الإماراتية للإفراج عن ابنتهم، لإتاحة الفرصة لها لتلقي العلاج من مرض السرطان الذي انتشر في جسدها بسبب الإهمال الطبي الذي تلقاه في معتقلها.
وعلى الصعيد الدولي والإقليمي، فقد تسابقت منظمات حقوق الإنسان ولجان المرأة والمؤسسات ذوي الصلة بالدفاع عن المرأة والطفل، من أجل الدفاع عن علياء، والتنديد بقرارات السلطات والقضاء الإماراتي.
وقد اعتُبرت قضايا وجريمة اعتقال النساء الإماراتيات مثل علياء واختطاف بنات العبدولي وشقيقات السويدي من أشهر قضايا الرأي العام في الإمارات لما لاقتْ من جدلٍ كبير، وتعاطفٍ ملحوظ من كل الخليج والمنطقة العربية بأسرها، واستنكارٍ واسع على تجاوزات الأمن الإماراتي للقيم الدينية والأعراف المجتمعية.
وسم: #علياء_عبدالنور_تحتضر!!
وسم أطلقه ناشطون على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، بعد تأكد معلومات بنقل "علياء" من مستشفى المفرق الحكومي غير المجهز إطلاقاً لرعاية حالتها، إلى مستشفى توام، وذلك بعد تفشي السرطان في جسدها بالكامل وتدهور حالتها الصحية.
وبعد نقلها إلى مستشفى توام، تمَّ منع ذويها من زيارتها والاطمئنان على حالتها الطبية، كما رفضت إدارة السجن طلب الإفراج الصحي عنها لتكمل ما تبقى من أيامها الأخيرة بين أهلها الذين حرمت من رؤيتهم أكثر من أربع سنوات.
ومن جانبه أطلق الناشط الحقوقي "هيثم غنيم" حملة تضامنية شعبية يدعو فيها لكتابة رسائل بخط اليد تضامناً مع المسكينة علياء، كي يعلم أهلها أن الشعوب تدعو لابنتها بالفرج، وأن علياء ليست وحدها في معركتها ضد المرض الشرس وضد السجان الأشرس!.
فكان النشطاء على الموعد ممن لا يعرفون علياء ولكنهم آمنوا بعدالة قضيتها فشاركوها التضامن برسائل أرادت أن تصل ووصلت ..
صور لبعض رسائل التضامن مع علياء