ميدل ايست .. الإمارات والسعودية نظامان استبداديان

ميدل ايست .. الإمارات والسعودية نظامان استبداديان

يقول الكاتب أندرياس كريغ بموقع ميدل إيست آي إن الإمارات والسعودية تقومان -بالإضافة إلى قمع المجتمع المدني داخلهما- بمساعدة النظم الاستبدادية بالمنطقة لحذو حذوهما، وتوفير الشرعية الأخلاقية لها لقمع شعوبها.

وأوضح أنه وبعد ثماني سنوات من ثورات الربيع العربي، تعطينا نظرة للوضع السياسي الاجتماعي الراهن سببا للقلق أكثر من التفاؤل.

ويضيف أنه وفي هذه الأثناء، برز ولي عهد الإمارات محمد بن زايد وولي عهد السعودية محمد بن سلمان اللذان لا يفهمان أن بالإمكان نشوء وضع اجتماعي-سياسي ليبرالي في العالم العربي دون استقرار واستبداد.

وأشار إلى أن وليي العهدين عملا بدافع الخوف من نشاط المجتمع المدني على محاربة مفهوم الفضاء العام، ولم تقتصر حربهما هذه على بلديهما فقط، بل شملت بنفس القوة والعنف محاولة إعادة جر المجتمع المدني إلى قمقمه في كل المنطقة

وقال كريغ إن وليي العهدين انهمكا، خلال هذه الفترة العاصفة سياسيا، في حرب لتجريد المجتمع المدني من طابعه السياسي، علما بأن هذا المجتمع يُفترض فيه توفير منبر للمحكومين للحوار وتحدي قرارات الحاكمين.

ونسب إلى المنظّر في علم الاجتماع الألماني يورغن هابرماس قوله إن المجتمع المدني يخلق فضاءً عاما كمجال للحياة الاجتماعية يتشكل داخله شيء أشبه بالرأي العام من أسفل قاعدة المجتمع إلى أعلاها دون تدخل من الدولة.

وأضاف، ناقلا حديث هابرماس، أن المجتمع المدني يخلق مجالا سياسيا غير مقيد، حيث يستطيع الشعب التحدث بصدق للسلطات، كما جرى خلال المرحلة الأولى من ثورات الربيع العربي.

ومضى الكاتب يقول إن نشاط المجتمع المدني العربي لم ينتقل من التظلم إلى الثورة التي دعت للتغيير الجذري في الوضع السياسي، إلا عندما تمت مواجهة التظلمات بالقمع العنيف

وقال إن ما تُسمى "تكنولوجيا التحرير" أو وسائل التواصل الاجتماعي خلقت فضاء كونيا غير مقيد نسبيا، ويشمل الجميع، ويسمح بالتنوع. وكان بالفعل أن وجدت أفكار الربيع العربي حاضنة في هذا الفضاء الكوني قبل أن تجد طريقها إلى الشوارع في 2010.

وبالنسبة لأبو ظبي والرياض -يقول كريغ- فإن مجرد فكرة وجود مجال عام غير مقيَّد يمكنه التشكيك في أي جانب من جوانب الوضع الاجتماعي-السياسي؛ هو كابوس. وبالنسبة للأميرين، فإن التنازل شبرا واحدا من السيطرة على النقاش العام عبر الإنترنت وخارجه من شأنه أن يقوّض الأساس الذي بُنيت عليه الإمارات والسعودية "البوليسيتان".

وأشار الكاتب إلى حملات الاعتقالات الواسعة التي طالت النشطاء والإسلاميين في الإمارات، ولاحقا السعودية، التي أضافت إليها النساء. كما أشار إلى الحملات الإلكترونية الشرسة للتحكم في النقاش العام والتشديد في منح التراخيص لوسائل الإعلام الاجتماعية والعقوبات القاسية للتعبيرات السياسية المعارضة، ثم اللجوء إلى ما أسماه "التخريب السيبراني" لاستعادة السيطرة على المجال العام العالمي في الفضاء الإلكتروني.

ويقول أيضا إن الاستبداد في الإمارات والسعودية لم يقتصر على التحكم في الإنترنت لتضخيم الروايات الحكومية القائمة، أو إبداء وجهات نظر بديلة، بل امتد للاستثمار في رعاية قادة للرأي على وسائل التواصل الاجتماعي، ليبعدوا المجتمع المدني من الاهتمام بالسياسة، مثل خالد العامري مدوّن الفيديو في الإمارات الذي يتابعه عشرات الآلاف ممن تجذبهم "الرسائل الإيجابية عن الحياة الأسرية -الخبز والسيرك".

ووصف الكاتب الرسائل المنسقة مهنيا لهؤلاء القادة الاجتماعيين بأنها ترويض سياسي ضحل ومحاولات لترسيخ النقاش العام حول الترفيه وأسلوب الحياة بعيدا عن الفضاء الأكثر نشاطا من الناحية السياسية.

واختتم بالقول إن ما تبقى بالمنطقة عدد قليل من الجزر ذات الحرية المدنية النسبية التي تتعرض بشكل متزايد للتضييق من قبل الديكتاتوريين الرقميين.

ومنذ 2016 وحتى 2018 وضعت الإمارات كل بيضها الإقليمي في سلة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي تعاني بلاده وهو شخصياً من أسوأ أزمة دبلوماسية بسبب قَتل خاشقجي وهي الأزمة الأسوأ للمملكة منذ عام 2001 عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول.

هذه الجريمة التي وصفت على أنها "وحشية" أحرجت الإمارات؛ ومن أجل احتواء تداعياتها ألغى الشيخ محمد بن زايد زيارة منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2018 إلى باريس لبحث سُبل دعم قوات الدولة والقوات الشرعية اليمنية لتحرير مدينة الحديدة من ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران. والتي أجراها في الشهر اللاحق.

وتقول نيويورك تايمز: "لم تربط أي دولة عربية طموحاتها الإقليميَّة ربطاً وثيقاً بطموحات السعودية تحت قيادة الأمير محمد بن سلمان بقدر ما فعلت الإمارات، إذ كان قادتها يأملون أن يتمكنوا، من خلال مواءمة خططهم مع جارتهم الأكبر والأثرى، من الاستفادة من ثقل المملكة لتحقيق مصالحهم". اتحد البلدان في محاولتهما لقمع ما بات يعرف ب"الإسلام السياسي" وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، وتدخَّلا في مصر وليبيا لمحاولة إلحاق الهزيمة به.

وتدعم كل من الإمارات والسعودية نظام الاستبداد في مصر عبر دعم نظام الانقلاب بقيادة السيسي وتوفير الدعم المالي والسياسي له في مواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية والإجتماعية التي تمر بها مصر، وسط تفاقم حالة القمع والقتل والتعذيب التي تمارس بحق النشكاء والمعارضة السياسية في مصر.

كما تدعم الإمارات الجنرال الانقلابي الليبي خليفة حفتر في حربه ضد الشرعية الليبية، وسعي الإمارات لتقويض اي مسار سياسي لحل الأزمة.

وقررت الدولة إعادة فتح سفارتها في العاصمة السورية دمشق، بحلول نهاية عام2018، بعد مشاورات مع دمشق في موسكو وعمّان منذ مطلع العام. وتعتبر عودة الإمارات إلى نظام بشار الأسد الدكتاتور الذي قتل نصف مليون من شعبه منذ 2011 خطوة لإخراج الأسد من العزلة التي خضع لها نتيجة جرائمه.

 

وطالبت الإمارات مراراً بإعادة مقعد سوريا إلى الجامعة العربية، كما وقفت ضد قرارات في مجلس الأمن تدين نظام الأسد.

وهي أول خطوة علنية ومهمة باتجاه إعادة تأهيل الأسد في العالم العربي، ومن غير المستبعد أن يكون التحرك الإماراتي قد تم تنسيقه مع السعودية، الدولة الخليجية الأقوى.

وتستمر الدولة بسباق التسلح الذي يتزايد الإنفاق عليه كل عام وحسب صدر تقرير شهر يناير/كانون الثاني2018 عن "مؤسسة أبحاث السوق" فإن متوسط النفقات الدفاعية للدولة بين عامي 2013 و2017 يصل 23.4 مليار دولار سنوياً، وتوقعت المؤسسة البحثية أن يرتفع هذا المعدل إلى 35 مليار دولار أمريكي خلال الفترة بين (2018-2022).

الكاتب