هيومن رايتس الإمارات: تسئ معاملة سجينة مريضة بالسرطان

هيومن رايتس الإمارات: تسئ معاملة سجينة مريضة بالسرطان

قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الإماراتية تسيء معاملة امرأة إماراتية عمرها 42 عاما مصابة بمرض عُضال، وتحرمها من الرعاية الطبية الكافية ومن الاتصال المنتظم بعائلتها. يقول أفراد العائلة الذين رأوها وتحدثوا إليها أن السلطات تكبّل يديها وقدميها إلى سرير المستشفى طوال الوقت.

أُدينت الامرأة، علياء عبد النور، بالإرهاب عام 2017 في قضية شابتها انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة. شُخصّت بعد إلقاء القبض عليها عام 2015 بسرطان الثدي. صرّح أطباء المستشفى بأنها رفضت تلقي العلاج. تنفي عائلتها ذلك وتقول إنها أُجبرت على توقيع وثيقة تشير إلى رفضها للعلاج الكيميائي. قالت عبد النور إن قوات الأمن أخضعتها للمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. بالنظر إلى وضعها الحالي، على السلطات الإماراتية إطلاق سراحها. 

قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "المعاناة القاسية والعبثية التي تعرضت لها عبد النور وعائلتها تنسف الخطاب الإماراتي حول التسامح. يجب السماح لعبد النور بقضاء أيامها الأخيرة تحت إشراف عائلتها، وليس حراس السجن الذين يقيدونها إلى سرير في مستشفى". 

اعتقلت قوات أمن الدولة عبد النور من منزل عائلتها في إمارة عجمان الشمالية في 28 يوليو/تموز 2015، وفقا لما قاله أفراد عائلتها لـ هيومن رايتس ووتش. أخذتها قوات الأمن إلى مركز اعتقال سري واحتجزتها في غرفة باردة بلا نوافذ أو أضواء أو تهوية مناسبة. قالت لأفراد عائلتها إنهم لم يزودوها بفراش أو بطانية لمدة 15 يوما متواصلة تقريبا، وعصبوا عينيها، ومنعوها من النوم أو الصلاة، وحددوا مواعيد دخولها الحمام. 

مُنعت من الاتصال بعائلتها لأكثر من شهر واحتُجزت في الحبس الانفرادي 4 أشهر. شُخصّت بسرطان الثدي بعد شهر من احتجازها. قال أفراد عائلتها إنه رغم اعتلال صحتها، استجوبها مسؤولو الأمن وهي معصوبة العينين ومكبلة بالأغلال، وهددوها بتعليقها من قدميها وضربها وإيذاء والديها وتعذيب أختها.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، عصّب عناصر أمن الدولة عينيها، وأخذوها إلى مكتب، وأجبروها على التوقيع على اعترافات لم تستطع رؤيتها، بحسب أفراد الأسرة. بعد ذلك، نقلوها إلى سجن الوثبة في أبو ظبي لتمضي 11 شهرا إضافية في الحبس الاحتياطي، رغم الفحوص الطبية التي أظهرت التدهور السريع لحالتها الصحية. أخبرت عائلتها بأنها احتجزت في زنزانة صغيرة قذرة مع ما يصل أحيانا إلى 15 سجينة أخريات. وخلال هذه الفترة، نفذت عدة إضرابات عن الطعام احتجاجا على عدم توفير الرعاية الطبية الكافية والظروف غير الصحية، على حد قول أفراد العائلة.

لم يُبلغ المسؤولون عبد النور أو أسرتها بسبب اعتقالها، ولم يُسمح لها سوى بعدد محدود من المكالمات مع أفراد العائلة، وحُرمت من الاستعانة بمحام طوال فترة اعتقالها قبل المحاكمة، على حد قول أفراد الأسرة. أبلغتها نيابة أمن الدولة بالتهم الموجهة ضدها لأول مرة في 5 سبتمبر/أيلول 2016، بعد مرور أكثر من عامين على اعتقالها، حسبما أفادت صحيفة "الاتحاد" الإماراتية. شملت التهم: تمويل الجماعات الإرهابية، وإدارة مواقع إنترنت ونشر أخبار ومعلومات عن تنظيم "القاعدة"، ونشر معلومات ضارة بالدولة.

قال أفراد العائلة إنهم يعتقدون أن اعتقالها جاء على إثر تبرعات صغيرة قدمتها إلى عائلات سورية عام 2011 في بداية الانتفاضة السورية. قال أفراد العائلة إن الأدلة المقدمة تضمنت اعترافها القسري وسجل تصفح مواقع إنترنت يقول المسؤولين بأنها زارتها. خلال جلسة استماع في 18 يناير/كانون الثاني 2017، دعا محامي عبد النور إلى إسقاط التهم الموجهة ضدها لعدم كفاية الأدلة ولوجود اعتراف منتزع بالإكراه، حسبما أفادت صحيفة "البيان" الحكومية. في 16 فبراير/شباط، بعد حوالي شهر، حكم عليها فرع أمن الدولة التابع لـ "محكمة الاستئناف الاتحادية" في أبو ظبي بالسجن 10 سنوات. في 15 مايو/أيار 2017،أيدت "المحكمة الاتحادية العليا" إدانتها. 

قال أفراد عائلتها إنه رغم حالة عبد النور الصحية، نقلتها سلطات السجن إلى المستشفى فقط في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وهو "مستشفى المفرق" في أبو ظبي. تؤكد التقارير الطبية من أغسطس/آب 2016 حالتها وتذكر فقدان شديد للوزن وسوء تغذية بالغ. 

ذكر أطباء مستشفى المفرق في تقرير طبي صادر في أبريل/نيسان 2017 واطلعت عليه هيومن رايتس ووتش، أن عبد النور احتاجت إلى بدء العلاج الكيميائي في أعقاب جراحة لكنهم زعموا رفضها العلاج. ناقض أفراد عائلة عبد النور ذلك وقالوا إنها أخبرتهم خلال إحدى زياراتهم إلى مستشفى المفرق أن حارسة السجن أجبرتها على التوقيع على وثيقة تفيد برفضها العلاج. قالت عائلتها إن تواصلهم معها كان متقطعا طوال فترة وجودها، وفي بعض الأحيان لم تصل أخبار منها لأكثر من شهر.

نقلتها السلطات في 10 يناير/كانون الثاني 2018 إلى "مستشفى توام". وفقا لـ "شركة أبو ظبي للخدمات الصحية"، نُقلت إلى هناك للحصول على رعاية مسكّنة للألم. في 21 يناير/كانون الثاني، قال أفراد من عائلتها سُمح لهم بزيارتها إنهم شاهدوها مقيدة بالسلاسل وتحت حراسة مشددة. وعندما طلبوا من حراس السجن إزالة القيود التي تسبب آلامها، قالوا إن القيود لن تُزال إلا عند وفاتها.

قال أفراد العائلة إنهم تواصلوا مرارا مع وزارة الداخلية، والنائب العام، وولي العهد طالبين الإفراج الرحيم عنها لأسباب صحية، الأمر المسموح بموجب القانون الإماراتي، لكن رُفضت طلباتهم دونما تفسير. يتطلب القانون الإماراتي من سلطات السجون السماح لأفراد أسرة السجناء المصابين بمرض في مرحلته النهائية بالوصول إليهم دون عوائق. أعلم الأطباء مؤخرا عائلة عبد النور بأنها ستعيش فقط لبضعة أشهر. 

سبق أن وثّقت هيومن رايتس ووتش مزاعم خطيرة بانتهاك إجراءات التقاضي السليمة والمحاكمة العادلةفي الإمارات، لا سيما في القضايا المتعلقة بأمن الدولة. تشمل هذه الادعاءات التعذيب وسوء المعاملة في مراكز أمن الدولة.

يؤكد تقرير أصدره المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين في مايو/أيار 2015 عن الإمارات أنماط سوء معاملة الإمارات في قضايا أمن الدولة، بما فيه الحرمان من المساعدة القانونية خلال الحبس الاحتياطي، والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، واستخدام الاعترافات المنتزعة بالإكراه كدليل في إجراءات المحكمة.

قالت ويتسن: "الدولة المتسامحة حقا لا تدع إحدى مواطناتها تكابد صعوبات مستعصية مثل تلك التي تخضع لها عبد النور. بينما تشبه حالة عبد النور حالات كثيرة، على قادة الإمارات تحويل جهودهم من حملات العلاقات العامة إلى القضاء فعليا على الانتهاكات، وإرساء سيادة القانون"

الكاتب