رسائل خطّها المفرج عنه تيسير النجار في المعتقل وبُعيد نيله الحريّة

رسائل خطّها المفرج عنه تيسير النجار في المعتقل وبُعيد نيله الحريّة

تيسير النجار (42 عاما) هو أب لخمسة أطفال، وعضو في نقابة الصحفيين الأردنيين ورابطة الكتاب الأردنيين، وقد اعتقل يوم 13 ديسمبر/كانون الأول 2015، ومثل أمام المحكمة في أول جلسة له يوم 18 يناير/كانون الثاني2017 لتوجّه له تهمة الإساءة للدولة على خلفية منشورات في فيسبوك أدان فيها الدور الإماراتي في الحرب على غزة عام 2014 وقد كتبها قبل انتقاله إلى الإمارات للعمل مراسلا صحفيا.

وبعد انتهاء حكمه لم تفرج عنه السلطات الإماراتية إلا بعيد دفعه لمبلغ الغرامة التي مبلغها نصف مليون درهم اماراتي تم جمعها من فاعلي الخير في الأردن وخارجها، وذلك بعد شهرين من انقضاء المدة.

بعد خروجه من السجن كتب تيسير النجار عدة رسائل وصف فيها ظروف سجنه كما نشر رسائل كتبها لوالدته التي توفيت وهو في السجن ولم يسمح له بوداعها وكذلك لزوجته وأطفاله فماذا كتب؟


كتب النجار "السجن الأمني الذي عشت فيه بأبو ظبي، إذا أردت ان أمدحه، أطلق عليه لقب سجن.. هو حقيقة الأمر معتقل... هذا السجن ما يزال يرافقني، فليس من السهل الخلاص من قسوة وألم وظلم وقهر 3 سنوات وشهرين، خلال مدة 12 يوما.. أليس كذلك".

وفي مشاركة ثانية قال النجار: "لم أصدق بعد، أنني خرجت من السجن" .

ووصف النجار أشخاصا لم يحددهم بـ"البرابرة الجدد" وأضاف: "أولئك الذين ينكرون الإنسانية على الآخرين.. فحين تكون سجينا هذا لا يعني أنك لم تعدّ إنسانا ... نعم أنا إنسان اسمي تيسير النجار وأؤمن ولدي صلات بيني وبين ذاتي وبيني وبين سائر البشر".

وكتب:

أريد مني أن أشعر أنني خرجت من السجن، كيف يمكن أن يحدث هذا، فمثلا حين أخرج من الحمام، ينتهي الفعل الذي قمت به، وحين أخرج لرؤية الشجرة، والسيارة، واللافتات المشعة خارج المنزل، وأعود ينتهي الفعل الذي قمت به ويستجيب عقلي بمرونة، ولكني حتى الآن لم أشعر أنني خرجت من السجن، لأن من يسجن في الإمارات السجن يرافقه في كل لحظة من حياته. الآن سأهدد نفسي بآيات من كتاب الله، وأنام كما كنت أفعل بالسجن أيضا.

درس من دروس السجن ... درس في الحرية: كيف يمكن ان تشرح للعبيد الحرية، وكيف يمكن لدولة تعبد ذاتها ان تكون؟ الأمر بوضوح شديد يمكن اختصاره بما أطلقت عليها ووصفتها: إنها دولة البرابرة الجدد، دولة لا تملك من زمام أمرها سوى الفجور، والفسق، وتقبيل روث اليهود ألن يلعنها الله بلى وألف بلى

كلنا أصبحنا نعرف هذه الدولة وشقيقتها الضالة والمضله شقيقتها الكبرى والتي تمشى بأمرها؛ وكلنا نخاف ان نذكر اسمها ولكن إلى متى؟ هذا الخوف سينتهي ذات يوم وسيتحول إلى جرف هار وإلى بركان غضب، لأن الخطر من الدول التي تستنسخ العدو أخطر من دولة العدو نفسه. أليس كذلك؟

هذا البوست يتحدث عن دولتين ينطبق عليهما قوله تعالى:

(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ).. [سورة إبراهيم 42].
وقال تعالى: (نسوا الله فأنساهم أنفسهم).

نعم عند الله تتقابل الخصوم.

كما كتب عن تجربته في السجن:

يمكن لي ان أحدث نفسي، وبصوت غير مسموع عن تجربتي بالسجن، هذه التجربة التي تخبرني كل يوم عن شكل جديد من أشكال الألم، تجربتي تخبرني ان دولة البرابرة الجدد والهمج هم: شكلا لا جوهرا يمثلون دولة.

كثيرون يطلبون مني عدم الكتابة؛ والأكثر يطلبون مني حذف ما اكتبه عبر هذه الصفحة، ولكني الان أحدث نفسي بصوت غير مسموع، بصوت يكاد يكون صوتا مسحوقا، انني أخوض الان جهادا .... جهادا اسمه السعادة. وأتمنى لنفسي ولكم السعادة. ودون النهج القرآني لن تصل البشرية إلى هدفها الأسمى. كفاحي الان وان بدا بسيطا فلا بد له من النصر في المستقبل.

السجن ما يزال سجنا، حتى بعد خروجي منه، يترك أثره في حركة جسدك، وفي مشهد عينيك، التي ترى المسافات القريبة فقط، كنت حين أطلب الطبيب لعلاج عيوني يقومون بتأجيلي لشهر ومرات لأكثر من شهر، هذه رحمة الاطباء في سجن أبو ظبي فما بالك برحمة الجلاد؟ اذ لا رحمة مطلقا. والله المستعان.

وكتب لوالدته التي توفيت دون أن يودعها:

مما كتبته لأمي التي رحلت، وأنا قابع في زنزانة 9 عنبر الامنيين بأبو ظبي رحمك الله يا أمي وتاليا هذه الفقرة مما كتبت والفاتحة على روحك الطاهرة

ـــــــــــــــــ ألم مبسوط كراحة الكف 

هل تعرفين يا حبيبتي يا أمي أن الألم يحيط بي من جانب.. ألم يسكن حتى علاقتي مع الكلمات

أمر هذا الألم يا أمي يحرك اتجاهاتي مع العالم

يا حبيبتي يا أمي يا فاطمة المباركة.. يداي مبسوطتان جنبا إلى جنب لا تعرفان من اللغة سوى قولي يا رب
أعيش يا أمي منذ سنوات لوحدي.. أرفع يدي نحو السماء.. أنظر اليهما انهما مبسوطتان كألمي.. أرفعهما وأدعو على مدينة أبو ظبي موطن الألم في العالم

أمي.. لم تسمح لي مدينة الألم بان أحضر جنازتك ... يا امي ما زلت اسمع صوتي ينده اسمك، ما زلت اسمع صوتي يدعو لك بالرحمة والمغفرة، سامحيني يا أمي انني لم أراك وأودعك حين رحلت، ولكني لم انس ذلك، ولن انس


الآن يا أمي أعيد ترتيب أولويتي واستمر في الانصات إلى الألم يسكنني فهل هناك أكثر بؤسا مما أنا فيه
أمي انني أحلم برؤيتك طوال الوقت. وطوال هذا الوقت الذي أحدث عنه أصبح الألم مألوفا لي فهل هناك ألم أكثر من رحيلك دون ان اودعك! أحبك

نهاية شهر 12 / 2017 سجن الوثبة / ابو ظبي / عنبر الامنيين / زنزانة 9 .

هذا ويقبع أحرار الإمارات ومعتقي الرأي في السجون الإماراتية ويعانون من محاولات شتى لكسر ارادتهم من خلال التعدي والاهانة ومنعهم من الزيارات وكذلك معتقلات الرأي الذين يعيشون في ظروف صعبة..

نتمنى لهم أن ينعموا قريباً بالحرية

الكاتب