بالأدلة والأرقام نكشف كذب وتدليس التقرير السنوي لجمعية الإمارات لحقوق الإنسان

بالأدلة والأرقام نكشف كذب وتدليس التقرير السنوي لجمعية الإمارات لحقوق الإنسان

خاص - شؤون إماراتية

بطريقة فجة ومثيرة للتعجب والاستنكار، أكد التقرير السنوي لجمعية الإمارات لحقوق الإنسان الخاص بالعام 2015، أن لا انتهاكات حقوقية سجلت في الدولة وأن القانون سيّد الموقف،في الوقت الذي أصدرت فيه المؤسسات الحقوقية الدولية عشرات بل مئات التقارير حول انتهاكات حقوق الإنسان في الدولة.

صحيفة الاتحاد الرسمية والخاضعة لسيطرة الأجهزة الأمنية الإماراتية، انفردت بنشر التقرير، والذي حمل في طياته كماً كبيراً من المغالطات والكذب والتدليس، بتأكيده على أن عام 2015 كان عاماً خالياً من أي انتهاكات حقوقية في الإمارات، مستدلاً بشهادات وإشادات مزورة و واهية من غير الإماراتيين، يمتدحون فيها الأوضاع الحقوقية في الدولة.

التقرير حمل بين سطوره ما يمكن اعتباره "دعابة لطيفة" بذكره أن المنظمات الحقوقية الدولية أشادت بالأوضاع الحقوقية في الدولة، متجاهلاً ذكر أي من هذه المؤسسات المعنية فعلاً بحقوق الإنسان وانتهاكاتها، والمعروفة حول مستوى العالم، فماذا عن تقارير آمنستي وهيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات المعروفة دولياً؟!

شمس الحقيقة لا تغطى بغربال، والإماراتيون باتوا يعرفون الأوضاع الحقوقية والانتهاكات الممارسة في بلادهم حق المعرفة، وقد أصدر مركز الإمارات للدراسات والإعلام إحصائية للانتهاكات الحقوقية في الإمارات لعام 2015، وكان الرقم صادماً بحق، من خلال رصد 4426 انتهاكاً حقوقياً في الدولة.

تفاصيل هذه الانتهاكات توزعت بين العديد من أنواع الممارسات الحاصلة في الدولة، فقد بلغت حالات الاختطاف (29)حالة خلال العام بينها (خمس نساء إماراتيات)، و (73) يحاكمون بتهم تتعلق بقانوني "جرائم تقنية المعلومات" و "الإرهاب" سيئ السمعة، فيما بلغت الانتهاكات في السجون الرسمية أكثر من (2800) حالة انتهاك شملت أكثر من (80 معتقل) لقرابة (20 نوع) من أنواع الانتهاكات، و أكثر من (600) انتهاك بحق أهالي المعتقلين السياسيين (تشمل 14 نوع من الانتهاكات)، فيما بلغت شكاوى التعذيب خلال العام المنصرم (18) شكوى شملت(24 نوع من أنواع التعذيب)، وبلغ عدد المفرج عنهم من السجون السرية بدون إبداء أسباب الاعتقال أو الإفراج (6) حالات بينهم ثلاثة إماراتيات،  وبلغت الانتهاكات المنع والاعتداء والملاحقة خارج الدولة (9) حالات، وحظر المواقع الالكترونية (4 حالات)، المنع من دخول الإمارات (5 حالات)، والترحيل دون ابداء الأسباب شمل أكثر من (564) حالة، من الجنسيات (اللبنانية والتونسية و السورية والاسترالية  والأمريكية والبريطانية و المغربية). أغلب هؤلاء من العُمال والعاملين في مهن مختلفة.

وشهد العام صدور قانون واحد تجري مخاوف من استخدامه في قمع حرية التعبير، وجرى أيضاً إصدار خطة لتضييق على الإماراتيين والمقيمين في الدولة تتعلق بالوعاظ بالمساجد، كما تم الإعلان عن البدء فعلياً في تركيب كاميرات المراقبة للمساجد.

عام 2015 شهد تفاقماً غير مسبوق في سوء أوضاع المعتقلين في سجون الإمارات، انتهاكات متنوعة بحق المعتقلين تنوعت بين التعذيب الممنهج والضرب والحبس الانفرادي، إلى جانب اعتماد سياسات التجويع وأهمال الرعاية الصحية والحرمان من الملابس الشتوية وصولاً إلى منع الزيارات.

وفي الوقت الذي تتحدث به الجهات الرسمية عن القانون وسيادته، شهد عام 2015 استمرار اعتقال السوري عمر الدباغ والمصري سامح بسيوني علام في السجون الإماراتية، على الرغم من انتهاك محكوميتهما دون إبداء أسباب.

الانتهاكات طالت كذلك عائلات المعتقلين وذويهم داخل البلاد وخارجها، قرارات بحظر السفر ومنع إصدار الأوراق الرسمية من شهادات ميلاد وقيد الأسرة، إلى منع حقوقيين من السفر مثل أحمد منصور الذي حرم من استلام جائزة مارتن إينالز الحقوقية المرموقة في جنيف السويسرية، إلى جانب المئات من حالات منع دخول الدولة والترحيل منها.

حرائر الإمارات كان لهن نصيب كبير من انتهاكات الدولة، قضية اختطاف أمينة وموزة العبدولي بنات الشهيد محمد العبدولي إلى جانب شقيقيهما مصعب ووليد، تعد واحدة من أبرز هذه الانتهاكات اللاإنسانية والمخالفة لكل العادات والتقاليد والقيم المجتمعية ومازال مصيرهم مجهولاً حتى اللحظة، وسبق ذلك اختطاف الشقيقات الثلاث للمعتقل السياسي الدكتور خليفة السويدي لمدة ثلاثة أشهر كاملة دون معرفة مكان الاختطاف وأسبابه.

الخبير الاقتصادي الدكتور ناصر بن غيث كان ومازال أحد ضحايا جرائم الاختفاء القسري الممارس في الدولة، حيث تم اختطافه على يد عناصر أمنية في أغسطس 2015 ومازال مصيره مجهولاً حتى اللحظة، إلى جانب كل من عبد الله الضنحاني وناصر الجنيبي وأحمد الواحدي وعلي العمري والعماني معاوية الرواحي وغيرهم ممن تم اعتقالهم بشكل تعسفي في الإمارات.

وتبرز قضية اختطاف الشيخ عبد الرحمن بن صبيح السويدي على يد عناصر أمنية إماراتية من إندونيسيا، كواحدة من أبرز جرائم الدولة في 2015، فبعد دفع رشاوى ضخمة لمتنفذين في الحكومة الإندونيسية، نقل السويدي بطائرة خاصة إلى الإمارات في 19 ديسمبر 2015 ويبقى مصيره مجهولاً وسط مخاوف كبيرة من تعرضه للانتهاكات والتعذيب على يد رجال الأمن الإماراتي، وهو ما حصل في حالة مشابهة مع الناشط الإماراتي المعارض عثمان المرزوقي الذي جرى اعتقاله في تايلند.

يضاف إلى كل ذلك، الملاحقات المستمرة لكل النشطاء وأصحاب الرأي في الدولة، من خلال سياسة التضييق والتشديد ومعاقبة كل من يخالف رأي الدولة، بموجب قانون جرائم تقنية المعلومات سيء السمعة، والذي تعرض بموجبه عدد كبير من النشطاء إلى الملاحقة والاعتقال بتهم ملفقة.

نوع آخر من الجرائم الأمنية الإماراتية تمثل في محاولة تكميم الأفواه، من خلال منع عدد من المواقع المحلية والعربية في الدولة، منها موقع نون بوست والعربي الجديد، بالإضافة إلى موقع "شؤون إماراتية"، لكن صوت الحق سيبقى عالياً ولن يتوقف بإذن الله.

هذا السجل للانتهاكات والجرائم الحقوقية واللاإنسانية في عام 2015 في الإمارات، لن تنجح كل محاولات الدولة وأعوانها في إخفائه، ولن يتجاوز تقرير جمعية الإمارات لحقوق الإنسان كونه محاولة هزلية لتحسين الصورة الحقوقية المشوهة للدولة أمام الرأي العام العالمي، ولن ينجح تقرير ولد مشوهاً في التغطية على كل التقارير الحقوقية الدولية التي رصدت وترصد الانتهاكات المتواصلة في الإمارات.

الكاتب