المعتقل د. ابراهيم الياسي مدير "مركز رؤى للاستشارات والتدريب" في حوار سابق مع " هاني عوكل "

المعتقل د. ابراهيم الياسي مدير "مركز رؤى للاستشارات والتدريب" في حوار سابق مع " هاني عوكل "

من هو المعتقل إبراهيم الياسي :

هو مواطن إماراتي، خبير التطوير الاستراتيجي والإداري، اسمه (إبراهيم إسماعيل الياسي)، من مواليد 1961م، عمره 57 عاماً، مثقف ورياضي وقارئ ومؤلف له مقالات عديدة حول الشأن السياسي المحلي.

مؤهلاته العلمية:

*بكالوريوس في الإدارة التربوية من جامعة الإمارات.

*حاصل على درجة الدكتوراه في التطوير الإداري -جامعة كارديف (Cardiff University) –بريطانيا 2001م.

قضيته:

منذ انطلاق الربيع العربي، كان الدكتور"الياسي" أحد أجرأ الأقلام المحلية والخليجية التي كانت تلحّ على الإصلاح لجميع مؤسسات الدولة بلا استثناء، دفعه ذلك للمشاركة في عريضة "3 مارس" التي قدمها خبراء وعلماء وأكاديميون ومسئولون حكوميون ودعاة، وفيها مقترحات وتوصيات بإصلاح شامل في كل المجالات.

اعتقاله:

 

اعتقل في يوليو من عام 2012 وتعرض لاخفاء قسري ومن ثم محاكمة جائرة بعشر سنوات سجن ومصادرة أمواله

بارع في الكلام، لدرجة لم أشعر معها أني أجري الحوار معه، فقد انطلق في الحديث عن نشأته في عجمان وبساطة الحياة آنذاك، وحبه الكبير للقراءة حتى العظم، وكأنه يعرف تماماً كل أسئلتي، حين أبقى حديثه موصولاً عن دراسته الأولى وحتى حصوله على درجة الدكتوراه في التخطيط الاستراتيجي، وما بينهما من عمل وتنقلات وظيفية، ثم يذهب إلى الحديث عن ثنائية التعليم والتربية، وينصح الجيل الشاب بأن يبني ذاته ويطور من شخصيته، والأهم أن يعرف ماذا يريد .

 

له حوار جميل مع الكاتب " هاني عوكل " ننقله كما هو من المصدر

نشأتك كيف كانت؟

- من مواليد 1/10/1961 في عجمان حيث نشأت ضمن أسرة لا أقول عنها فقيرة ولا غنية وإنما متوسطة الحال، بين أب موجود وغير موجود، وفي رحاب أم وجدة وعائلة ممتدة . طفولتي كانت بسيطة وهي جزء من الحالة العامة آنذاك حيث بساطة الحياة، وكما قلت فإن والدي كان بين الموجود وغير الموجود، وأقصد أنه بحكم عمله كان كثير السفر والترحال بين دول الخليج وهذا في فترة الخمسينيات، وغيابه كان يمتد إلى ستة أشهر في كل سفرة، لكنه يعود إلينا محملاً بالهدايا، ولم يقصر معنا في تقديم واجباته الأبوية، حيث كان يأخذنا إلى السوق والبحر وعلاقتي به وطيدة . والحقيقة أن الحياة في مرحلة ما قبل الاتحاد كانت صعبة، خصوصاً أننا عانينا الكساد الاقتصادي العالمي، وكان الناس هنا يعتمدون على البحر والسفر إلى الخارج من أجل العمل، وهذا بطبيعة الحال قبل الثورة النفطية، وقبل أن تتحول إمارات ساحل عمان آنذاك إلى دولة الإمارات العربية المتحدة .

رحلة الشتاء والصيف

العلاقة مع الأسرة زمان واليوم، كيف هي؟

- أسرتي مكونة من أبي وأمي وجدتي، وأتوسط أختين، ولنا ثلاثة أخوال وثلاث خالات وقد عشنا كلنا ضمن أسرة واحدة في منزل كبير هو غرف وحوش فسيح، لكن سقفه وجدرانه تطورت من سعف النخل إلى الخيام، ثم الطين المخلوط بالحصى، وأخيراً الطابوق .

في عجمان عشنا رحلتين، رحلة الشتاء والصيف، ففي رحلة الشتاء كنا نذهب إلى داخل المدينة وتحديداً قرب البحر وبين البيوت الطينية وبالقرب من السوق أيضاً من أجل العمل وبحثاً عن الدفء، وأما في رحلة الصيف فكنا نخرج إلى أطراف إمارة عجمان، حيث نبني من سعف النخيل العرش التي تكون قريبة أيضاً من البحر حيث البرودة . الحقيقة أن العلاقة بين أفراد الأسرة كانت ولا تزال حتى هذه اللحظة جيدة جداً .

أيام الدراسة، صفها لنا؟

- تصور أن مدرستي الابتدائية كانت مختلطة وتسمى مدرسة الراشدية، حيث التعليم مفتوح للبنين والبنات، والانتقال من المدارس التقليدية إلى المدارس النظامية لم يمنع الطالب من الدخول إلى المدرسة بصرف النظر عن كبر السن، ناهيك عن تشجيع البنات على التعلم . في المرحلة المتوسطة انتقلت إلى مدرسة جديدة حملت اسم المدرسة السابقة نفسه الراشدية، لكن مع فارق فصل البنين عن البنات بمدرستين لكل فئة، وبقيت أتعلم هناك حتى الصف الثالث الإعدادي، ثم انتقلت إلى مدرسة أخرى بالاسم السابق نفسه أيضاً، وتخرجت من الثانوية العامة عام 1978 ثم التحقت بجامعة الإمارات لدراسة الإدارة التربوية، وحصلت على درجة البكالوريوس عام ،1984 وحصلت أيضاً على دبلومين خاصين من مصر والسودان، إلى أن سافرت إلى بريطانيا وتحديداً منطقة ويلز، حيث درست الماجستير والدكتوراه معاً في جامعة كارديف وحصلت على درجة الدكتوراه في التخطيط الاستراتيجي بتاريخ 25/7/2001

وظائف متنوعة

ماذا عن حياتك المهنية؟

- حياتي المهنية بدأت عام 1985 وقد شغلت وظائف متنوعة، حيث عملت بعد تخرجي من جامعة الإمارات مدرساً في مساقات التربية الوطنية، الفلسفة، علم النفس، ثم حولت عملي إلى مختصص اجتماعي، ثم وكيلاً لمدرسة الراشدية الثانوية حيث درست، ولكن لم أكمل عملي بسبب استدعائي من قبل مدير منطقة عجمان التعليمية، الذي عينني وقتها رئيساً لقسم الأنشطة الطلابية في منطقة عجمان، وشغلت هذا المنصب حتى خروجي في إجازة دراسية بموافقة كريمة وعزيزة على قلبي من قبل وكيل الوزارة آنذاك د . خليفة بخيت الفلاسي الذي تجمعني به صداقة حميمة، وبعد العودة من بريطانيا عينت في جامعة عجمان بحكم الدراسة، مدرساً للإدارة التربوية، وبفضل الله تعالى عينت بعدها بأمر من صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي، عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، مديراً لإدارة التخطيط في حكومة عجمان، وبعد ثلاثة أشهر تم تشكيل المجلس التنفيذي لإمارة عجمان وشغلت فيه منصب الأمين العام، وفي العام 2005 انتقلت للتدريس في كلية المجتمع بجامعة الشارقة لمدة عام، وبعدها تركت مهنة التدريس وتفرغت للعمل الخاص، حيث أنشأت مركزاً للدراسات والبحوث في دبي تحت مسمى مركز الحوار للدراسات والبحوث، وأيضاً أنشأت مركزاً للتدريب يعتبر الأول على مستوى إمارة عجمان، تحت اسم مركز رؤى للاستشارات التعليمية .

غدائي وعشائي

كيف تقضي يومك؟

- منذ الطفولة أعشق شيئاً اسمه القراءة والأوراق، حيث كنت في طفولتي أمر على مكتبة صغيرة داومت عليها كأنها غدائي وعشائي، هذا فضلاً عن تجميع قصاصات الأوراق وأرشفتها، فقد كنت مولعاً بذلك . تخيل أن يومي كالآتي: بعد صلاة الفجر أقرأ إلى الساعة الثامنة صباحاً، ثم أخرج لقضاء المصالح، وأعود للمنزل وآخذ قسطاً من القيلولة والراحة، في الثامنة مساءً أبدأ رحلة القراءة التي تمتد حتى الثانية عشر منتصف الليل، ثم أنام .

في قراءتي أركز على ثلاثة محاور، الأول المحور الإداري الملتصق بطبيعة تخصصي، وأما الثاني فهو محور التيارات الفكرية بشتى راياتها وأقطابها، ثم المحور الثالث المتعلق بالثقافة العامة، ولدي مكتبة متنوعة، كما أنظم عملي اليومي، حيث أضع أجندة تتصل بمشاركتي وحضوري الفعاليات والمؤتمرات الفكرية والمتنوعة، وإتمام قراءتي للكتب التي أضعها على لائحة أجندتي الشهرية .

هل نحن أمة تقرأ؟

- هناك دراسات عالمية تقول إننا أضعف الأمم في القراءة، أما على صعيد مجتمع الإمارات، فإن الدراسات أثبتت أن جيل الشباب تحديداً لا يقرأ، وسبحان الله جيلنا وهذا الجيل غير، فنحن كنا نحب القراءة ونحرص عليها ونحرص أيضاً على تذوق مختلف الفنون والثقافات، وسط هالة كبيرة من الحراك المتنوع آنذاك .

في المنزل، هل تخلط بين حياتك الشخصية وحياتك المهنية؟

- أكذب عليك إذا قلت إنني أفصل، لكني أحاول أن أكون متوازناً في ذلك قدر المستطاع، فهناك عادة لدي وهي أنني إذا دخلت المكتبة لا يطرقها أحد إلا لإدخال الشاي أو المشروبات، وكثيراً ما كانت زوجتي تتضايق من إطالتي في المكتبة، حيث تعتبرها ضرة لها .

أكثر صفة تحبها في شخصيتك، وأكثر صفة لا تحبها؟

- أحلى صفة أعتز بها أنني من الناس الذين يهتمون بالفكر والثقافة والقراءة، فالكتاب بالنسبة إلي خير جليس وونيس وصديق، ونحن من الجيل الذي تعلم على الكتاب الورقي وليس الالكتروني، وأكره في شخصيتي كثرة العلاقات الاجتماعية التي تستهلك من وقتي على حساب قراءة الكتاب .

ما الهوايات التي تحبها وتمارسها بشكل يومي؟

- أكثر هواية أحبها الكاراتيه والجري، وقد حصلت على الحزام الأسود في الكاراتيه عام 1996 هنا في الإمارات، كما حصلت على الحزام الدولي المصري من اتحاد الكاراتيه المصري، وأنا بطبيعتي رياضي، حيث سجلت في المنتخب الأولمبي الإماراتي لكنني لم ألعب مع الفريق .

برأيك، هل الإنسان الناجح هو الإنسان المخطط؟

- نعم نعم، ويجب على الإنسان وضع أجندة لحياته على المستويات كافة على أن تكون أجندة محملة بأهداف واضحة .

عملت في أكثر من مجال وسيرتك حافلة بالتنوع المهني، فأين وجدت نفسك؟

- الحقيقة أنني أجد نفسي في مجال البحوث والدراسات، وأتمنى إنشاء مركز بحوث ودراسات على مستوى إمارة عجمان، وأن يتم تعييني رئيساً له، لأنني أحب البحث عن المعلومة واستخراجها واستشراف المستقبل وفق الماضي والحاضر، وقد كنت من ضمن الفريق الذي وضع الخطة الاستراتيجية العشرية لتطوير إمارة عجمان تحت رعاية سمو ولي العهد .

أعوذ بالله

هل تؤمن بالمركزية في العمل؟

- أعوذ بالله، هذه من القضايا التي تقتل الإبداع وتقتل الحريات وتضيق النفس على المبدعين والمبتكرين، وتقتل أصحاب الرأي، وهي تدل على شخصية متحجرة صلبة لا تعشق إلا نفسها وذاتها، وتعتبر الناس تابعين لها ويدورون حيثما تدور . هذه الشخصية التي تؤمن بالمركزية إنما تقدس ذاتها وتقوم على أكتاف الآخرين مع الأسف، وهي شخصية تجاوزها المكان والزمان .

كيف تقيم جيل اليوم وأنت القريب منه بحكم التدريس؟

الشباب لديه طاقات عجيبة وغريبة، لكنه يحتاج إلى نوع من التوجيه في تنفيذ الأجندة الوطنية أو المشروعات الوطنية الصحيحة، ولاشك أن كل جيل له اهتماماته وقناعاته، ولابد من أن تحترم أفكاره، حتى إن له أساليب خاصة في طريقة التعلم وثقافة وقيماً يعتز بها، وما حدث من ثورات عربية، دليل على أن الشباب حر وله آراؤه ولكنه بحاجة إلى احتضان وحوار .

ومع الأسف فإن كبار السن لا يعطون الشباب فرصة التجريب في الحياة العامة، وعليهم مغادرة سياسة التكويش وإعطاء الشباب أملاً في إثبات قدرته على تحمل المسؤوليات، ثم إن الإملاءات من قبل الجيل القديم على الجديد تحدث شرخاً، والصبر مهم والاستماع للجيل الجديد مهم أيضاً .

كيف تقارن بين التعليم في الماضي والتعليم اليوم؟

- تعليم الماضي أسس للتعليم وحب القراءة والتثقف، وأسس تربية صحيحة قائمة على احترام الآخرين والكدح والعمل وصولاً إلى ترجمة الطموحات، بينما الآن نجد جيلاً متعلماً لكنه بعيد عن التربية السلوكية والقيمية، فالقيم اهتزت الآن وهناك الكثير من الشكاوى التي تتحدث عن حمل الشباب للأسلحة البيضاء والاعتداء على المدرسين . . إلخ ولذلك من الضروري التركيز على جانب التعليم وجانب الأخلاق وزرع بذور التربية الصحيحة .

ألفت عدداً من الكتب، فما أهم الرسائل التي تحملها للقارئ؟

لدي ثمانية مؤلفات، وآخر كتاب ألفته يتحدث عن المجال الإداري، وأهمية إعداد قيادات تتحمل المسؤولية وقادرة على تسلم راية العمل الوطني، خلفاً للقيادات القديمة، التي لا ينبغي إحالتها على المعاش والتقاعد وتحويلها إلى المنزل، وإنما يمكن فعلاً الاستفادة من خبرتها التي راكمتها في العمل العام .

أهم الرسائل التي أسعى إلى إيصالها في مؤلفاتي، تشمل مسارين، الأول إداري يتصل بخبرتي وتخصصي، وأما المسار الثاني فيتصل بتركيزي على القضايا الاجتماعية العامة .

الشأن الخليجي

ماذا عن مقالاتك، هل تركز على طرح أفكار معينة؟

- في البداية كنت أكتب في كل شيء، لكني مع الوقت بدأت التركيز على الشأن الخليجي، ويشمل ذلك كل دول الخليج، ولدي مسار آخر في الكتابة يشمل طَرْق ودراسة التيارات الفكرية بكل توجهاتها .

باعتقادك هل علينا أن نكون قدريين أم نخطط للمستقبل؟

- هناك حديث للرسول عليه الصلاة والسلام اعقلها وتوكل على الله، وهذا هو أساس التخطيط، أي إعمال العمل، ويعني التخطيط اصطلاحاً مجموعة من التدابير للوصول إلى أهداف محددة في فترة زمنية محددة ووفق ميزانية محددة، أما القدر فلا يستطيع .

الكاتب