الإمارات ما قبل الكارثة .. خفايا و أسرار

الإمارات ما قبل الكارثة .. خفايا و أسرار

بات من الواضح للعيان في الفترة الماضية حجم التدخلات الإماراتية في شؤون الدول العربية، واستعمالها المال السياسي للتخطيط وتمويل المؤامرات ضد الربيع العربي وقيادة الثورات المضادة، وتسخيرها لكل جهودها لمحاربة كل من ينادي بالحرية والديمقراطية.

"الإمارات ما قبل الكارثة"، هو اسم الكتاب المثير للجدل لصاحبه سامي الجلولي، المختص في النظام السياسي السويسري والأنظمة السياسية العربية، والمحلّل السياسي ورئيس مركز جنيف للسياسة العربية.

الجلولي تناول في كتابه السياسة الإماراتية من محاورها الداخلية والخارجية، شارحاً طبيعة علاقاتها بالدول المجاورة، وكشف النقاب عن العديد من الحقائق والأسرار في هذه العلاقات، إلى جانب توضيح الدور الإماراتي في محاربة الربيع العربي بشتى الطرق والوسائل.

لقراءة الكتاب .. اضغط هنا

الجلولي حلّ ضيفاً على موقع "وطن" الذي أجرى معه الحوار التالي:

لماذا ألّفتم هذا الكتاب عن الإمارات من بين كلّ بلدان الخليج؟

الدور الذي تلعبه الإمارات تحديدا منذ بداية 2013 هو الذي جعلني أفكر فعلا في تأليف هذا الكتاب خاصة وأن لا أسباب جدية تجعل من الإمارات تستنزف مدّخرات وثروات شعبها من أجل التدخل في الأنظمة السياسية لبعض البلدان دون أخرى عبر فرض تغييرات سياسية. فلا الإمارات دولة أنموذج للديمقراطية بمختلف مظاهرها السياسية المدنية والإجتماعية ولاهي دولة راعية لحقوق الإنسان.

ما هو سبب اختياركم لعنوان الإمارات ما قبل الكارثة؟

إنه بالنظر إلى الأوضاع الجيو استراتيجية إقليميا وبالنظر إلى الأوضاع الداخلية بالامارات ومن مختلف الزوايا السياسية، الإقتصادية والإجتماعية أمكننا الإستنتاج بأن الإمارات مقبلة فعلا على كارثة في السنوات القليلة القادمة وقد بدأت تطفو على السطح بعض المؤشرات مع انهيار أسعار البترول.

 في ظل هذا الإنهيار، لا بدائل اقتصادية أخرى، فالإمارات أساسا دولة ريعية تعتمد بدرجة أولى على مداخيل قطاع النفط كما أنّها ليست بلدا مصنّعا بل مجرد محوّل لسلع استهلاكية تمر عبر موانئه.

في انهيار أسعار النفط، سيعرف الإقتصاد الإماراتي انكماشا وتراجعا حادا في الإستثمار العقاري والسياحي والخدمي وهذا بدوره سيؤدّي إلى هجرة رؤوس أموال نحو أسواق أكثر أمانا.

ما الّذي يعنيه الدكتور سامي الجلولي بالكارثة في هذا العنوان؟

الكارثة هو صرف الإمارات لمبالغ ضخمة لخلق الأزمات وإدارة الحروب البينية والأهلية دون أن يكون للإمارات مصلحة مباشرة أو كبرى في ذلك. عادة من يخلق الأزمات والحروب هي القوى العظمى، أسبابها وأهدافها ظاهرة، إمّا لخلق أسواق لبيع سلاحها أو للحفاظ على مصالحها أو لضرب مصالح مقابلة وفي الأخير هذه القوى لا تستنزف مواردها المالية والبشرية، وقد رأينا أن جل الحروب التي أديرت سواء في أفغانستان أو العراق أو ليبيا أو مالي كلها مدفوعة من أموال عربية في حين تقطف القوى العظمى النتائج.

هل اعتمدتم على مصادر موثوقة ومطلعة أثناء تأليفكم لهذا الكتاب خاصّة وأنّكم قلتم في العنوان “الإمارات ما قبل الكارثة أسرار وخفايا”؟

كلّ ما كتبناه موثّق. غير أنه هناك أخبارا وقع استقاؤها من مصادر سرية وهي موثقة عندنا لا يمكننا البوح بأسمائها حفاظا على السريّة ولعدم تعريض هذه المصادر للخطر خاصّة وأنّ النظام الإماراتي يلاحق معارضيه بطريقة هستيرية.

أهم سؤال يتبادر إلى الذهن. الإمارات كانت من الدول الناجية تقريبا من تأثير الثورات العربية فلماذا جن جنونها وصارت رأس حربة الثورات المضادة؟

لا يخفى على الدارسين للتنظيمات السياسية بالخليج أن الإمارات من أكبر الدكتاتوريات في العالم غير أن هذه الدكتاتورية لا تظهر كثيرا للعلن لعدة أسباب لعل أهمها أن العالم لا يعرف عن أبو ظبي العاصمة السياسية وباقي الإمارات الأخرى الفقيرة شيئا.

فالدولة تختزل في إمارة دبي حتى أنه يخيّل للكثير أن دبي دولة مستقلة عن باقي الإمارات وهذا يعود إلى الحشد الإعلامي والاستعراضي لنوعية الحياة التي توفرها دبي وهي في الواقع لا تخرج عن حياة في ظاهرها أبراج بلورية لكن في داخلها مآسي حقيقية، ابتداء من سياسة القمع الممنهجة التي يمارسها النظام على كل من يسعى إلى الإصلاح، دون الحديث عمّا تتعرض له اليد العاملة الآسيوية تحديدا من استعباد وتنكيل وعنصرية ممنهجة ومقنّعة بالنصوص القانونية، إذ لا يخفى على أحد أنّ الإمارات، الأولى عربيا في مؤشر “العبودية” لسنة 2014 وهذا يعتبر خطرا على النظام الذي يتسم بالهشاشة نتيجة الصراع الدائر داخل  أفراد العائلة الحاكمة وتحديدا بإمارة أبو ظبي لكونها مركز الثقل بالامارات بالإضافة إلى التباين في المواقف والأولويات بين مختلف الإمارات المكوّنة للإتحاد.

حسب رأيكم، ما هو سر العلاقة بين الإمارات ومحمد دحلان؟

الإمارات تحوّلت إلى مصطبة أو قاعة عمليات إقليمية، تقصف هذا، تدعم ذاك، تنصّب، تعزل أو تنفي من تريد من القيادات التي لا تخدم سياستها.

في الواقع، الإمارات لا ترتبط بعلاقات جيدة فقط مع محمد دحلان بل هي تأوي بعض القيادات كالمصري أحمد شفيق وغيره والتي تسعى إلى تجهيزها كبدائل عن القيادات الأخرى التي تخطّط لإزاحتها من الحكم أو تلك التي تلقّت دعما ولم تنجح في تحقيق أهداف النظام الإماراتي.

ولماذا محمد دحلان بالذّات؟

لا يخفى على أحد أن محمد دحلان هو خبير أمنى استنجدت به الإمارات للقيام بدور استشاري من أجل ضرب كل اتجاه إصلاحي بالبلاد وللتخطيط لزعزعة أركان بعض الأنظمة العربية إضافة إلى عداوته التاريخية الشديدة مع حركة حماس وتجهيزه ليكون بديلا للرئيس الفلسطيني أبو مازن الذي يظهر للإماراتيين أنه عاجز ومهادن للحركة وأنّه لن يكون بإمكان الإمارات القضاء على التيارات الإسلامية الفلسطينية التي تعتبر خزّانا معنويا لباقي التيارات الدينية بالمنطقة.

هل الإمارات بوفاق مع المملكة العربية السعودية في مختلف القضايا كما تحاول أن تصور نفسها؟

إطلاقا، ظاهريا هناك توافق لكن باطنيا هناك حرب إعلامية ومخابراتية شرسة بين الإمارات والمملكة العربية السعودية وهما مختلفتان بصفة تكاد تكون جذرية في العديد من القضايا.

تحرّش الإمارات بالسعودية ليس وليد اليوم بل إن الأمر يمتد إلى سنوات الملك عبد الله حيث لم يخف محمد بن زايد عداءه للقيادة الأولى للمملكة محرّضا الأمريكان على تغيير النظام لصالح قيادات أخرى موالية، بالإضافة إلى نعت الشعب السعودي بالجاهل وهذا موثق في برقيات ويكيليكس.

ما سر عدائها لجارتها قطر؟

الصراع بين الإمارات وقطر بالأساس هو صراع حول دور قيادي. لقد كان لقطر الريادة بالمنطقة وسط تراجع دور مصر الإقليمي منذ التسعينات ولا يخفى على أحد الكمّ الهائل من القضايا والخلافات بين دول أو تنظيمات إقليمية التي استطاع النظام القطري السابق حلّها عبر الوساطة والمساعي الحميدة مستثمرا في ذلك تأثير قناة الجزيرة على المشاهد العربي ومشاركتها في صنع القرار القطري والإقليمي.

هل الإمارات تعادي الإسلاميين فقط أم أنها تستهدف الثورات العربية وأي حركة تغيير لصالح الشعوب؟

الإمارات تعادي الجميع من تيارات إسلامية معتدلة وتيارات ديمقراطية. هي ضد أي نفس ديمقراطي، فما تفعله الإمارات بالخارج من خلال إخماد إفشال التجارب الديمقراطية كما الحال في تونس أو من خلال محاربة الإسلاميين كما فعلته في مالي أو ما تفعله اليوم في ليبيا هو بالأساس رسائل موجهة إلى الداخل. رسالة ضد أي حركة إصلاح إماراتيةبن زايد

هل باقي الإمارات مثل دبي متوافقة مع سياسات محمد بن زايد؟

ظاهريا نعم. لكن باطنيّا لا. دبي أساسا ليست متفقة مع سياسات محمد بن زايد وكثيرا ما أعرب محمد بن راشد لمقرّبيه عن استياءه من ممارسات بن زايد والزجّ بالامارات في نزاعات خارجية، لكن دبي تجد نفسها مجبرة على إظهار الطاعة ولا يمكنها بأي حال أن ترفض هذه السياسات وأن تخرج من دائرة محمد بن زايد وذلك لسببين رئيسيين على الأقل:

السبب الأول، أن إمارة دبي تدين بعشرات المليارات من الدولارات لصالح نظام أبو ظبي.

السبب الثاني، أن دبي لا ثروات طبيعية لديها. لهذا اتجهت نحو تشييد المواخير والخمّارات والمراقص وتبييض الأموال وتهريب وتجارة البشر وأنّ 90 بالمائة من النفط الإماراتي داخل الحدود الجغرافية لإمارة أبو ظبي وأن دستور الإتحاد الإماراتي يحمي ويضمن سلطة كل إمارة على ثرواتها الباطنية.

باقي الإمارات المكوّنة للإتحاد لا وزن ولا نفوذ لها وهي بالأساس تعيش ممّا يلقيه نظام بن زايد عليها بمنطق التكافل الإجتماعي.

ما هي المعلومات المتوفرة لكم عن رئيس الإمارات خليفة بن زايد الذي تم تغييبه؟ هل نطلق على ذلك انقلاب أبيض أم أن حالته الصحية لا تسمح له بالظهور وقيادة البلاد؟

لقد قلنا إن رغبة محمد بن زايد في زعامة منطقة الخليج وباقي العالم العربي جعلته يسعى إلى إقصاء أخيه خليفة من الحكم بحكم أنهما مختلفان في كيفية وطرق إدارة الشأن السياسي سواء الداخلي أو الخارجي وكيف أن خليفة أصبح حجرة عثرة أمام طموحات أبناء فاطمة في تحقيق أهدافهم التوسعية.

ما نعلمه أن خليفة بن زايد قيد الإقامة الجبرية وان انقلابا أبيض قد حصل بتزكية من باقي شيوخ الإمارات الذين لا يمكنهم الإعتراض على قوة ونفوذ محمد بن زايد.

كانت هناك تقارير تشير إلى أن السبسي يحظى بدعم الإمارات وكانت هناك فضيحة تلقي سيارات كهدايا من أبو ظبي، فلماذا انقلبت الإمارات على الباجي قائد السبسي؟

السبسي رجل يمتلك من الدهاء والخبث السياسي ما يتجاوز الحالة الإنطباعية التي تحكم سياسة النظام الإماراتي.

لقد قبل الدعم الإماراتي لأنه كان في حاجة لمن يدعمه من أجل نجاح حزبه ووصوله لمنصب رئيس الجمهورية ولم يكن من أحد قادر على الدعم في تلك الفترة غير الإماراتيين فهم اللّذين كانوا يبحثون عمّن يمكنه تنفيذ خططهم وكان دعما مفتوحا.

بمجرد حصول حزبه على المرتبة الأولى في الإنتخابات وترأسّه للجمهورية بدأت تظهر إلى العلن توجّهات السبسي واختياراته السياسية وذلك لعدة أسباب:

أولا، نتائج الإنتخابات لم تكن لتمكّن حزب السبسي من الإنفراد بالحكم. حيث وجد نفسه مجبرا على التقارب مع حركة النهضة.

ثانيا، السبسي وإن كان قانونيا مجبرا على اقتسام السلطة مع الإسلاميين إلا أن ذلك لا يظهر عكس ما يبطنه الرجل من ضرورات التوافق والتعايش مع الإسلاميين.

ثالثا، السبسي لم يكن ينتظر من الدعم الإماراتي إلا تحقيق نتائج هامة في الإنتخابات لا ما ينتظره الإماراتيون من إخراج حركة النهضة من الحكم والزج بقياداتها في السجن

رابعا، السبسي قلّم أظافر المدّ الإماراتي بطريقة رآها الإماراتيون مهينة لهم في حين رآها السبسي الداهية معقولة ومنصفة.

هل تعتقدون أن الإمارات تدعم بعض الأطراف الّتي تسبّبت في تفكيك حزب نداء تونس؟

فشل النظام الإماراتي في المراهنة على السبسي في قلب الأوضاع لصالحه مثل فشل ذات النظام سابقا في اعتصام باردو جعله يسعى إلى البحث عن مخارج أخرى وذلك عبر طريقتين:

الأولى، ضرب حركة نداء تونس من الداخل أي إحداث شرخ وهو ما عرف بالشقوق والفعل الثاني إخراج أحد الرموز أو القيادات من الصف الأول للتعويل عليها من أجل إكمال المخطط الإنقلابي. وقد نجحت الإمارات نسبيا في زعزعة أركان الحزب لكن فشلت في قلب نظام الحكم.

هل انتهت محاولات عرقلة الإنتقال الديمقراطي في تونس من قبل محمد دحلان والقيادة الإماراتية؟

ستبقى محاولات القيادة الإماراتية قائمة من أجل زعزعة النظام التونسي وإن أصبح من المؤكد بعد فشله لثلاث مرّات (الأولى اعتصام باردو، الثانية مراهنته على السبسي أثناء الإنتخابات والثالثة مراهنته على أحد قيادات الشقوق) أن تونس رقم صعب جدا وأن النظام الإماراتي لا يمكنه النجاح مثلما نجح في أماكن أخرى إلا انه لن يكف عن محاولاته.

وأعتبر أن هذه المحاولات لن تهدأ إلا بحدوث تغيرات استراتيجية سواء في موازين القوى العربية أو في سقوط نظام بن زايد وهذا ليس مستبعدا فتاريخ الإمارات حافل بالإنقلابات الدموية.

ما هو تعليقكم على تصريحات الرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي؟

المرزوقي حرّ في تصريحاته وهو أبدى رأيه ونبّه (ربّما وفق ما يعرفه من معلومات) من تورّط النظام الإماراتي في محاولته تحريك الشارع التونسي عبر وكلائه وقلبه نظام الحكم.

لماذا يستغلّ المرزوقي فرص ظهوره في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية في تكرار اتهاماته لدولة الإمارات بسعيها لقيادة ثورة مضادّة في تونس؟

لأنّه يعلم بحكم علاقاته بما يضمره ويخطط له النظام الإماراتي في تونس والمبالغ المالية الكبرى التي خصّصها هذا النظام لا للتنمية في تونس وإنّما لضرب وحدتها واستقرارها وإدخالها في دوّامة العنف والحرب الداخلية.

حسب رأيكم ومعلوماتكم، من هي الجهات التي تمولها الإمارات في تونس سياسيا وإعلاميا؟

رغم أن الإحتجاجات التي حدثت هذه الأيام بتونس دستورية ومعقولة وهي ظاهرة صحّية لكل نظام ديمقراطي كما أنّها وردت في سياق فشل حكومي في إدارة ملفات البطالة والتنمية والحيف الكبير في توزيع الثروة، إلا أن ذلك لا يمنعني من الإعتقاد بأن العديد من الأحزاب والجمعيات ووسائل الإعلام من ورقية، مسموعة ومرئية التي حرّضت على الفوضى في تونس تلقّت دعما من الإمارات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

المشكل أن الإماراتيين لا يدعمون مؤسسات أو جهات مؤسساتية بل يدعمون أشخاصا نافذين بإمكانهم التحكم في حشد الناس أو الخطّ التحريري.

هل تستطيع الإمارات أن تعيد السيناريو المصري في تونس؟

لن يكون بإمكانها فعل ذلك. لأن الجيش التونسي يختلف عن الجيش المصري من ناحية الحياد السياسي وهذا منذ فشل انقلاب 1962 ضد بورقيبة. إذ تمّ إقصاء الجيش من أي نشاط أو مشاركة سياسية عكس الجيش المصري الملتحم بالنظام والذي يمثل دولة داخل الدولة بما يمتلكه من منشآت صناعية وخدمية وممتلكات وثروات.

ما هو تعليقكم على بيان وزارة الخارجية التونسية الّذي استنكر تصريحات الدكتور منصف المرزوقي؟

بيان خاو، يفتقد للإحترافية، لبعد النظر واحترام مبادئ الديمقراطية. صحيح أن المرزوقي رئيس سابق إلاّ أنّ رأيه يبقى رأي مواطن حر لا يلزم الدولة في شيء وعلى هذا الأساس صيغ بيان وزارة الخارجية بطريقة ضعيفة وورد كترضية أو شكلا من أشكال الإعتذار للنظام الإماراتي الذي لا يخفى على أحد خلافه والنظام التونسي منذ تولّي السبسي الرئاسة وأن العلاقات في أدني مستوياتها منذ مدة.

هل تعتقدون أنّ بيان الإستنكار من الخارجية التونسيّة يهدف إلى تهدئة الأجواء بين البلدين ومحاولة إذابة الجليد ودعم العلاقات بينهما؟

نعم هو هكذا. كان يمكن لوزارة الخارجية والتي نتفهم سعيها الحفاظ على بعض المصالح مع النظام الإماراتي التزام الصّمت أو صياغة بيانها بطريقة ذكية. لكن ورود البيان بتلك اللهجة كان إهانة للحكومة التي سارع رئيسها الحبيب الصيد بتصحيح الوضع بطريقة أظهرت خلافا حادا بين مؤسسة الخارجية ومؤسسة الحكومة في إدارة بعض الملفات الخارجية وعلى رأسها الملف الإماراتي. فرئيس الحكومة ذكر أنّ المرزوقي حر في تصريحاته وهذا من مبادئ الأنظمة الديمقراطية وأنّ اختلاف وجهات نظرنا حول بعض القضايا هو صحّي ومحمود.

هل يمكن أن تشهد الإمارات ثورات شعبية في المستقبل القريب على غرار ما حدث في تونس ومصر؟

في الإمارات هناك حركة إصلاح يقودها تيار مختلف الأفكار، المشارب والرؤى من إسلاميين وليبراليين. تيار يسعى إلى رفض النظام الدكتاتوري، يرى أنّ النظام السياسي الإماراتي الموصوف بالاستبداد والطّغيان لم يتطوّر في موازاة مع ما تشهده الإمارات من انفتاح اجتماعي واقتصادي.

هناك حيف كبير في انفراد جهة بالثروات الطبيعية وظلم كبير في عدم توزيعها وفق أساس عادل وبون شاسعا بين أبو ظبي ودبي من جهة وباقي الإمارات الأخرى وإن مصير كل إمارة مختلف عن الأخرى وفي كل يوم نلحظ تقلّصا في روح الإنتماء واتجّاها مرنا نحو التفكّك وهذا ما قد يحدث.

فلا أرى ثورات حقيقية للسكان المحلّيين وإنّما تفكّكا للإتحاد إضافة إلى انتفاضات قد تكون عنيفة من طرف الجالية الأجنبية خاصة العمّال الذين تفوق نسبتهم 90 بالمائة من نسبة السكان وذلك نتيجة الجور والظلم والإستعباد.

كيف تقرؤون التعامل الدبلوماسي بين إيران والإمارات؟

علاقة يطغى عليها النفوذ الإيراني عبر تأثيره أحيانا المباشر، للسياسة الخارجية الإماراتية بالخليج مسنودا في ذلك بتغلغل لبعض النافذين من الجالية الإيرانية أو الإماراتيين ذووا الأصول الإيرانية والذين يتحكمون في جزء كبير من القرارات السيادية.

بعض المفكرين والخبراء الخليجيين بالإضافة إلى بعض التقارير الإعلامية تحدثت عن دور دولة خليجية في تعطيل عملية عاصفة الحزم، وقيل هي الإمارات، فما هي حقيقة ذلك وما هي الأسباب؟

الإمارات تدعم الحوثيين وقوّات علي عبد الله صالح في السرّ وتحاربهم في العلن وذلك حفاظا على تعهداتها بمجلس التعاون الخليجي الذي تحاول منذ مدّة الإنفراد بقراراته أو تعطيل عمله.

وبالرغم من تفطّن المملكة السعودية مبكّرا إلى خيانات محمد بن زايد ودوره المباشر في تسريب موعد الضربات العسكرية إلا أن ذلك لم يحدّ من سياسة بن زايد في طعنه لقوات التحالف.

ما هو تعليقكم على دعم الإمارات للجنرال المتقاعد خليفة حفتر والّذي تسبّب في حرب أهلية ليبية طيلة سنتين؟

الإمارات تدعم أي جهة تحارب إرساء الديمقراطية في المنطقة وهي لا تقدّم ذلك بهدف إرساء الأمن والسلام في ليبيا والمنطقة بصفة عامة بل لضرب أي صحوة حقوقية بالمنطقة العربية عامة وبالإمارات تحديدا.

رغم الأموال والمساعدات المالية والعينية التي رصدت من طرف محمد بن زايد فإنّ حفتر لقي فشلا ذريعا في بسط سيطرته على بنغازي وبقيت قوّاته عاجزة عن السيطرة على ليبيا.

الملفّ الليبي لا يمكن حلّه إلا بنزع أسلحة كل المليشيات وجلوس كافة مكوّنات المجتمع القبلي، العسكري والمدني على طاولة المفاوضات، عذا ذلك فإنّ ليبيا متجهة نحو تدخّل خارجي ستكون نتائجه كارثية على المجتمع الليبي والإقليمي.

الكاتب