مخطط بن زايد والسيسي لتجفيف منابع المقاومة والانتفاضة الفلسطينية واستبدال عباس

مخطط بن زايد والسيسي لتجفيف منابع المقاومة والانتفاضة الفلسطينية واستبدال عباس

"تجفيف منابع المقاومة والانتفاضة" من المرجح أن يكون الهدف النهائي من سعي النظام المصري بقيادة الجنرال عبد الفتاح السيسي، ومسؤولي دولة الإمارات، من تولية قيادة أمنية لتحل محل الرئيس الحالي محمود عباس، وبخاصة عبر محاولة نقل السيسي سيناريو الانقلاب للضفة الغربية، بتوقيت حرج تعاد فيه تشكيل الخارطة الإقليمية في سوريا لصالح أمن إسرائيل، بعد تأمينها مؤقتًا من خطر السلاح النووي الإيراني بدعم أمريكي.

فالانتفاضة المتصاعدة وحماس أصبحتا مستهدفتين بالإضعاف والإنهاك، والمثير للقلق أن تكون القيادة الأمنية الجديدة المدعومة من السيسي لقيادة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، أداة قمعية المراد بها استئصال حماس والانقلاب عليها في غزة، وقمع الانتفاضة الفلسطينية المتنامية، ويعد تحجيم حماس ومحاصرتها وخنقها هدفًا إسرائيليًا حققه نظام السيسي بالحصار وهدم الأنفاق لقطاع غزة، وبرغم أن ذلك يجري ضد إرادة الشعوب العربية والإسلامية، إلا أن الصراعات والحروب المتنامية بالمنطقة، جعلت إسرائيل وحلفاءها يستغلون حالة الفراغ، وانشغال الحكومات العربية بملف الإرهاب وداعش والحرب في اليمن وسوريا، وما زالت فلسطين محرومة من الاهتمام والدعم الكافي، بحسب مراقبين.

 

تكرار سيناريو الانقلاب

كشف وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلي الأسبق أوري سافير، النقاب عن أن زعيم الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، معني بأن يخلف أحد قادة الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية محمود عباس، بعد أن يغادر الحياة السياسية.

وفي تحقيق أعده ونشره في موقع "يسرائيل بلاس" مساء أمس، أشار سافير الذي يعد من أبرز مهندسي اتفاقية "أوسلو"، ويحتفظ بعلاقات وثيقة مع كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية السياسيين والأمنيين، إلى أن مسؤولًا بارزًا في الدائرة المقربة جدًا من "عباس"، أبلغه أن السيسي معني بنقل التجربة المصرية إلى السلطة الفلسطينية، بحيث لا يتم اختيار الرئيس الجديد بشكل ديمقراطي.

وقال سافير: إن المسؤول في السلطة الفلسطينية قال إن السيسي يرى أن قادة الأجهزة الأمنية فقط يمكنهم أن يمثلوا ثقلًا موازيًا لحركة حماس، ويمنعوا وقوع الضفة الغربية تحت سيطرة الحركة. وأشار إلى أن السيسي لا يمانع أن يتوافق قادة الأجهزة الأمنية في السلطة على تسمية "رئيس" لخلافة عباس، بشرط أن يكون "مجرد دمية، وأن يكونوا هم أصحاب القول الفصل في النهاية"، على حد تعبيره.

ويرى المسؤول الإسرائيلي السابق، أن فرص نجاح مخطط السيسي تؤول إلى الصفر، بسبب ما أسماه "التطرف" الكبير الذي طرأ على المجتمع الفلسطيني، واتجاه الشباب الفلسطيني لما أسماه بـ"التشدد الديني والقومي". وشدد على أن الفلسطينيين، تحديدًا في ظل تواصل انتفاضة القدس، لا يمكنهم أن يقبلوا إلا بـ"خليفة متشدد" بعد عباس.

في سياق متصل، قال "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة"، الذي يديره وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلي دوري غولد: إن عباس يمر في أصعب أوقاته، وإن إحساسًا يسود في المجتمع الفلسطيني بأنه فشل في كل شيء.

أشار المركز في تقدير موقف نشره مساء أمس، إلى أن الشباب الفلسطيني بات يرى في عباس "شخصًا غير ذي صلة"، منوهًا إلى أن كل المناورات السياسية التي قام بها عباس ثبت فشلها، وأوضح أن عباس اضطر لتكثيف التعاون الأمني مع إسرائيل، بعد أن تبين له أن تواصل العمليات والانتفاضة يمكن أن يغير قواعد المواجهة بشكل لا يتناسب مع مصالحه، وانتهى إلى أن انطباعًا عامًا بات متجذرًا في إسرائيل، بأن كل ما يعني عباس هو مصلحته الشخصية، وألا يتحمل المسؤولية أمام إسرائيل عما يجري.

 

لماذا الآن بديل لعباس؟

ليس فقط السيسي من يسعى للقفز على السلطة الفلسطينية، بل سبقته الإمارات، فقد صرحت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، في وقت سابق، بأن القيادي السابق في حركة فتح ورئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني السابق في غزة محمد دحلان، أصبح منافسًا قويًا للرئيس الفلسطيني محمود عباس، بفضل المليارات التي تتدفق عليه من دولة الإمارات ودول خليجية أخرى، وينفقها حيث يشاء وأينما يرغب، دون حسيب ولا رقيب، بحسب ما ذكرته الوكالة.

وبينت الوكالة أن دحلان قد يكون الوريث المحتمل لعباس في الضفة الغربية، رغم أنه مفصول من حركة فتح ومطرود من قطاع غزة، وليس له أي منصب سياسي في فلسطين حاليًا، مشيرة إلى أنه يعمل حاليًا مستشارًا أمنيًا، لدى الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي ويقيم في دولة الإمارات.

 

تجفيف منابع المقاومة والانتفاضة

اهتمام نظام السيسي والإمارات بانتقاء شخصية بعينها ذي خلفية أمنية تخلف "عباس"، مسألة كارثية تؤكد استهداف قمع الشعب الفلسطيني بشكل أكبر، وتجفيف منابع الانتفاضة والمقاومة، لأن "عباس" هو بذاته نموذج سيئ للحكم، بما يعني أن الأسوأ هو القادم، حيث أشارت الكاتبة إحسان الفقيه في مقال بموقع (شؤون خليجية) في 13 سبتمبر الماضي، إلى أن اتفاقية أوسلو حولت الصراع من (فلسطيني - إسرائيلي)، إلى (فلسطيني - فلسطيني)، حيث كان أحد بنودها الكارثية، اشتراط الجانب الإسرائيلي على مُوقِّعِي الاتفاق، حماية أمن إسرائيل من الفلسطينيين.

وكانت إسرائيل تدرك أهمية احتضان منظمة التحرير، لأنها إن لم تفعل وجدت نفسها أمام حماس كبديل للمنظمة.

 

حماس.. خيار استراتيجي

"أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان له دورٌ محوري أثناء وبعد اتفاقية أوسلو، وكرّس صلاحياته الواسعة لضرب المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية حماس، وأدرك عباس أن جلوسه على طاولة المفاوضات مرهون بالعداء الأبدي مع حماس، فسعى منذ اللحظة الأولى للقيام بدور الشرطي الإسرائيلي في ملاحقة عناصر حماس بالضفة، بل ذهب عباس إلى أبعد من ذلك، حيث أكد في غير مناسبة أنه لن يسمح بقيام انتفاضة ثالثة، ووصف المقاومين بأنهم إرهابيون"، بحسب الكاتبة إحسان الفقيه.

وبرأيها فإن "عباس يعلم يقينًا أن شعبية حماس التي تتبنى المقاومة كخيار استراتيجي، تسحب البساط من تحت قدميه في عامة فلسطين، وخاصة بعد الانتصارات التي حققتها بالقطاع في عملية العصف المأكول 2014م".

فهل يعجل نظام السيسي والإمارات بقيادة جديدة موالية تمنع انتفاضة وشيكة قد تطيح بعباس، وقد تولي حماس بانتخابات حرة، مثلما حدث بغزة؟

(شؤون خليجية)

الكاتب