محلل وصحفي بواشنطن.. الحرب مع إيران ستستفيد منها الإمارات

محلل وصحفي بواشنطن.. الحرب مع إيران ستستفيد منها الإمارات

حذر الصحافي والمحلل المقيم في واشنطن تايلر بيلستورم، من حرب مع إيران تشنها الولايات المتحدة لا تنفعها بل تستفيد منها الإمارات العربية المتحدة.

وفي مقال نشره موقع “ذا نيوريببلك” قال فيه إن المشرعين في الكونغرس يركزون نظرهم على جهود السعودية لجر الولايات المتحدة للحرب، لم ينتبهوا للجهود التي تقوم بها دولة خليجية أخرى لإقناع واشنطن بالحرب.

وقال إن السعودية وولي عهدها محمد بن سلمان استمتعت بشمس واشنطن لفترة قصيرة. فقد قدم بن سلمان للأمريكيين عبر مقالات توماس فريدمان، وبرنامج “ستون دقيقة” كرجل إصلاحي يريد إخراج بلده من القرون الوسطى.

وبعد مقتل الصحافي في “واشنطن بوست” جمال خاشقجي والتغطية المستمرة للحرب الكارثية في اليمن، ومحاولات الكونغرس وقف الدعم العسكري الأمريكي لها، بات تأثير السعودية تحت المجهر أكثر من أي وقت مضى.

بالمقابل فتأثير دولة خليجية مر تحت الرادار دون لفت الانتباه. ففي الشهر الماضي دعمت إدارة دونالد ترامب الجنرال الليبي خليفة حفتر في حربه ضد الحكومة الشرعية.

وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن إدارة ترامب تدرس تصنيف جماعة الإخوان المسلمين التي شاركت في انتخابات متعددة في الشرق الأوسط وفازت فيها، كمنظمة إرهابية. وأعلنت عن تصنيف الحرس الثوري الإسلامي في إيران، وهي أول مرة تلجأ فيها دولة لاعتبار مؤسسة في الدولة منظمة إرهابية.

ويبدو أن جون بولتون، مستشار الأمن القومي متعطش للحرب، حيث زعم أن دعم إيران للحوثيين وضربهم لأنابيب النفط السعودي يهدد الأمن الأمريكي. والدولة المستفيدة من كل هذه القرارات الأمريكية هي الإمارات.

وتحدث الكاتب عن دولة الإمارات وثروتها السيادية التي قدرت بحوالي 828 مليار دولار وتحكمها عائلات تطفو على ثروة نفطية. واستخدمت الإمارات الثروة في الاستثمارات حول العالم من مانشستر سيتي لكرة القدم، وشراء مطارات في الهند، وعقارات في أوروبا والولايات المتحدة.

وخلافا لما هو معروف، فقد تفوقت الإمارات على السعودية في مجال الإنفاق على جماعات اللوبي. ففي عام 2017 أنفقت الحكومة الإماراتية أكثر من 21 مليون دولار، مقارنة مع 14 مليون دولار أنفقتها السعودية. واستمر الفرق عام 2018. وبالمال حصلت الإمارات على أصدقاء مهمين في الحزبين الأمريكيين وفي العواصم الدولية.

وبحسب قانون تسجيل الوكلاء عن الأجانب، فقد دفعت الإمارات لديفيد روثكوف، المحرر السابق في مجلة “فورين بوليسي” والمسؤول السابق في إدارة بيل كلينتون 50.000 دولارا في الشهر مقابل نصائحه الإعلامية. وهي حقيقة لم يكشف عنها أثناء ظهوره في التلفزيون والمقالات التي كتبها عن الشرق الأوسط.

وأعطت الإمارات أموالا لمركز التقدم الأمريكي، وهو مركز بحث بدأه جون بوديستا، رئيس طاقم بيل كلينتون. وأقام علاقات مع حملة هيلاري كلينتون الإنتخابية. وقدمت الإمارات أموالا للجنة الحملة الديمقراطية للكونغرس في الربع الأول من عام 2019 حيث اتحد الديمقراطيون للتصويت على وقف الدعم الأمريكي للحرب في اليمن.

وبحث ممثلو الإمارات عن الجمهوريين والشخصيات المرتبطة بترامب مثل إليوت برويدي، نائب رئيس اللجنة المالية للجنة القومية للجمهوريين. والمدير السابق لشركة بلاكووتر، إريك برينس.

ففي الوقت الذي أدى مقتل جمال خاشقجي ورفض الكونغرس للحرب في اليمن للحديث عن التأثير السعودي في واشنطن، إلا أن الإمارات تجنبت المراقبة. ويواصل سفير الإمارات يوسف العتيبة حضوره في واشنطن، وتنظيم الحفلات وجمع التبرعات واستضاف “نادي الفلافا” حفلة حضرها ساسة أمريكيون معروفون في مقهى ميلانو. وما تريده الحكومة الديكتاتورية في الإمارات واضح: فهي تخشى الديمقراطية والإسلام السياسي.

ودعمت الإمارات حفتر في ليبيا، ولا تريد حظر جماعة الإخوان المسلمين بل تصنيفها كجماعة إرهابية. وتعمل أبو ظبي للتأثير على الثورة السلمية في السودان، من خلال تقديم الدعم المالي للعسكر بشكل أغضب المتظاهرين خارج مقر القيادة في الخرطوم الذين هتفوا “لا نريد مالكم”.

ورغم وجود بعد طائفي في الصراع السعودي- الإماراتي مع إيران، إلا بعد الهيمنة أوسع. ويحكم إيران رجال دين ثاروا مع الطلاب والماركسيين ضد حاكم مستبد. ويخشى حكام الإمارات من تصدير هذا النموذج عبر الشرق الأوسط.

ويقول الكاتب إن تأثير الخليج على السياسة الأمريكية كان واضحا في عهد الرئيس باراك أوباما. كما كشف مدير مكتب “نيويورك تايمز” في القاهرة ديفيد كيرباتريك، فقد علمت إدارة أوباما بانقلاب تنظمه وتموله السعودية ضد الرئيس الإسلامي المنتخب محمد مرسي ولكنها لم تتدخل، فيما أعطى بعض المسؤولين في إدارته الضوء الأخضر للجيش المصري وداعميه. وكان الانقلاب لتنصيب السيسي جزءا من ثورة شعبية شجعت الإمارات في محاولتها للتأثير على العالم العربي من الانضمام للحرب في اليمن لدعم وتوفير حملة العلاقات العامة التي أدت لصعود بن سلمان إلى السلطة.

وحسب نظرية العلاقات الدولية الكلاسيكية، فالدولة الوكيلة هي التابعة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا لدولة أقوى منها. وعليه فالإمارات العربية هي دولة وكيلة للولايات المتحدة. وفي الوقت الذي توفر فيه واشنطن الأسواق والأسلحة والحماية العسكرية للإمارات، فإن مصالح وأهداف الأخيرة هي التي تحرك السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. وهو ما يكشف الازدواجية في الالتزامات الحالية: فنحن نتمسك بالإمارات كشريكة لأننا نشعر بحاجتنا إليها لمواجهة إيران وطموحاتها للهيمنة على الشرق الأوسط. وبالمقابل تطلب منا الإمارات حمايتها من إيران.

والنتيجة هي أن الولايات المتحدة تغض الطرف عندما تتدخل الإمارات بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتقوم الإدارة الأمريكية والحالة هذه باتخاذ قرارات لا تتوافق مع المصالح الأمريكية التي تؤمن بنشر الديمقراطية وحقوق الإنسان. وهذه العلاقات تقوم على ما يبدو بدفع الولايات المتحدة نحو حرب كارثية مع إيران.

وأشار الكاتب لتصريحات جون بولتون، مستشار الأمن القومي في 5 أيار (مايو) عن معلومات استخباراتية أدت لنشر بارجة حربية وطائرات. وأصدر تهديدات يحمل فيها الإيرانيين مسؤولية أي هجوم على المصالح الأمريكية. وتبع ذلك في 12 أيار (مايو) تخريب ناقلات نفط سعودية قرب شاطئ الإمارات ثم تسريب خطط حرب للبنتاغون وهجمات للحوثيين على السعودية.

وفي 14 أيار (مايو) شدد ترامب من لهجته، حيث قال إن إيران ستباد لو قررت القتال. وكان مثيرا تحميل ترامب الحكومة الإيرانية مسؤولية هجمات الحوثيين والتزام إدارته وإن بشكل خفي بمعاقبة عدوة السعودية والإمارات. ورغم عدم وجود تهديد نووي قادم من إيران على الولايات المتحدة، يفكر المسؤولون بشن حرب ستكون كارثية على المنطقة.

الكاتب