الإماراتي محمد العبّار واجه في تطبيعيه في ورشة البحرين والصهاينة يتفاخرون

الإماراتي محمد العبّار واجه في تطبيعيه في ورشة البحرين والصهاينة يتفاخرون

في الوقت الذي امتنعت فيه (إسرائيل) الرسمية عن الحديث بإسهاب حول ورشة البحرين التي تناقش تشجيع استثمار في الأراضي الفلسطينية، تجندت وسائل الإعلام الإسرائيلية التي انتدبت موفدين عنها للقمة إلى الاحتفاء بالبحرين بوصفها بوابةً لمواصلة قطار التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، فيما غابت الأجندة الاقتصادية عن التغطية.

 

وانتدبت ست وسائل إعلام إسرائيلية مراسليها للشؤون السياسية والعربية والشرق الأوسط إلى البحرين، بما في ذلك هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمي الإسرائيلي التابع للحكومة الإسرائيلية.

 

كما أوفدت القناة 13 الإسرائيلية مراسلها السياسي باراك رافيد، الذي تربطه علاقات وطيدة مع رموز الأنظمة العربية المطبعة، وكذلك الصحفي أرئيل كهانا موفدا عن صحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

 

في حين انتدبت صحيفة "هآرتس" مراسلتها للشؤون السياسية والعربية نوعا لانداو، بينما اكتفت صحيفة "معاريف" بإيفاد الحاخام كينان المقرب من النظام البحريني للعاصمة المنامة.

 

ولتعزيز الخطاب الإسرائيلي المروج لورشة البحرين والمحرك لقطار التطبيع الذي يهدف إلى تجاوز السلطة الفلسطينية، ويوجه إليها أصابع الاتهام في عدم التجاوب مع مساعي الإدارة الأميركية والرئيس دونالد ترامب، استعانت إسرائيل الرسمية بالمتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي للإعلام العربي، أوفير جندلمان، لبث رسائل للعالم العربي على وقع ورشة البحرين.


من البحرين، بدت التغطية الإعلامية لجميع الموفدين الإسرائيليين متناغمة ومتسلسلة من حيث المضامين والمحطات التي تم تسليط الضوء عليها، إذ تم الترويج للحفاوة التي قوبلت الوفود الإعلامية الإسرائيلية التي حطت بالمنامة.

 

التطبيع الحاضر الرئيس

 

وقالت موفدة صحيفة هآرتس الإسرائيلية نوعا لنداو إلى مؤتمر البحرين إن ما جرى في المنامة أمس أكبر لقاء تطبيع شوهد في السنوات الأخيرة بين ممثلين من دول عربية وإسرائيليين، وذلك برعاية مؤتمر السلام الاقتصادي الذي تنظمه إدارة ترامب، بهدف جمع خمسين مليار دولار للفلسطينيين، إذا تم دفع خطة السلام التي تنوي الولايات المتحدة عرضها بعد الانتخابات الإسرائيلية.

 

كما اعتبرت بعض وسائل الإعلام البريطانية أن الهدف من ورشة البحرين ليس الاستثمار في فلسطين لتحسين الاقتصاد أو الأوضاع المعيشية لمواطنيها ولا التمهيد لحل سياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل لدفع عجلة التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل.

 

وقالت هذه المصادر إن هذه الورشة التي تُفتتح غدا بمملكة البحرين لن تنجز شيئا على الصعيد الاقتصادي، إذا لم يُكشف عن الجانب السياسي في خطة سلام الشرق الأوسط الأميركية.

 

ونسبت ميغان أوتولي الكاتبة بموقع ميدل إيست آي إلى خبراء في شؤون الشرق الأوسط قولهم إن هذه الورشة التي تُعتبر الخطوة الأولى تجاه ما تسميه واشنطن "صفقة القرن" لن تخدم إلا التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج العربية.

وأضافت أن هذه الورشة -التي يُقال إنها خُصصت لجذب الاستثمار وبناء مستقبل مزدهر لإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة- لن تفعل شيئا غير إعلان تعهدات بالاستثمار لا تُنفذ كما هو المعهود في العالم العربي.

 

وسلطت وسائل إعلام عبرية الضوء على رجل الأعمال الإماراتي محمد العبّار، المشارك في ورشة البحرين التي بدأت بتنفيذ أولى خطوات ما يسمى "صفقة القرن"، في حين وصفته صحيفة عبرية بارزة بأنه "مُحِبٌّ للشعب الإسرائيلي".

 

وتناقل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لـ"العبّار"، مؤسِّس ورئيس مجلس إدارة شركة "إعمار" العقارية، يتحدث فيه لمراسلة إذاعة "كان" العبرية الرسمية، على هامش مؤتمر البحرين.

 

وردَّ "العبار" على سؤال "ماذا يمكنه القول اليوم للجمهور الإسرائيلي؟"، قائلاً خلال المقابلة: "نحن نعيش جميعاً في الكوكب الصغير البارد ذاته. لدينا واجبات تجاه العائلات، واجبات نحو المجتمعات التي نعيش فيها، واجبات تجاه جيراننا وتجاه العالم".

 

وتلقت الوفود الإعلامية الإسرائيلية على وجه الخصوص دعوة مباشرة من السلطات البحرينية لحضور ما يسمى "ورشة العمل للسلام والازدهار"، وكانوا ضيوفا على مأدبة عشاء خاصة بدعوة من المستشار الإعلامي لملك البحرين.

 

حضور إعلامي إسرائيلي

 

وإن غابت (إسرائيل) الرسمية عن ورشة البحرين إلا أن حضورها كان الأبرز من خلال وسائل إعلامها والصحفيين ورجال الأعمال الذين يندرج بعضهم من المؤسسة الأمنية والعسكرية، أبرزهم المنسق الأسبق لأعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الجنرال يوآف مردخاي الذي يتحدث العربية بطلاقة.

 

وألمحت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن مردخاي هو المبعوث السياسي الرسمي لإسرائيل لورشة المنامة وإن كان تحت مظلة المال والأعمال التي تعكس الشق الاقتصادي لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، للسلام بالشرق الأوسط، والمعروفة بـ"صفقة القرن" الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية.

 

واتفقت وفود وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الورشة الاقتصادية بالبحرين لن تؤدي إلى انفراجة دبلوماسية وسياسية، وهو الموقف الذي عبر عنه مراسل التلفزيون الإسرائيلي الرسمي موآف فاردي، لكنها تمكن -أي الورشة- اتصالا ولقاء مباشرين بين شخصيات ومواطنين من دول عربية ومواطنين من إسرائيل.

 

وتجولت كاميرا وسائل الإعلام الإسرائيلية بالفنادق والمنتجعات والأسواق في المنامة ونقلت الانطباعات عن الدولة الخليجية والنظرة لليهود والموقف من إسرائيل من وجهة نظر رموز النظام، سواء في المنامة أو حتى لبعض الدول التي تدفع نحو التطبيع، والتقاط الصور وإجراء المقابلات مع شخصيات وكُتاب مقالات من بعض دول الخليج والسعودية على وجه الخصوص.

 

وتناغمت وسائل الإعلام الإسرائيلية التي انتدبت موفديها للمنامة في التغطية التي بدت ممنهجة ومتفقا عليها وتحظى بإجماع من الصحفيين، حيث تناوبوا في نشر التغريدات التي تحمل المعنى ذاته، وكذلك الفيديوهات التي تصور مشاهد الاستقبال والحفاوة وزيارة الكنيس اليهودي وإقامة "صلاة الفجر العبرية" لأول مرة بالبحرين، والتجوال والتنقل بالمنامة وبين أروقة الورشة.

 

وظهرت التغطية الإعلامية للطواقم الإسرائيلية منسجمة ومتدرجة حتى في إجراء مقابلات بعينها واختيار الشخصيات الخليجية نفسها، وذلك فيما يبدو لإيصال رسالة بأن إسرائيل مقبولة لدى الأنظمة العربية التي لها نظرة غير متشددة من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ومستعدة للتطبيع دون دفع الثمن السياسي.

 

فتحت عنوان "منظر مؤثر في البحرين"، غرد محرر الشؤون السياسية في هيئة البث الإسرائيلي، شمعون أران، بخصوص إقامة صلاة لليهود بالكنيس في المنامة بمشاركة العديد من اليهود الإسرائيليين، بينما كتب المستشرق إيدي كوهين على "تويتر" "صلاة الفجر في البحرين ...هذا هو الخليج الجديد أيها الخليجيون.. تعودوا".

 

كما عج الإعلام الاجتماعي بالتغريدات بين مجموعات من الإسرائيليين ومغردين من السعودية حول "ورشة البحرين" و"صفقة القرن" والقضية الفلسطينية، فيما تكفلت صفحة "إسرائيل بالعربية"، لاستحضار وبث جميع المواد والمضامين الصحفية التي أنتجت إسرائيليا بالبحرين والترويج لها بالعالم العربي.

 

وغرد المستشرق والناشط في حزب الليكود، جاي معيان، عبر من خلالها عن شكره للسعودية، وانتقد أيضا القيادات الفلسطينية، فقال "مصدر الصراع هو الرفض الفلسطيني المستمر الاعتراف بإسرائيل وطالما يعيش الشعب الفلسطيني على التبرعات، فلن تحل قضية فلسطين".

 

بدا وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، متناغما مع المغرد الإسرائيلي معيان، إذ أكثر من التقاط الصور مع الوفود الإعلامية الإسرائيلية وخصهم بمقابلات حصرية، وكان "النجم الساطع" في الإعلام الاجتماعي الإسرائيلي ووسائل الإعلام التقليدية بتل أبيب، قائلا: "شكرا لكم، هذه المرة الأولى التي أقف أمام وسائل الإعلام الإسرائيلية، آمل أن نتمكن من توصيل الرسالة".

 

وتلخصت رسالة وزير الخارجية البحريني لوسائل الإعلام الإسرائيلية، مثلما نقلها موفد القناة الـ13 الإسرائيلية باراك رافيد، بالقول "هناك حاجة ملحة للتوجه مباشرة للإسرائيليين"، ولدى سؤاله عن السبب الذي دفعه للحديث للإعلام الإسرائيلي أجاب "كان يجب أن يحدث منذ وقت طويل. فالحديث إلى أشخاص تختلف معهم بالآراء بمثابة خطوة تقلل من التوتر".

 

وأضاف آل خليفة "لقد أردنا دائمًا حل النزاع العربي الإسرائيلي أو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. لم نرد إضاعة فرصة إجراء محادثة مباشرة مع الجمهور الإسرائيلي من خلال وسائل الإعلام الخاصة بهم".

 

وكشفت تصريحات وزير الخارجية البحريني خفايا وكواليس ورشة البحرين التي تركز على سبل مد الجسور والعلاقات ما بين إسرائيل ودول عربية بمعزل عن إنهاء الصراع وحل القضية الفلسطينية بموجب القرارات الدولية، وهو التطلع الذي يدفع إليه عراب التطبيع والمبادرة لورشة البحرين مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر الذي يهدف إلى مقايضة القضية الفلسطينية بالمال، كما يقول متابعون.

الكاتب