أحمد صقر السويدي .. الشيخ الإماراتي الذي أفنى حياته لخدمة القرآن وحفظته

أحمد صقر السويدي .. الشيخ الإماراتي الذي أفنى حياته لخدمة القرآن وحفظته

مركز الإمارات للدراسات والإعلام - إيماسك - 

"لست من الرواد ولكن أحب أن أترك أثراُ طيباً فإن الباقيات الصالحات أفضل أعمال الدنيا والآخرة ومنها علم يتركه المرء وراءه يقتفي اثره من قرأه أو سمعه"، كانت هذه أول مدونة لـ"الشيخ أحمد صقر السويدي" علىمدونته الرسمية على الانترنت في مارس/ آذار 2011م.

توقفت هذه المدونة التي حكى فيها قصص تجاربه وحكاياته وتوجهاته وفكره، رغم قلتها، في يونيو2012م، قبل شهر من اختطافه على يد جهاز أمن الدولة.

انه أحد أبرز أعلام الإمارات وفكرها ونبضها "القرآني الكبير". إنه رئيس اللجنة المنظمة لمسابقات جائزة دبي الدولية للقران الكريم الشيخ أحمد صقر السويدي، من جيل الاتحاد الفتيّ والذي حصل على بكالوريوس لغة عربية كلية الاداب جامعة الامارات 1986م- عمل مدرساً للغة العربية لمدة 8 سنوات- وكيلا لمدير المعهد العلمي بعجمان لمدة سنتين 1991- 1993م-مدير المعهد العلمي الإسلامي بعجمان ومديرا لمركز المعهد العلمي الاسلامي لتعليم الكبار لمدة اربع سنوات 1995-1999م.

 

مع القرآن

كان يدور حول القرآن ويفكك تفسيره للعامة والمواطنين، ويدافع بالقرآن عن الفقراء، والإنسان، ويشعر بآلامهم، وكانت الدروس حتى قبل اعتقاله في تلفزيون الشارقة تحمل عنوان ( أوصاف الصالحين ) وأعد برنامج خواطر قبل الافطار في تلفزيون عجمان بعنوان ( الباقيات الصالحات ) و(خاطرات قبل الغروب)، وهو رئيس مجلس ادارة منارات للاستشارات التعليمية، المؤسسة الرائدة التي شاركت في تنمية التعليم بالإمارات.

وحتى في مؤلفاته المطبوعة كان "السويدي" يتحدث عن القرآن ويشرح القصص، ومن برنامجه (أوصاف الصالحين) صدر له كتاب: "هكذا هم في القران" إلى جانب كتابين آخرين هما "منجد الخطيب"، "ميره يوسف".

كانت صدمة لمئات الحفاظ لكتاب الله الكريم أن يسمعوا باعتقاله في يوليو 2012م، فكيف يختطف مُربٍ، ورجل فاضل مثله، تابع القراء والمحدثين لكل الدول، وزار دول عدة ممثلاً للإمارات، في أفريقيا، والهند، وحتى باكستان، وأضحك الجميع حتى دمعت عيناهم من عبره التي كانت تحمل كل معانِ الوّد والإخاء والقُرب.

 

انتقاد قصصي

تميز "السويدي" بانتقاداته بأسلوب قصصي، لتجاهل الحديث مع شكاوى المواطنين الإماراتيين، من ذلك ما كتب في مدونته: " شكوى ولا رد!، سألت الشيخ جوجل عن مصرف الامارات المركزي، أعطاني :http://www.centralbank.ae/index.php، بحثت عن الاقتراحات والشكاوي في الموقع، أعطاني ثلاث  خيارات: الاقتراحات، الشكاوي بشأن خدمات البنوك والمؤسسات المالية، الشكاوي بشأن خدمات المصرف المركزي، أريد الثاني طبعا ضغط على الرابط"، وجد "السويدي"  في أسفل الصفحة "وحدة حماية المستهلك فيها العناوين التالية": "وحدة حماية المستهلك، رقم الهاتف وعناوين البريد الالكتروني، والفاكس".

يقول السويدي: "بدأت (سير السواني) فهو (سفر لا ينقطع)، اتصلت بالأرقام المذكورة على الصفحة لم يتكرم أحد بالرد علي، أرسلت رسالة بالايميل لم اتلق جوابا،  أرسلت رسالة بالفاكس مع وضع جميع عناويني لم يتصل أحد".

هذه التدوينه كانت مرتبطة بتدوينه سابقة وهي التي أثارت غضبه والتي وضع لها عنوان: "من استغضب فلم يغضب فهو حمار" وفيها إشارة إلى خدمة لـ"بنك دبي الإسلامي" والذي اتصل بـ"السويدي" يحدثه عن خدمة جديدة أثارت غضبه وأسماها البنك Al Islami Online) ) وتفجر في وجه المتصل غضبا و"في البنك الذي أتعامل معه منذ 1984 م لهذا الظلم الذي سيسلب الشركات أرباحها قلت له بجانب الرسوم الشهرية التي يستقطعها البنك كشوف رواتب + اصدار دفتر شيكات + إذا نقص الرصيد عن 25ألف درهم + إذا تم سحب أربع شيكات عن طريق أشخاص مع الخدمة الجديدة سيصل إلى 1000 درهم شهريا يعني 12ألف درهم سنويا هل أنا لدي حساب في بنك أم مستأجر استديو غرفة وصالة في الامارات الشمالية". "إذا كان هذا المبلغ سيتحل سنويا من 10 آلاف شركة يعني 10 مليون في السنة فقط أرباح لخدمات لا تكلف البنك شيئا يذكر". لقراءة التدوينه كاملة.

 

استحلاب الأموال

يشير السويدي إلى التبعات من وراء هذه الخدمات التي تعجّ في الدولة قبل اعتقاله، أما بعد ذلك فهو أشد وأنكى، في مقال آخر يحمل عنوان: "اطلع برع"، يحكي فيها غضبه من ابتكار أساليب ( استحلاب الأموال ) من جيوب الناس من مختلف المؤسسات الخدمية الحكومية والخاصة.( كهرباء وماء صرف صحي عمل جوازات مخالفات مرورية وبلدية واسواقو بنوك ومصارف ....)، مضيفاً إن هذه "الحركة التي أثقلت كاهل كل أنسان يمشي فوق هذه الأرض تقول للانسان أخرج من الامارات إذا لم تستطع أن تدفع لكل شيء ماعدا الهواء والمقابر!".

مشيراً إلى أن "هذا مؤشر خطير يؤذن بنزوح بطيء من الامارات مما يؤثر بدءا على سوق العقار وما يتبعه من أسواق أخرى كالتعليم والعلاج الخاص الذي يمثل شريان كبير لدعم إيرادات خزينة الدولة من الرسوم". الجميع يقول: "ادفع أو اطلع برع حتى يطلع من الامارات".

ويضيف "السويدي": "ولكن مع قلة الحركة التجارية وتناقص الايرادات ترى ارتفاع في الرسوم الحكومية والخدمات المجتمعية بشكل غير مبرر سوى الربح السريع والسهل رغم أنف الجميع".

"إذا لم يتدارك المسؤولون هذه الحركة الاستحلابية سيخرج كثير من المستثمرين هذه الرسوم لم تترك لهم أرباحا". كما قال "السويدي".

اليوم في الإمارات ومع مضي "السويدي" في السجن قرابة أربع سنوات، هناك استحلاب مُخيف للأموال من رسوم وخدمات، بل حتى بالرشاوى للمقربين من جهاز أمن الدولة من أجل الترقيات، والعلاوات، فبدون الموافقة الأمنية لا يمكن أن تحصل على ترقيتك أو علاوتك، أو يمكن أن تجد وظيفة مناسبة سواءً في القطاع الخاص أو الحكومي.

وعلى ذكر هجرة المغتربين في الدولة، فإن جهاز أمن الدولة يطرد بالعشرات والمئات من اللاجئين والمقيمين بحجة توتر العلاقات مع حكومات بلادهم كما يحدث مع  اللاجئين السوريين ومع رجال الأعمال من تونس والمغرب واليمن أيضاً. ومن بقي منهم في الدولة تفرض بين "الفينة" و "الأخرى" رسوم خدمات جديدة، معظمها أمنية، أو ما يبررون لها بالإجراءات الاحترازية!

 

الإيمان بالتعايش

يؤمن الشيخ السويدي بالتعايش بين الأديان والثقافات، ففي تدوينه أخرى له يشير إلى قصه مع إحدى الجارات لمنزله بالقول: " لنا جارة تهدي لبيت أمي كل خميس أو بالأحرى كل ليلة جمعة ( ملة دنقو أو باجلة ) بالعربي حمص أو فول يغلى في الماء فقط من غير هرس مع حبات فلفل للحمص ، حضرت قبل عام عند الوالدة بالضبط ، وكان يوم أثنين بعد المغرب ، فرأيت (الدنقو) قلت ماهذا قالت: فلانة أرسلت هذا ، قلت: ولكنها ترسله كل يوم خميس ؟ قالت: نعم عندهم شيء مال العيم (العجم) ، ما أدري شوه ؟ قلت: نعم اليوم عيد النيروز بداية السنة الفارسية وبداية فصل الربيع.قلت: "قدموه لنأكل ، بعض المتشددات في العائلة استنكرت ذلك ، قلت لها: قُدم طعام لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: ما هذا؟  قالوا يوم النيروز فقال: نوروزونا في كل يوم وأكل". فأنا آكل برخصة علي رضي الله عنه".

عاش الشيخ أحمد صقر السويدي مع القرآن الكريم وفيه ولأجله، اليوم يقضي حكماً سياسياً بالسجن عشر سنوات، باتهامات سياسية ضمن القائمة المعروفة إعلامياً بـ"الإمارات 94"، كان ضاحي خلفان نائب رئيس شرطة دبي قد تحدث في مقابلة مع قناة "خليجية" أن "السويدي" وراء إعطاء جائزة لرئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي، ورغم أنه "اتهام يشرف" إلا أن الشيخ "القرضاوي" تسلم الجائزة من المسؤولين الإماراتيين وسلمها حاكم دبي نائب رئيس الدولة بنفسه، كما يشير بذلك موقع الجائزة، فيما يقتصر عمل "السويدي" على تنظيم المسابقات فقط..

ويبدو أن حديث "خلفان" هي التهمة الرئيسية لهذا الشيخ الفاضل الذي أفنى حياته في خدمة "القرآن الكريم" و وصورة الإمارات دولياً، بزيارته وتنظيمه للمسابقة العالمية التي وصلت بوجوده إلى 85 بلداً حول العالم. 

الكاتب