مجلة أمريكية .. اتهامات لإيران وروسيا والصين بعد فشل اطلاق قمر التجسس الإماراتي

مجلة أمريكية .. اتهامات لإيران وروسيا والصين بعد فشل اطلاق قمر التجسس الإماراتي

كشفت مجلّة Forbes الأمريكية أن «وكالة الفضاء الأوروبية» وشركة الفضاء الفرنسية Arianespace فتحتا تحقيقاً حول فشل إطلاق صاروخ يحمل قمراً صناعيا للتجسُّس تمتلكه الإمارات. 

وحسب المجلة الأميركية، فإن «خللاً كبيراً» تسبب في إسقاط المركبة باهظة الثمن وعالية التقنية في عرض المحيط الأطلسي بعد دقيقتين من الإقلاع، وكان هذا أول إخفاق لصواريخ «فيغا – Vega» من إنتاج الشركة الفرنسية بعد 14 بعثة فضائية ناجحة.

وذكر مُحللون أنَّ القمرين فرنسيّي الصنع من طراز «عين الصقر – Falcon Eye»، اللذين كان القمر المُتحطِّم أوّلهما، صُمِّما «من أجل إتاحة بُعدٍ جديد تماماً لقدرات الجيش الإماراتي، إذ تُعتبر تلك الأقمار أكثر منظومات المراقبة التي باعتها فرنسا إلى بلد آخر تقدّماً». وعانى البرنامج كثيراً من التأخير نظراً للعمل على تطبيق اللوائح الأمنية الخاصة ببعض أجزائه بين فرنسا والولايات المتحدة.

ولا تزال التوترات مُحتدمة داخل الشرق الأوسط بين الولايات المتحدة والحلفاء الإقليميين من جهة، وإيران من جهة أخرى. إذ تعتبر إيران أنَّ دولة الإمارات هي جزءٌ من محور العدو الذي تقوده الولايات المتحدة ضد المصالح الإيرانية

وكان أحد الأهداف العسكرية الأساسية للقمر الصناعي Falcon Eye هو مراقبة حدود الإمارات، وخاصةً سواحلها البحرية الطويلة. وهذا يعني مراقبة أنشطة إيران في الخليج، لأنَّ الأمر يتعلَّق بسلامة الحدود البحرية الإماراتية في ظل تلك التوترات المستمرة.

وبهذا فقدت الإمارات امتياز مراقبةٍ هائلاً نتيجة فشلها في إطلاق أول قمر صناعي من طراز Falcon Eye. إذ كانت مهمّة تشغيل الأقمار الصناعية -التي تتضمّن عدسات شركة Thales القادرة على نقل صورة تصل دقّتها إلى 70 سنتيمتراً فوق سطح الأرض- موكلةً إلى «مركز استكشاف الفضاء» في أبوظبي. وبشّرت وسائل الإعلام المحلية بأنَّ هذا المشروع بإمكانه تزويد الجيش بـ»أحدث التقنيات في قدرات المراقبة، والاستخبارات، واستحواذ الأهداف، والاستطلاع».

القمر يستهدف مراقبة إيران في الخليج

وتُعَدُّ شركة Airbus هي المتعهّد الرئيسي لبرنامج الأقمار الصناعية داخل الإمارات العربية المتحدة، إذ قال رئيس أنظمة الفضاء لدى الشركة العملاقة في مجال الدفاع إنَّ «نظام مراقبة الأرض عالي الأداء في أقمار Falcon Eye يُتيح للقوات المسلحة الإماراتية قدرة مراقبة لا مثيل لها». وقد صُمِّم القمران الجديدان بغرض الاستخدام المزدوج، مما يعني استخدامهما في المهام العسكرية والمدنية.

وتثير التوترات الإقليمية، واستمرار تطوّر قدرات إيران الهجومية السيبرانية، احتمالية أن يكون فشل الإطلاق غير المتوقّع قد حدث بفعل عدوّ

اختراق الصاروخ 

قال فيليب إنغرام، الذي يعمل الآن مُحلِّلاً للدفاع بعد أن قضى سنوات من العمل في المخابرات العسكرية البريطانية، إن شن هجومٍ يستهدف برنامج قمر صناعي لا يُقلِّل من قدرة البلد فحسب، بل يحمل أيضاً «تأثيراً اقتصادياً؛ فالأقمار الصناعية ليست رخيصةً في ما يتعلّق ببنائها أو إطلاقها، فضلاً عن أنَّها تُقوّض الثقة الوطنية أيضاً.. إنَّ عدم وجود اتفاقيات دولية تحكم الحروب الإلكترونية تجعلها متاحة للجميع».

والتهديد محل الحديث عنه هنا هو تهديدٌ حقيقي، إذ يُشير بحثٌ أجراه مركز أبحاث دفاع رائد هذا الشهر إلى أنَّ أنظمة الأقمار الصناعية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية والناتو -التي تحمل بيانات مهمة- مُعرضةٌ للهجوم الإلكتروني، فضلاً عن «احتمالية الإخلال بأنظمة الأسلحة الاستراتيجية وتقويض الردع عن طريق خلق حالة من عدم اليقين والارتباك: وهو تحدٍّ معقد وهائل نظراً لغياب التحذير منه، وسرعة شنّ الهجوم، وصعوبة نسبه إلى جهةٍ ما، والتعقيدات المرتبطة برد متناسب مع الهجوم».

والأعداء هنا هم الصين وروسيا، وعواقب الأمر وخيمة، «إذ أدَّى الاعتماد الهائل على الفضاء إلى مخاطر إلكترونية جديدة تؤثر بشكل غير متناسب على ضمان المهمة». وتتصاعد التوترات مع كل من روسيا والصين. حيث أشار تقريرٌ لهيئة الأركان المشتركة الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة تُخفِق في التعامل مع النفوذ المتزايد لروسيا على العالم، مما يمثل خطراً على الأمن القومي. وفي الوقت ذاته، مثَّلت استراتيجية الهجوم الإلكتروني التي اعتمدتها الصين، وانتهجها القراصنة الإلكترونيون الذين ترعاهم الدولة، خلفية ثابتة للصراع التجاري والأمني القائم.

الصين وروسيا متهمون محتملون

بالنسبة لمؤلّفي الدراسة في معهد «تشاتام هاوس» البحثي الذي أعدّ التقرير، فإن السبب يرجع إلى أن «الصين وروسيا تُعطيان الأولوية للحرب الإلكترونية، والهجمات السيبرانية، والتفوُّق داخل ساحة القتال الكهرومغناطيسي. وتُركزان بشكلٍ رئيسي على منع أنظمة الاتصالات، القائمة على القمر الصناعي، من التأثير على فعاليتها التشغيلية». وأسفر ذلك عن أنَّ هاتين الدولتين تُمثلان الخصوم الذين يُرجَّح أنَّهم شرعوا في اختراق شبكات الأقمار الصناعية التي تستخدمها الولايات المتحدة وحلفاؤها.

وبهذا، هل كانت لإيران يدٌ في تدمير مركبة Falcon Eye الأولى، التي يمتلكها بلد حليف للولايات المتحدة، بمفردها أو عن طريق وكيلٍ صيني أو روسي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل كان الهجوم مادياً أم إلكترونياً؟ ولنطرح السؤال بطريقة أخرى: هل كانت إيران ستُفشِل عملية الإطلاق في حال كان بمقدورها فعل ذلك؟

ولم يتم تأكيد شيءٍ بعد، ولذا سوف يتم انتظار نتائج التحقيق. ولكن بالنظر إلى مُلابسات الأمر، والتوترات المتزايدة، والتركيز على الهجمات الإلكترونية في المجال الفضائي، وإطلاق الصواريخ الإيرانية المدمرة، ووجود روسيا والصين على الهامش، فإن هذا سيكون وقتاً غير مناسب للمعاناة من مشكلة بيئية كارثية وغير مفسرة أو تعطّل المعدات، بحسب "عربي بوست".

والسبت (13|7)، أكد الرئيس الفرنسي ماكرون أنه "لضمان تطور وتعزيز قدراتنا الفضائية، سيتم تشكيل قيادة كبرى للفضاء في سبتمبر المقبل"، ضمن سلاح الجو الذي سيسمى "على المدى الطويل سلاح الجو والفضاء".

ويعتبر ماكرون، أن الفضاء يشكل "تحدياً فعلياً للأمن القومي بسبب النزاعات التي يثيرها"، وكان أكد السنة الماضية عزمه على تزويد فرنسا "استراتيجية فضاء دفاعية". وأكد السبت، أن هذه الاستراتيجية باتت جاهزة.

وأضاف الرئيس الفرنسي أن "العقيدة الفضائية والعسكرية الجديدة التي عرضتها علي وزيرة (الجيوش فلورنس بارلي) ووافقت عليها، ستتيح ضمان دفاعنا من الفضاء وعبر الفضاء".

وأوضح: "سنعزز معرفتنا بالوضع الفضائي، وسنقوم بحماية أقمارنا الاصطناعية بشكل أفضل، وأيضاً بطريقة فاعلة". 

الكاتب