بلومبيرغ: كيف ساهمت مجموعة أبراج في القضاء على شركة الأسهم المملوكة لعارف نقفي

بلومبيرغ: كيف ساهمت مجموعة أبراج في القضاء على شركة الأسهم المملوكة لعارف نقفي

لم يُسفر انهيار مجموعة أبراج عن القضاء على شركة الأسهم الخاصة التي شيَّدها رجل الأعمال الباكستاني عارف نقفي في دبي فقط، بل دمَّر كذلك سوق الأسهم الخاصة في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، بحسب تقرير لوكالة Bloombergالأمريكية.

فمنذ بدء الانهيار السريع المُذهِل لشركة أبراج منذ عامين تقريباً حين شعر بعض المستثمرين مثل بيل غيتس بالشك في نزاهتها المالية، لم تجمع شركات الأسهم الخاصة التي تقع مقراتها في دول مجلس التعاون الخليجي أي أموال تقريباً، على الرغم من الأداء القوي الذي تُحققه مثل هذه الشركات في جميع الأماكن الأخرى، وفقاً لشركتي PitchBook وPreqin المتخصصتين في بيانات السوق

تضرر سوق الأسهم

ومن جانبه قال أليكس جيميسي، رئيس مجلس إدارة شركة Greenstone Equity Partners التي يقع مقرها في دبي وتساعد صناديق الأسهم الخاصة في إيجاد مستثمرين، ورئيسها التنفيذي: «لقد أدى انهيار أبراج إلى تبديد ثقة المستثمرين المؤسسيين التي بُنيت على مرِّ السنوات الـ15 الماضية في شركات الأسهم الخاصة في الأسواق الناشئة. لذا لا نرى انتشاراً كبيراً لرأس المال المؤسسي الأجنبي في الصناديق التي يقع مقرها في الشرق الأوسط».

وكان من أسباب تفاقم المشكلة تباطؤ مركز الرقابة المالية في دبي في الاستجابة للمخالفة التي أدت، في أقل من 10 أشهر، إلى سقوط شركةٍ كانت تتحكَّم سابقاً في 14 مليار دولار. إذ فرضت سلطة دبي للخدمات المالية غرامة قيمتها 315 مليون دولار على أبراج يوم أول أمس الثلاثاء 30 يوليو/تموز، في خطوةٍ قال بعض المستثمرين إنَّها متأخرة للغاية بالنظر إلى أنَّ هيئة الأوراق المالية والبورصة الأمريكية بدأت تتهم نقفي والعديد من أفراد دائرته المُقرَّبة بالابتزاز والاحتيال منذ شهور.

المسمار الأخير في النعش

لذا يطالب مستثمرون دوليون الآن بفرض مزيدٍ من التدقيق على شركات الأسهم الخاصة التي تقع مقراتها في دبي، وفقاً للعديد من الأشخاص المشاركين مباشرة في أنشطة جمع الأموال. فيما وصف العديد إغلاق أبراج بأنَّه «المسمار الأخير في نعش» شركات الأسهم الخاصة في المنطقة. وفي إشارةٍ إلى مدى الضرر الذي لحق بسمعة دبي، يُقال إنَّ بعض المستثمرين صاروا مترددين كذلك في وضع أموالٍ في الصناديق الخاضعة في المقام الأول للوائح سلطة دبي للخدمات المالية، بحسب الوكالة الأمريكية.

ولعل أبرز مثالٍ على ذلك هو تدفُّق الصفقات، الذي كان واقعاً تحت ضغط التباطؤ الاقتصادي الإقليمي والتوترات الجيوسياسية مثل الربيع العربي، والحرب في اليمن، والنزاع مع قطر حتى قبل أزمة شركة أبراج. إذ أظهرت بيانات شركة PitchBook أنَّ استثمارات الأسهم الخاصة التي تضم شركات خليجية انخفضت إلى أدنى مستوى لها في 10 سنوات على الأقل، لتبلغ 6 مليارات دولار فقط في العام الجاري حتى الآن.

وقال أحد الأشخاص المشاركين في أنشطة جمع الأموال إنَّ انهيار شركة أبراج خلَّف وراءه «أرضاً قاحلة كالتي تُخلِّفها الكوارث النووية». فما زال مكتب الشركة الرئيسي المكون من طابقين والواقع في مركز دبي المالي العالمي شاغراً بعد أكثر من عام من توقفها عن دفع الإيجار.

ولم يتبق أي شيء في المكتب من الأعمال الفنية باهظة الثمن التي عادةً ما كانت تزين الجدران، ولا صور المسؤولين التنفيذيين السابقين الذين كان من بينهم نقفي، المؤسِّس، ومصطفى عبدالودود، الشريك الإداري، وبعض الأشخاص الآخرين مثل ديفيد روبنشتاين مؤسِّس شركة Carlyle.

ولم يكن ممثلو عارف نقفي متاحين للتعليق على هذا الموضوع.

وفي بيانٍ صدر أول أمس يصف أسباب الغرامة التي تعد الأكبر في تاريخ دبي، اعترفت سلطة دبي للخدمات المالية بأنَّ سقوط أبراج «أضر بسمعة مركز دبي المالي العالمي ونزاهته».

وقالت إنَّها «استجابت في الوقت المناسب وبطريقة مسؤولة» وإنَّها «تكثف مراجعتها للشركات المُدرَجة ضمن لوائحها التي لديها أنشطة كبيرة غير خاضعة لتلك اللوائح»، بحسب الوكالة الأمريكية.

لكنَّ هذا قد لا يكون كافياً لاستعادة ثقة المستثمرين بالنظر إلى حجم سوء الإدارة في أبراج، التي كان من بين المستثمرين فيها مؤسسة Bill & Melinda Gates Foundation، ومؤسسة التمويل الدولية، ووكالات حكومية أمريكية وبريطانية

ومن عدة نواح، كان نقفي نموذجاً للنجاح الأولي الذي حقَّقه مركز دبي المالي العالمي. إذ أُنشئ المركز في عام 2004 لجسر الفجوة بين لندن وهونغ كونغ، جاذباً البنوك الكبرى وصناديق التحوط بعروض الإعفاءات الضريبية والملكية الكاملة والمعايير التنظيمية الغربية. وقد بدأ نقفي شركة أبراج في عام 2002 بأصولٍ مُدارة قيمتها 60 مليون دولار، وفي غضون أكثر من عقد بقليل، كان يُشرِف على أموالٍ من 18 مكتباً في أسواق ناشئة تنتشر في أنحاء أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا

تراكم الديون

ولكن وراء الكواليس، لم تكن إيرادات شركة أبراج تغطي تكاليف التشغيل. لذا اقترضت لسد العجز، وبحلول وقت انهيارها قبل عام تقريباً، كانت مدينة للدائنين بأكثر من مليار دولار، بحسب الوكالة الأمريكية.

وقد ظهرت الممارسات المخادعة بعدما أصبح بعض المستثمرين الأجانب في أحد صناديق أبراج، بما في ذلك مؤسسة Bill & Melinda Gates Foundation، متشككين في سبب عدم نشر بعض أموالهم في استثماراتٍ محددة. وبالفعل قالت سلطة دبي للخدمات المالية في بيانها إنَّ الشركة نقلت الأموال بين صناديق الاستثمار التابعة لها للمساعدة في سداد تكاليفها التشغيلية، واقترضت من البنوك لخداع المستثمرين بشأن حالتها المالية، وهذا مشابهٌ للاستنتاجات التي توصل إليها المسؤولون المعنيون بتصفية شركة أبراج قبل عام.

وقال صباح البنعلي، الرئيس التنفيذي لشركة Universal Strategy، وأحد المتخصصين في إدارة الاسثتمارات: «تُعتبر هذه القضية مثالاً على الهفوات التنظيمية، ولكن يجب أن ينظر إليها على أنها تذكرة بهفوات عدم اليقظة الكافية التي يرتكبها المستثمرون». فالمستثمرون المحليون «يظنون أنَّ هناك شيئاً مهماً قد فاتهم، في حين أنَّ المستثمرين الأفضل درايةً في الولايات المتحدة هم الذين كشفوا خداع أبراج».

اتهامات بالفساد

جديرٌ بالذكر أنَّ نقفي، الذي أُطلق سراحه من السجن في لندن بعدما دفع كفالةً قدرها 18 مليون دولار في شهر مايو/أيار الماضي، يعد واحداً من ستة مسؤولين تنفيذيين سابقين في أبراج يواجهون تهماً بالابتزاز والاحتيال عقب تحقيق أجرته النيابة العامة في نيويورك.

هذا وقد أقرَّ عبدالودود في الشهر الماضي يوليو/تموز بأنَّه مذنب في تهم تآمر، واعترف بأنَّه كذب على مستثمرين في جميع أنحاء العالم سعياً لإخفاء الخسائر وجمع المزيد من الأموال. في حين أنَّ المسؤولين التنفيذيين السابقين الآخرين هم سيفيندران فيتيفتبيلاي أحد المديرين الإداريين، وآشيش ديف المدير المالي، والمديران الإداريان الآخران رفيق لاخاني ووقار صديق.

بيد أنَّ هذه الأزمة لم تُنفِّر المستثمرين الأجانب تماماً من وضع أموالهم في شركات أسهم خاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة. ففي العام الجاري، وافقت شركة KKR & Co وشركة BlackRock Inc اللتان يقع مقرهما في نيويورك على استثمار 4 مليارات دولار في خطوط أنابيب النفط في أبو ظبي، في حين وافقت شركة CVC Capital Partners التي يقع مقرها في لندن على شراء حصةٍ قدرها 30% في شركة GEMS Education الإماراتية لتشغيل المدارس الخاصة.

ومن جانبه ذكر جيميسي أنَّ حجم الغرامة التي فرضتها سلطة دبي للخدمات المالية سيجعلها رادعاً بالتأكيد ضد أي مخالفات في المستقبل، لكنَّ استعادة بريق سُمعة دبي الملطخة تُعد قضيةً أخرى.

وقال جيميسي إنَّ العقوبة «لا تُجدي نفعاً كبيراً على المدى القصير في تخفيف مخاوفهم المتعلقة بالاستثمار في شركات الأسهم الخاصة في الأسواق الناشئة».

الكاتب