فايننشال تايمز: قرار الانسحاب الإماراتي من الإمارات لن يؤدي لتحقيق السلام

فايننشال تايمز: قرار الانسحاب الإماراتي من الإمارات لن يؤدي لتحقيق السلام

اعتبرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن قرار الإمارات تخفيض قواتها المشاركة في الحرب اليمنية سيكون له تبعاته على التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين منذ 2015، لكنه لن يغير المعادلة في اليمن، ولن يقود إلى تحقيق السلام.

والقرار يترك تبعاته على التحالف الذي تقوده السعودية؛ نظرا لأن أبو ظبي تعتبر الحليف الأهم للرياض في الحرب التي شنت ضد الحوثيين عام 2015. فقبل عام، هرب سعيد عباد وعائلته من مدينة الحديدة إلى جانب آلاف اليمنيين الذين فروا بعد تقدم القوات التي تدعمها الإمارات من الميناء الحيوي لليمن.

وعادوا في أيار/مايو، ولكنهم يعيشون وضعا غير واضح بعد قرار مهم في النزاع اليمني الذي مضى عليه أربعة أعوام؛ أي خفض الإمارات قواتها في اليمن. والسؤال إن كان القرار سيعزز فرص السلام في اليمن أو سيترك فراغا سيؤدي لزيادة العنف؟ وبالنسبة لعباد فالأمل قليل في تحسن الوضع.

وقال عباد: “لقد سمعنا عن انسحاب القوات الإماراتية كخطوة لتحقيق السلام ولكننا لم نشعر بها، فالمعارك مستمرة”. وأضاف عباد وهو أب لثلاثة أطفال: “تحاول الأطراف المتنازعة أن تظهر للعالم رغبتها بالسلام، لكن أيديها لا تزال على الزناد”.

وتشاؤم عباد ليس في محله لأن اليمنيين، ومنذ عام 2015، يعيشون وسط حرب أهلية تحولت إلى حرب بالوكالة بين الرياض والمسلحين الحوثيين.

وقادت الإمارات العملية العسكرية ضد الحديدة العام الماضي في معركة تعتبر من أكبر معارك النزاع، وتم شنها وسط اتهامات أن الحوثيين يستخدمون الميناء لتهريب السلاح الذي ترسله إيران. وتوقف الهجوم بعدما ارتفعت الأصوات الدولية المحذرة من أثر العملية على المساعدات الإنسانية التي يمر معظمها عبر هذا الميناء الاستراتيجي.

ورعت الأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر اتفاق سلام بين الأطراف المتحاربة في ستوكهولم، وتوصلت إلى اتفاق يقوم فيه الحوثيون والجماعات الموالية للحكومة في عدن بإعادة نشر قواتهم في الحديدة.

واتسم تنفيذ الاتفاق بالبطء؛ إذ استمر القتال في أنحاء مختلفة من البلاد وحول الحديدة أيضا. لكن المسؤولين في الأمم المتحدة يأملون بأن يعزز انسحاب الإمارات فرص التوصل لسلام.

ويناقش الإماراتيون الانسحاب منذ العام الماضي، واكتسبت جهودهم زخما بعد توقيع اتفاق ستوكهولم. وقرر الحوثيون الانسحاب من طرف واحد من الحديدة، فيما تتولى الأمم المتحدة دخول وخروج البضائع من الميناء. وهناك تكهنات تشير إلى أن سحب القوات الإماراتية مرتبط بمخاوف المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران.

 

وقال مسؤول غربي إن هذا الخوف سيقود الأطراف المتنازعة إلى خفض التصعيد لتجنب فتح “جبهة ثانية”. وأضاف: “أعتقد أن هناك انحيازا في المنطقة، وهو أن السلام يصبح مهما.. لإيران والسعوديين، لأنه سيؤدي إلى خفض التوتر على حدودهما، وبالنسبة للإمارات فالانسحاب نابع من الضرر الذي تركته الحرب على سمعتها”.

وقال المبعوث الدولي لليمن، مارتن غريفيث: “هذا رأي متفائل، ولكنه ليس خارج المستحيل”، مضيفا أن “العداوة يمكن فكها”.

وتحدث وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، قائلا إن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية يحضر “للمرحلة المقبلة”، فيما أكد الأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع السعودي، دعمه “للحل السياسي”، ولكنه أكد على أهمية “وقف إيران تدخلها في اليمن”.

وبعد ساعات، أطلق الحوثيون طائرة مسيرة على مطار سعودي في آخر الهجمات التي يقومون بها ضد المنشآت السعودية في الأسابيع الماضية.

وترى الصحيفة أن تأثير إيران في الحوثيين مسألة خلافية. فواشنطن والرياض وأبو ظبي تتعامل مع الحوثيين كجماعة وكيلة عن إيران. وقال الرئيس دونالد ترامب إنه يريد إخراجهم من اليمن. ولكن الدبلوماسيين والخبراء يرون في التأثير الإيراني بأنه تحالف انتهازي وأقل أيديولوجية من دعم طهران لحزب الله في لبنان والميليشيات في كل من العراق وسوريا. ويقولون إن هناك خلافا داخل الحوثيين أنفسهم حول المدى الذي يجب التعامل فيه مع إيران.

تأثير إيران في الحوثيين مسألة خلافية، فواشنطن والرياض وأبو ظبي تتعامل مع الحوثيين كجماعة وكيلة عن إيران

ويقول فارع المسلمي من مركز صنعاء: “هذه العلاقة قابلة للتفكيك”، و”يمكن تحقيق وقف إطلاق النار مع وجود وسيط مناسب، ويمكن تخفيف تأثير إيران في اليمن أكثر من سوريا أو العراق”. وكل هذا يعتمد على السعوديين والحوثيين، وإن كانوا لا يزالون يؤمنون بإمكانية تحقيق نصر عسكري.

ويعتبر بعض المحللين أن الحوثيين الذين يسيطرون على شمال اليمن يمكنهم الاستفادة من تخفيض القوات الإماراتية وجودها والزحف باتجاه الجنوب. وفي الوقت الذي تؤكد فيه الرياض أنها تريد نهاية القتال، هناك تقارير عن قيامها بنشر قوات لملء فراغ القوات الإماراتية.

ويقول بيتر سالزبري، خبير اليمن في مجموعة الأزمات الدولية: “الظروف التي تحدد نهاية النزاع، والحواجز أمام تحقيق السلام، لم تتغير؛ فالسعوديون يتحدثون عن رغبة بتوقف الحرب مع نهاية 2019، والسؤال هل هم مستعدون للتنازل من أجل تحقيق هذا؟”.

الكاتب