رويترز.. تتحدث عن مخاطر الانسحاب الإماراتي من اليمن

رويترز.. تتحدث عن مخاطر الانسحاب الإماراتي من اليمن

تنطوي الهجمات التي تتعرض لها القوات اليمنية، التي تمثل جزءا أساسيا في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في جنوب البلاد، على خطر زعزعة استقرار عدن بشكل أكبر، حيث يوجد مقر الحكومة اليمنية، كما تنطوي على خطر تعقيد جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة.

وشنت جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران، والتي يقاتلها التحالف، هجوما صاروخيا على قوات الحزام الأمني المدعومة من الإمارات في المدينة الميناء بجنوب البلاد، وأحد معاقل التحالف أودى بحياة 36 جنديا يوم الخميس.

وكانت الضربة التي استهدفت عرضا عسكريا، أسوأ أحداث العنف التي وقعت في عدن منذ اشتباك قوات الانفصاليين الجنوبيين، ومن بينها وحدات الحزام الأمني، مع حكومة "عبدربه منصور هادي"، المدعومة من السعودية في 2017، في صراع آنذاك على السلطة.

ويقول محللون إن الحوثيين ربما يختبرون نواحي ضعف التحالف بعد أن قلصت الإمارات العربية المتحدة وجودها العسكري في الساحل الجنوبي والغربي، والذي أعلن عنه في يونيو/حزيران، والذي يبدو أنه جعل الجماعات الإسلامية المتشددة تتجرأ في اليمن، وتنفذ هجمات دامية منفصلة على القوات الجنوبية الأسبوع الماضي.

صعد الحوثيون هجماتهم بالصواريخ والطائرات المسيرة على المدن السعودية، لكن هذا هو أخطر هجوم تشنه الجماعة على عدن منذ سيطرة قوات التحالف عليها في 2015.

وكان التحالف المدعوم من الغرب قد تدخل في اليمن في 2015، بعد أن أطاح الحوثيون بحكومة "هادي"، في العاصمة صنعاء/ في أواخر 2014.

وليس للحوثيين الذين يسيطرون على معظم المناطق الحضرية في اليمن، بما في ذلك صنعاء وميناء الحديدة الرئيسي، وجود في الجنوب، حيث دربت الإمارات وسلحت نحو 90 ألف مقاتل يمني جاءوا من الانفصاليين الجنوبيين ومقاتلي المناطق الساحلية.

ويبدو أن الحوثيين يختبرون الأوضاع على الأرض، بعد أن سحبت الإمارات بعض القوات والعتاد من المنطقة، وهي الأرض الوحيدة التي سيطر عليها التحالف خلال الحرب والتي للسعودية سيطرة أقل عليها.

وقالت "إليزابيث ديكنسون"، من مجموعة الأزمات الدولية، وهي مركز أبحاث: "يبدو أن هناك محاولة لاختبار أين وكيف يمكن تغيير ميزان القوى".

ومن المرجح أن تؤدي الهجمات على قوات الأمن الجنوبية، إلى تصعيد التوتر بين الانفصاليين الجنوبيين وحكومة "هادي"، حول من يسيطر على جنوب اليمن.

وأحيت الحرب الصدوع القديمة بين شمال اليمن وجنوبه اللذين كانا في السابق دولتين منفصلتين، وتم توحيدهما في دولة واحدة في ظل حكم الرئيس "علي عبدالله صالح"، الذي قتل خلال الحرب الحالية.

ويحمل المجلس الانتقالي الجنوبي، حكومة "هادي"، مسؤولية المتاعب الأمنية والاقتصادية وحرض على احتجاجات في الماضي.

ومما يزيد التوتر، أن القوات الجنوبية تعرضت لهجومين خلال يومين أعلن المسؤولية عنهما تنظيم "الدولة الإسلامية" وتنظيم "القاعدة"، وهما من بين القوى الكثيرة التي تزعزع استقرار اليمن.

ويوم الخميس، دعا المجلس لضبط النفس بعد الهجوم على العرض العسكري والذي أودى بحياة قائد لقوات الحزام الأمني كان قائدا ضمن الانفصاليين الجنوبيين بعد أن استعمل كثير من أتباعه مواقع التواصل الاجتماعي في تهديد الشماليين في عدن.

لماذا تقلص الإمارات وجودها؟

الأسباب كثيرة: التعب من الحرب، والانتقاد الغربي، وتصاعد التوتر مع إيران والذي يمثل تهديدا أقرب للبلاد.

وتقول أبوظبي إنها كانت تعد لاتخاذ هذا القرار منذ شهور، وكان تطورا طبيعيا بعد سريان وقف إطلاق النار في الحديدة في ديسمبر/كانون الأول، والتي كانت بؤرة الحرب في العام الماضي، عندما حاول التحالف انتزاع السيطرة عليها.

ويقول دبلوماسيون، إن الإمارات أدركت أنه لن يكون هناك حل عسكري بسبب الانتقاد الدولي للضربات الجوية التي يشنها التحالف والتي قتلت آلاف المدنيين والأزمة الإنسانية التي دفعت اليمن إلى شفا المجاعة.

ومما زاد من قوة الدفع لقرار الإمارات الضغط الذي مارسه الحلفاء الغربيون، ومن بينهم من قدموا السلاح ومعلومات المخابرات للتحالف، من أجل وقف الحرب التي قتلت عشرات الآلاف من الأشخاص، وزادت التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، وهو التوتر الذي انطوى على المخاطرة بإشعال مواجهة مباشرة في الخليج.

وقال مسؤول إماراتي كبير، إن الإمارات ما زالت جزءا من التحالف، ولن تترك فراغا في اليمن، بينما لا تزال تدعم القوات المحلية التي دربتها وسلحتها لقتال الحوثي والجماعات الإسلامية المتشددة.

وقال الدبلوماسيون، إن خطوة أبوظبي تقدم قوة دفع لهدنة على مستوى الدولة الواقعة في شبه الجزيرة العربية هذا العام، لكن هذا يتطلب خفض التوتر بين الحوثيين والسعودية.

أين تقف جهود السلام؟

بعد سبعة أشهر من اتفاق ستوكهولم، هناك فقط انسحاب حوثي من جانب واحد من الموانئ في الحديدة.

وما زال يتعين على التحالف في المقابل، إجراء إعادة انتشار للقوات التي يدعمها لتمهيد الطريق لانسحاب كامل ينفذه الجانبان.

ويقوم مبعوث الأمم المتحدة "مارتن غريفيث"، بجولات مكوكية بين اليمن والسعودية والإمارات لإنقاذ الاتفاق الذي مثل أول انفراجة كبيرة في جهود السلام خلال أكثر من أربع سنوات، وبوابة لبدء محادثات بشأن التوصل لإطار سياسي لإنهاء الحرب.

ولا يزال الاتفاق على من سيسيطر على الحديدة في النهاية نقطة خلاف وسط شكوك عميقة بين جميع الأطراف.

ويمر من الميناء الجانب الأكبر من التبادل التجاري والمساعدات الإنسانية وهو أساسي لإطعام سكان البلاد الذين يعانون من الفقر منذ وقت طويل والذين يبلغ عددهم حاليا 30 مليون نسمة.

وإذا أحرزت محادثات سياسية أوسع لتشكيل مجلس حكم انتقالي تقدما سيتعين ضم الأطراف اليمنية العنيدة إليها ومن بين هذه الأطراف الانفصاليون الجنوبيون.

الكاتب