اليوسف يحذر من فخ غربي ويؤكد أن أحوال الخليج من سيء لأسوء
وصف المفكر الإماراتي وأستاذ الاقتصاد بجامعة الإمارات يوسف اليوسف واقع الخليج العربي بأنه بات أسوء مما كان عليه في بدايات الربيع العربي، وأن الأخطار المحيطة باتت أكبر، حيث يسعى الغرب لتوريط الخليج في المستنقع السوري.
اليوسف نشر سلسلة من التغريدات عبر حسابه الرسمي على تويتر قال فيها: "واهم الذي يعتقد ان الغرب يريد من الخليجيين التدخل لأنقاذ الثورة السورية وهم لم يستطيعوا بعد ان يؤمنوا خاصرتهم في اليمن .. انه يمهد لأجهاضها".
وأضاف: "ان هذ التدخل يقصد به انشاء جبهة سنية واسعة تحارب داعش وفي الوقت نفسه ستتكون كيانات صغيرة احدها للأسد والثاني للأكراد وثالث للعرب السنة، هذا يعني مزيد من التفتيت لمنطقة الهلال الخصيب ويعني غياب كيانات قوية رادعة لأيران إضافة الى ان اليمن ستكون بؤرة استنزاف من غير حسم".
وأكمل اليوسف: "اذا اردتم فهم إصرار الغرب على تحجيم داعش تذكروا ان هناك تقارير تشير بان مخزون النفط العراقي قد يكون أكبر من المخزون السعودي، هذا يعني اذا صحت هذه التقديرات ان توسع داعش لتغطي كل من العراق وسوريا يمثل خطرا أكبر من خطر سيطرة صدام على الكويت وايران سينكمش دورها كذلك، ومن المؤسف حقا ان حسابات حكوماتنا الخليجية لازالت حسابات قديمة تحكمها مصالح ضيقة وتغيب عنها الرؤية الاستراتيجية التي تحفظ المنطقة العربية، فما لم نستطع الحفاظ على المنطقة ونسعى لتحقيق تكاملها وتصالح شعوبها فاننا حقيقة سنظل ساحة حرب ونهب وقتل للدول الأقليمة والعاليمة كما هوحاصل".
ووجه اليوسف رسالة إلى العرب أجمع قائلاً: "على أبناء المحيط العربي بكل اطيافهم أن يدركوا بان الفساد والتخلف والفقر والأستبداد هي أمراض ولكن علاجها لايمكن ان يكون في مزيد من التجزئة، التخبط الذي نعيشه اليوم يكمن في ان الحكومات لاتستمد ارادتها من شعوبها وبالتالي فهي تفتعل كل الأزمات لتبعد الأنظارعن هذه الأشكالية بدل علاجها".
وفي استكمال لحديثته في ذات السياق، أشار اليوسف إلى مقال كتبه في بدايات الربيع العربي قائلاً: "في بداية الربيع العربي كتبت مقالة بعنوان " الحكومات الخليجية بين الأصلاح والرحيل " واليوم يبدو انها لازالت بعيدة عن الأصلاح واقرب الى الرحيل، فالورقة اتصفت بالقوة وحماس اللحظة ولكنني لو كتبتها اليوم لما كتبتها بصورة مختلفة لأن الواقع اليوم هو أسوأ بكثير مما كان عليه والأخطار أكبر".
نص المقال الذي نشره اليوسف في إبريل 2011:
الحكومات الخليجية بين الأصلاح والرحيل ...
المشاهد ان الحكومات الخليجية تعاني من حالة انكار لما يدور في العالم العربي وان كانت حالة الأنكارهذه تختلف من دولة الى اخرى ، فهي اقل في الكويت وعمان والبحرين منها في الأمارات والسعودية ، ولذلك فقد رأينا ان نتوقف هذا الشهر عند الخيارات التي امام هذه الحكومات عسى أن يكون في حديثنا تنبيه لغافل أو توعية لجاهل او تشجيع لعاقل ، أو تضامنا مع مظلوم . فليس لدنيا شك بأن التاريخ سيسجل عام 2011 بعام ثورات العرب الحقيقية التي صنعتها ارادة الشعوب ولم تفبركها القوى الأجنبية لأنتقال السلطة منها الى ايدي وكلاء محليين تنوعت مسمياتهم ، مع عدم تجاهلنا للمخاطر الكثيرة التي لازالت تعترض طريق هذه الثورات ، لذلك فاننا نقترح ان يعتبر عام 2011 عام الأستقلال الفعلي للعرب واملنا هو ان تحدث التحولات المنشودة في كل الدول العربية باقل كلفة ممكنة . ان ما حدث في تونس الشابي وأرض الكنانة وما يحدث ساعة كتابة هذه السطور في أرض عمر المختار وفي اليمن السعيد وفي ارض الشام ، لهي أحداث تؤكد بأن شعوب المنطقة تريد الحرية ومن خلالها تتطلع الى أن تصنع تاريخها وان تكون جزء من الركب البشري الذي حرمت من السير معه بسبب الأستبداد وما افرزه من أمراض كادت أن تودي بهذه الأمة وتجعلها بؤرة للعنف والفساد والفقر والهجرة وغيرها من الأمراض ، وهي صورة متناقضة مع رسالة الخيرية التي كلف الله بها هذه الأمة ، كما انها لاتنسجم مع ماضيها المشرق عندما كانت قريبة من اصول دينها وتعاليمه الحنيفه . وقد أكدت لنا احداث تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين وعمان ، ان ما يمكن تمسيته بالسونامي السياسي العربي لن يبقي ولن يذر ، ولن يتوقف حتى يصل مداه ، حتى وان اعترضت طريقه بعض المعوقات التي قد يفتعلها بعض قصيري النظر كبن علي وحسني والعقيد الليبي والرئيس اليمني والرئيس السوري الذين اكدوا لنا ان جميعا حقيقة لاغبار عليها ، وهي أن راس الداء الذي تعاني منه هذه الأمة هي انها تحكم من قبل عصابات مجرمة ودموية وسرطانية لاهم لها الا كراسيها ولاعلاج لأغلبها كما يبدو الا بالأستئصال كما تستأصل الخلايا السرطانية الخبيثة من الجسم .
ذلك بما كسبت أيدكم
لذلك فاننا نقول للحكومات الخليجية اذا كان لازال فيها رجال فيهم شيء من الرشد وبعد النظر ، أن هذا التيار الجارف الذي يجتاح المنطقة هو حصاد ما فعلتموه انتم وبقية الحكام العرب ، حيث انكم تماديتم في التسلط والأستبداد ، وعبثتم بثروات هذه الشعوب في شتى وجوه الأسراف التي نفضل أن لانفصل فيها وأنتم أدرى بها منا ، وتحالفتم مع الأعداء اعتقادا منكم انهم سيمثلون وقاية لكم من مطالب شعوبكم الشرعية ، وفرطتم في قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية ، حتى أن بعضكم اصبح يتباهى بالقبلات مع قادة اسرائيل ، وبعضكم استقبلهم في بلدانه واقام معهم المشروعات الأقتصادية ، وبعضكم الآخر كان يزورهم في أرض عربية مغتصبه ليستقوي بهم ويجعلهم جسورا يعبر عليها الى أمريكا ، بينما اهلنا في فلسطين يعيشون في سجن وقتل وتشريد وتدمير وتعدي على الأعراض والممتلكات ، واطفالهم يبكون من آلام الجوع والمرض . لقد اعتقدتم بسذاجتكم واستقوائكم بالأجنبي أنكم وحلفاؤكم قد احكمتم قبضتكم على مقدرات هذه الشعوب ، وانكم قد زرعتم اعوانكم واتباعكم على الظلم في كل مكان ، معتقدين انكم لن يعارضكم احد بعد اليوم ، ولكن قدرة الله كانت فوق مخططتاكم ، وهاانتم ترون شباب عزلا يتلقون الرصاص بصدروهم العارية ، ويسقطون الطغاة المرضى الواحد بعد الآخر ، وفي هذه المشاهد عبرة لمن له ذرة من بصر وبصيرة . اما اذا كنتم ، كما يثبت سجلكم السياسي السابق ، تراهنون على أن ابناء الخليج هم شعوب لاتتوق الى الحرية ، وانما هم مجاميع من البشر تريد ان تاكل وتنام ويكفيها أن تضرب لها خيام العطايا والمكارم ، بينما تستمرون أنتم في احتكار قراراتها وثرواتها وبقية مقدراتها وتمارسون عليها وصاية لاحق لكم فيها ، وتعتقلون هذا ، وترهبون هذا ، وتوقفون آخر عن العمل ، فاننا نقول لكم انكم واهنون وبعيدون عن هذه الشعوب ، وستفاجاون بما ليس في حسبانكم حتى ولو بعد فترة من الزمن ، وأملنا أن لاتدفعوا بشعوب المنطقة الى الحافة فقد رأيتم في البحرين وعمان عينة مما يمكن أن يحدث والكيس من اعتبر بغيره . لذلك فاننا نعتقد ان امامكم خيارين لاثالث لهما .
المماطلة ثم الرحيل
أما اذا اردتم المسار الصحيح الذي فيه حفظ لما تبقى من احترام لكم وتحقيق طموحات شعوبكم ، وهذا ما نتمناه لكم وللمنطقة ، فان عليكم البدء بالأعتراف بحقوق شعوبكم وبكونها شريكة لكم في السراء والضراء ، واتباع ذلك باعلان سياسات اصلاحية جذرية وواضحة ومبرمجة ، تبدا باصلاحات دستورية تجعل شعوب المنطقة هي مصدر السيادة وتحول نظمكم السياسية الى ملكيات دستورية بدل من الملكيات المطلقة الحالية ، وبعد ذلك يتم الأعداد لقيام برلمانات منتخبة ويمكن ان تكون هذه البرلمانات على نمط البرلمان البحريني بغرفتين ، واحدة معينة والأخرى منتخبة ، بشرط أن تكون الرقابة المالية والتشريعية من اختصاصات الغرفة المنتخبة وحدها . وحتى الصيغة الكويتية التي تعتبر مرتكزة على دستور متطور نسبيا لم تثبت نجاحها بسبب تدخل الأسرة الحاكمة في الأجهزة التفيذية مما افسد التجربة ولم يسمح لها بالتطور، لذلك فلابد ان تصبح هذه الأسر الحاكمة كالأسرة البريطانية وغيرها من الملكيات الدستورية تملك ولاتحكم ، أي أن دورها يكون رمزيا ولكنها ستعيش منسجمة مع ارادة شعوبها وستترك لنفسها بصمات مشرفة على مستقبل هذه المنطقة لن تنساها لها الأجيال . ولامانع كذلك من ان تكون الأصلاحات المنشودة تدريجية بالمعنى المعقول ، ولكنها لابد ان تكون موقته ، أي ان بعدها الزمني واضح ومراحلها محددة ، ولابد أن يكون هدفها النهائي هو ايجاد هذه الملكيات الدستورية باسرع وقت مكن ، لأن أي شيء دون ذلك لن يؤدي الى تطور هذه الدول سياسيا ، وبالتالي لن يؤدي الى استقرارها أو ازدهارها ، وانما سيكون تكرار للأخفاقات الماضية مع تزايد معدلات عدم الأستقراربسبب التغيرات الحاصلة في المنطقة ، والتوقعات المرتفعة والمتزايدة للشعوب .
الموقف تجاه أيران