الطائرات المسيرة في سماء ليبيا تشكل معركة ما بين الإمارات وتركيا

الطائرات المسيرة في سماء ليبيا تشكل معركة ما بين الإمارات وتركيا

تبدو سماء ليبيا مزدحمة أكثر من أي وقت مضى، ليس لكثافة الطيران التجاري، بل نوع آخر من الطائرات العسكرية الذكية المسيّرة، ولا سيّما منه الإماراتية والتركية، بينما لم يتمكن أي من طرفي النزاع من حسم المعارك في جنوب طرابلس بعد مرور خمسة أشهر على انطلاقها.

وتتبادل القوات الموالية للمشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد والذي يشن هجوماً للسيطرة على العاصمة منذ 4 نيسان، وحكومة الوفاق التي تعترف بها الأمم المتحدة وتتخذ طرابلس مقراً لها، الاتهامات باستخدام الطيران المسيّر في شن الهجمات.

وليس لدى ليبيا هذا النوع من الطائرات.

وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة في فيديو نشرته الأمم المتحدة الأربعاء إنّ ليبيا "على الأرجح أكبر مسرح لحرب الطائرات المسيّرة في العالم".

وتحدث عن "استخدام مكثف جداً للطائرات المسيّرة" في الاسابيع الاخيرة، مشيراً إلى انها نشرت "600 مرة في جهة و300 مرة في الجهة الأخرى"، من غير أن يوضح أي جهات يشير إليها.

ورأى الخبير في الشؤون العسكرية ارنو دولالاند، أنه بعد "الاستعمال المكثف للطيران الحربي في بداية الحرب، خرجت معظم الطائرات من الخدمة واصبحت في حاجة إلى الصيانة مما اضطر الطرفين إلى التسلّح بنوع متقدم (من الطائرات) من دون طيار".

ولاحظ العميد المتقاعد من الجيش أحمد الحسناوي أن مشاركة طيران أجنبي مسيّر في المعارك الدائرة بطرابلس، ليس سراً. وقال إن "سلاح الجو (الليبي) لا يملك على الإطلاق هذا النوع من الطائرات، بل أسطوله مشكل من طائرات تعود إلى الحقبة السوفياتية قبل أربعين عاماً". وأشار إلى أن "ليبيا لا تملك جيشاً نظامياً" و"الدعم التركي للسراج والإماراتي لحفتر واضح للعيان".

لكنه شدد في الوقت نفسه على أن حسم المعركة براً في غياب قوات نظامية لدى الطرفين صعب إن لم يكن مستحيلا. وخلص إلى أن "الأمر معقد وحسم معركة من دون تدخل جوي فعال ليس سهلاً". ويواصل الطرفان تكثيف هجماتهما بالطائرات المسيرة.

وتستهدف طائرات حكومة الوفاق قاعدة الجفرة الجوية على مسافة 650 كيلومتراً جنوب شرق طرابلس، والتي تتخذها قوات حفتر قاعدة عمليات وإمداد رئيسية، لأنها بوابة حيوية تربط مدن شرق ليبيا وجنوبها وغربها.

أما القوات الموالية لحفتر، فتواصل ضرب القاعدة الجوية في طرابلس ومصراتة التي تبعد نحو مئتي كيلومتر شرق العاصمة.

 

ويوضح الطرفان في تصريحاتهما الرسمية أن ضرب القواعد الجوية بشكل متكرر يستهدف "حظائر الطائرات المسيرة الأجنبية" وإعطاب غرف التحكم التي تشغلها.

وأبدى سلامة قلقه من اتساع “النطاق الجغرافي للعنف" بتبادل الهجمات بالطيران المسير بين الطرفين للمرة الأولى من طريق استهداف قاعدتي الجفرة ومصراتة الجويتين في نهاية تموز الماضي.

من جهة أخرى، أفاد دولالاند أن "الصناعة الحربية لتركيا أقل ارتباطاً بالمزودين إذ تصنع بنفسها، عكس أبو ظبي التي تشتري الطائرات، وتالياً باتت ليبيا مكان اختبار للصناعة التركية وفي إمكانها تجربة الطائرات المسيرة الأكثر حداثة".

إلا أن هذا الخبير العسكري لفت إلى أن الطائرات المسيرة لا يمكنها إحداث فارق إذا أخفقت القوة على الارض في إحراز تقدم.

وسئل عن صحة النظرية القائلة إن فشل التقدم على الأرض سيدفع الطرفين إلى الحوار، فأجاب: "في اعتقادي أن حفتر لا ينوي الحوار بل يحاول جر الإمارات إلى مزيد من التدخل في الحرب"، مضيفاً أنه "لا يستبعد أن تشن أبو ظبي قريباً غارات جوية تنفذها (طائرات) الميراج 2000 الفرنسية".

وأكد المحلل السياسي الليبي جلال الفيتوري أن "دولاً أجنبية تدعم الطرفين وتزودهما هذا النوع من الطائرات"، قائلاً إنه "لا يمكن تجاهل اسمي دولتي الإمارات وتركيا في هذا الأمر".

واستنتج أن "الهجمات المتبادلة التي تستهدف بشكل مكثف هذه القواعد منذ نهاية تموز الماضي، تظهر معرفة كل طرف بامتلاكه طائرات مسيرة تتحرك لضرب خطوط الإمداد وتحركات الأفراد على خطوط محاور القتال".

ومنذ نشوب الحرب جنوب العاصمة، تبادلت قوات حفتر والوفاق إسقاط معظم الطائرات الحربية السوفياتية المتهالكة ونشرت صوراً عدة تظهر حطام طائرات في مواقع مختلفة من أنحاء البلاد.

وتسبّبت المعارك بين الجانبين التي تقترب من إتمام شهرها السادس بسقوط نحو 1093 قتيلاً و5762 جريحاً بينهم مدنيون، فيما قارب عدد النازحين 120 ألف شخص، استناداً إلى وكالات الأمم المتحدة.

ووصفت أستاذة القانون في جامعة درنة نجلاء الشحومي النزاع في ليبيا بأنّه "حرب علنية بين أقطاب المجتمع الدولي المتصارع في ليبيا بأياد ليبية"، مشيرة إلى أن هذا البلد تحول إلى "ساحة فعلية للصراع بين معسكري تركيا وقطر من جهة وفرنسا والإمارات من جهة ثانية".

الكاتب