ضغوط إماراتية على قبائل في ليبيا لدعم حفتر

ضغوط إماراتية على قبائل في ليبيا لدعم حفتر

كشف ناشط من قبيلة التبو في الجنوب الليبي أن دولة الإمارات التي تدعم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، تمارس ضغوطا متواصلة على الأعيان التبو في مدينة مرزق أقصى الجنوب الليبي، بهدف دفعهم لقطع العلاقات مع الحكومة المركزية في طرابلس، وحثهم على دعم العمليات التي يقوم بها حفتر في الغرب الليبي.

وأكد الناشط ومدير مركز فزان للدراسات الاستراتيجية على التباوي، أن التدخل الإماراتي في مرزق أخذ أشكالا متعددة وصل حد إفساد النسيج الاجتماعي في المدينة، وذلك من خلال محاولات شراء ذمم بعض أعيان المدينة بالمال بحسب ما أورده موقع " عربي 21" اللندني، فضلا عن دفع حفتر لارتكاب مجازر "تطهير عرقي" ضد التبو الذين يرفضون هجوم حفتر على طرابلس.

وفي هذا الصدد قال التباوي، إن أبو ظبي استضافت مؤخرا بعض أعيان المدينة، وطلبت منهم إعلان دعم حفتر في هجومه على طرابلس، إلا أن هؤلاء الأعيان رفضوا المقترح، وطلبوا من أبو ظبي الاعتراف رسميا بالمجزرة التي نفذها طيرانها الشهر الماضي في المدينة، وتسبب في مقتل وإصابة العشرات من التبو.

وأضاف أنه: "حين لمست أبو ظبي موقفا صلبا من أعيان المدينة، حاولت النأي بهم عما يجري في طرابلس، وطالبتهم بعدم دعم حكومة الوفاق، وعدم إعلان أن مرزق داعمة للوفاق، واقترحت دعم دخول قوات مشتركة تحت ذريعة تأمين المدينة، إلا أن هذا المقترح قوبل بالرفض أيضا من أعيان المدينة".

وعن المجزرة التي ارتكبتها الإمارات قال: "المجازر التي وقعت في المدينة مؤخرا تتحمل مسؤوليتها الإمارات وقوات حفتر، وهم من تورطوا في قتل نحو 43 مدنيا في الرابع من آب/ أغسطس الماضي بعد قصف نفذته طائرات إماراتية على أهداف مدنية في مرزق".

وأضاف: "هذا الهجوم الدامي سبقه هجوم بري لقوات محسوبة على حفتر في شباط/ فبراير الماضي ارتكبت خلاله جرائم بحق السكان من قتل وإخفاء قسري بحق المدنيين، فضلا عن القيام بعمليات تخريب وتدمير للممتلكات، حيث أحرقت قوات حفتر نحو 90 منزلا، وسرقت أكثر من 120 مركبة آلية تعود للمواطنين في مرزق، وذلك في مسعى واضح لتنفيذ جريمة تطهير عرقي بدعم مباشر من الامارات، ضد قبائل التبو الليبية".

وعن موقف سكان المدينة من هجم حفتر على طرابلس قال: "التبو لديهم قناعة أن حفتر متورط في انتشار الجريمة في المدينة، ودعم الجماعات المتطرفة، ونشر الفوضى في البلاد، ولذلك فإن الأغلبية تعتبر أن هجوم حفتر على طرابلس هو تمرد من مجرم حرب علي السلطة، ومحاولة سيطرة بالقوة وفرض واقع ونظام عسكري، ذلك أن المدينة تدرك جيداً خطورة ما ينفذه حفتر على وحدة ليبيا"، داعيا الليبيين إلى أن يقفوا في وجه حفتر كونه " مجرم ، ولا يمكنه أن يساهم في الاستقرار، وتسبب بالكثير من الأذى لليبيين".

ومتحدثا عن الأهمية الاستراتيجية لمرزق وسر اهتمام حفتر وأبو ظبي بها قال: "مرزق تعتبر أحد أهم مدن الجنوب الليبي، ودخلت المدينة في أتون تنازع نفوذ بفعل التدخل الدولي المباشر في شئون المدينة من قبل الإمارات، وفرنسا، وغيرهما، إذ أن الأخيرة  لا تخفى اهتمامها بالجنوب الليبي، باعتباره امتدادا لماضيها الاستعماري في أفريقيا، وتعتبرها أداة لزيادة نفوذها، فيما الإمارات تحاول بسط نفوذها أيضا، منطلقة من عدائها لثورات الربيع العربي، التي ترى فيها خطرا على استمرارية نظامها، مستخدمة لهذا الغرض حفتر اللاهث وراء السلطة كأداة لتحقيق أهدافها".

وتابع: "مرزق تعتبر مطمعا لهؤلاء كونها تقع على أكبر مخزون للنفط والغاز في البلاد، وتعتبر مركز مؤسسات إدارية ومالية لعدد من مدن الجنوب، كوادي عتبه، والقطرون، وتراغن، وجيزاو، وأم الأرانب".

"وتتكون التركيبة السكانية لمرزق من مجموعات عرقية متنوعة، أبرزها التبو علاوة على مجموعات إثنية أخرى، تعيش جميعها في تفاهم وسلام دون نزاع أو مشاكل". بحسب التباوي، الذي قال إن المدينة تتبع إداريا للحكومة المركزية في طرابلس، وتدين لها بالولاء، مشيرا إلى أن مرزق تخضع حاليا لسيطرة مجموعات مسلحة صغير من التبو، مناوئة لحفتر، فيما تعاني الجهات والمؤسسات الأمنية الرسمية كمديرية الأمن انقساما بين الشرق والغرب، حالها حال باقي مدن الجنوب.

والأسبوع الماضي رفضت قبائل التبو الليبية ما قالت إنه مقترح إماراتي لتسوية ما ارتكبته أبو ظبي واللواء المتقاعد خليفة حفتر في حقهم من جرائم، بعيدا عن الطرق القانونية، وفي الخفاء. في حين قال رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج إن المعتدي لم يعد شريكا في الحل السياسي، في إشارة إلى حفتر.

وقال سلطان التبو أحمد الأول -في بيان- إن دولة الإمارات هددت وفدا من التبو في لقاء على أراضيها، باستمرار استهداف مناطق التبو في حال رفضهم مقترح التسوية.

وأضاف البيان أن دولة الإمارات متورطة في الجرائم المرتكبة ضد التبو في ليبيا، بوصفها صاحبة مقترح التسوية مع حفتر، وأكد استمرار ملاحقة أبو ظبي قضائيا وأخلاقيا.

ويشكل التبو جزءا مهما من مكونات المجتمع الليبي، وتوجد مضاربهم في جنوب البلاد، وتمتد عبر الحدود إلى تشاد المجاورة، وخاضوا معارك ضد قوات حفتر خلال سيطرتها على معاقلهم في الجنوب الليبي أواخر السنة الماضية.

 

الكاتب