مسلسل "ممالك النار" من انتاج اماراتي سعودي لمهاجمة العثمانيين بتكلفة 40 مليون دولار

مسلسل "ممالك النار" من انتاج اماراتي سعودي لمهاجمة العثمانيين بتكلفة 40 مليون دولار

حتى قبل عرضه يثير مسلسل “ممالك النار” المنتج إماراتيا والمدعوم سعوديا جدلا كبيرا واتهامات بالسعي لتقليد المسلسلات التاريخية التركية وبشكل خاص المسلسل الشهير “أرطغرل”، في محاولة للنيل من تركيا وتشويه تاريخ الدولة العثمانية، وذلك في مواصلة للحملة السعودية ـ الإماراتية لمناكفة تركيا و بشكل خاص رئيسها رجب طيب أردوغان بسبب وقوف إلى جانب قطر في مواجهة الحصار، الذي قادته السعودية والإمارات على الدوحة، فضلا عن موقفها الذي وصف بالمبدئي والأخلاقي، في جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بأنقرة.

 مسلسل “ممالك النار”، الذي ستُعرض الحلقة الأولى منه على قناة “أم بي سي” السعودية، في 17 نوفمبر الحالي، من إنتاج شركة “جينوميديا” الإماراتية، ويتناول آخر أيام دولة المماليك، وسقوطها على يد العثمانيين في بدايات القرن السادس عشر.

وقد طرحت شبكة قنوات “أم بي سي” البرومو الترويجي للمسلسل، الذي سيكون الأضخم إنتاجا في المنطقة العربية والشرق الأوسط، إذ بلغت ميزانيته 40 مليون دولار وتم تصوير أحداثه بالكامل في تونس.

وهومن تأليف محمد سليمان عبد الملك وإخراج البريطاني بيتر ويبر، وبمشاركة نخبة من الممثلين العرب مثل المصري خالد النبوي الذي يجسد دور “طومان باي”، ورشيد عساف في دور “قنصوة الغوري”، ومنى واصف، وكندة حنا، وعبدالمنعم عمايري، ورنا شميس، وعاكف نجم.واستعان المخرج بفريق عالمي في صناعة الديكور والملابس.

ويركز المسلسل على ولاية السلطان العثماني “سليم الأول” الذي حكم الدولة العثمانية من عام من 1512 حتى عام 1520، وحروبه المتلاحقة مع الدولة الصفوية ثم دولة المماليك، وما تلا ذلك من توسع الدولة العثمانية وصولا إلى أوروبا.

وقد تحول عنوان المسلسل إلى وسم “#ممالك_النار”، عبر فيه كثيرون عن اعتقادهم أن أجندة المسلسل الإماراتية ـ السعودية واضحة فيه. وقد وأثار تعليق لياسر حارب مدير الشركة الإماراتية المنتِجة، على حسابه على “تويتر” جدلا وتعليقات ساخرة، حيث كتب: “فخور بالإعلان عن مسلسل “ممالك النار” الذي نأمل في جينوميديا أن نبدأ به مرحلة جديدة في الدراما العربية. وفخور أيضا أن يبدأ عرضه على شبكة إم بي سي. السلطان المملوكي طومان باي في القاهرة، في مواجهة المحتل العثماني سليم”.

وفي رده عليه قال الشيخ فيصل بن جاسم آل ثاني: “الأخ يقول (المحتل العثماني)! الجهل مصيبة، خصوصاً إذا رافقه حقد يا عزيز طومان باي، والمماليك أتراك، كما أن العثمانيين أيضاً أتراك، يعني صراع بين الأتراك بعضهم ببعض، فإن اعتبرت الحكم العثماني احتلالاً فيلزمك أن الحكم المملوكي احتلال، يقول الشاعر: لكل داء دواء يُستطب به إلا الحماقة أَعْيَتْ من يُداويها”.

ويأتي هذا المسلسل، الذي يحظى بترويج واضح في سياق الحملة الإعلامية السعودية والإماراتية، وحتى المصرية المستمرة منذ سنوات ضد تركيا وضد رئيسها رجب طيب أردوغان بشكل خاص.

وإلى جانب التهجمات المرتبطة بالتطورات السياسية والأمنية مثلما حدث في المحاولة الانقلابية الفاشلة التي استهدفت أردوغان في 2016، أو مؤخرا مع عملية “نبع السلام” التركية في شمال سوريا، فإن التهجمات أخذت مؤخرا أبعادا تاريخية، واتهامات للسعودية والإمارات بمحاولة النبش في التاريخ للنيل من الدولة العثمانية، وتصويرها أنها ليست دولة خلافة إنما احتلال، وأنها عنصرية معادية للعرب.

وذهبت قناة “روتانا” السعودية مثلا لمحاولة ترويج أنه لم يسبق أن زار سلطان عثماني بيت الله الحرام للحج أو العمرة، وذهبت حتى لمهاجمة مسلسل “قيامة أرطغرل”، الذي حقق نجاحا عربيا وحتى عالميا، وزعمت أن أرطغرل بن سليمان شاه (والد عثمان مؤسس الدولة العثمانية) ليس بطلاً تاريخياً، إنما مقاتل مأجور.

واللافت أن الأمر لم يتوقف عند وسائل الإعلام فقط، بل انخرط فيه مسؤولون، مثلما حدث مع وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، الذي اتهم القائدَ العثماني فخر الدين باشا بسرقة أموال المدينة المنورة.

وقد أثارت جدلاً واسعاً وتوتراً بين البلدين، وانبرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للرد بعنف على الوزير الإماراتي قائلاً: “أيها البائس، يا من تفتري علينا، أين كان جدّك عندما كان فخر الدين باشا يحمي المدينة المنورة؟”.

وفي الصيف الماضي احتفل مغردون سعوديون يتقدمهم أمير من الأسرة المالكة بما وصفوه “انتهاكات” الدولة العثمانية في السعودية، ونشروا على موقع “تويتر” صورا لما قالوا إنها مناهج دراسية معدلة تكشف ذلك.

وعبر عدد من المغردين السعوديين عن سعادتهم بـ”فضح” الدولة العثمانية، التي اكتشفوا أنها لم تكن دولة خلافة إسلامية، إنما دولة محتلة غازية، و اعتبر بعضهم أن المناهج الجديدة هدمت ما بناه الإخوان والصحوة من طمس للحضارة السعودية.

وتقدم الأمير سطام بن خالد آل سعود المحتفين بهذا “الكشف”، حيث كتب على صفحته على تويتر: “المناهج الجديدة تضع الأمور في نصابها الصحيح بالحديث عن تاريخنا وكشف الوجه الحقيقي للدولة العثمانية المغولية التي كانت توصف بأنها خلافة مع أنها حاربت أجدادنا والدعوة فهذا الأمر يفرح كل مواطن ونشكر وزارة التعليم والدكتور حمد آل الشيخ وزير التعليم على هذا العمل”.

وزعم رئيس تحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية السابق، سلمان الدوسري في تغريدة على حسابه أن: “الأمر ليس له علاقة بالسياسة فلا أحد يختلف على انتهاكات وجرائم العثمانيين في الجزيرة العربية.. كل القصة أن المناهج الجديدة وثقت ما كان غائبا عن أجيال وأجيال آن الأوان أن يوثق الاحتلال العثماني بكل تفاصيله”.

وكان تقرير نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، كشف عن وثيقة مسربة من مركز إماراتي حول خطة لإسقاط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وإشغاله في أزمات داخلية لتقييد نفوذه الإقليمي.

وقال محرر الموقع الصحافي ديفيد هيرست إن المملكة العربية السعودية بدأت في تنفيذ “خطة استراتيجية” لمواجهة الحكومة التركية، بعد قرار من ولي العهد محمد بن سلمان الذي اعتبر أنه كان “صبورا للغاية” إزاء أردوغان في أعقاب فضيحة مقتل الصحافي جمال خاشقجي.

الكاتب