الغارديان: مدينة "مصدر" من الحلم الكبير إلى مدينة أشباح

الغارديان: مدينة "مصدر" من الحلم الكبير إلى مدينة أشباح

نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريراً حول مدينة "مصدر" للبيئة والطاقة في أبوظبي، أكدت من خلاله فشل المدينة في تحقيق أهدافها نتيجة اختلاف معايير الاستدامة والطاقة في الإمارات عن نظيرتها الدولية، مشيرة إلى إمكانية تحولها إلى مدينة أشباح.

وتقول الصحيفة في تقريرها، أن مدينة "مصدر" التي خرجت إلى النور قبل عقد من الزمن، كانت تهدف إلى إحداث ثورة في التفكير حول المدن والبيئة، لكن هذا المشروع الذي كان يعتبر الأول في العالم والأول للإمارات بعيداً عن الاقتصاد النفطي، بات من الممكن أن يتحول إلى أول مدينة أشباح خضراء في العالم.

وتضيف الصحيفة، أنه الآن ومع وصول الموعد الرسمي لاكتمال المشروع، يبدو أن المسؤولين قد تخلوا عن الهدف الرئيسي ببناء أول مدينة صناعية خالية من الكربون في العالم، وقد اعترف المسؤولون بأن الوصول لنقطة الصفر من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري تبدو صعبة، وأن هذا الهدف لن يتحقق.

ويقول كريس وان مدير التصميم في المدينة أنهم لن يقوموا بمحاولات جديدة في المدينة فقط لأجل تبرير ما تم تحديده من أهداف سابقاً، اليوم لم نصل إلى هدفنا الصفري، هي ليست صافية، فقط حوالي 50%.

وتقول الغارديان في تقريرها أن المدينة بدأت في 2006 كنموذج لبيئة حضرية وخضراء مختلطة، وكمركز عالمي للصناعة النظيفة بتعداد 50 ألف مقيم و 40 الف آخرين متنقلين، وتم تصميم العديد من السيارات الكهربائية للتنقل داخلها مع العديد من التقنيات الأخرى، من أجل الوصول إلى أهدافها.

وتشير الصحيفة إلى أن شركة مبادلة التابعة لصندوق أبوظبي للاستثمار قد رصدت دعماً مادياً بحوالي 22 مليار دولار لهذه التجربة، ولكن وبعد 10 سنوات الآن، يبدو أن جزءً صغيراً يعادل أقل من 5% من المشروع قد تم إنجازه، حيث يشير كريس وان إلى أن موعد الانتهاء من المشروع قد تم ترحيله إلى عام 2030.

وتؤكد الغارديان أن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "إيرينا" قد اختارت أبوظبي مقراً رئيسياً لها، بعد أن وعد القائمون على "مصدر" بتقديم نموذج حقيقي للطاقة المستدامة، لكن كل ذلك لم يتحقق.

ويشير التقرير إلى أن المعايير التي اتبعتها الإمارات لا تتلائم مع المعايير العالمية، حيث تستخدم الإمارات أنظمة تقييم لا تناسب المعايير الدولية للمباني الخضراء عالمياً.

ويؤكد التقرير إلى أن العديد من المواصفات الفنية والتقنية التي كان من المفترض أن يتم تنفيذها وتطبيقها في المدينة، لا يبدو أن لها وجوداً بعد 10 سنوات من بدء المشروع، ولا توجد بوادر حقيقية لتنفيذ هذه الوعود في المستقبل القريب، حيث يشير كريس وان إلى أن الهدف الذي تم وضعه بأن تكون المدينة صفرية في انبعاثات الغاز الحرارية لا تبدو منطقية الآن بعد التنفيذ.

وتشير الغارديان إلى أن حكام الإمارات يفكرون في أن مخزونهم النفطي من المتوقع أن ينفذ خلال 50 عاماً، مما يجعلهم يتجهون للاستثمار في السياحة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة، ووفقاً لما ذكره محمد بن راشد رئيس الوزراء، فإن حوالي 70% من الدخل القومي يأتي من قطاعات غير نفطية.

وينقل التقرير ما قاله بن راشد في إحدى تغريداته بأنهم الآن بصدد بناء اقتصاد مستدام للأجيال القادمة، لكن ذلك لا يبدو قابلاً للتحقيق قريباً بالنظر إلى ما تصرفه الدولة على مشاريع هنا وهناك، ومن بينها مدينة "مصدر"، والتي تبنى على أساسها العديد من الأحلام والآمال، وفي النهاية تكون النتيجة مخيبة للآمال، ويمكن اعتبار هذه الاستثمارات استثمارات فاشلة وغير مجدية.

الكاتب