صحيفة آسيا تايمز .. الخلاف الخليجي في طريقه للحل

صحيفة آسيا تايمز .. الخلاف الخليجي في طريقه للحل

نشرت صحيفة آسيا تايمز" تقريرا للصحافية أليسون تاهميزان ميوز، تقول فيه إن ذوبان الجليد في العلاقات قد يؤدي إلى رفع دائم للحصار البري والجوي على قطر، والخطوط الجوية القطرية المربحة، مشيرة إلى عدة مؤشرات تؤكد اقتراب معالجة هذه الأزمة.

ويشير التقرير  إلى أن كلا من السعودية ومصر والإمارات والبحرين قامت قبل عامين ونصف بمقاطعة قطر، لافتا إلى أن الأربع دول ستذهب إلى الدوحة لحضور ألعاب بطولة كرة القدم في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر، وهو ما قد يغير اللعبة في الخليج

وتجد ميوز أنه "في ظل غياب أي تنازل قطري كبير، أو إشارات تحفظ ماء الوجه، فإنه يبدو أن القلق حول إمكانية تهديد إيران للإنتاج النفطي وشحنه قد أجبر الرياض وحلفاءها إلى جلب الدوحة مجددا إلى الحظيرة". 

وتفيد الصحيفة بأن أهم الأمور التي ستكون تحت المراقبة هو ما إذا ستفتح الحدود البرية بين قطر والسعودية للمباريات، وهي الحدود البرية الوحيدة لقطر مع دول الخليج.

وينقل التقرير عن المحلل لدى منتدى الخليج الدولي في واشنطنَ، سيغارد نيوباور، قوله: "إن تم فتح المعبر لمباراة الكرة فسوف يفتح للزوار العاديين.. وهذا سيشكل تغيرا في اللعبة"، وأضاف أن ذلك بدوره سيؤدي إلى رفع الحصار البري والجوي والبحري على قطر وخطوطها الجوية المربحة.

وتلفت الكاتبة إلى انه في الوقت الذي كانت فيه السعودية والامارات والبحرين حذرة في التقارب مع قطر، فإن مصر كانت مستعدة للذهاب إلى المستوى التالي بسرعة لتأمين توفير إمدادات الطاقة لسكانها البالغ عددهم 90 مليون نسمة.

وتذكر الصحيفة أن شركة قطر للبترول، التي تملكها الحكومة، أعلنت الأسبوع الماضي عن نيتها الاستثمار بـ4.4 مليار دولار في مصر، و"يبدو أن ذلك الإعلان بدأ يؤتي ثماره".

ويورد التقرير نقلا عن بيان صادر عن الشركة، قوله: "يسر شركة قطر للبترول أن تعلن عن بداية ناجحة في الشركة المصرية للتكرير (ERC) في المشروع في مدينة مسطرد شمال العاصمة المصرية القاهرة"، وأضاف البيان: "تعمل وحدات الشركة المصرية للتكرير الآن كلها بنجاح، ويتوقع أن تقوي الإنتاج قبل نهاية الربع الأول من 2020، وهو ما سيقلل اعتماد مصر على المنتجات النفطية المستوردة".

وتنوه ميوز إلى أن قطر كانت تقوم بإمداد جارتها الإمارات بالغاز بهدوء خلال الحصار، لكن الاستثمار الكبير في مصر، الذي هو الأكبر في العالم العربي وأفريقيا، يعني أن الدوحة تذهب خطوة أخرى في إبراز أهميتها الاستراتيجية.

وتقول الصحيفة إنه لكون السعودية، الراعي الأساسي لمصر، مشغولة بتهدئة توترات الخليج، فإن صفقات من هذا النوع في الغالب ما تعطى الضوء الأخضر إن كانت هناك حاجة لمثل هذا الضوء.

وينقل التقرير عن المحلل نيوباور، قوله: "مصر هي الدولة العربية ذات السكان الأكثر عددا في العالم العربي، وحتى لو كان السيسي متحالفا مع السعودية، فإن مصر لم تقم بطرد المواطنين القطريين خلال الحصار، بالإضافة إلى أن قطر سمحت للمصريين بالبقاء في عملهم وإرسال النقود إلى أهاليهم في مصر".

وتشير الكاتبة إلى أن الدوحة أظهرت استعدادا للنأي بنفسها عن حليفها الرئيسي خلال الحصار تركيا، لافتة إلى قول نيوباور: "إن القرار القطري الاستثمار في مصر قرار استراتيجي وأغضب أردوغان، وهذا مؤشر آخر على أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح".

وتبين الصحيفة أنه بالنسبة لمصر، فإن الشكوى الرئيسية ضد قطر كانت تتعلق بعلاقاتها مع الإخوان المسلمين، ودعمها للثورة ضد الحكومة عام 2011، مشيرة إلى أنه بالنسبة للسعودية فإن قضيتها الرئيسية هي علاقات قطر مع عدوها اللدود إيران.

ويستدرك التقرير بأنه مع حملة الضغط الأقصى التي مارستها أمريكا ضد طهران، التي فهمت الآن على أنها ستكون على مستوى العقوبات فقط، وإظهار إيران استعدادها لتوجيه ضربات للأنظمة الملكية العربية في مصالحها الحساسة، في قطاع النفط، فإنه قد ينظر بشكل متزايد إلى قطر على أنها وسيط محتمل لجاراتها الخليجية المعرضة للهجمات، بدلا من النظر إليها على أنها مفسدة.

وتلفت ميوز إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمانـ الذي بدأ قبل عدة سنوات بمواجهة الخصوم كلهم، من الحوثيين في اليمن إلى إيران، قام بتغيير موقفه منذ الصيف، فالأضرار التي أصابت منشآت شركة "أرامكو" السعودية فتحت عينيه على مخاطر التصعيد مع طهران، وبالتالي، أهمية الوحدة الخليجية والتعددية، مشيرة إلى أنه بالنسبة للإمارات فإن الهجمات على ناقلات النفط قبالة سواحلها خلال الصيف كان لها أثر مشابه.

وتنوه الصحيفة إلى أن الهجمات السريعة على منشآت "أرامكو" أدت إلى إيقاف نصف إنتاج السعودية من النفط خلال ساعات، التي لم تحدث أضرارا مادية فحسب، بل أضرت أيضا بالمستثمرين الدوليين، الذين اضطروا لإعادة النظر في المخاطر الأمنية الجديدة وسط مراجعة لتقييم اكتتاب أسهم "أرامكو"، مشيرة إلى أنه بسبب عدم رد أمريكا عسكريا على هجمات "أرامكو"، فإنه ظهر للسعوديين كيف سيتحملون النصيب الأكبر من رد فعل الجارة إيران على الضغوط المتزايدة عليها.

 

وينقل التقرير عن الزميل في كلية س. راجارانتام الدولية للدراسات في سنغافورة، جيمس دورسي، قوله: "إن تلك الهجمات في أيلول/ سبتمبر، والشكوك حول إمكانية الاعتماد على أمريكا.. أقنعتا الإمارات والسعوديين بأنهم بحاجة لبدء تخفيف التوتر.. وذلك يتعلق بقطر وإيران أيضا".

وتقول الكاتبة إنه في حالة قطر ستحاول دول الخليج أن تصل إلى اتفاق يسمح للأطراف بحفظ ماء الوجه، مستدركة بأن الدوحة، التي قامت خلال فترة الحصار بإنشاء مزارع الألبان وزادت تجارتها مع إيران، ليس من المتوقع أن تعود مرة أخرى للاعتماد على الأغذية المستوردة برا عبر حدودها مع السعودية.

وتختم "آسيا تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول دورسي: "أي تنازل تجده، لن يكون عودة للوضع القائم (سابقا)، حيث سيأخذ الأمر وقتا لتلتئم الجراح"، وأضاف أن القطريين لن يقوموا فجأة بوضع بيضهم كله في سلة واحدة.

الكاتب