لبنانيون مبعدون من الإمارات يحكون حكاياتهم المؤلمة !

لبنانيون مبعدون من الإمارات يحكون حكاياتهم المؤلمة !

روى عدد من اللبنانيين المرحلين مؤخراً من دولة الإمارات حكاياتهم المؤلمة، شارحين حجم المعاناة والألم الذي عاشوه في تجربتهم، وفقاً لما نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية.

يصف ش. ي.، احد المبعدين من الامارات أخيراً، بكثير من الغصّة،  يقول بمرارة، «كأننا داعش او اسرائيلية» فهو أمضى شبابه في «بلده الثاني»، أحبّ هناك وتزوج وأنجب، واشترى «بالتقسيط»، ككل الوافدين، شقة، وبنى عملاً وصداقات. لا يفهم الكهل كيف يمكن ان يُطلب منه ان يرحل خلال 24 ساعة من الامارات كأنه عبد لا حقوق له، والأنكى «لأسباب أمنية» لم يتكلّف احد عناء شرحها له. هو الذي حرص على الابتعاد عن السياسة حتى من باب إبداء الرأي بما يحصل في بلده الأول وليس الثاني.

وتقول ضحى شمس كاتبة التقرير: ومن دون أي معرفة بالقوانين، يحق للمرء المتمتع بحدٍّ أدنى من الحس السليم والعدالة، أن يتصور أن هناك انتهاكاً فاضحاً وموصوفاً لحقوق الإنسان في قضية ترحيل اللبنانيين من الخليج، من دون إبداء أسباب أو إتاحة الفرصة امامهم للدفاع عن انفسهم. لكن، وبعد التسليم بأن ما جرى قد جرى، ألا يستحق هؤلاء تعويضاً عن هذا الإبعاد التعسفي كونهم لم يرتكبوا أي خطأ؟ وكيف سيقومون بواجباتهم تجاه المصارف التي اقترضوا منها إن كانوا قد أُبعدوا بالطريقة التي رُحّلوا بها؟ ثم إن هم سدّدوا ثمن الشقة التي تركوها في الخليج، او السيارة او غيرها، هل تعتبر عندها هذه من ممتلكاتهم؟ وان كانت كذلك كيف سيصلون اليها ويستفيدون منها وهم المبعدون «الى الأبد» من بلدان اغترابهم؟

يروي ج. ع. أ.، في ما يأتي، قصة ترحيله العبثية من دولة الإمارات:
«سافرت الى الخليج قبل 20 عاماً. بعد ان تنقلت بين السعودية وقطر استقررت في الامارات منذ 10 سنوات. قررت وقتها أنه آن الأوان لأبدأ عملي الخاص. تشاركت مع احد المواطنين (الاماراتيين) وكبرت الشركة، ولانني احلم بالعودة يوماً والاستقرار في بلدي قررت شراء قطعة ارض وبناء منزل فيها، فاقترضت من الامارات لشراء الارض واقترضت في لبنان للبناء. وحيث ان راتبي كان 10 آلاف دولار، ولي حصة من الشركة بقيمة ٢ في المئة‏ (تعادل قيمتها الشهرية أربعة آلاف دولار) لم أبالِ بأن قيمة القسط في لبنان ستكون 2000 دولار لمده 15 سنة وفي الامارات 1500 دولار لمدة 5 سنوات. هكذا، بدأت بالبناء ومرت سنتان وانا ادفع الاقساط بانتظام الى ان جاء موعد تجديد الاقامة. اتصل بي شخص وقال: معك شرطة ابو ظبي، الأمن، جيب جواز سفرك وتعال. ذهبت الى المقر، وهناك اخذ مني الجواز واخرج كدسة كبيرة من الاوراق، كل واحدة باسم شخص، فتش بينها عن اسمي، اخرجه وقال: جاءت الأوامر بعدم تجديد اقامتك. وعليك المغادرة خلال 24 ساعة! ثم لوح ببقية الرزمة قائلاً بتهكم: كل هذول رح يلحقوك! كنت مذهولاً. ختم جواز السفر ثم اخذني لالتقاط بصمة للعين وبلغني بأنني لن استطيع دخول دولة الامارات للابد! لكن، ما هو السبب؟ ماذا فعلت؟ اجابني: رسمياً لا نقول، مكتوب هنا لاسباب تتعلق بالامن القومي! يا الهي امن قومي؟ أأضحك أم ابكي؟

وضعوني في السجن الى ان يأتي شخص ليكفلني برهن جواز سفره لضمان مغادرتي خلال 24 ساعة!
«24 ساعة؟! هل تكفي لاحضار افادات المدرسة لاولادي وتصديقها من وزارة التربية هناك ثم من وزارة الخارجية ومن السفارة اللبنانية؟
24 ساعة! هل تكفي لتشحن عفش بيتك وتضب ثيابك؟ هل تكفي للذهاب الى البنك لتنهي معاملات اخر قسطين تبقيا من السيارة؟ ومن ثم تذهب الى المرور لانجاز معاملات شحنها؟

24 ساعة! هل تكفي لتودع احبابك ورفاقك وزملاءك في العمل؟ ولتتجول مرة اخيرة في هذه المدينة التي عشت فيها احلى سنين حياتك واحببتها كأنها بلدك؟

24 ساعة! هل تكفي لتصفية شركتك وأخذ مستحقاتك المالية؟ آه صحيح. مستحقاتي المالية. كان صاحب العمل في اجازة في لندن، وفرق التوقيت لا يساعد. وبعد ان ايقظته، اخبرته بما حصل، فقال: ما اقدر اعطيك فلوس نهاية الخدمة، لانه يجب ان اسدد قروضك للبنك!

لكني املك 2 في المئة‏ من اسهم هذه الشركة، وقيمتها الآن فوق 200 مليون درهم! اكتفى بالجواب: سأتصل بك لاحقاً. وبالطبع، لم يتصل!

هكذا رجعت الى لبنان بعد 20 سنة إيد من ورا وإيد من قدام. ولكي تكمل المصيبة، تلقيت اتصالاً من شركة تحصيل اموال يفيد بأن المصرف رفع دعوى ضدي لعدم تسديدي الأقساط! قلت له: لكن كفيلي الخليجي قال انه سيسددها لقاء عدم دفع تعويضي! فأجابني: لم يسدد شيئاً، وفي حال لم تسدد انت سيُحجز على املاكك. راجعت وزير الخارجية فقال لي حرفياً: لقد اتصلت بوزير خارجية الامارات وطلبت منه أن يعطينا سبباً لترحيل اللبنانيين فقال لي: أمن قومي».

الكاتب