أمن الدولة في دبي يكرس سيطرته على القضاء بتعيين طلال بالهول مشرفاً على المحاكم

أمن الدولة في دبي يكرس سيطرته على القضاء بتعيين طلال بالهول مشرفاً على المحاكم

استهجن ناشطون قرار تكليف اللواء طلال بالهول مدير عام جهاز أمن الدولة في دبي، للإشراف على محاكم الإمارة الكثير من اللغط و بنا يكرس تدخل جهاز أمن دبي في استقلالية القضاء وحياديته.

ولم يكتف جهاز أمن الدولة في دولة الإمارات بالسيطرة على كافة مفاصل الحياة ليشمل نفوذه مؤخرا القضاء والمحاكم في سابقة تعكس تكريس الحكم بالقمع الأمني.

وأصدرت حكومة دبي ما أسمته “وثيقة 4 يناير”، التي تتزامن مع تولي محمد بن راشد الحكم في الإمارة، متضمنة تشكيل كيان سياسي جديد باسم “مجلس دبي”، وربط القضاء بجهاز أمن الدولة.

وأكد ناشطون ربط المحاكم والقضاء في إمارة دبي بشخص اللواء طلال بالهول وهو مدير جهاز أمن الدولة في دبي، لما لهذا التعيين من تداخل يمس بصورة جوهرية باستقلال القضاء ونزاهة المحاكم ويضعها تحت تصرف جهاز الأمن، ويجعل النيابة تأتمر بأمر الجهاز أيضا.

ونصت “وثيقة 4 يناير” على تعيين اللواء طلال بالهول بالإضافة إلى مهامه الحالية مفوضاً عاماً على مسار الأمن والعدل وتتبعه محاكم دبي والدفاع المدني ومؤسسة دبي لخدمات الإسعاف.

وكان الناشط الإماراتي حمد الشامسي كشف مؤخرا فساد النيابة العامة الاتحادية في أبوظبي نظرا لتدخل جهاز الأمن في أعمال النيابة في قضية القاضي السابق أحمد بوعتابة الزعابي والذي يقضي حاليا حكما بالسجن مدته 10 أعوام نتيجة تدخل جهاز الأمن في الأدلة التي قدمتها النيابة، وهو ما يخشى ناشطون أن يتكرر في دبي أيضا.

وتحدث ناشطون عن عدد من القضايا التي ورط فيها جهاز الأمن دولة الإمارات ودبي تحديدا، ما أضر بسمعة الإمارات واستقلال القضاء أمام دول العالم، وترؤس طلال بالهول للقضاء يعني مزيدا من هذه الوقائع بحسب ناشطين.

ويعد جهاز أمن الدولة في الإمارات واحدا من أكثر أجهزة الأمن أصحاب السمعة الملطخة دوليا وهو ما تجمع عليه تقارير أكبر منظمات حقوق الإنسان في العالم.

قبل أيام قالت “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية إن جهاز أمن الدولة في الإمارات استهدف العشرات من أقارب معارضين إماراتيين محتجزين أو معارضين مقيمين في الخارج.

واستعرضت المنظمة سجلا أسودا لجهاز أمن الدولة الإماراتي وممارسات غير قانونية قالت إنها تمثل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

 

وأشارت إلى أن جهاز أمن الدولة يتمتع بصلاحية وضع مكاتب لأمن الدولة في الوزارات الاتحادية للدولة، ومؤسساتها العامة، وشركاتها ومنظماتها شبه الحكومية، وسفارات وقنصليات البلاد. كما يتمتع بسلطة رفض أو وقف أو الموافقة على الوصول إلى الحقوق الرئيسية والخدمات الحكومية. لا يمكن للمواطنين أو المقيمين في دولة الإمارات الطعن في قرار اتُخذ لأسباب أمنية.

ووثّقت المنظمة استهداف أقارب ثمانية معارضين للدولة. من بينهم معارضون انتقلوا إلى الخارج وآخرون محتجزون يقضون حاليا عقوبات طويلة في الإمارات.

سحبت الحكومة في الإمارات جنسية 19 من أقارب لمعارضَين اثنين. وهناك 30 شخصا على الأقل من أقارب ستة معارضين ممنوعون حاليا من السفر و22 من أقارب لثلاثة معارضين غير مسموح لهم تجديد وثائق هويتهم. واجه أقارب جميع المعارضين الثمانية قيودا على الحصول على الوظائف ومتابعة التعليم العالي بين 2013 و2019.

وقال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش: ” في إطار تصميمها لسحق المعارضة، سمحت السلطات الإماراتية جهاز أمن الدولة باستخدام سلطة لا رقيب عليها تقريبا لمعاقبة عائلات النشطاء، سواء المحتجزين أو المقيمين في الخارج. ينبغي للسلطات وقف هذه الهجمات الانتقامية التي ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي”.

تبدو التدابير المتخذة ضد أقارب المعارضين تعسفية وغير مبررة في كل حالة. لا أساس قانوني واضح لتلك القيود، ولم يتمكن أي من الأقارب المستهدفين من الاطلاع على وثيقة رسمية حكومية أو قضائية تجيز هذه التدابير، ولم يتمكنوا من الاستئناف.

قال معارض يعيش في الخارج: “كلما حاولت الأسرة معرفة سبب حرمان الحكومة لها من الحصول على خدمة أو تعليق طلب مقدم إلى أجل غير مسمى، يُرَدّ عليها، شفهيا فقط، أن العائق هو على مستوى أمن الدولة”.

أضاف أن مسؤولي أمن الدولة يستجوبون بانتظام أقارب جميع المعارضين الثمانية المقيمين في الإمارات ويراقبونهم ويهددونهم. قال إن المسؤولين ضايقوا أقارب تلك العائلات وأصدقاءها ومعارفها لمجرد بقائهم على تواصل معها.

قال قريب يعيش في الخارج لمعارض مُحتجَز: “قاطعنا أقاربنا وأصدقاءنا لأن أي شخص يتردد على منزلنا سيُستدعى وستُطرح عليه أسئلة تفصيلية عنا وعن حياتنا”. قال آخر: “لقد أصبحنا منبوذين من المجتمع”.

 

حدد القانون الاتحادي رقم 2 لعام 2003، والذي عُدِّل في وقت لاحق بموجب مرسوم اتحادي في 2011، مهام جهاز أمن الدولة وأهدافه وصلاحياته.

والقانون أو التعديل غير موجودين في الجريدة الرسمية لدولة الإمارات أو في أي مكان آخر على الإنترنت رغم ادعاء الإمارات بالعكس في تعليقها على تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني باستقلال القضاة والمحامين في مايو/أيار 2015 حول الإمارات.

وتمكّنت هيومن رايتس ووتش من الحصول على نسخة غير منشورة من قانون 2003، ولم تحصل على مرسوم التعديل لعام 2011.

بموجب قانون 2003، يرفع جهاز أمن الدولة في الإمارات تقاريره مباشرة إلى رئيس البلاد، ويجوز له اتخاذ أي إجراء داخل الدولة أو خارجها لحماية أمن الدولة في حدود القانون والتشريعات الأخرى.

يسمح القانون للجهاز بتقويض أي نشاط سياسي أو منظَّم من قبل فرد أو جمعية، والذي من شأنه تهديد سلامة الدولة، أو أمنها، أو نظام الحكم فيها، أو وحدتها الوطنية، أو الإضرار بالاقتصاد أو إضعاف الدولة وإثارة العداء ضدها أو تقويض الثقة فيها. يجوز لمسؤولي أمن الدولة استخدام القوة بالقدر اللازم لأداء واجباتهم.

قال ناشط مقيم في الخارج إنه “منذ الألفية الجديدة، سيطر أمن الدولة تدريجيا على كل شيء في البلاد. كل شيء تحت سيطرته، من الحصول على تراخيص تجارية إلى تجديد وثائق الهوية”. كما يلزم الحصول على تصاريح أمنية لنيل المنح الجامعية والوظائف واستضافة الفعاليات.

منذ 2011، عندما بدأت سلطات الإمارات اعتداء متواصلا على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وثّقت هيومن رايتس ووتش بانتظام مزاعم خطيرة حول ارتكاب عناصر أمن الدولة انتهاكات ضد المعارضين والنشطاء الذين تحدثوا عن قضايا حقوقية. أكثر الانتهاكات فظاعة هي الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والتعذيب.

اعتقلت الإمارات مئات المحامين والقضاة والمدرسين والنشطاء وحاكمتهم، وأُغلقت جمعيات المجتمع المدني الرئيسية ومكاتب المنظمات الأجنبية، مما سحق فعليا أي مجال للمعارضة.

في 2016، عُيِّن خالد بن محمد بن زايد، أبن ولي العهد محمد بن زايد آل نهيان، رئيسا لجهاز أمن الدولة، وفي 2016 نائبا لمستشار الأمن الوطني.

قالت هيومن رايتس ووتش إن جهاز أمن الدولة استخدم سلطاته الواسعة لإخضاع عائلات المعارضين للمضايقة التعسفية والعشوائية، منتهكا حقوقهم الأساسية في المواطنة، والعمل، والتعليم، وحرية التنقل والخصوصية.

 

قال بَيْج: “شرطة الإمارات لا تكتفي بمعاقبة المعارضين السلميين، بل تضايق وتسيء حتى لأولئك الذين يتواصلون معهم، مع عدم تسامح للانتقاد يصل إلى درجة مخزية. من الصادم استمرار العديد من البلدان والشخصيات المؤثرة ربط نفسها بحكومة تعاقب المواطنين الأبرياء جماعيا”.

قابلت هيومن رايتس ووتش أقارب المعارضين المنفيين والمعارضين الذين حُكم عليهم بالسجن لفترات طويلة في الإمارات بعد محاكمات جائرة. في كل حالة منها، أخضعت قوات أمن الدولة قريبا لهم أو أكثر لعقوبات تعسفية وخارج نطاق القضاء، فضلا عن تهديدات ومضايقات في انتقام واضح بسبب أنشطة أقاربهم.

وتتهم الإمارات بغياب المحاكمات العادلة   وعدم احترام المعايير الدولية ذات الصلة والتضييق على اتصال المتهمين بالمحامين واستناد الإدانة على اعترافات انتزعت تحت وطأة التعذيب وعدم استقلال القضاء بدولة الإمارات وهو ما وثقته المقررة الأممية الخاصة باستقلال القضاء والمحاماة السيدة غابريلا نول في زيارة لها لدولة الإمارات سنة 20144 وأكّدت غياب الفصل بين السلطة التنفيذية والقضائية وعاينت ترأس وزير العدل للمجلس الأعلى للقضاء الاتحادي في مخالفة صريحة للمبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية التي اعتمدت بموجب قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 40/32 المؤرخ في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1985 و 40/146  المؤرخ في 13 كانون الأول/ديسمبر 1985 .

وقعت الحوادث التي وثّقتها هيومن رايتس ووتش بين 2013 و2019.  هيومن رايتس ووتش حجبت التفاصيل التي قد تشير إلى هوية الأشخاص لحمايتهم من الانتقام.

الكاتب