العفو الدولية: ترفع دعوى ضد شركة تجسس اسرائيلية قدمت خدماتها للإمارات

العفو الدولية: ترفع دعوى ضد شركة تجسس اسرائيلية قدمت خدماتها للإمارات

قالت منظمة العفو الدولية (أمنستي) إنها قدمت دعوى للمحكمة المركزية في تل أبيب ضد شركة إسرائيلية تنتج برامج تجسس ينتهك مستخدموها حقوق الإنسان، وذلك بالتعاون مع جهات حقوقية في العالم، متهمة الشركة بتصدير هذه البرامج لدول تنتهك حقوق الإنسان من بينها الإمارات والسعودية.

وضمن بيان صادر عنها قالت مولي ملكار، المديرة العامة لمنظمة العفو الدولية في إسرائيل إن وزارة الأمن الإسرائيلية تملك الصلاحيات، والأدوات والواجب المجتمعي لمراقبة التصدير بدوافع أمنية لشركات إسرائيلية.

وشددت على أن تواطؤ الوزارة مع شركة “إن إس أو” يشرعن ملاحقة الناشطين ويعرّض المواطنين في كلّ العالم إلى خطر الملاحقة”.

وكشفت الأبحاث السابقة عن استخدام برنامج بيغاسوس التابع لشركة “إن إس أو” انه تم استهداف ما لا يقل عن 24 من المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والبرلمانيين في المكسيك؛ والناشطين السعوديين: عمر عبد العزيز، ويحيى العسيري، وغانم المصارير، و الناشط أحمد منصور الإمارتي الحائز على جائزة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان.

وحسبما زعم، المعارض السعودي جمال خاشقجي الذي تعرض للقتل، بالإضافة إلى أحد موظفي منظمة العفو الدولية.

وقالت منظمة العفو الدولية قبيل نظر المحكمة القضية الأخيرة إنه يجب على إسرائيل إلغاء منح ترخيص التصدير لمجموعة “إن إس أو” التي تورط شركة التكنولوجيا التي استُخدمت منتجاتها الخاصة ببرامج التجسس في هجمات خبيثة على نشطاء حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

والخميس بدأ القضاة في المحكمة المركزية في تل أبيب الاستماع إلى الحجج حول لماذا ينبغي على وزارة الأمن الإسرائيلية القيام بتقييد أنشطة مجموعة “إن إس أو”.

وقالت “أمنستي” إنه تم استخدام برنامج بيغاسوس التابع للشركة لاستهداف الصحافيين والناشطين في جميع أنحاء العالم- بما في ذلك في المغرب والسعودية والمكسيك والإمارات العربية المتحدة.

وقالت مولي ملكار المديرة العامة لمنظمة العفو الدولية في البلاد إن “مطالب “امنستي” موّجهة إلى وزارة الأمن الإسرائيلية التي تمنح تصريح تصدير لشركة خاصة مثل “إن إس أو” والتي تجني الأرباح الطائلة من بيع برامج تجسس تمّ استخدامها في هجمات على نشطاء حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

شركة “إن إس أو” تتذرع بالأسباب “الأمنية” لتغطية انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي يتم ارتكابها بواسطة برامجها، وخدمة برامجها لأنظمة حكم قمعية حول العالم. منوهة أن وزارة الأمن الإسرائيلية تملك الصلاحيات، الأدوات والواجب المجتمعي لمراقبة التصدير بدوافع أمنية لشركات إسرائيلية وإن تواطؤ الوزارة مع شركة “إن إس أو” يشرعن ملاحقة النشطاء وتعرّض المواطنين في كلّ العالم إلى خطر الملاحقة والمسّ في حقهم في الخصوصية.

وأكّدت ملكار على ضرورة إلغاء وزارة الأمن الإسرائيلية منح شركة “إن إس أو” ترخيص التصدير على الفور كما جاء في الإجراء القضائي.

وقالت دانا إنغلتون، نائبة مدير برنامج التكنولوجيا في منظمة العفو الدولية: “لا تزال مجموعة “إن إس أو” تجني أرباحاً من استخدام برامج التجسس في ارتكاب انتهاكات ضد النشطاء في جميع أنحاء العالم، ولم تحرّك الحكومة الإسرائيلية ساكناً في ما يخص ذلك، بل وشاهدت هذا الأمر يحدث”.

كما قالت إن أفضل طريقة لمنع وصول منتجات برامج التجسس القوية التابعة لمجموعة “إن إس أو” إلى الحكومات القمعية هي إلغاء منح الشركة ترخيص التصدير، وهذا هو بالضبط ما تسعى هذه الدعوى القانونية إلى تحقيقه.

والدعوى القانونية مرفوعة من قرابة 30 من أعضاء ومؤيدي الفرع الإسرائلي لمنظمة العفو الدولية، وآخرين من مجتمع حقوق الإنسان.

وتدعم منظمة العفو الدولية هذا الإجراء كجزء من مشروع مشترك مع معهد برنشتاين لحقوق الإنسان ومركز العدالة العالمية التابعين لكلية الحقوق في جامعة نيويورك.

وقالت سوكتي ديتال، المديرة التنفيذية لمعهد بيرنشتاين لحقوق الإنسان إنه بمنح ترخيص التصدير لمجموعة إن إس أو- وهي الشركة التي باعت منتجاتها البرمجية التجسسية إلى الحكومات المعروفة بانتهاك حقوق الإنسان- تكون وزارة الأمن الإسرائيلية قد تقاعست عن الوفاء بالتزاماتها بموجب قانون حقوق الإنسان إزاء حماية حقوق الخصوصية وحرية التعبير وحرية الرأي”.

يشار إلى أنه في الأسبوع الماضي، طلبت وزارة الأمن من القاضي رفض نظر القضية، أو ما إذا كان سيشرع في نظرها، أن يصدر أمراً بتقييد نشر النتائج لدواع تتعلق بـ”الأمن القومي”.

وقالت دانا إنغلتون بهذا المضمار: “فإنه من أجل المصلحة العامة وحرية الصحافة، إلى حد بعيد، أن تنظر المحكمة هذه القضية في جلسة علنية. ولا ينبغي السماح لوزارة الأمن بالاختباء وراء ستار من السرية عندما يتعلق الأمر بانتهاكات حقوق الإنسان”.

الهجمات الرقمية

 

وتعد جلسة المحكمة أحدث إجراء قانوني يشمل مجموعة “إن إس أو” ففي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلنت شركة  فيسبوك أنها تقاضي مجموعة “إن إس إو” بعد أن استغلت الشركة ثغرة أمنية في تطبيق واتساب لاستهداف ما لا يقل عن 100 مدافع عن حقوق الإنسان.

وقامت منظمة العفو الدولية وغيرها بتوثيق الاستخدام المتكرر لبرامج التجسس بيغاسوس التابعة لمجموعة “إن إس أو” لاستهداف المجتمع المدني، وخنق حرية التعبير.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2019، كشفت منظمة العفو الدولية عن هجمات رقمية مستهدفة باستخدام برنامج بيغاسوس ضد اثنين من المدافعين المغاربة البارزين في مجال حقوق الإنسان- وهما الأكاديمي والناشط المعطي منجب، والمحامي الحقوقي عبد الصادق البوشتاوي.

وفي أغسطس/ آب 2018، تلقى أحد موظفي منظمة العفو الدولية رسالة تحتوي على رابط يزعم أنه يتعلق باحتجاج خارج السفارة السعودية في واشنطن. وقد أُرسلت الرسالة في وقت كانت منظمة العفو الدولية تقوم فيه بحملة لإطلاق سراح الناشطات السعوديات في مجال حقوق الإنسان. فإذا ما تم النقر على هذا الرابط، كان سيقوم سراً بتثبيت برنامج ضار لمجموعة “إن إس أو”، مما يسمح للمرسل بالتحكم شبه الكامل بالهاتف.

وكشفت الأبحاث السابقة أيضًا عن استخدام برنامج بيغاسوس لاستهداف ما لا يقل عن 24 من المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والبرلمانيين في المكسيك؛ والنشطاء السعوديين: عمر عبد العزيز، ويحيى العسيري، وغانم المصارير، وأحمد منصور الإمارتي الحائز على جائزة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان. وحسبما زعم، المعارض السعودي جمال خاشقجي الذي تعرض للقتل.

انتهاك عملية المراقبة

في المقابل تدعي مجموعة “إن إس أو” أنها تساعد الحكومات على مكافحة الإرهاب والجريمة، لكنها أخفقت في دحض الأدلة المتزايدة التي تربط منتجاتها بالهجمات على المدافعين عن حقوق الإنسان.

وتؤكد “أمنستي” أنه رغم أن الشركة تقول إنها تجري مراجعة صارمة قبل بيع منتجاتها، إلا أن هذه الادعاءات تفتقر إلى التفاصيل، وبالنظر إلى عدد الهجمات على المجتمع المدني، يبدو أن هذه المراجعة لم تكن فعالة في حالات عديدة.

ورغم أن الإعلان عن “سياسة جديدة لحقوق الإنسان” في سبتمبر/ أيلول، لم تعترف “إن إس إو” بمسؤوليتها عن الحالات المتعددة المبلغ عنها لإساءة استخدام تكنولوجيا المراقبة الخاصة بها. يُذكر أن الدول مُلزمة باحترام حقوق الإنسان في سياق أنشطة الشركات، بما في ذلك من خلال وضع قواعد منظِّمة والإشراف.

 

وتقع على عاتق جميع الشركات مسؤولية احترام حقوق الإنسان في جميع عملياتها، وسلاسل التزويد والتوريد الخاصة بها. ويعني ذلك أنه يجب عليها تجنب التسبب أو الإسهام في انتهاكات لحقوق الإنسان، كما يجب عليها اتخاذ خطوات للتعرف على المخاطر التي تمس بحقوق الإنسان في عملياتها ومعالجتها.

وشهد عام 2019 موجة من الفضائح المتتابعة بحق الإمارات، إذ انتشرت الأخبار والتحقيقات التي تؤكد أن الدولة أصبحت دولة قمعية وبوليسية بامتياز.

أنظمة المراقبة في الدولة متنوعة تشمل شبكات التواصل الاجتماعي ومراقبة السكان، والاتصالات والمحادثات، وأدق التفاصيل. لم تسخر السلطة هذه التقنية لحماية الأمن القومي للدولة بقدر تحويلها إلى مطاردة الناشطين الحقوقيين والمثقفين على طول البلاد وعرضها. ولم تكتف بذلك بل ذهب الأمر إلى أبعد من ذلك بالتجسس على حكومات أخرى ومسؤولين وقيادات في تلك الدول.

وفضح عام 2019 معظم هذه البرامج، في سوء سمعة كبير وسيء للدولة والمجتمع. وأول هذه الفضائح مشروع "ريفين" الذي تأسس من عملاء المخابرات الأمريكية، ثم توسع الأمر لتستقطب الدولة عشرات المخترقين ومن يقرصنون البيانات ويسرقون أجهزة الأخرين.

الكاتب