السلطات الإماراتية تعزز نفوذها في باب المندب عسكرياً لمواجهة النفوذ التركي
تواصل السلطات الإماراتية مساعيها لتعزيز نفوذها في منطقة البحر الأحمر وباب المندب على زيادة تواجدها العسكري سواء في اليمن وأرتيريا و جمهورية أرض الصومال والسودان، ومؤخراً عبر البوابة المصرية، في مواجهة النفوذ التركي في المنطقة.
وأثارت مشاركة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في افتتاح قاعدة برنيس العسكرية في منطقة البحر الأحمر في مصر التساؤلات حول دور أبوظبي في تأسيس هذه القاعدة وأهدافها.
وتأتي هذه القاعدة العسكرية التي تعتبر الأضخم في مصر وعلى شواطئ البحر الأحمر لتعزز من توسع الإمارات عسكرياً في المنطقة، حيث شهد إنشاء هذه القاعدة تنسيقاً عالياً بين القاهرة وأبوظبي، وصل إلى حد مشاركة أسلحة ومقاتلات إماراتية ضمن العروض العسكرية خلال حفل الافتتاح ضمن مناورات قادر 2020".
وبحسب مصادر عسكرية مصرية فإن هذه القاعدة هدفها توفير مقر دائم للقوات البحرية التابعة للتحالف، بقيادة السعودية والإمارات في اليمن، حيث تقرر سحب جميع القوات البحرية المصرية الموجودة بالقرب من السواحل اليمنية، والتي تعمل تحت قيادة المملكة، وإعادة تمركزها في القاعدة العسكرية المصرية الجديدة.
وكانت مهمة القوات البحرية المصرية، التي كانت موجودة قبالة السواحل اليمنية، اقتصرت على مراقبة السفن والبواخر من وإلى الموانئ اليمنية، وتحديداً الحديدة، من دون التورط في اشتباكات مسلحة مع أي من الأطراف الأخرى.
وبحسب مصادر مصرية جاء افتتاح القاعدة في هذا التوقيت لهدف من هذا التعاون هو "إيصال رسائل عن تحالف البلدين العسكري إلى الأعداء المشتركين"، على حد تعبيره، في إشارة إلى تركيا وقطر اللتان تنشطان في منطقة القرن الأفريقي.
ولوحظ أن حجم ونوعيات الأسلحة التي ظهرت على مسرح العمليات خلال مناورة “قادر 2020″، واختتامها بتدشين قاعدة برنيس، تتجاوز القدرات المصرية إذا ما وضعنا في الاعتبار أن تلك الأسلحة والمقاتلات تمثل جزءاً من كامل القوات المصرية الموزعة على المناطق العسكرية المختلفة.
وعلى مدار أسبوع كامل تم نقل عدد من المقاتلات والقاذفات الجوية من الإمارات إلى مصر، حتى تظهر على مسرح عمليات المناورات، لإيصال رسالة تهديد لتركيا التي تسعى خلال الفترة الراهنة إلى نقل قوات عسكرية إلى ليبيا، لمواجهة النفوذ الإماراتي والسعودي في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي.
وموقع القاعدة تم اختياره بعناية فائقة، وتجهيزه بتعاون وتمويل إماراتي-سعودي، في أعقاب توقيع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره السوداني المخلوع عمر البشير، اتفاقاً بشأن جزيرة سواكن السودانية المطلة على البحر الأحمر في مواجهة السواحل السعودية، والتي حصلت أنقرة على حقوق تطويرها، وسط حديث عن تأسيس قاعدة تركية فيها.
والفترة الراهنة تشهد تنسيقاً مستمراً بين القاهرة والرياض وأبوظبي، في أعقاب تصاعُد النفوذ التركي في منطقة الشرق الأوسط، والمنطقة العربية على وجه التحديد، وذلك بعد مرحلة من الفتور في التنسيق الإقليمي بين العواصم الثلاث، عقب الحديث عن محاولات للمصالحة بين السعودية وقطر.
وأعلن أردوغان، في ديسمبر/كانون الأول من العام 2017، أن السودان سلّم جزيرة سواكن الواقعة في البحر الأحمر شرقي السودان لتركيا، كي تتولى إعادة تأهيلها وإدارتها لفترة زمنية لم يُحددها. وقيل آنذاك إن الغرض من ذلك هو إقامة قاعدة عسكرية تركية.
ونفت الخارجية التركية، في إبريل/نيسان 2019، إلغاء الاتفاق المبرم مع السودان حول جزيرة سواكن في أعقاب الإطاحة بالبشير. وقال المتحدث باسم الخارجية التركية حينها، حامي أكسوي، إن “الأعمال مستمرة هناك”.
وكان بيان صادر عن الرئاسة المصرية أشار إلى أن الهدف من إنشاء قاعدة برنيس يتمثل في “تأمين السواحل المصرية الجنوبية، وحماية الاستثمارات الاقتصادية والثروات الطبيعية، ومواجهة التحديات الأمنية في نطاق البحر الأحمر، فضلاً عن تأمين الملاحة العالمية عبر محور الحركة من البحر الأحمر، وحتى قناة السويس، والمناطق الاقتصادية المرتبطة بها، وذلك ضمن رؤية مصر المستقبلية 2030”.
من جهتها اعتبرت وسائل إعلام إسرائيلية أن القاعدة العسكرية الضخمة التي أنشئت في مصر استهدفت “مساعدة إسرائيل”.
فإلى جانب الحدث التاريخي لتدفق الغاز من إسرائيل إلى مصر، هناك حدث آخر مهم يتمثل في إنشاء مصر قاعدة عسكرية ضخمة على شواطئ البحر الأحمر، بما يساعد على توسيع الوجود المصري هناك لتوفير الأمن لإسرائيل، والتي تتواجد في هذا الفضاء المهم بشكل محدود للغاية”.
وقد تم تصميم القاعدة لضمان السيطرة الاستراتيجية المصرية على طرق الرحلات البحرية المصرية من باب المندب عبر قناة السويس، كما أن القاعدة تهدف كذلك إلى “منع إيران من محاولة تحقيق أهدافها في اليمن بمساعدة حلفائها الحوثيين، والقدرة على تهديد طريق الشحن الذي يؤدي إلى العقبة وإيلات، وهو أمر مهم جداً لتل أبيب.
وتقع قاعدة برنيس على ساحل البحر الأحمر، بالقرب من الحدود الدولية الجنوبية المصرية، شرقي مدينة أسوان، بمساحة تبلغ 150 ألف فدان، حيث تضم قاعدة بحرية، وأخرى جوية، ومستشفى عسكريا، وعدداً من الوحدات القتالية والإدارية، وميادين للرماية والتدريب لجميع الأسلحة.
ويتنامى الوجود التركي في دول ساحل البحر الأحمر، الأمر الذي ترفضه الإمارات وتحاول طرده بأي طريقة، حيث تحاول تركيا أن تستثمر في الدول العربية والإفريقية التي تمتلك ميزة نسبية مثل جيبوتي والصومال والسودان والتي تقع على خليج عدن ومضيق باب المندب.
وفي إطار الصراع الإماراتي مع تركيا على الوجود في البحر الأحمر أعلنت الحكومة المصرية في ديسمبر 2018، عن اتفاق بين هيئة قناة السويس وموانئ دبي لاستحواذ الأخيرة على نصف مشاريع المنطقة الاقتصادية لمحور قناة السويس، في ما يشبه رد اعتبار أمام تركيا بعد طرد الإمارات من جيبوتي وإحلال تركيا محلها لتكون الشريك الاقتصادي للحكومة الجيبوتية.