مجلة فورميكي الإيطالية تناقش دعم الإمارات لحفتر

مجلة فورميكي الإيطالية تناقش دعم الإمارات لحفتر

ناقشت مجلة "فورميكي" الإيطالية تورط الإمارات العربية المتحدة في الأزمة الليبية او ما تمثله من اختبار حاسم بالنسبة للمصالح الاستراتيجية في أبو ظبي، في أحد أهم الملفات التي تخص مستقبلها على الساحة الدولية، من أجل فرض نفسها بين القوى الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة والصين، وهي ترى أن موانئ ليبيا وثرواتها بوابة لذلك.

ويقول الكاتب إيمانويلي روسي، في تقرير نشرته المجلة  إن أمير الحرب الليبي خليفة حفتر يتمتع بنوعين من الدعم، أولهما سري تقدمه كل من روسيا وفرنسا، والثاني معلن توفره مصر والإمارات.

وعلى الرغم من أن القاهرة بدأت في تخفيض حجم مساندتها للجنرال الليبي المتقاعد، فإن أبو ظبي في المقابل ما زالت تقدم له الدعم التقني والسياسي، وتساند حملته للسيطرة على العاصمة طرابلس.

ويرى الكاتب أنه بسبب هذا الموقف الإماراتي فإن العملية العسكرية للسيطرة على العاصمة الليبية ما زالت متواصلة، رغم اتفاق القوى الدولية على الهدنة وعقد مؤتمر برلين، والتأكيد في هذا المؤتمر على الحاجة الملحة لوقف الدعم العسكري الخارجي للأطراف المتصارعة، واحترام قرار الأمم المتحدة بحظر إرسال الأسلحة إلى ليبيا.

وأشار إلى أن الإمارات تبدو الطرف المستفيد الحقيقي من مؤتمر برلين، حيث إنها تمكنت من فرض تقبل وجودها في ليبيا على المستوى الدبلوماسي الدولي، وفي الوقت ذاته تواصل دفعه على المستوى العسكري.

وينقل الكاتب عن تشينزيا بيانكو، الباحثة في شؤون أوروبا والشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قولها "بالطبع، يكرر الجميع القول إنه لا يمكن حسم الحرب في ليبيا على المستوى العسكري، إلا أن أبو ظبي لا تتفق مع هذا الرأي، وهذا يعني أنها تشارك في الحراك الدبلوماسي دون أن تؤمن بأن الحل السياسي هو الوحيد الممكن".

موانئ وثروات

ويضيف الكاتب أن لدى الإمارات العديد من المصالح في الحرب الليبية، وتعتبر أكثرها أهمية سلسلة الموانئ البحرية التي تسيطر عليها، في إطار استراتيجية إماراتية ترمي إلى بناء مجموعة من الموانئ حتى تصبح جزءا من مشروع الحزام والطريق الذي ستنجزه الصين.

وذكر الكاتب أن الإماراتيين يرغبون في أن تكون لهم القدرة على لعب دور محوري في المشروع الصيني، وأن يصبحوا شريكا لا غنى عنه في إنجاح هذه المبادرة، خاصة وأنهم يعتبرون أن المستقبل سيكون لهذا التحالف، ولا ينظرون للولايات المتحدة على أنها ستكون القوة الأكثر تأثيرا في قادم السنوات.

ولهذا السبب، فلم يكن من المفاجئ أن الإماراتيين قد سارعوا للسيطرة على البنية التحتية لميناء برقة في شرقي ليبيا حيث توجد قوات حفتر، وذلك من أجل تسخيره للأغراض المدنية والعسكرية.

وفي منطقة شمال أفريقيا، تواجه الإمارات صعوبة في توسيع نطاق سيطرتها، لأن التوغل في المغرب وموريتانيا وتونس غير ممكن في ظل السياق السياسي المعادي لأبو ظبي، وهنا تكمن أهمية ليبيا، بحسب الكاتب.

ويضيف الكاتب: في الواقع، هناك أيضا هدف سياسي آخر تسعى الإمارات لتحقيقه، وهو ملاحقة تيار الإخوان المسلمين، الذي يتخذ من تركيا الآن مركزا له، وبما أن ليبيا مهمة بالنسبة لأنقرة في الوقت الحالي، فإن تركيا أصبحت العدو الأول لأبو ظبي.

كما تطرق الكاتب إلى رهان الموارد الطبيعية، حيث تقربت أنقرة من طرابلس بشكل كبير من أجل وضع إطار للنشاط في شرق المتوسط، في ظل التحالفات الجيوسياسية في المنطقة والتي باتت تدور حول ضمان مخزون الطاقة الكبير ومعاداة أنقرة.

ويشدد علماء الجيولوجيا على وجود مخزون هام من الطاقة قبالة السواحل الليبية، ومن المؤكد أن أبو ظبي مهتمة بالحصول عليه، كما أن ليبيا بالنسبة لها تمثل همزة وصل بين البحر الأبيض المتوسط والقرن الأفريقي، حيث توجد العديد من المصالح الجيوسياسية الإماراتية.

حرب اليمن

وعرّج الكاتب على مثال آخر متعلق بهذه السياسة الإماراتية، يرتبط بالحرب الدائرة في اليمن، حيث إن الإماراتيين يركزون بشكل أساسي على منطقة الجنوب، التي توجد فيها سواحل يبنون فيها الموانئ البحرية من أجل مرور الموارد النفطية عبر البر متجاوزة مضيق هرمز والتهديدات الإيرانية.

وفي هذا السياق، فسر الكاتب أهمية جزيرة سقطرى قبالة القرن الأفريقي، الخاضعة في الوقت الحالي للسيطرة الإماراتية، بسبب موقعها الهام في سلسلة الموانئ التابعة لأبو ظبي ولتأمين الملاحة البحرية.

ويقود الحديث عن الإمارات بالضرورة إلى الحديث عن المملكة السعودية، والتساؤل حول ما إذا كان هناك تداخل بين استراتيجية البلدين.

ويختتم الكاتب: في الواقع توجد بعض التناقضات بينهما، ولكن بشكل عام هناك انسجام بين رؤية أبو ظبي والرياض، إذ تتفقان على فكرة السيطرة على الموانئ والتحالف مع المشروع الصيني، تماما كما تتفقان على أنه في ظل تراجع الولايات المتحدة عن التزامها وتدخلها في الشرق الأوسط، فإن المجال متاح لهما لتوسيع نفوذهما قبل قيام تركيا بذلك.

والشهر الماضي كشفت صحيفة بريطانية عن أدلة جديدة على تورط دولة الإمارات في تمويل نقل مرتزقة للقتال في ليبيا خدمة لمؤامراتها في نشر الفوضى والتخريب ونهب ثروات ومقدرات البلاد.

وأوردت صحيفة The Guardian أن أفواجاً من المرتزقة السودانيين وصلوا مؤخراً إلى ليبيا، في موجةٍ جديدة للقتال إلى جانب قوات الشرق الليبي التي يقودها مجرم الحرب خليفة حفتر حليف أبوظبي.

وتدعم الدولة في ليبيا قوات الجنرال خليفة حفتر بالسلاح والمال، إضافة إلى شن غارات جوية دعماً له ضد الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً. وبدأ حفتر عملية لمهاجمة العاصمة طرابلس في ابريل/نيسان2019 بدعم من الإمارات ومصر. وتلقت الدولة اتهامات متعددة بتجنيد آلاف المرتزقة من تشاد وجنوب السودان للقتال في صفوف "حفتر" وتدفع لهم مبالغ طائلة.

وخلال العام شُنت عدة غارات جوية عبر طائرات حربية وطائرات دون طيار تابعة للإمارات، كما جرى نشر أسلحة ومعدات أمريكية بيعت للإمارات

 وفي نوفمبر/تشرين الثاني2019، اتهم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الإمارات بتهريب المعدات العسكرية لحفتر، وقالت الأمم المتحدة إن الإمارات بذلك تخرق حظر التسليح المفروض من المنظمة، بجانب الأردن وتركيا، وإنها «تهرب الأسلحة بانتظامٍ وبشكلٍ فج، وتبذل أحياناً جهداً ضئيلاً لإخفاء مصدرها».

وخُصت أبوظبي بالذكر بوصفها مشتبهاً به رئيسياً في التحقيقات التي أُجريت في التفجير المُميت الذي وقع في مقر للمهاجرين في ليبيا، الذي قالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عنه إنه قد يكون جريمة حربٍ، وتوفي في ذلك التفجير 53 شخصاً وأُصيب 130 آخرون.

الكاتب