منظمة العفو الدولية: محنة حقوقية مستعصية في الإمارات
تحت شعار "إن حقوقكم في خطر"، أصدرت منظمة العفو الدولية "آمنستي" تقريرها السنوي، محذرة من خطر انهيار الحماية الدولية لحقوق الإنسان، جراء العديد من الممارسات القمعية والحملات الأمنية التي تنفذها بعض الدول، ومن بينها الإمارات التي خصها التقرير بجزء خاص.
وفي معرض تعليقه على التقرير، قال سليل شيتي الأمين العام للمنظمة: ""إن حقوقكم تتعرض للخطر: فهي تُعامل باستخفاف تام من حكومات كثيرة في شتى أرجاء العالم"، وأضاف: "هناك ملايين الناس يعانون معاناةً شديدة على أيدي الدول والجماعات المسلحة، وهناك حكومات لا تتورع عن تصوير حماية حقوق الإنسان كما لو كانت تشكل خطراً على الأمن أو القانون أو النظام أو "القيم" الوطنية".
وفي الجزء الخاص بالإمارات، سلط تقرير المنظمة الضوء على العديد من الجرائم الحقوقية والانتهاكات الحاصلة في الإمارات خلال العام الماضي، فيما يتعلق بحرية التعبير والاختفاء القسري والمحاكمات الجائرة، إلى جانب حقوق العمال الأجانب.
ونضع في شؤون إماراتية نص التقرير الخاص بالإمارات كما أوردته المنظمة، والذي أكد أن الإمارات لا تزال تعاني محنة حقوقية مستعصية على مستوى حرية التعبير والاختفاء القسري، والتعذيب وسوء المعاملة والمحاكمات الجائرة وعقوبات الإعدام:
فرضت الحكومة قيوداً تعسفية على حرية التعبير وقبضت على عدد من منتقدي الحكومة وقدمتهم للمحاكمة.
وصدر قانون جديد لمكافحة التمييز والكراهية يفرض مزيداً من القيود على الحق في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات. وتعرض عشرات الأشخاص للاختفاء القسري على أيدي قوات الأمن.
وشاع التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. وظل عدد من سجناء الرأي محبوسين بعد محاكمات جائرة. وكانت المرأة تعاني من التمييز في القانون والواقع الفعلي، وما برح العمال الأجانب محرومين من الحماية الكافية بموجب القانون، وعُرضةً للاستغلال والانتهاكات، واستمر سريان عقوبة الإعدام، ونُفذ أحد أحكام الإعدام.
وفي مايورفضت السلطات السماح لمندوب من منظمة العفو الدولية بدخول البلاد، حيث كان مدعواً للتحدث في مؤتمر عن صناعة البناء عُقد في دبي.
حرية التعبير
استخدمت السلطات بعض أحكام "قانون العقوبات، و"قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات"، الصادر عام 2012 ، و"قانون مكافحة الإرهاب"، الصادر عام2014 ، للقبض على منتقدي الحكومة ومحاكمتهم وسجنهم.
وفي يوليو صدر قانون جديد بشأن مكافحة التمييز والكراهية زاد من تقليص الحق في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات. ويعرِّف القانون الجديد خطاب الكراهية بأنه "كل قول أو عمل من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات"، ويعاقب عليه بالسجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات، كما يمنح المحاكم سلطة حل الجمعيات التي يُرى أنها تقوم بإثارة خطاب الكراهية، وينص على معاقبة مؤسسيها بالسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات.
وفي فبراير، قبض مسؤولو الأمن على ثلاث شقيقات، وهن الدكتورة اليازية خليفة السويدي؛ وأسماء خليفة السويدي؛ ومريم خليفة السويدي، بعد أن نشرن على موقع "تويتر" تعليقات بخصوص شقيقهن، وهو من سجناء الرأي.
وقد تعرضت الشقيقات للاختفاء القسري لمدة ثلاثة شهور، ثم أُطلق سراحهن في مايو.
وفي مايو أصدرت دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا، والمختصة بنظر القضايا المتعلقة بأمن الدولة، حكماً بالسجن عشر سنوات على أحمد عبد الله الواحدي، بعد إدانته بتهمة "إنشاء وإدارة حساب على مواقع التواصل الاجتماعي يسيء إلى قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة ومؤسساتها"، وذلك استناداً إلى تعليقات نشرها على موقع "تويتر".
وفي يونيو، أصدرت المحكمة نفسها حكماً بالسجن لمدة ثلاث سنوات على ناصر الجنيبي، بعد إدانته بتهم "الإساءة إلى رموز الدولة" ونشر شائعات ومعلومات من شأنها الإضرار بالبلاد".
واستند الحكم، في جانب منه، إلى تعليقات كان قد نشرها على موقع "تويتر" وانتقد فيها المحاكمة الجماعية التي جرت عام 2013 لعدد من الناشطين ودعاة الإصلاح، والمعروفة باسم محاكمة الإمارات 94 "، حيث وصفها بأنها "مهزلة قضائية".
وظل كثير ممن حُوكموا في قضية "الإمارات 94 " في السجن، وقد اعتُبروا من سجناء الرأي، ومن بينهم محامي حقوق الإنسان محمد الركن.
الاختفاء القسري
قُبض على عشرات الأشخاص، وبينهم أجانب ومنتقدون سلميون للحكومة، وتعرضوا للاختفاء
القسري على أيدي قوات أمن الدولة. وقد احتُجزوا في مواقع سرية بمعزل عن العالم الخارجي، وظل بعضهم محتجزاً على هذا النحو لأكثر من عام.
ففي أغسطس، تعرض الدكتور ناصر بن غيث، وهو أستاذ جامعي وخبير اقتصادي وسجين رأي سابق، للاختفاء القسري على أيدي ضباط من أمن الدولة، وذلك بعدما انتقد "طغاة العرب" في تعليق على موقع "تويتر". وانتهى العام دون أن يتم الإفصاح عن مكان وجوده.
التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة
ذكر بعض الذين سبقوا أن تعرضوا للاختفاء القسري أنهم عانوا من التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة على أيدي مسؤولي الأمن أثناء احتجازهم.
وقد تقاعست السلطات عن إجراء تحقيقات مستقلة، كما تجاهلت التوصية المقدمة في مايو من "مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين" بأن على الحكومة تعيين لجنة مستقلة من الخبراء للتحقيق في ادعاءات التعذيب.
المحاكمات الجائرة
استخدمت السلطات بنوداً مبهمة وفضفاضة في "قانون العقوبات"، و"قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات"، و"قانون مكافحة الإرهاب" لمحاكمة عشرات الأشخاص أمام دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا، والتي لا يجوز استئناف الأحكام الصادرة عنها، مما يشكل انتهاكاً للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، وقد اُعدمت متهمةٌ صدر عليها الحكم من هذه المحكمة بعد أسبوعين من صدوره .
وفي أغسطس بدأت محاكمة 41 شخصاً في قضية جماعية أمام دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا، وكان من التهم المنسوبة إليهم التخطيط للإطاحة بالحكم وإقامة دولة خلافة على غرار "داعش".
ومن بين المتهمين مالا يقل عن 21 شخصاً سبق أن تعرضوا للاختفاء القسري لمدة 20 شهراً على أيدي قوات أمن الدولة، منذ القبض عليهم في نوفمبر وديسمبر 2013 وظل كثير ممن حُوكموا في قضية "الإمارات 94 " في السجن.
حقوق العمال الأجانب
ظل العمال الأجانب يعانون من الاستغلال والانتهاكات، بالرغم من البنود التي تكفل الحماية في "قانون العمل" لعام 1980 وما تلاه من مراسيم. وكان من شأن نظام "الكفالة" أن يجعل العمال عُرضةً للانتهاكات على أيدي أصحاب الأعمال. وفي إبريل ، خلص تقرير مبني على تحقيق، أمرت بإجرائه هيئة حكومية إماراتية، إلى أن الآلاف من عمال البناء الأجانب المتعاقدين للعمل في بناء حرم لجامعة نيويورك في أبو ظبي قد أُجبروا على دفع رسوم باهظة لاستقدامهم وتعيينهم، كما صُودرت جوازات سفرهم، وذلك بالرغم من المبادئ التوجيهية للجامعة والتي وُضعت لكي تكفل ظروفاً لائقة للعمل والمعيشة.
واستمر استبعاد عمال المنازل، وأغلبهم نساء، من نطاق ضمانات الحماية المكفولة لغيرهم من العمال الأجانب، ومن ثم كانوا عُرضةً للعنف البدني وللاحتجاز في أماكن العمل وغير ذلك من الانتهاكات.
أما العمال الذين شاركوا في إضرابات أو غيرها من الأنشطة الجماعية، فكانوا عُرضةً للقبض عليهم وترحيلهم.
وفي مارس تجلى ضيق السلطات من الانتقادات الموجهة لسجلها في التعامل مع العمال الأجانب عندما منعت العلامة أندرو روس، الخبير في شؤون العمل في جامعة نيويورك، من دخول البلاد.
عقوبة الإعدام
استمر سريان عقوبة الإعدام بالنسبة لجريمة القتل العمد وغيرها من الجرائم، وواصلت المحاكم إصدار أحكام بالإعدام. وفي (29|6) أصدرت دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا حكماً بالإعدام على آلاء الهاشمي لإدانتها بتهم تتعلق بالإرهاب. ونفذت السلطات حكم الإعدام فيها يوم (13|7). وقد حُرمت آلاء الهاشمي من الحق في استئناف الحكم.