الذكرى التاسعة لعريضة الإصلاح 3 مارس

الذكرى التاسعة لعريضة الإصلاح 3 مارس

في 3مارس 2011 كان المجتمع الإماراتي على موعد "منهج" الآباء المؤسسون للدولة، إلى إعادة البوصلة نحو المجتمع والاهتمام به، وتفاعله مع القضايا الوطنية والمصيرية.

يعاد التذكير بالعريضة بعد تسعة سنوات من تقديمها لرئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد، وفي هذا العام ستبدأ انتخابات جديدة للمجلس الوطني الاتحادي (البرلمان) دون صلاحيات دستورية أو قانونية تؤهله للتشريع أو مناقشة القرارات والقوانين ورفضها إضافة إلى محاسبة المسؤولين ومواجهتهم بتطلعات الشعب الإماراتي.

تطالب العريضة بإجراء إصلاحات شاملة للنظام البرلماني المتمثل في المجلس الوطني الاتحادي، واشتملت المطالب على الانتخاب الحر والكامل لجميع أعضاء المجلس من قبل كافة المواطنين، وإصلاح التشريعات المنظمة لعمله، بحيث تصبح له سلطة تشريعية ورقابية كاملتين مع إجراء التعديلات الدستورية الضرورية لضمان ذلك.

المجلس الوطني

ووقع على العريضة 133 (مئة وثلاثة وثلاثون) مواطناً من الرجال والنساء من أساتذة الجامعات وأعضاء سابقين في البرلمان ومسؤولين حكوميين سابقين ونشطاء حقوقيين وأعضاء في جمعيات المجتمع المدني وكتاب وغيرهم. ورداً على العريضة تم اعتقال العشرات من الموقعين.

فهو هيئة استشارية حسب الدستور الإماراتي. وحتى اليوم ما يزال 25% من الإماراتيين ينتخبون نصف أعضاء المجلس فيما يتم تعيين البقية من قبل السلطات.

خلال السنوات الماضية خاض المجلس دورتين انتخابيتين (انتخابات 2006 – انتخابات 2011م- انتخابات 2015م).

 يتكون المجلس من أربعين عضواً (8) مقاعد لإمارة أبوظبي، (8) مقاعد لإمارة دبي، (6) مقاعد لإمارة الشارقة، (6) مقاعد لإمارة رأس الخيمة، (4) مقاعد لإمارة عجمان، (4) مقاعد لإمارة الفجيرة، (4) مقاعد لإمارة أم القيوين.

ليست خارج السلطة والوعود

لم تكن العريضة التي قُدمت في 3 مارس/آذار 2011، قفزاً على رؤية الاتحاد ولا خارج أُطر السلطة والوعود من الشيوخ والحُكام ورؤية الآباء المؤسسون، إلى جانب ذلك كانت العريضة من صميم رؤية قدمها الشيخ خليفة بن زايد عام 2005، عرفت بـ"برنامج التمكين السياسي" الذي يشير إلى التدرج في المشاركة السياسية حتى تمكين المجلس الوطني الاتحادي من صلاحياته، مع زيادة الوعيّ الجماهيري بأهمية "البرلمان" وحاجته. بمعنى أن التدرج في العمل السياسي سيوصل إلى مجلس وطني كامل الصلاحيات ينتخبه كل أفراد الشعب.

بعد 14 عاماً من رؤية الشيخ خليفة بن زايد، يظهر الإماراتيون بثقافة سياسية كاملة تؤمن بالبرلمان كهيئة مستقلة تنتزع حقوقهم وتمثل مطالبهم. وقد كان الأمر مبكراً ففي2010م أشار استطلاع رأي لصحيفة الإمارات اليوم أن معظم الإماراتيين (72%) يطالبون بمجلس وطني كامل الصلاحيات بما في ذلك سنّ القوانين. رأى 68.2٪ من العيّنة أنه آن الأوان لانتخاب كامل أعضاء المجلس الوطني الاتحادي الـ40 بدلاً من انتخاب النصف، وتعيين النصف.

هذه النسب التي ترتفع كل عام -بالتأكيد- تعتبر مطالب شعب الإمارات وليست مطلب أشخاص أو مطالب النخبة في الإمارات.

وبعد تسعة سنوات يظهر حجم التكلفة الباهظة على مستوى العدالة والحكومة والاعتقالات التعسفية، والصورة السيئة للدولة في الداخل والخارج؛ والأزمات الاقتصادية والعجز المستمر في الموازنة، وفرض الضرائب والرسوم وزيادتها إلى جانب إيقاف الهبات والعطايا التي كان يتم تقديمها لوأد مطالب الإصلاح، يتبين بما لا يدع مجال للشك أن تنفيذ مطالب العريضة معتمدة على وعيّ شعب الاتحاد بالسياسة والاستحقاق الوطني كان ضرورة وأن تأجيل هذا الاستحقاق لا يزيد إلا تراجع الدولة ويوقف عجلة تقدمها إلى الأمام.

مواجهة العريضة

ولأنه مطلب شعبي وليس فئوي لجماعة أو أشخاص أبدى جهاز الأمن خشيته من تقليص صلاحياته وتحكمه بالحياة السياسية والمدنية والأمنية في الدولة فشن حملة واسعة للاعتقالات في صفوف الموقعين، وبدأت السلطات الاعتقالات في أبريل/نيسان2011، وسرعان ما توسعت في العام اللاحق لتشمل معظم الإماراتيين الذين وقعوا العريضة. الذين اتهموا بهتاناً بتشجيع أيديولوجية "إرهابية" والتآمر للإطاحة بالحكومة.

وفيما تم إعفاء المواطنين الخمسة نهاية 2011م، تم الحكم بأحكام سياسية تصل إلى 15 عاماً، بحلول منتصف 2013، على معظم المطالبين بالإصلاح ومنذ تلك الفترة تم اعتقال وسجن العشرات.

تنبعث "عريضة الإصلاح" كل يوم لتراجع السلطة مواقفها السابقة، لأجل بناء الاتحاد وخدمة شعبه، لا لهدم وعيّه وحقوقه وبناء الفجوات للإضرار بالعلاقة بين الشعب وشيوخه. إن استحقاق مطالب الإصلاحات أصبح واجباً واستمرار تأجيله بطرق ملتوية واتهامات مُغرضة لن يقدم للإمارات إلا المزيد من التراجع وسوء السمعة وفقدان الثقة.
 

وفي ذكراها التاسعة يستعد الناشطون الإماراتيون للتغريد على وسم #ذكرى_عريضة_3مارس للتذكير بمطالبات العريضة وتسليط الضوء على حالة القمع التي تلت تقديم تلك العريضة .

الكاتب