لوموند الفرنسية: التحالف بين حفتر والأسد يقرب الأسد من الإمارات والسعودية

لوموند الفرنسية: التحالف بين حفتر والأسد يقرب الأسد من الإمارات والسعودية

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن تشكل محور جديد يجمع بين رئيس النظام السوري بشار الأسد، والجنرال الليبي خليفة حفتر، يغذي التدخل الأجنبي في معركة طرابلس.


وقالت الصحيفة، إن خطوات التقارب بين الطرفين تمثل مؤشرا على تدويل الحرب في ليبيا، وعلامة على الترابط المتزايد بين مسرحي المعارك في الأراضي السورية والليبية، بما لها من تبعات على الأوضاع الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.


وأضافت الصحيفة أن هذا المحور خرج للضوء يوم 3 آذار/ مارس، عند إعلان حكومة شرق ليبيا غير المعترف بها دوليا، المدعومة من قبل خليفة حفتر، عن إعادة فتح السفارة الليبية في دمشق، بعد أن كانت مغلقة منذ العام 2012.


وذكرت الصحيفة أن وفدا رفيع المستوى من مدينة البيضاء القريبة من بنغازي، التي تمثل معقل الجنرال خليفة حفتر، حضر هذا الحدث الذي يمثل كشفا عن علاقة ظلت في السابق طي الكتمان، دافعها الأول هو العداء المشترك تجاه تركيا، حيث إن وسائل إعلام النظام السوري أعلنت أن ممثلي الطرفين تحدثوا عن "التصدي المشترك للاعتداء التركي على البلدين".
 

وأوضحت الصحيفة أن هذا الإعلان يمثل خطوة جديدة في اتجاه إعادة إدماج نظام بشار الأسد في الدبلوماسية العربية، وهو يأتي ردة فعل على تحالف أنقرة مع طرابلس. حيث إن حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج تمكنت، بفضل الدعم العسكري التركي، من صد الهجوم الذي أطلقه خليفة حفتر بدعم من الإمارات والسعودية ومصر وروسيا.

وترى الصحيفة أن بشار الأسد، من خلال تحالفه مع حفتر، يسعى للتقرب من المعسكر الذي تقوده السعودية في الشرق الأوسط.

 

يذكر أن الرياض كانت في البداية تدعم الثورة السورية ضد بشار الأسد، وذلك طمعا في أن تؤدي لإضعاف إيران، إلا أنها بعد ذلك قررت النأي بنفسها عن هذه الثورة. كما كانت أبوظبي قد قررت إعادة فتح سفارتها في دمشق في كانون الأول/ ديسمبر 2018، وعلى منوالها نسجت المنامة.


وتنقل الصحيفة عن جلال حرشاوي، الباحث المتخصص في الشأن الليبي في معهد العلاقات الدولية بهولندا قوله: "منذ سنوات، لم تعد دعايات الإعلام المصري والإماراتي تنتقد الأسد، بل بات يتم تصويره أحيانا على أنه الرجل الشهم الذي يحارب الإخوان المسلمين. وهي نفس الدعاية التي باتت تبثها وسائل الإعلام التابعة لحفتر، التي تقول إن الأسد يخوض حربا ضد الإسلام السياسي".


وذكرت الصحيفة أن محور دمشق بنغازي بدأ يتشكل منذ أكثر من عامين. إذ إنه في خريف العام 2018 كانت الولايات المتحدة قد نبهت حكومة طرابلس إلى وجود طائرات تأتي من دمشق وتهبط في بنغازي. وقد طالبت السفارة الأمريكية بمنع هذه الرحلات التي تسيرها شركة أجنحة الشام المملوكة لرامي مخلوف ابن عم الرئيس السوري.
 

لكن القطيعة بين طرابلس وبنغازي حالت دون تنفيذ الطلب الأمريكي، وتواصلت هذه الرحلات الجوية -التي ازدادت وتيرتها- من معدل رحلة واحدة في كل شهر، إلى اثنين في كل أسبوع.
 

وتنقل الصحيفة عن خبير عسكري مستقل، قوله إن "وتيرة الرحلات الجوية بين دمشق وبنغازي وصلت في بعض الفترات إلى أربع رحلات في كل أسبوع، نصفها بين دمشق وبنغازي، ونصفها الآخر بين القاعدة العسكرية الروسية في اللاذقية وبنغازي."
 

وأشارت الصحيفة إلى أن بعض المصادر الإعلامية في سوريا كانت قد كشفت عن وجود عسكريين روس يحاولون تجنيد بعض المقاتلين السوريين من الغوطة في ضواحي دمشق؛ من أجل الذهاب للقتال في معسكر حفتر. وبالتزامن مع ذلك، كانت هنالك حملة مماثلة في منطقة السويداء التي تعد معقل الدروز، وقد وصلت المرتبات المعروضة إلى 1500 دولار.
 

ونبهت الصحيفة إلى عدم وجود أي أدلة ملموسة حاليا تثبت وجود مرتزقة سوريين مساندين لحفتر، إلا أن مصادر مطلعة تؤكد في نفس الوقت وجود هؤلاء المقاتلين الذين ينقلون من اللاذقية أو دمشق إلى مناطق سيطرة حفتر، وعددهم يناهز 300 أو أكثر.
 

وتضيف الصحيفة أن مصدرا آخر مطلع على الوضع الليبي كان قد أوضح أن وصول هؤلاء المقاتلين يرتبط بقرار سحب مرتزقة فغنر، بعد محاولة موسكو في مطلع العام الجاري التوسط لوقف إطلاق نار في ليبيا.

حيث يقول هذا المصدر: "منذ بداية تلك المساعي الروسية شاهدنا وصول الشبيحة والمقاتلين من سوريا، من أجل تعويض الروس في جنوب العاصمة. كما كانت قوات حكومة طرابلس قد اعترضت اتصالات تؤكد هذه المعلومة".

 

مراقبون للزيارة رأوا أن "الخطوة قد تسبب بعض الامتعاض ضد حفتر من قبل الدول المعارضة لإيران التي تعتبر حليفا رئيسا لنظام الأسد، خاصة الإمارات والسعودية، لكن البعض أكد أن الجنرال العسكري لا يتحرك إلا بخطط من أبو ظبي، لذا فإن الخطوة جاءت بمباركة إماراتية"، وفق تصوراتهم.

بدورها، استنكرت وزارة خارجية حكومة "الوفاق" الليبية، تسليم النظام السوري السفارة الليبية للحكومة التابعة لحفتر.

 

وقالت الوزارة في بيان لها، إن "هذا الإجراء مخالف لقرارات مجلس الأمن الدولي القاضية، بعدم التعامل مع الأجسام الموازية لحكومة الوفاق، باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة في البلاد"، معتبرة أن "هذا الأمر يعد سطوا على حقوق الدولة الليبية، وانتهاكا للسيادة، وهو عمل مرفوض ومستهجن".

 

وأشار البيان إلى أن حكومة الوفاق ستعمل على اتباع كافة الإجراءات والوسائل القانونية، لضمان وقف "هذا العبث"، داعيا مجلس الأمن ولجنة العقوبات إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة بالخصوص.

الكاتب