ماخفي أعظم: يكشف فساد متنفذين في الحكومة الإماراتية تجاه مستثمرين في دبي
زعم برنامج "ما خفي أعظم" والذي بثته قناة الجزيرة القطرية حصوله على وثائق وشهادات حصرية تكشف تفاصيل ما تعرض له مستثمرون عرب وأجانب في دبي من عمليات ابتزاز واستيلاء على أموالهم بغطاء جهات متنفذة في دولة الإمارات، مستعرضاً شهادات مستثمرين تعرضوا للاعتقال في إمارة دبي، إضافة إلى نسخة من تقرير غير منشور لخبراء أميركيين حققوا في هذه القضايا.
وتناول التقرير شهادة مؤسس شركة "تعمير" العقارية الإماراتية عمر عايش، حيث قال عايش إن شركته كانت تحقق أرباحا بلغت 5 مليارات دولار، وبعد حضور أحمد وعبد الله الراجحي عام 2004 لمعرض بيع العقارات، ونظرا لكثرة المبيعات، كانا يريدان حصة في "تعمير"، وخلال أشهر معدودة تمكنا من شراء نصف الشركة.
ومن جهتها، زعمت مديرة منظمة "معتقل في دبي" رادها سترلينغ أن العائلة المالكة تورطت عدة مرات في سرقة استثمارات أجنبية، إذ يقومون بذلك من خلال شركات يملكون حصصا فيها أو يديرونها، كما يتم التأثير في الإجراءات القانونية لصالحهم.
وحصل فريق البرنامج على وثائق القضية التي تكشف كيفية الاستيلاء على شركة "تعمير"، وذلك من خلال تزوير أوراق رسمية وتعيين مدير عام للشركة للتحكم فيها.
وتوصل البرنامج إلى ما وصفه "وثائق سرية" تظهر نقل بعض أصول "تعمير" بواسطة الشيخ صقر بن محمد آل نهيان وبموافقة سلطات أبوظبي. ومع تزايد القضايا المرفوعة من مستثمرين في محاكم دبي وخارجها، برزت اتهامات ضد سلطات دبي بتوفير غطاء لعمليات الاستيلاء بشكل منظم.
كما توصل الفريق إلى رسالة سرية بعثها المدير الجديد للشركة إلى أحمد وعبد الله الراجحي. وتذكر الوثيقة أنه لم تجر عمليات بيع حقيقية لأصول "تعمير"، وإنما تم نقل ملكيتها فقط بعد موافقة الحكومة في دبي بغرض حماية الشركاء من عمر عايش والمستثمرين، بعد إفلاس الشركة إثر نقل هذه الأصول.
وأوضح عايش أنه تم الضغط عليه وباع لهما 25% من نصيبه في الشركة، وبدل أن تكبر الشركة تمت سرقتها -على حد تعبيره- بعد إجراء عمليات بيع وهمية.
وكنوع من الضغط تم رفع قضايا جنائية ضده، وتم ترتيب سجنه بشكل مخالف للقانون، وأكد عايش أنه زاره شخص من طرف الشيخ صقر بن محمد بن زايد آل نهيان وساومه على التنازل عن حصته في شركة "تعمير" والتي تفوق المليار دولار أو الزج به في السجن.
وحصل البرنامج على تقرير خبراء أميركي لم ينشر بعد، يوثق تفاصيل صادمة بشأن قضية شركة "تعمير"، ويصف ما حدث بأنه يندرج ضمن جرائم الياقات البيضاء، وهي الجرائم المالية التي يقوم بها أصحاب النفوذ في الدولة مستغلين مكانتهم في السلطة.
وقد عينت محاكم دبي 18 خبيرا على مدار القضية لتقدير حصة عايش في الشركة، وكان من بينهم الخبير الحسابي رضا درويش آل رحمة، وقدر حصة عايش بقيمة 1.8 مليار دولار، لكنه استقال بعد إصدار تقريره على وقع تهديد تعرض له.
وقد كان للاستيلاء على أصول "تعمير" وتحويلها إلى شركات وهمية في دبي نتيجة كارثية، إذ توقفت العديد من المشاريع.
ومن ضمن هؤلاء الضحايا رجل بريطاني قدم تصريحاته للبرنامج شريطة إخفاء هويته، وقال إنه استثمر في أحد المشاريع الكبرى وتخلفت الشركة عن تسليمه المشروع، وحين توقف العمل في الموقع تم تهديده ومطالبته بتسديد الدفعات وإلا سيسجن لأربع سنوات، إلا أنه لم يحصل على أي تعويض رغم رفعه قضية ضد الشركة.
ووثق التحقيق تفاصيل صادمة تخالف ما تروجه حكومة دبي والسلطات الإماراتية، إذ تعثرت شركة "نخيل" العقارية المملوكة لحكومة دبي إثر الأزمة المالية عام 2008، وواجهت عدة دعاوى قضائية بسبب تخلفها عن استكمال مشاريعها الإنشائية.
وحصل فريق البرنامج على وثائق تؤكد تضرر المستثمرين الأجانب في دبي، وكان منهم منصور مالك الذي اشترى مسكنا، وبعد تأخير تسليم المشروع، تم الضغط عليه لاستكمال الدفعات وإلا سيزج به في السجن.
وقال مالك إنه تم تعليق المشروع، ولم يكن مصرحا لهم بزيارة الموقع، كما أن شركة "نخيل" تطالبه بدفع المستحقات إضافة إلى الفوائد مقابل فيلا وسط الصحراء بدون خدمات ولا بنية تحتية، على عكس الوهم الذي بيع له.
وأظهرت نيابة الأموال الكلية في أبوظبي 21 قضية خلال عامي 2017 و2018 اعتداء على المال العام تنوعت بين الاختلاس والاستيلاء والإضرار العمدي، في حين نظرت 29 قضية رشوة خلال نفس الفترة.
يشار أن محاكم دبي شهدت في السنوات الأخيرة عددا من قضايا الفساد تورط بها مسؤولون حكوميون يعملون في سوق دبي المالي والمجال العقاري. وحكمت المحكمة الابتدائية في دبي قبل بضع سنوات على مدير عام جمارك دبي السابق عبيد صقر بالسجن 27 عاما بعد إدانته بالرشوة.