رواية بوليسية غير واقعية لأمن الدولة في محاكمة المعتقلين الليبيين بالإمارات

رواية بوليسية غير واقعية لأمن الدولة في محاكمة المعتقلين الليبيين بالإمارات

مع ازدياد الضغط الدولي من كل حدب وصوب على السلطات الإماراتية من أجل الإفراج عن رجال الأعمال الليبيين المعتقلين في سجونها، يبدو أن أمن الدولة قرر تأليف وإخراج رواية بوليسية يتهم هؤلاء المعتقلين بتنفيذها أملاً في إبعاد التعاطف عنهم.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل أنه امتد إلى الترويج عبر وسائل الإعلام التابعة للسلطات الأمنية بأن إدعاءات المعتقلين بالتعرض للتعذيب غير صحيحة، في إشارة جديدة على أن التقارير الصادرة محلياً ودولياً حول تعذيب المعتقلين في السجون الإماراتية باتت تسبب صداعاً مزمناً في رأس السلطات الأمنية ومسؤوليها.

وفي تفاصيل الرواية، كشف من تم اعتباره شاهد إثبات مثل أمام المحكمة الاتحادية على الرغم من كونه أحد أفراد أمن الدولة ، عن تحويل 4 متهمين «3 ليبيين وأميركي من أصل ليبي» مبلغ 11مليون درهم إماراتي تقريباً لتنظيمات إرهابية مدعومة من تنظيم «الإخوان المسلمين» في ليبيا.

وبحسب شاهد الدولة فإن المتهمين شكلوا خلية تعمل على مد تنظيمات «فجر ليبيا» و«26 فبراير» وكتبية «المحور الشرقي»، وكتيبة «المحور» وغيرها بالأموال والمعدات اللوجستية، مشيراً إلى أن الخلية مدت التنظيمات الإرهابية بـ106 سيارات قاموا بشرائها من شركتين في دولتين مجاورتين للدولة، وإرسالها إلى مالطا وتونس قبل تصديرها من هناك إلى ليبيا بمعرفة أعضاء آخرين تولوا متابعة عملية الشحن.

وأضاف ممثل أمن الدولة و"شاهدها"، الذي تولى عملية التحقيق في القضية بأن مصادر سرية أمدت الأجهزة الأمنية بمعلومات حول تشكيل الخلية وعدد من أفرادها، قبل أن تكشف التحريات، والإفادات والاعترافات المباشرة للمتهمين بعد القبض عليهم أن أعضاء الخلية أنشأوا لجنة لمد التنظيمات الإرهابية بالأموال تحت مسمى «لجنة إغاثة» وتواصلوا مع رجال أعمال ليبيين لهذا الغرض، فيما تواصل أفرادها مع منتسبين لتنظيم الإخوان المسلمين الذي يدير عدداً من تلك التنظيمات المتقاتلة في ليبيا.

وتضمنت المعدات المرسلة من الخلية سيارات مصفحة، وإمدادات عسكرية منها مناظير ليلية، دروع واقية من الرصاص، فيما قامت شركتان تجاريتان بعملية التصدير لضمان عدم انكشاف أمر الخلية.

وقالت صحيفة "الاتحاد" في انحياز واضح لرواية الدولة وشهودها، إن المتهمين كانوا قد ادعو تعرضهم للتعذيب أثناء المحاكمات، فقرر القاضي إحالتهم إلى لجنة طبية للوقوف على صحة إدعاءاتهم، على أن تعرض اللجنة تقريرها خلال الجلسة المقبلة للمحاكمة، وذلك على الرغم من عدم رصد أية مظاهر للتعذيب على المتهمين أثناء المحاكمة. وأجلت المحكمة النظر في القضية لجلسة 21 مارس المقبل.

وفي سياق متصل، أجلت دائرة أمن الدولة النطق بالحكم على معاذ الهاشمي وعادل ناصف المعتقليْن الليبيين في الإمارات إلى، 14 شهر مارس، دون معرفة الأسباب، بعد أن كان مقرراً النطق بالحكم في يوم الاثنين 29 فبراير.

وقال عضو الرابطة الليبية لضحايا التعذيب والإخفاء القسري بالإمارات الهاشمي الحراري: إن المحكمة لم تبلغ محامي المتهمين بأسباب التأجيل، معربا عن أسفه على استمرار احتجاز ابنه معاذ وزملائه من رجال الأعمال.

واستنكر الحراري في تصريحه لموقع "أجواء نت" عدم تدخل السفارة الليبية بالإمارات للمساعدة في إطلاق سراح رجال الأعمال المحتجزين٬ مضيفا أن معاذ وزملاءه يعانون ظروفًا نفسية صعبة، وأن ابنه معاذ لم يتعرض لأشعة الشمس منذ مدة.

وكانت الأمم المتحدة قد دعت السلطات الإماراتية إلى الإفراج الفوري عن رجال الأعمال الليبيين المحتجزين لديها وتعويضهم ماديا ومعنويا، “والتحقيق في قضايا التعذيب الذي تعرضوا له أثناء الاحتجاز”.

يُشار إلى أن السلطات الإماراتية قد اعتقلت تسعة رجال أعمال ليبيين يقيمون على أراضيها أواخر أغسطس 2014، بتهمة دعم المؤتمر الوطني العام وعملية فجر ليبيا، قبل أن تفرج عن أربعة منهم في ديسمبر من العام نفسه، وتؤكد العديد من التقارير الحقوقية والصحفية الدولية، أن هؤلاء المعتقلين تعرضوا لأنواع مختلفة من التعذيب من أجل انتزاع الاعترافات منهم، وأن الأدلة على ذلك كثيرة.

الكاتب