تقرير : الكنائس والمعابد .. وجه آخر للتسامح الزائف في الإمارات

تقرير : الكنائس والمعابد .. وجه آخر للتسامح الزائف في الإمارات

خاص - شؤون إماراتية

أثارت الحكومة الإماراتية جدلاً واسعاً إثر حرصها المستمر على بناء الكنائس والمعابد في مختلف مناطق وإمارات الدولة، في اطار سعيها الدائم كما تقول لإظهار صورة جديدة من أشكال التسامح والمحبة بين المواطنين في المرحلة القادمة.

الإمارات التي أعلنت مؤخراً استحداث وزارة التسامح الى جانب وزارة أخرى تعنى بالسعادة، سارعت خلال السنوات الأخيرة عبر حكومتها ببناء المعابد والكنائس في مختلف المناطق المحلية ونشرها بصورة ممنهجة في كافة المدن الإماراتية، سعياً وراء ترسيخ التسامح كقيمة أساسية في المجتمع الإماراتي على حد تعبير الحكومة.

هذا البناء أثار جدلاً واسعاً داخل المجتمع المحلي الإماراتي، الذي يعد مجتمعاً مسلماً بنسبة كاملة، مما يثير تساؤلات كبيرة حول الأهداف الحقيقية التي تسعى اليها الحكومة الإماراتية من خلال تكثيف بناء الكنائس في المرحلة الحالية.

المسيحية في الإمارات

الإمارات دولة مسلمة بطبيعتها، والمسلمين في الإمارات يشكلون نسبة كاملة من المجتمع المحلي، أما المسيحيين من الوافدين الى الدولة فقد تصل نسبتهم بحسب معلومات غير رسمية الى نصف مليون شخص، قدموا الى الإمارات من أجل السياحة والعمل بعد أن عرفت الأخيرة تحولاً جذرياً في بنيتها الاقتصادية والسكانية، اثر الطفرة النفطية التي جعت من الامارات واحدة من أبرز الدول المتقدمة في الشرق الأوسط.

هذه الأرقام تؤكد أن نسبة المسيحية لا تمثل الكثير من هذا المجتمع الذي يصل تعداد سكانه ما يزيد عن (9) مليون نسمة، الأمر الذي يجعل من حرص الحكومة الإماراتية على بناء الكنائس ونشرها على نطاق واسع في مدن الإمارات أمراً لا يمكن تبريره.

بناء الكنائس في الشريعة

ما حكم بناء الكنائس في الدول الإسلامية ؟ العلامة السعودي صالح الفوزان أكد أن بناء الكنائس في الدول الإسلامية من أجل التسامح الديني لا يجوز شرعاً، واتفق مع ذلك فضيلة الشيخ عبد العزيز الطريفي الذي اعتبر أن بناء الكنائس في بلاد المسلمين محرم شرعاً، موضحاً أن ما تقوم به دول عربية عديدة كالامارات من بناء للكنائس في أراضيها يعد بمثابة الخطر الكبير على الاسلام والمسلمين.

أما الشيخ محمد صالح المنجد فقد انتقد بشدة ما تقوم به بعض الدول الإسلامية من بناء للكنائس على أراضيها، مؤكداً أنه لا يمكن تقبل فكرة المساواة بين الحق والباطل .. وهو ما أكده الشيخ محمد بن صالح العثيمين الذي تحدث أيضاً عن عدم جواز بناء الكنائس في بلاد المسلمين.

 

معابد الهندوس

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل امتد إلى قرار من الحكومة الإماراتية بمنح الجالية الهندوسية في أبوظبي، أرضاً لبناء معبد هندوسي عليها، وذلك في أعقاب زيارة قام بها رئيس وزراء الهند إلى الإمارات، ورغم الانتقادات الواسعة شعبياً لهذا القرار، عملت الحكومة وأجهزة الإعلام التابعة لها على تصوير القرار بأنه شكل من أشكال التسامح الديني الذي تعرف به دولة الإمارات، ولا يعد هذا المعبد في أبوظبي الأول من نوعه في الإمارات، منح الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم إذناً لقيام المعبد الهنودسي الأول في دبي، فأقيم في الطابق الأول في أحد مباني السوق القديمة في بور دبي، وكان معبداً للهندوس والسيخ معاً، ثمّ انفصل السيخ عن الهندوس عام 2012، وأقاموا معبدهم الخاص في جبل علي.

التسامح الزائف

الحكومة الإماراتية بررت بناء الكنائس في الدولة، مستندة الى المادة (25) من الدستور الاماراتي التي تنص على أن جميع القاطنين في أراضي الدولة الاماراتية سواء، وهو ما ينطبق على غير المسلمين وحقهم في الحصول على حرية ممارسة شعائرهم الدينية بحرية ودون أية مضايقات.

هذا الحرص الذي تسعى اليه الحكومية الاماراتية بهدف تحقيق مبدأ التسامح الذي استحدثت من أجله وزارة خاصة تترأسها الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي, سيمنح المسيحيين في دولة الامارات مزيداً من الحريات والانفتاح في المرحلة القادمة.

قرار الحكومة الإماراتية شهد انتقادات واسعة عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي .. حيث أكد نايف المرزوق أن بناء الكنائس خطوة جديدة أقدمت عليها الحكومة بعد ملاهي الليل بهدف افساد الشعب الإماراتي .. فيما قال علي بلحصا أن الحكومة الاماراتية تحرص جاهدة على الحد من انتشار الاسلام وتعاليمه في صفوف الشباب الاماراتي من خلال عدة قرارات كان آخرها تكثيف بناء الكنائس في الدولة.

ومع استمرار بناء الكنائس في الامارات حرصاً على التسامح ونشر الحريات, يلوح في الأفق صورة المعتقلين السياسيين في الدولة الذين لم يحصل أحدهم على أدنى الحقوق الإنسانية وسط حالة من التغييب لمصيرهم الذي يسيطر عليه أقسى أساليب التعذيب.

واحدة من أبرز التناقضات في هذا الموضوع، هي حالة الاختفاء القسري الذي ما زال الدكتور ناصر بن غيث يعانيها منذ أغسطس الماضي، ولا معلومات حتى اللحظة عن مكانه أو مصيره، المثير للسخرية أن من ينادون بالتسامح بين الأديان، اختطفوا الدكتور بن غيث على خلفية تغريدات تتعلق إحداها ببناء المعبد الهندوسي في أبوظبي.

التعذيب الجسدي والنفسي الممنهج، والانتهاكات المستمرة في سجون الإمارات السرية، والتضييقات المتوصلة على أسر المعتقلين أينما حلوا وارتحلوا، وملاحقة أصحاب الرأي وابتاع سياسة القمع وتكميم الأفواه، كلها أمور تنفي نفياً قاطعاً أي وجود لأي تسامح أو سعادة في الإمارات، وكلها أمور تؤكد أن كل المحاولات الحكومية لرسم صورة وردية عنها ما هي إلا محاولات فاشلة.

ويبقى السؤال الأهم: هل سيأتي اليوم الذي تشهد فيه الإمارات بناء أول كنيس يهودي من باب التسامح الديني ؟!

الكاتب