خالد الشيبة .. من أعلام الإمارات المغيبين في سجونها

خالد الشيبة .. من أعلام الإمارات المغيبين في سجونها

خالد محمد الشيبة سليل أسرة النعيم المعروفين بفضلهم وعلو مكانتهم، وسليل أسرة العلم والفقه والوجاهة، الداعية القدوة، صاحب الأطروحات التربوية والاجتماعية العالية الراقية، وصاحب المآثر والمكارم مع شريحة واسعة من المجتمع، شهدت له الفضائيات ببرامج الإرشاد الاجتماعي التربوي بخبرة علمية وحياتية واسعة، وشهدت له حرب الكويت على تفانيه وإخلاصه في خدمة مجتمعة وقضية أمته.

الشيبة، حصل على البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة الكويت، وحصل على دبلوم في الشريعة من القاهرة، ودبلوم الدراسات العليا في التخطيط والتنمية، هو ضابط رفيع في الجيش الإماراتي قبل تقاعده، ومسؤول في مركز البحوث التابع لوزارة الدفاع، خدم الدولة وشارك في حرب الكويت.

ورغم انشغالاته الكثيرة، إلا أن الرجل القائد لم ينسى عمله الدعوي والخيري، فتحدث عنه كبار الدعاة وذكروه في سيرهم الذاتية من بينهم الشيخ محمد بن عبدالغفار الشريف الذي قال إن "الشيبة" كان نعم الأخ المعين على حب الدعوة والتضحية من أجلها.

وعلى كل ذلك ف"الشيبة" لم يكتفِ بذلك في خدمة الدولة، بل كان من كبار قادة العمل الخيري في الإمارات عامة وفي إمارة "عجمان" خاصة، حيث هو أحد "مؤسسي جمعية الارشاد الاجتماعية"، "أحد مؤسسي هيئة الاعمال الخيرية"، و "مدير مكتبة عبدالله الشيبة للحديث الشريف"، و  "عضو في لجنة حماية المستهلكين"، وفي خدمة القضية الفلسطينية كان أحد أبرز أعضاء "لجنة القدس الشريف" العالمية، بالإضافة إلى تأثر الآلاف بمنهجه التربوي والاجتماعي، فهو محاضر في القضايا الاجتماعية والتربوية والايمانية، ومستشار في القضايا الاجتماعية والتربوية، كان له برنامج  في قناة حياتنا يحمل اسم (قبل فوات الاوان ) وحصل على عدة جوائز لمبادراته الخيرية والاجتماعية والتربوية.

 

اعتقاله والحكم عليه

اختطف "الشيبة"، في 16 يوليو 2012م، أثناء الحملة الأمنية على المطالبين بالإصلاحات، وظل قرابة عام في سجون سرية تعرض خلالها للتعذيب، وتم تضمينه ضمن أكبر محاكمة سياسية في البلاد المعروفة إعلامياً بـ"الإمارات 94" وحكم عليه بالسجن عشر سنوات في 2 يوليو 2013 بتهمة التخطيط لقلب نظام الحكم في الإمارات وهو الذي أفنى حياته في خدمة الدولة وشعبها وحاز ثقة حكامها.

 

عمله الوطني في السلك العسكري والمدني

في أرشيف الكتروني لمركز "جمعة الماجد للثقافة والتراث" وجد أن الشيبة شارك في إشراف وتأليف 19 كتاب وطني في سلسلة الكتب الثقافية في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، الصادرة عن وزارة الدفاع في إدارة الشئون المعنوية و الثقافية- قسم البحوث و الدراسات، استهدفت أغلبها الجندي الإماراتي إبان حرب الكويت، لتقوية عزيمته ورباطه الوطني الكبير، لقد كان "الشيبة" محل ثقة ومحط اهتمام الحكام، وأولياء العهود، والقادة العسكريين الذي ينتمي لها برتبه عميد، قبل تقاعده.

هذه الإنجازات جعلته محل فخر للإمارات حيث حاز العديد من الميداليات التشريفية في قيام الاتحاد وحرب الكويت والخدمة الطويلة الممتازة خلال تلك الفترة فحاز "ميدالية قيام الاتحاد عام 1985م" و "ميدالية الخدمة الحسنة عام 1998م"، و "ميدالية الخدمة الطويلة الممتازة 1998م"، وحاز "الشيبة" وسام تحرير الكويت عام 1992م نظيراً لجهوده الكبيرة وأدواره البطولية في التحرير.

لم تقتصر إنجازاته على الإمارات فقط كما ظهر من خلال حصوله على وسام تحرير الكويت، ولكن أيضاً لدراسة الحالة الكويتية أيضاً فدراسة قام بها "الشيبة" نشرها المعهد العربي للتخطيط، في الكويت عام 1976م تحمل عنوان "المشتغلون بالمهن العلمية والفنية في قوة العمل بالكويت دراسة تحليلية في العرض والطلب على القوى العاملة"، وتوجد في مكتبة "جامعة الكويت"، كمرجع هام للباحثين وطلاب العلم منذ ذلك العام.

 

من عرفوه؟!

وكتب عنه الدكتور علي العتوم رئيس جمعية الاطباء الاردنيين لهشاشة العظام قوله: "إنه غصن رطيب من دوحة فينانة، عِظَم وجاهة في وسطه الاجتماعي، وسمو أخلاق، وسماحة خِلال في شخصه الكريم، يدركها فيه كل من خالطه أو زامله أو جلس إليه، ولو لوقت. إنه – والله – مثال في الظرف والتواضع، ونموذج في الدماثة واللياقة، بعيدا عن أي مظهر من مظاهر التصنع والتعمل".

ويضيف: "عرفته خلال عملي في جامعة عجمان ما بين سنتي (1989– 1991م)، فعرفت فيه الأخ الودود، المحبّب إلى النفس بكل ما فيه خُلُقاً وخَلْقاً، إذ ترى فيه وهو يحدثك إنساناً قريباً من القلب، حسن السّمْت والشارة، كلماته أنيسة تجري على مِقْوله هِينَةً كالماء الرقراق على صفحة الحصباء، إذ تخرج من فيه هادئة لطيفة، تُشعرك بالمحبة الحانية والوداد الغامر".

ويشير إلى معرفته به: "ولقد كنت أعرف الأخ خالداً يعمل آنذاك في السلك العسكري بمراتب عالية مع درجات علمية مرموقة، إذ يحمل شهادة السياسة والإدارة من الكويت وشهادة الشريعة من مصر، إلى وجاهة معلومة في مجتمعه، وتسنّم مراكز سامية في مجاله الدعوي لعله فيه الرقم الأول أو الثاني، إلى يُسر في ذات اليد مريح، ولكن كل ذلك لا يُشعرك منه بقَدْر قُلامة ظُفْر من تعالٍ أو عُجْبِ نفس، بل تزيده سماحة إلى سماحة ولِين جانب إلى لين جانب مع معارفه ومخالطيه".

 

رسالته إلى الشعب الإماراتي

في 13 يونيو، 2013م وجه المعتقل الحر الأستاذ خالد الشيبة رسالة للمجتمع الإماراتي من سجن الرزين، أكد فيها أنه مبادئ "دعوة الاصلاح" لاتحتقر، ولاتقلل من قيمة أي عمل، أو دور أي فرد ،أو جهاز ،كان أهليا ،أو رسميا، فالاحترام من ثوابتها التربويه".

وتحدث عن ثوابت "دعوة الإصلاح"، وعن "الحريات" بالقول إن: "من ثوابت دعوة الإصلاح أنها عزيزة، لا ترضى بظلمٍ يقع على أعضائها، ولا بظلم يقع على الآخرين (..)، أجواء الحريات، لا تضيق إلا في المناخ التسلطي، حيث تكبل الكلمة ويقيد الفكر بأغلال الإجراءات الأمنية بدعوى الصالح الوطني،  من خلال التقييد المحكم للحريات، تظهر البطولات، وتبرز العضلات للنكرات من مدعي الوطنية وإنكار الذات لافتراس الدعوة والدعاة".

 وقال الشيبة في رسالته:" لو تيقن المدعون، والمعتدون، على أعراض الدعاة ،أن هناك تكافؤ حقيقي في القدرة على رد أي هجوم عليهم لما تجرؤا على ذلك أبدا."

وأبدى الشيبة أسفه من بعض الصحف قائلا:" للأسف، صحافتنا سخرت بعض أعمدتها لأقلام ذات توجه واحد ،وهدف واحد، وهو إلحاق الأذى بأبناء الوطن ،والتحريض لأقصائهم".

وبين الشيبة في رسالته أنه "لو كان هناك إنصاف حقيقي ،وشجاعة ،ومروءة، لفك القيد عن أحرار الوطن ،وفسح المجال لأقلامهم، ولحناجرهم، للرد على الافتراءات التي لحقت بهم."

وتحدى الشيبة كل المفترين أن ينزلوا إلى ميدان المبارزة الحوارية، عبر وسائل الاعلام الحرة، لكشف كل الحقائق، ليكون الحكم صناديق الاستفتاء الجماهيري.

وأكد الشيبة أن "دعوة الاصلاح"، جُرِّدت من كل أدوات التعبير، للذود عن كرامة، وحرمة أبنائها، لهذا أطمئن الحاقدون وزاد كيلهم على الدعوة. ووصف الشيبة الإفتراء على الدعوة، و الطعن في أعراض الدعاة، والتصريح بأقبح النعوت بحقهم، بأنه "جريمة بشعة، ظناً منهم أن دعوتنا حائط هابط"، ونبه الشيبة الذين يفترون على دعوة الإصلاح ،"إنكم تسبحون عكس التيار، فإن نجيتم بفعلتكم في دنياكم الفانية، فلن تنجو من الحساب يوم الحساب".

وخاطب الشيبة الإماراتيين قائلا: " أيها الناس، اعلموا أن حقوق العباد مصانة، من الله عز وجل، فمن اعتدى عليها، ففعله منكر ومرفوض من شرائع الحقوق الدنيوية والأخروية".

اليوم الشيبة في سجن الرزين يعاني ويلات الانتهاكات فقد منع من الزيارة عدة مرات لأشهر، وتعرض للسجن الإنفرادي، وهو الذي خدم المؤسسة العسكرية والأمنية في ريعان شبابه، وأفنى حياته في خدمة المواطنين، وتقديم العّون لكل محتاج.

ونختم بالآية الكريمة التي ختم بها "الشيبة" رسالته إلى الشعب الإماراتي: "رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ".

 

(إيماسك)

الكاتب