ضغوط اماراتية سعودية على مصر للتدخل عسكرياً في ليبيا
زعمت مصادر سياسية مطلعة أن السعودية والإمارات تمارسان ضغوطا على مصر، من أجل دفعها إلى التدخل العسكري العلني المباشر في ليبيا بعد أن تحولت دفة المعارك هناك لصالح قوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا والمدعومة من تركيا على حساب قوات الجنرال المتقاعد "خليفة حفتر".
هذا الضغط، وفق المصادر التي تحدثت لصحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من مليشيا حزب الله في لبنان، ، تقابله محاولات تركية غير مباشرة لتحييد القاهرة في هذا الملف، لا سيما مع الكلفة الكبيرة والخسائر التي ستتكبدها مصر، حال الانصياع للضغوط السعودية الإماراتية بالتدخل العسكري المباشر.
وقالت المصادر إن مصر حتى هذه الساعة، ترفض التدخل العسكري المباشر، وإن كانت تتدخل بشكل غير مباشر، وهذا الرفض مرتبط بالرغبة المصرية في علاقات جيدة مع الليبيين الذين إن قبل بعضهم التدخل راهناً، فإنه لن يكون مقبولاً مستقبلاً.
وتابعت أن "القاهرة أبلغت أبوظبي والرياض أنها تساهم في عمليات الدعم والمساندة من دون إعلان"، علماً بأن تدخلها الوحيد المعلن كان بطائرات رافال لقصف مواقع جماعات إرهابية سبق أن ذبحت عدداً من الأقباط المصريين.
وفي المقابل، ترى المصادر التي تحدثت لصحيفة "الأخبار" اللبنانية، أن "محاولات التنسيق التركية بغرض تحييد القاهرة، جرى جزء منها بسرية خلال الأشهر الماضية، ويجرى استكمالها بتغيير مواقف رئيس حكومة الوفاق فايز السراج من القاهرة".
ووفق المصادر، "ظهرت آثار ذلك سريعاً في تصريحات وزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا، لوكالة بلومبرج، والذي وصف مصر بأنها وسيط يمكن النقاش معه، ومساعدته لحماية رعاياه على الأراضي الليبية، كما عبّر عن غضبه من فيديو ظهر فيه عدد من المصريين في وضع مهين عقب سيطرة قوات الوفاق على مدينة ترهونة".
ولفتت المصادر إلى أن "الموقف المستجد لحكومة الغرب يرتبط أيضاً بتهديدات وصلت عبر وسطاء، فحواها رفض أي إهانة للمصريين وخاصة مع وجود ضغوط خليجية لتنفيذ تدخل عسكري دائم ومستمر".
المصادر ذاتها، كشفت أن "تركيا تبدو في عمل مكثف من أجل تفكيك المحور المضاد، وبعدما كانت أنقرة ترفض الاعتراف بنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، معتبرة أنه انقلابي، خرج وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قبل أيّام، بدعوة مصر إلى الحوار والتعاون لأنها الطريقة الأكثر عقلانية لعودة العلاقات التركية المصرية".
"وهنا يتجاوز جاويش أوغلو الرفض التركي الاعتراف بنظام انقلابي واحتضان أنقرة المعارضة المصرية، وهذا يعدّ تطوّراً جديداً في النظرة التركية لمصر، وتراهن تركيا، ضمناً، على أن لمصر مصلحة في الاتفاق البحري بين تركيا وليبيا لأنه يعطي مصر مساحات بحرية كبيرة جديدة"، بحسب المصادر ذاتها.
وبحسب الصحيفة اللبنانية، فإن "ما يشجّع تركيا على إخراج مصر من الجبهة المعادية هو، وفق الجنرال المتقاعد نعيم بابور أوغلو، في حوار معه في صحيفة ميللييات، عدم وجود تنسيق بين أطراف هذه الجبهة".
وفي الوقت نفسه، ذهبت المصادر إلى أن "الموقف التركي الجديد تجاه مصر، لا يبنى عليه إذا كانت تركيا تريد فقط تفكيك التحالف المضاد لها، ذلك أن جاويش أوغلو يناقض نفسه بقوله في حوار مع صحيفة حرييت، إن إعلان القاهرة ليس صائباً ولا واقعياً ولا مقنعاً وليس صادقاً ولن ندعمه، لأنه جاء تحت وطأة الهزائم التي مني بها حفتر المدعوم من مصر ولتلافي انهياره الشامل".
أمّا مصر، بحسب المصادر، "فإنها في موقف دقيق يتطلّب التنسيق مع حلفائها في السعودية والإمارات، العدوّين اللدودين لتركيا، وعدم الاصطدام بالموقف الأمريكي المنفتح على التحرّك التركي في ليبيا، في وقت تبدو فيه أنها مكبلة بأكثر من عامل لمواجهة التقدّم الاستراتيجي لتركيا في خاصرتها الغربية الممتدة بحدود معها تناهز 1200 كليو متر".
وعلى أرض الواقع، تتسارع التطورات في ليبيا ويتسابق مسارا الحرب والسلم، ومما لا شك فيه أن تركيا نجحت، في الأشهر الأخيرة، في تسجيل مكاسب متعددة في الملف الليبي، أبرزها توقيع اتفاقية مع حكومة الوفاق في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي رسمت الحدود البحرية بين البلدين، كما وضعت أسس التعاون العسكري العلني والمباشر بينهما.
وثاني المكاسب، كان مساعدة حكومة الوفاق في دحر "حفتر" المدعوم من مصر والسعودية والإمارات وإخراجه من كامل الغرب الليبي، وصولاً إلى مشارف سرت ومنطقة الهلال النفطي.
يأتي ذلك فيما تعاني القاهرة حرجا شديدا جراء فقدان "حفتر" قاعدة "الوطية" الاستراتيجية، ومدينة "ترهونة"، وكامل العاصمة طرابلس، وربما قريبا مدينة "سرت" وقاعدة "الجفرة" الجوية.
وتخالف التحولات الميدانية على الأرض الليبية، هوى نظام الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، الذي كان يطمح إلى الإطاحة بـ"الوفاق" وتنصيب "حفتر" حاكما على طرابلس.
ويحظى "حفتر" بدعم من الإمارات ومصر والسعودية وفرنسا وروسيا، بينما تدعم تركيا قوات الحكومة الشرعية.
وخلال الأسبوع الماضي برز تصريحان لافتان خلال الأسبوع الماضي من تركيا ومصر ربما يؤشران لتغير المزاج السياسي للدولتين، حول العلاقات المتوترة منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المصري السابق محمد مرسي.
التصريح الأول على لسان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، الخميس الماضي، قال فيه إن الطريقة الأكثر عقلانية لعودة العلاقات التركية المصرية هي بالحوار والتعاون مع تركيا بدلا من تجاهلها، مضيفا أنه أجرى اتصالات مختلفة مع مصر في السابق بتفويض من الرئيس أردوغان، ولكن التوتر عاد بسبب تطورات الأزمة في ليبيا.
وفي اليوم ذاته، قال الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي إن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا شرعية، لأنها عقدت مع حكومة الوفاق المعترف بها من قبل الأمم المتحدة ومن الجامعة العربية نفسها، مضيفا أن هناك "نقطة فنية قانونية لها بعد سياسي مهم (وهي أن) الجانب التركي دخل الأراضي الليبية بناء على اتفاق مع حكومة الوفاق"، رغم محاولة زكي لاحقاً التخفيف من تصريحاته في لقاء لاحق مع قناة العربية.