صحيفة اسرائيلية تصف محمد بن زايد بالنجم الذي عمل على ازدهار العلاقات بين الجانبين
عزت صحيفة "كلكيلست" الإسرائيلية التطور الكبير الذي طرأ على العلاقات الإماراتية الإسرائيلية إلى صعود نجم ولي العهد محمد بن زايد وتوليه مقاليد الأمور بشكل فعلي في البلاد، مشيرة إلى أنه يقف وراء كلّ مظاهر التطبيع بين الإمارات و(إسرائيل).
وفي تقرير "بروفايل" بعنوان "سلطان الظلال" أعدّه الصحافي دورون بسكين، أشارت الصحيفة إلى أن تفجر ثورات الربيع العربي يُعدّ التطور الأبرز الذي دفع بولي العهد الإماراتي إلى بناء علاقات مع إسرائيل، لافتة إلى أن بن زايد قرّر تعزيز علاقات الإمارات بإسرائيل، وتكريس التعاون الأمني معها بهدف مواجهة "الإسلام المتطرف" وإيران.
ونقلت الصحيفة عن محمد بن زايد قوله لعدد من قادة اليهود الأميركيين: "الإمارات وإسرائيل تقفان في نفس الخندق في مواجهة إيران".
وأعادت الصحيفة إلى الأذهان ما قاله وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش الأسبوع الماضي أمام مؤتمر "اللجنة اليهودية الأميركية" (AJC) حول أن اعتراض الإمارات على الضم لا يعني عدم مواصلة التعاون معها في قضايا مدنية، لا سيما في مواجهة كورونا والتعاون في المجال التكنولوجي. ولفتت إلى حقيقة أن قرقاش يُعدّ "أرفع مسؤول عربي يتحدث أمام جمهور يهودي حتى الآن".
وبحسب الصحيفة، فإنّ خلاصة المقال الذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" للسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، تتمثل في أن الإمارات ستواصل تطوير العلاقات مع إسرائيل من دون أن تكون تل أبيب مطالبة بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضمنها القدس المحتلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن بوادر حسن النية التي تطلقها الإمارات تجاه إسرائيل واليهود تمثلت أيضاً في سماحها لطلاب الجالية اليهودية في الإمارات بتعلم التلمود والتوراة.
وعلى صعيد آخر، لفتت إلى أن محمد بن زايد يحوز على نفوذ حاسم داخل السعودية، لدرجة أنه يدير الشأن السعودي الداخلي عن بعد، على حدّ وصفها. وأشارت إلى أن سعي بن زايد للتأثير على الواقع السعودي جاء نتاج تخوفه من سقوط المملكة في أيدي "المتطرفين الإسلاميين"، على اعتبار أنه يرى أن هذا التطور يفوق في خطورته حصول إيران على السلاح النووي.
ووفق الصحيفة، فإنّ ما عزّز من دافعية بن زايد للتدخل في الشأن السعودي، حقيقة أنه خشي من ضعف القيادة السعودية وهرمها، وهو ما كان يمكن أن يقود إلى صعود الجناح المحافظ وسيطرته على القرار السياسي والعسكري في الرياض.
وأضافت أنّ محمد بن زايد خشي من أن تتحول السعودية إلى قاعدة "لنشر الدعوة الإسلامية" في نسختها المتطرفة، لا سيما مع صعود نجم تنظيم "القاعدة" في المملكة، وهو ما جعله يرى وجوب إدخال "إصلاحات جذرية" لتجفيف بيئة التطرف هناك، على حدّ قولها.
وأكدت الصحيفة أن بن زايد تمكن من التعرف إلى الأمير محمد بن سلمان قبل أن يصعد نجمه ويتولى ولاية العهد، ويصبح الرجل القوي في المملكة، إذ إن ولي العهد الإماراتي يمتاز بتأثير طاغٍ جداً على بن سلمان.
ونقلت الصحيفة عن مصادر خليجية قولها إن الإصلاحات الاجتماعية الواسعة التي أدخلها بن سلمان وحملة الاعتقالات التي طاولت عدداً من الأمراء كانت بتوجيه من بن زايد. ولفتت إلى أن التنسيق بين بن سلمان وبن زايد كان وراء مقاطعة قطر والتدخل في اليمن، مستدركةً أن ولي العهد الإماراتي لم يتردّد في إدارة ظهره لبن سلمان في اليمن عندما وجد أن الحرب وصلت إلى طريق مسدود، وأن مواصلتها لا تخدم مصالح عائلته ونظامه.
وشددت الصحيفة على أن وصول جماعات الإسلام السياسي للحكم في مصر وتونس في أعقاب ثورات الربيع العربي مثّل سيناريو الرعب الذي فزع منه محمد بن زايد، وهو ما دفعه إلى اتخاذ خطوات عدة، منها شنّ حملات اعتقال داخل الإمارات ضد الأشخاص الذين يشتبه في انتمائهم إلى هذه الجماعات، وفي الوقت ذاته العمل على إسقاط حكم الرئيس المصري محمد مرسي، الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين.
ووفق "كلكيلست"، فقد عمل محمد بن زايد بشكل مكثف من أجل إسقاط مرسي والدفع ببديل عن حكمه، خشية أن يتمكن الإسلاميون من السيطرة على الجيش المصري.
وتتبعت الصحيفة الخطوات التي أقدم عليها محمد بن زايد لإطاحة مرسي، لا سيما قيامه بدفع ملايين الدولارات لجماعات مصرية تعارض حكم الإخوان إلى جانب تمويله حملات دعائية داخل مصر لنزع الشرعية عن حكم مرسي.
ولفتت إلى أن أبو ظبي كانت أول من اعترف بشرعية الانقلاب الذي قاده عبد الفتاح السيسي ضد مرسي، وكانت ضمن الدول الخليجية التي أرسلت 23 مليار دولار لدعم نظام السيسي بعيد الانقلاب، مشيرة إلى أن الإمارات دفعت منذ ذلك الوقت عشرات المليارات من الدولارات لتأمين استقرار النظام.
ووفق المصدر عينه، فقد اعتمد بن زايد استراتيجية واضحة تقوم على المشاركة والاصطفاف في كلّ مواجهة يكون الإسلام السياسي طرفاً فيها، مشيرة إلى أن هذا يُعدّ أهم مسوغات عدائه لكلّ من تركيا وقطر. ورأت أن العداء للإسلام السياسي هو الذي دفع محمد بن زايد لإعادة علاقات الإمارات بنظام بشار الأسد.
وبحسب الصحيفة، فإنّ محمد بن زايد برّر في لقاءاته مع مسؤولين أجانب اعتراضه على امتلاك إيران السلاح النووي بمخاوفه من أن هذا التطور يمكن أن يفسح المجال أمام امتلاك جماعات إسلامية متطرفة مثل هذه السلاح في المستقبل.
وأشارت إلى أن محمد بن زايد يتبع سياسة مزدوجة تجاه إيران، إذ إنه يخشى أن تقوم طهران بمهاجمة أبوظبي في إطار أي تصعيد بينها وبين واشنطن، وهذا ما يفسّر سعيه لتهدئة التصعيد بين الإيرانيين والأميركيين في أعقاب اغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني.
ولفتت الصحيفة إلى محمد بن زايد لديه كثير من الطموحات ويمتاز بالصبر والتصميم، والاستعداد لاستخدام كلّ الوسائل من أجل تحقيق أهدافه، مستدركة أنه يفضل العمل في الخفاء ومن وراء الكواليس، "مما جعل من الصعوبة بمكان أن تعثر على تصريحات رسمية منسوبة له".