كاتب بريطاني: استيلاء المجلس الانتقالي على سقطرى دليل على تهميش الإمارات للسعودية
قال كاتب بريطاني بأن استيلاء المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الامارات على سقطرى، يشير إلى أن الإمارات عملت على تهميش السعودية، ودفعت بها في وضع أضعف، على الأقل حتى الآن، لتحقيق مشاريع أبوظبي التوسعية.
وكتب الصحفي البريطاني، جوناثان فنتون هارفي، مقالا نشره موقع «العربي الجديد اللندنية» بنسخته الانجليزية، وقال: «بعد الكثير من التنافس مع السلطات السعودية والمحلية، استطاعت سيطرة المجلس الانتقالي الانفصالي المدعوم من الإمارات على جزيرة سقطرى النائية في اليمن، تأمين أحد أهداف أبو ظبي الرئيسية في البلاد، وذلك في خضم مساعيها لممارسة النفوذ في أماكن أخرى في جنوب اليمن».
ووفق الكاتب، يرمز هذا التطور إلى التفوق التدريجي لدولة الإمارات على حساب الرياض كلاعب خارجي مهيمن في اليمن - حيث كانت سابقاً لاعباً محدوداً في البلاد - بينما تفقد الرياض ببطء نفوذها من خلال مرشحها المثالي، حكومة عبدربه منصور هادي المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.
وقال الكاتب «لطالما احتلت الإمارات الجزيرة كمنصة لتوسيع تجارتها البحرية عبر المحيط الهندي وخارجه، إلى جانب الموانئ الأخرى في جنوب اليمن بما في ذلك عدن والمكلا. حيث قامت بإنشاء المجلس الانتقالي الانفصالي مع تأسيسه في عام 2017، ودعمت جناحه العسكري المتمثل في الحزام الأمني ??والميليشيات المتحالفة في جميع أنحاء الجنوب، بالنظر إلى أن دولة جنوبية مستقلة لها علاقة ودية مع الامارات ستساعد في تأمين أهدافها».
وأضاف بالقول بأن طبيعة سقطرى الفريدة - بما في ذلك شجرة دم الأخوين، إلى جانب أكثر من 700 نوع حصري للجزيرة - تجعلها موقعًا جذابًا يمكن لأبو ظبي استغلاله تجاريًا، بعد أن قامت بالفعل برحلات سياحية هناك.
وأشار هارفي «بأن السيطرة على سقطرى حفزت المزيد من نشاط الانتقالي الجنوبي في أماكن أخرى في جنوب اليمن. حيث استمرت الاشتباكات في محافظة أبين. وقد أرسلت المملكة العربية السعودية، في 24 يونيو / حزيران، مراقبين لوقف إطلاق النار بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي، ولكن ذلك سرعان ما انهار، لتتواصل أعمال العنف بعد ساعات قليلة».
ورجح الكاتب أن يستمر العنف حتى يضمن الانتقالي الجنوبي المزيد من السيطرة، بالإضافة الى اعاقة سيطرة هادي في هذه المحافظات وأماكن أخرى، مثل محافظة شبوة الغنية بالنفط، مع استمرار الدعم الإماراتي.
وقال «يأتي هذا العنف بعد انهيار اتفاق الرياض في نوفمبر الماضي، عندما أعلن الانتقالي الجنوبي «الحكم الذاتي» من عدن في أبريل. وقد شهد اتفاق الرياض السعودية تستعيد سيطرتها المؤقتة، وتخفيف القتال بين المجلس الانتقالي وحكومة هادي، والذي اندلع في أغسطس الماضي بعد انقلاب المجلس الانتقالي في عدن والغارات الجوية الإماراتية اللاحقة على قوات هادي».
وتابع بالقول بأنه وعلى الرغم من هذه الانتكاسة الواضحة، ما زالت الإمارات تسعى إلى تقويض الاتفاق وإبعاد سيطرة الحكومة، كما يتضح من دعمها المستمر للميليشيات الانفصالية في سقطرى وأماكن أخرى في الجنوب.
حيث على الرغم من معارضتها الصريحة للإعلان، إلا أنه من غير المستبعد أن تكون أبو ظبي قد شجعت خطوة المجلس الانتقالي، من أجل إضفاء الشرعية على وجودها وتقويض هادي.
وقال هارفي بأنه على الرغم من أن الرياض ضمنت مرشحها المثالي - عبد ربه منصور هادي، بعد فوزه الانتخابي في عام 2012، فقد أرادت الإمارات إبعاد هادي. حيث يمنح نفوذه المتدهور الآن الإمارات فرصة أكبر للضغط من أجل السيطرة على عدن، بعد أن ألغى هادي في عام 2012 صفقة علي عبد الله صالح مع موانئ دبي العالمية، والتي منحت الإمارات إمكانية الوصول إلى ميناء عدن الاستراتيجي.
ولفت إلى أن، كلا من الإمارات والسعودية قد تباعدتا بوضوح في اليمن، يجب اعتبار علاقتهما بالأحرى بمثابة «تنافس داخل تحالف قوي». فقد تواصلوا دائمًا على نطاق واسع، بما في ذلك عندما انقسمت استراتيجياتهم، وتمكنوا إلى حد كبير من احتواء خلافاتهم.
ومع ذلك، يستدرك الكاتب، «هناك توترات هادئة، خاصة وأن المملكة العربية السعودية من المحتمل أن تكون مستاءة بصورة غير معلنة ازاء مغامرة الإمارات. وبرغم أن الرياض عاجزة عن التصرف في الوقت الحالي، إلا أنها ما زالت لا تريد أن تتعارض مع أبو ظبي».
ويرى هارفي، أنه في الوقت الذي واصلت السعودية حملة القصف المدمرة وغير المثمرة ضد الحوثيين، قامت الإمارات بتدريب وتجهيز هذه الميليشيات الانفصالية، وإنشاء وجود ملموس على أرض الواقع، بشكل مستقل عن سلطة هادي.
وقال بأن التعاون السعودي والإماراتي المستمر سيمنع اندلاع العنف بين هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي. ومع ذلك، تظهر الديناميكيات المتغيرة أن الإمارات تكتسب اليد العليا شيئا فشيئا، في حين أن نفوذ المملكة العربية السعودية يتهاوى.
واضاف بالقول بأن الإمارات، التي لا تزال تقدر علاقاتها مع المملكة العربية السعودية، ستتخذ إجراءات محسوبة أكثر من التدابير القوية لتمكين الانتقالي الجنوبي.
ومع ذلك، فحتى لو كان الانتقالي الجنوبي يسعى من أجل تأمين السيطرة الكاملة على الجنوب، وإذا لم تحظ محاولة استقلاله بالاعتراف الدولي، فإن الإمارات تسعى حقًا إلى تأمين حفنة من الموانئ الجنوبية المختلفة، بما في ذلك سقطرى وعدن.
وبحسب الكاتب، في الوقت الحالي، قامت الامارات بتهميش السعودية وجعلها في وضع أضعف. حيث في سياق إقليمي أوسع، تعتبر العلاقة بين القادة الحاليين محمد بن سلمان ومحمد بن زايد حاسمة لفهم ذلك. وقد اعتبرها الكثيرون علاقة «طالب - معلم».
وتابع: «يستخدم بن زايد الأكثر حرفية والاكثر خبرة السياسة الخارجية العلنية والمغرورة للشاب بن سلمان كغطاء لتوسيع نفوذ الإمارات».
في ليبيا، تفوقت الإمارات العربية المتحدة على المملكة العربية السعودية باعتبارها الفاعل الأكثر هيمنة بين الاثنين، لتصبح أكبر داعم لخليفة حفتر. في غضون ذلك، تبني أبو ظبي علاقاتها مع إيران، وتوطد جميع العلاقات باستثناء الانفتاح الواضح مع إسرائيل، وتقود الجهود العدائية ضد تركيا، مما يجعلها لاعبًا أكثر تأثيرًا من الرياض.
ويختم الكاتب جوناثان فينتون هارفي مقاله بالقول بأنه وبالنظر إلى تطور دفة المعركة في اليمن، من المرجح أن تستمر الإمارات في تجاوز المملكة العربية السعودية، ما لم يكن هناك ضغط دولي على التحالف من أجل حل سياسي حقيقي.