بعد تعثر مشروعها في ليبيا .. الإمارات تسارع لإنهائه في اليمن

بعد تعثر مشروعها في ليبيا .. الإمارات تسارع لإنهائه في اليمن

مع تعثر المشروع الإماراتي في ليبيا، وما تعرضت له مليشيات خليفة حفتر المدعوم من أبوظبي والرياض والقاهرة من هزائم على أيدي قوات حكومة الوفاق الليبية التي دحرت تلك المليشيات من كامل مناطق الغرب الليبي، تسارع الإمارات خطاها لتحقيق اختراق في الملف اليمني، وتعمل على تفكيك الدولة التي ادعت مشاركتها في تحالف تقوده السعودية لاستعادة الشرعية، بينما هي سراً وعلناً، تمضي في مخططات لترسيخ وجودها في المحافظات الجنوبية،

 

وتعمل الماكينة التخريبية للإمارات ـ على حد وصف عدد من المسؤولين اليمنيين ـ على تنفيذ خطط لتفكيك البلد وفق ما يخدم أجندتها، إنطلاقاً من حسابات خاصة تحدد بوصلتها، وتوجه خطواتها، منذ اقتحامها أسوار الباحة الخلفية لحليفتها السعودية.

 

ولم تعد الأطماع الإماراتية مستترة، وفق عدد من التقارير الدولية، حيث تتحرك في كل الاتجاهات، لبسط أذرعها، والتمدد في المحافظات الجنوبية في اليمن.

وتستند شيفرة الإمارات في اليمن على تحركات الانفصاليين، والمجلس الانتقالي في تحد صارخ للقرارات السعودية.

 

وبحسب تقرير لصحيفة " القدس العربي " اللندنية تنطلق الإستراتيجية الإماراتية في اليمن من تهميش الحكومة الشرعية، ومصادرة صلاحياتها، والحيلولة دون اضطلاعها بمهامها، حتى تمنح الفرصة لوكلائها للتدخل. وتؤكد هذه الإستراتيجية ما كشف عنه الناطق الرسمي باسم حزب الإصلاح في اليمن علي الجرادي، من وجود توجهات ومخططات دولية لإنهاء دور الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من المشهد السياسي اليمني.

 

وصرح الجرادي علناً بوجود “توجهات جديدة تحيكها قوى دولية وإقليمية، لإنهاء دور الرئيس هادي، واستبداله بصيغة توافقية جديدة من شأنها تقسيم اليمن جغرافيا ومذهبيا بعيدا عن الشرعية”.

 

وتهدف هذه الترتيبات لإفقاد الشرعية، المشروعية الدولية بصيغة جديدة تتجاوز قرار مجلس الأمن 2216 وتتضمن تشكيل ما يشبه نظام الحكم الفدرالي – كانتونات على الأرض، وحكومة في منطقة خضراء – بحيث يصبح كل فصيل مسيطراً على ما لديه حالياً.

وشرعت الإمارات، خلال الفترة الماضية، العمل على هذا المخطط بشكل جدي، وذلك من خلال بناء تحالفات سياسية جديدة تعمل ضد الحكومة الشرعية، والتهيئة لهذه الخطوة من خلال التصعيد الإعلامي الواسع، والتحرك الدبلوماسي غير المباشر ضد الشرعية والجيش الحكومي وبقية الأحزاب الوطنية.

 

وتتخذ أبو ظبي من “محاربة الإخوان” ذريعة لتبرير سياساتها وتدخلها في البلد الممزق بين الحوثيين شمالاً، والانقلابيين المدعومين منها جنوباً.

واتهم وزير يمني، الإمارات باتخاذ حزب “الإصلاح” ذو التوجه الإسلامي “شماعة” لتنفيذ مخططات خاصة بها في اليمن.

 

وغرد وزير الدولة في الحكومة الشرعية – أمين العاصمة صنعاء – اللواء، عبد الغني جميل، عبر حسابه في تويتر بشكل مباشر، مندداً بالخطط الإماراتية.

وقال جميل وهو قيادي في حزب المؤتمر الحاكم مخاطبا الإمارات “إذا كنتم ضد (حزب) الإصلاح فانزعوا علمه من سقطرى وليس علم اليمن الذي استبدلتموه بعلمكم”.

وأضاف “أن حزب الإصلاح ضحى بخيرة رجاله في سبيل الدفاع عن كرامة اليمن”

 

وأوضح “أن الإمارات جعلت من الحزب، (الإصلاح) شماعة لتنفيذ مخططاتها التي لا تخفى على أحد”.

وتتناغم تصريحات المجلس الانتقالي “إنه يخوض صراعاً مع مكون الإصلاح داخل الحكومة والجيش” مع الإدعاءات الإماراتية.

 

ومنذ تدخّلها العسكري في الحرب اليمنية، ضمن “التحالف العربي” آذار/مارس 2015 لم تترك أبو ظبي وسيلة إلا واستخدمتها لتعزيز نفوذها على حساب الحكومة اليمنية، التي باتت عدوها الأول. وتركز إمكاناتها على تشكيل جماعات موازية للشرعية تعمل على تنفيذ مشروعها، الذي تجلّت أبرز صوره بالانقلاب الذي نفذه أتباع أبو ظبي في “المجلس الانتقالي الجنوبي” على سلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي جنوبي اليمن وتحديداً في العاصمة المؤقتة عدن.

 

وعملت الإمارات في كل مرحلة من الصراع على تغيير وتطوير أدواتها التي لم تعتمد فقط على تعزيز وجود ودعم جماعات مسلحة خارج سلطة الشرعية اليمنية، بل أيضاً عرقلة تحرير بعض المناطق من سيطرة الحوثيين لأهداف خاصة.

 

وترتكز إستراتيجية التدخل الإماراتي على توظيف مرتزقة أجانب، توظفهم في حروبها والنزاعات التي تشارك فيها في كل من ليبيا واليمن.

ومنذ سنوات، تكشف تحقيقات قادتها منظمات دولية مئات المرتزقة من دول أمريكا اللاتينية، تقدر بأكثر من 450 مرتزقاً يرتدون الزي العسكري الإماراتي في اليمن.

 

وتحدثت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية نهاية 2015 عن تجنيد مجموعات من المرتزقة وتدريبهم في الإمارات، قبل نشرهم في اليمن.

ووفقا لموقع “بوزفيد” الأمريكي، استعانت الإمارات بالمرتزقة لتنفيذ حملات تصفية جسدية لقيادات من حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذي تنظر إليه أبو ظبي على أنه الفرع اليمني لجماعة الإخوان المسلمين.

 

وأوضح الموقع أن الإمارات تسعى من خلال ذلك إلى تصفية الجهات المعارضة لسياساتها الانفصالية في اليمن، والرافضة للهيمنة الإماراتية على موارد جنوبي اليمن، والمناهضة لتعزيز النفوذ العسكري الإماراتي المباشر، أو عبر مرتزقة أجانب في جزيرة سقطرى، الذي تهدف منه إلى تأمين تجارتها عبر المحيط الهندي.

 

الأذرع الإماراتية، لم تقتصر على مئات المرتزقة، وهي تعمل خلال سنوات الصراع اليمني على إنشاء ميليشيات خاصة بها في جنوب وشرق اليمن، مثل قوات “النخبة الحضرمية” و”الشبوانية” وأيضاً محاولة تشكيل جماعات مماثلة في المهرة. وفي الوقت نفسه عملت على إنشاء “الأحزمة الأمنية” في عدن ولحج وأبين والضالع.

 

وبالتوازي مع ذلك أنشأت كياناً سياسياً كغطاء لتلك الميليشيات هو “المجلس الانتقالي الجنوبي” في تحدٍ صريح وواضح للحكومة اليمنية، لتنجح في بسط سيطرتها عبر هذه الأدوات على أغلب مناطق جنوب وشرق اليمن، بل تحوّلت هذه السيطرة إلى احتلال إماراتي مكتمل الأركان.

 

وتتحكّم أبو ظبي في كل شيء في المناطق المحررة، بما في ذلك منع هادي وأركان حكومته من العودة إلى اليمن، بعدما أحكمت قبضتها على منافذ البلاد البرية والجوية والبحرية، ومناطق الثروة.

 

الخطط الإماراتية في الاستعانة بوكلاء لتنفيذ سياساتها في اليمن، تتوسع تدريجياً، فبعد أن استنفدت رصيدها مع السودان، والاستعانة بمخزون بشري وفره حليفها (القيادي حميدتي) تشرع حالياً على الاستزادة بمصادر جديدة.

وكشفت وزارة الخارجية الصومالية أن مقديشو رفضت عرضاً قدمته دولة الإمارات للانضمام إلى الحرب في اليمن مقابل حوافز مالية ووصفته بأنه “سخيف”.

 

وكشفت صحيفة “المونيتور” أن الإمارات عرضت إعادة فتح مستشفى الشيخ زايد في العاصمة الصومالية مقديشو بشرط مشاركة الصومال في الحرب في اليمن، في حين أعلنت رسمياً أن أرخبيل سقطرى إقليم صومالي.

 

واستخدمت أبو ظبي ورقة مستشفى الشيخ زايد الإماراتي الذي كان يقدم رعاية صحية مجانية للمواطنين الصوماليين، لابتزاز السلطات المحلية، حيث لجأت لإغلاقه في 2018 كجزء من الخلاف الدبلوماسي بين أبو ظبي ومقديشو.

 

التدخل الإماراتي في اليمن والذي يتم على المكشوف، يورط أكثر حليفتها السعودية، التي لم تتدخل بحزم لتعديل الكفة لصالحها، وهي في المقابل تتحمل تكاليف وأعباء التدخل. وتدفع المملكة لوحدها عبء الانتقادات، وتوجه لها تحديداً أصابع الاتهام. وكشفت وزارة الدفاع البريطانية أن أكثر من 500 غارة شنتها الرياض في اليمن تشكل انتهاكاً محتملاً للقانون الدولي، رغم تبرير لندن قرارها باستئناف بيع الأسلحة للرياض بوقوع “حوادث معزولة فقط” وفق ما ذكر تقرير لصحيفة “غارديان”.

 

ورداً على سؤال عاجل في مجلس العموم بشأن استئناف مبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية، رفض وزير التجارة، غريغ هاندز، تحديد عدد حوادث القصف التي استعرضتها المملكة المتحدة قبل موافقتها على منح تراخيص تصدير الأسلحة مرة أخرى للرياض.

 

وقال أيضا إنه لن ينشر أي تقارير حكومية بريطانية عن ضربات سعودية في اليمن، منوهاً إلى أنه لا يملك “حرية القيام” بذلك، لأن معلومات من هذا النوع يفترض أن تصدر من مصادر تحظى بالسرية.

 

لكن وبعد سؤال مكتوب من أحد نواب حزب العمال طلب فيه حصر عدد الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني التي اقترفها التحالف السعودي الإماراتي منذ عام 2015 في اليمن، رد وزير الدفاع جيمس هيبي بأن عدد حالات الانتهاك المحتملة بلغت حتى 4 تموز/يوليو الجاري، وفق قاعدة بيانات وزارة الدفاع، المعروفة بـ “تراكر” 535 حالة.

 

وتزيد مثل هذه التقارير من ورطة الرياض، التي تحارب لوحدها لإبعاد الشبهات عن تدخلها في اليمن، في وقت يلعب حليفها لمصلحته الخاصة وينفذ أجنداته.

ويحذر المسؤولون اليمنيون من “مخطط” لإسقاط محافظات يمنية بيد المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، ومن تزايد نفوذ كل من السعودية والإمارات اللتين باتتا “تتقاسمان السيطرة” على البلاد.

 

في المقابل، دعا مستشار الرئيس اليمني ورئيس الحكومة السابق أحمد عبيد بن دغر، اليمنيين إلى حوار يمني عاجل للبحث في مصير البلاد بدلا من الاستمرار في كتابة وثائق التقسيم بأيديهم، على حد تعبيره.

كما حذر وكيل وزارة الإعلام اليمني محمد قيزان، من “مخطط” لإسقاط محافظة حضرموت اليمنية بيد الانتقالي الجنوبي، مشيرا إلى أن مخطط إسقاطها يجري على قدم وساق.

 

وطالب قيزان الحكومة اليمنية بالعودة إلى اليمن لممارسة مهامها، والتي اعتبرها “ضرورة وطنية من أجل مواجهة مخططات الانتقالي المدعوم من الإمارات”.

وأضاف “عودة الحكومة إلى حضرموت والاستقرار بها وممارسة كافة مهامها التنفيذية ضرورة وطنية، فمخطط تسليم حضرموت من ميليشيات الانتقالي يسير على قدم وساق ولن يطول كثيرا، ووقتها لن تنفع بيانات الإدانة والاحتجاجات والندب عبر وسائل الإعلام”.

وتمضي أبو ظبي نحو تنفيذ أجنداتها من دون أي التفاف لصرخة اليمنيين، ومن دون أي اعتبار لحليفتها الرياض.

 

وتمتد أذرع “الأخطبوط” الإماراتي إلى كل من ليبيا واليمن لضلوعها في الصراع المسلح بالبلدين، وكذلك إلى إريتريا، حيث تنمي طموحاتها بالتمدد عبر قاعدة عسكرية تقيمها هناك، وفي جمهورية أرض الصومال الانفصالية، غير المعترف بها دوليا، إضافة إلى نحو أربعة موانئ في أربع دول على ساحل البحر الأحمر.

الكاتب