خبراء دوليين يحذرون من مخاطر بيئية مع بدأ تشغيل المفاعل النووي في الإمارات

خبراء دوليين يحذرون من مخاطر بيئية مع بدأ تشغيل المفاعل النووي في الإمارات

حذّر تقرير لخبراء دوليين في مجال الطاقة النووية مما قالوا إنها مخاطر بيئية محدقة مع تدشين مفاعل نووي مدني في الإمارات، بعد تأجيلات متكررة بسبب مشاكل متعددة متعلقة بالسلامة.

 

وأعلنت الإمارات أمس بدء تشغيل مفاعل براكة النووي بمنطقة الظفرة في أبو ظبي، وهو الأول من بين أربعة مفاعلات تقيمها ضمن مساعيها لتوسيع قدراتها النووية ومصادر إنتاج الطاقة.

 

وتعول أبو ظبي على إنتاج ربع احتياجات البلاد من الطاقة، مع توقعات بأن تبلغ طاقتها التشغيلية 5.6 غيغاوات، من خلال هذه المفاعلات التي استعانت فيها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، بالخبرات الأجنبية، وتحديدا الخبرة الكورية الجنوبية.


ولكن الاحتفاء الإماراتي بتشغيل مفاعلها النووي، لا يبدد المخاوف من المخاطر المحتملة للمنشأة الجديدة، ولم يجب بعد عن أسئلة عديدة ما فتئ خبراء الطاقة يطرحونها بشأن المشروع.

 

وقال الخبراء في تقرير نشرته منظمة باور تكنولوجي الدولية المختصة في مصادر الطاقة، إن الكثير من المخاوف تحوم حول المشروع خاصة تلك المتعلقة بأي تسرب محتمل بالنظر للمشاكل الفنية التي تخللت تدشين المفاعل.

 

وقال الخبراء إن موقع تدشين المفاعل يشكل تحديا آخر، حيث يقام المشروع في منطقة متخمة بالأزمات، ومحيط لا يبعث على الاطمئنان لمنشآت حساسة من هذا القبيل.

 

وأثار الخبراء تساؤلات حيال الجدوى الحقيقية من تدشين المشروع بالنظر لوجود بدائل أخرى للطاقة كالطاقة الشمسية، حيث إن الأولوية لا تكون بحكم المنطق في دول الخليج ذات الطبيعة الصحراوية للطاقة النووية، بسبب تمتعها بأفضل مصادر الطاقة الشمسية في العالم، واستثماراتها في ذلك ستكون بتكاليف أقل من الطاقة النووية بكثير.

 

ويلفت الموقع إلى أن الخليج منطقة أزمات تبقى تهديدات اشتعالها واردة، مشيرا إلى استهداف الحوثيين منشآت لشركة أرامكو السعودية أواخر يناير/كانون الثاني من العام الجاري، في امتداد لتداعيات حرب اليمن.

 

ومع التسليم بأن الإمارات منخرطة عدة وعتادا وجنودا وتخطيطا وتدبيرا في هذه الحرب، فإن احتمالات استهدافها ضمن ردود فعل من جانب خصومها تبقى واردة مع أي تصعيد.


وفوق هذا، فإن سمعة الشركة الكورية الجنوبية "كيبكو" (KEPCO) التي تنجز المشروع شراكة مع الإمارات، تعرضت للتشويه من خلال سلسلة فضائح، حكم فيها على كبار مسؤولي السلامة بتزوير وثائق السلامة للأجزاء المستخدمة في مفاعلاتها النووية.

 

وتساق هذه المخاوف هنا، بالنظر لحوادث المفاعلات النووية التي لم تسلم منها دول نووية، بنت مفاعلاتها بخبراتها وعقولها، فقد حدث مثل ذلك مرارا في اليابان، وحدث كذلك في إيران، مخلفة أضرارا بشرية ومادية جسيمة، وآخرها انفجارات منشآت نطنز غربي الجمهورية الإسلامية.

 

وقد حذر الأستاذ بمعهد الطاقة في جامعة لندن العالمية باول دورفمان من أن وقوع الحوادث في المفاعلات النووية يظل وارد الحدوث، وأن أضرارها حينئذ ستكون كارثية على البيئة والبشر.

وأشار دورفمان في تصريحات صحفية  إلى أن أي حادث من هذا القبيل يهدد نشاط تحلية مياه البحر الذي تعتمده دول المنطقة.

 

وتساءل ماذا يمكن أن يحصل لو وقع فعلا حادث كبير في مفاعل براكة أو أثناء نقل مواد نووية عبر الخليج أو عبر مضيق هرمز وصولا إلى بحر العرب؟

 

وأجاب أن أي حادث سيكون مكلفا جدا وستكون له تأثيرات كبيرة على البيئة وعلى البشر الذين يعيشون في الخليج، فدول هذه المنطقة تعتمد كثيرا على تحلية مياه البحر، وإذا وقع أي حادث يؤدي إلى إشعاعات في المنطقة، فسيؤثر ذلك على تحلية المياه في المنطقة كلها.


كما لفت دورفمان إلى أن تكلفة إنتاج الطاقة النووية مرتفعة جدا قياسا بغيرها من الطاقات النظيفة، مشيرا إلى أن تكلفة الطاقة الشمسية تمثل سُبع (7/1) تكلفة إنتاج الطاقة النووية، وهو ما جعل الاهتمام بهذه الأخيرة يتراجع في الأسواق العالمية.

 

وقال إن الاستثمار في هذه الطاقة استثمار سيئ للغاية، فالأسواق العالمية لا تهتم كثيرا بالطاقة النووية لأنها عالية التكلفة، والدول التي تعتمد عليها هي الدول التي تسيطر على المجال مثل روسيا والصين.

 

وأضاف أنه فضلا عن التكاليف فإن الطاقة الشمسية أكثر أمنا من الطاقة النووية، متسائلا هل نحن فعلا بحاجة إلى الطاقة النووية في هذه المنطقة؟!

 

وكانت صحيفة التليغراف البريطانية حذرت في تقرير سابق لها  من قدرة الحوثيين على ضرب المفاعل مجددا، لا سيما أنهم تمكنوا من إيقاع أضرار جسيمة في منشأتي نفط تابعتين لـ"أرامكو".

 

ونوهت الصحيفة إلى إمكانية تضرر المفاعل النووي الإماراتي من التغيير المناخي، والذي قد يؤثر على خصائص التبريد فيه.

 

يشار إلى أن الحوثيين أعلنوا في 2017 تمكنهم من ضرب محطة "براكة" للطاقة النووية، إلا أن أبو ظبي نفت ذلك، مشيرة إلى تحصينها بحماية على أعلى المستويات.

 

وفي شهر مارس/آذار الماضي، بعثت قطر برسالة إلى وكالة الطاقة أوضحت فيها أن محطة براكة النووية تشكل تهديدا خطيرا للاستقرار الإقليمي والبيئة، مطالبة بوضع إطار عمل يخص الأمن النووي في الخليج.

 

وأضافت قطر أن غبار مواد مشعة ينجم من حادث عرضي يمكن أن يصل إلى الدوحة خلال 5 ساعات إلى 13 ساعة، وأن تسربا إشعاعيا سيكون له تأثير مدمر على إمدادات المياه في المنطقة بسبب اعتمادها على محطات التحلية.

 

ومن جانبها، أكدت الإمارات عدم وجود أي دواع للقلق بشأن مشكلات السلامة لمحطة براكة للطاقة النووية، مؤكدة أنها تلتزم بأعلى مستويات السلامة النووية والأمن وحظر الانتشار النووي، كما أوضحتها السياسة النووية للإمارات لعام 2008.

الكاتب