في الإمارات .. أشكال التهديد تتنوع لكل من ينتقد أو يعبر عن رأيه

في الإمارات .. أشكال التهديد تتنوع لكل من ينتقد أو يعبر عن رأيه

يبدو أن سلوك التهديدات المختلفة بات عادياً في الإمارات، فبعد أن هددت الحكومة الإماراتية مواطنيها بالملاحقة القانونية في حال نشر آثار الدمار التي حلت بالمرافق العامة والخاصة نتيجة الأحوال الجوية، ومن ثم اتباع نفس الأسلوب في حادثة الطائرة الإماراتية التي استشهد على متنها طيارين إماراتيين، تأتي مؤسسة خدمية لتهدد أحد الصحفيين الإماراتيين في مصدر رزقه.

حيث كشف مواطن إماراتي يعمل صحافيًا في مؤسسة إعلامية في دبي أن إحدى المؤسسات الخدمية في الإمارة قامت بتهديده عبر إرسال رسالة إلى جهة عمله تشكوه فيها وتطالبه إما بالاعتذار عن تغريداته التي نشرها ضد المؤسسة في تويتر أو أنه سيتم قطع الإعلانات عن الصحيفة.

وقال المغرد الصحافي لصحيفة "إيلاف" السعودية، أنه بعد هطول الأمطار الغزيرة وهبوب الرياح القوية على دولة الإمارات مؤخرًا انقطعت عن منزله إحدى الخدمات الضرورية والملحة، والتي لا يمكن الاستغناء عنها مطلقًا لمدة ثلاثة أيام متتالية، وأنه قام بالاتصال بتلك المؤسسة المسؤولة عن تقديم تلك الخدمة لإصلاحها، فاعتذروا له شفهيًا عن انقطاع الخدمة ووعدوه هاتفيًا بأنه سيتم إصلاح الأعطال وعودة الخدمة إليه في أسرع وقت ممكن، ولكن لم يتم تصليح تلك الأعطال إلا بعد مرور ثلاثة أيام، الأمر الذي اضطره إلى اصطحاب أسرته بعيدًا عن منزله المقطوع عنه الخدمة الضرورية التي لا يمكن له الاستمرار في المنزل بدونها، ومكث الثلاثة أيام كاملة في أحد الفنادق دون حل لمشكلته.  

وتابع المواطن أنه بعد تأخر المؤسسة في إصلاح الأعطال قام بالتغريد من حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، وعاتب المؤسسة التي تقدم الخدمة قائلاً إنها مؤسسة كبيرة من المفترض أنها حاصلة على جوائز في التميّز والجودة في تقديم الخدمات، ولكنها تتركه هو وأسرته لثلاثة أيام بلياليها من دون تلك الخدمة الملحة، ولم تنظر في شكواه التي قدمتها للمؤسسة مرارًا وتكرارًا.  

وقد حصلت "إيلاف" على نسخة من الخطاب، الذي وجهته المؤسسة لرئيس تحرير الصحيفة التي يعمل فيها الصحافي الإماراتي صاحب المشكلة، والذي تطالبه المؤسسة في الخطاب "إما الاعتذار للمؤسسة والتغريد بذلك في تويتر، وهو ما يعني استمرار المؤسسة في الإعلان لدى الصحيفة.. وإما أن يصر المغرد الصحافي على موقفه ومن ثم ستقوم المؤسسة بقطع الإعلانات عن الصحيفة".  

هذا الموقف يثير إشكالية غريبة، وهي أن الصحافي يبدو أنه تحوّل إلى موظف، في أن عليه أن يرضي المعلنين وألا يقوم بانتقادهم حتى تستمر الإعلانات متدفقة على صحيفته، وانه إذا قام بممارسة عمله الصحافي بمهنية وحرفية من دون مجاملة وقام بانتقاد أي مدير أو مسؤول فسيكون جزاؤه هو الشكوى لرؤسائه والتهديد بقطع الإعلانات عن الصحيفة، وذلك لمعاقبة ذلك الصحافي وصحيفته نفسها أيضًا.  

فالمؤسسات المختلفة أصبحت تريد فقط كل الأخبار الإيجابية عنها ولا تريد من ينتقدها أو من يكشف قصورها وعيوبها، وذلك على الرغم من أن محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي يدعي دائماً بمناداته بحرية الصحافة وعدم ممارسة أي جهة ضغوطات على الصحافيين، وأن من حق الصحافي أن يتحدث بشفافية وبشكل نزيه عن كل ما يراه من سلبيات، وذلك من أجل أن يتم معالجة جوانب القصور وتحقيق التميّز في الخدمات التي تقدمها المؤسسات الخدمية إلى الجمهور، في ظل سعي الحكومة لتقديم أفضل الخدمات الذكية، كما أنه لا يحق حبس الصحافي في الإمارات بناء على رأي تحدث به أو ما يقوم بنشره من مواد.  

الكاتب