ضابط موساد اسرائيلي يتحدث عن تفاصيل علاقته السرية مع الإمارات
كشف الضابط الإسرائيلي ديفيد ميدان، المسؤول السابق عن تجنيد العملاء للموساد حول العالم،عن تفاصيل علاقته السرية مع دولة الإمارات ، مشيراً إلى أنه "عام 2005 شهد أول زيارة له إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي الرحلة الأولى لأول مسؤول كبير من جهاز الموساد مع هذه الإمارة، وهنا بدأ الاتصال السري، ولذلك فإن اتفاقية السلام التي أعلنت مؤخرا بين تل أبيب وأبوظبي هي نتيجة لسنوات عديدة من النشاط السري".
وأضاف ميدان الذي أدار قضية أسرى الاحتلال لدى المقاومة، في لقاء مطول مع صحيفة إسرائيل اليوم، ترجمتها "عربي21" أنه "منذ أن قرر أريئيل شارون رئيس الحكومة تعيين مائير داغان رئيسًا للموساد في 2002، فقد أكد على مهمتين: تنمية العلاقات مع العالم العربي، وإنتاج قدرات سرية للتعامل مع إيران".
وأوضح ميدان، أحد المفاوضين الرئيسيين لصفقة تبادل الأسرى مع حماس المعروفة باسم "صفقة شاليط"، ويعمل اليوم رئيسا لشركة فورامون الناشطة في صناعة المياه، أنه "بالفعل تم التعامل مع هذين الملفين، وجاءت التعيينات اللاحقة في الجهاز بناء على تنفيذهما، ومن يومها رأى داغان انتمائي لملف توثيق الاتصالات مع الدول العربية".
وأشار إلى أنه "رغم اتصالاتي مع نظرائي بأجهزة المخابرات الأمريكية CIA والبريطانية MI6، ودول إفريقيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا الشرقية، لكن 60 بالمئة من وقتي كان في الدول العربية، أستيقظ صباحا، وأبدأ يومي مع العرب، أحضرت مستعربين من جميع أنحاء العالم، في مكتبي كنت أتابع قناة الجزيرة باللغة العربية، حيث محتواها الأكثر ضررًا وسمًا، بعكس نسختها الإنجليزية الأكثر اعتدالًا".
وتابع: "في بداية عملي كنت ألتقي مع رئيس الوزراء أسبوعياً، ولم يكن جميع صانعي القرار الإسرائيلي يعرفون التفاصيل الدقيقة لمهامي في الدول العربية، خاصة إماراتي أبوظبي ودبي، أتذكر أنني أوضحت لهم ذات مرة أين توجد هذه الأماكن على الخريطة".
وأضاف أن "معياري في التواصل مع الدول العربية، وأيها الأكثر تفضيلا استند للجغرافيا، لاسيما الدول المتاخمة لإيران، انتقلنا حرفياً من بلد عربي إلى آخر، بدءا بإجراء الاتصالات الشخصية، ثم ترتيب السفر، وهذه المرحلة بدأت عملياً في عام 2005، الذي شهد حدثًا هامًا للغاية، حيث زرت للمرة الأولى الإمارات العربية المتحدة".
وأضاف: "كنت أول مسؤول إسرائيلي كبير من الموساد يطير، ويلتقي بقائد الإمارات، ومن هنا بدأت علاقة سرية، مع موظفينا باستمرار على الخط، في تعاونات متنوعة ومثيرة للإعجاب، وبكثافة عالية، هذا رسم بياني بدأ بشركاء صغار، يرتفعون ويصعدون، حتى وصلوا إلى الذروة التي رأيناها في الاتفاقية الأخيرة بين بنيامين نتنياهو ومحمد بن زايد".
وأردف قائلا: "قبل زيارتي الأولى للإمارات في 2005، تم تسجيل عروض عشوائية من حين لآخر لشخصيات إسرائيلية اجتمعت في أبوظبي مع كبار المسؤولين، لكن الإمارات لم تر هذه العروض المتفرقة مهمة، لأنها لم تكن جزءًا من عملية مستمرة، ولأنهم، وهذا الأساس، يرون الموساد الهيئة الرسمية التي يتحدثون إليها، وبالتالي فإني بصفتي رئيساً لذلك القسم للتواصل مع الدول العربية، فقد تكونت لدي بعد ست سنوات من العمل المكثف حصيلة كبيرة من بناء العلاقة والحفاظ عليها".
وتابع: "بعد الانتهاء من عملي في الموساد، بدأت منذ 2013 ببناء بنية تحتية تجارية كبيرة جدًا، كأحد ركائز السلام الاقتصادي مع الدول العربية، هذا لا يظهر ذات صباح فجأة، لأنها عملية تم بناؤها ببطء، مع العلم أنه بعد إعلان الاتفاق الأخير أرسل لي أحد كبار المسؤولين الإماراتيين رسالة عبر الواتساب باللغة الإنجليزية، نصها "أنت من بدأت هذه المسيرة يا أخي".
وزعم ميدان أنه في "المرة الأولى التي تواجد فيها في أبوظبي في 2005، التقى مع محمد بن زايد وإخوته.
وتابع: "عادة ما نلتقي في أحد قصور الحاكم، في غرفة جلوس كبيرة جدًا، نجلس على كراس بذراعين، وأجواء مريحة، بجودة عالية جدًا، ومرطبات بسيطة، المحادثات بدت مهذبة للغاية، بدوا مصدرا للثقة، وسيكون لقاء الإسرائيليين معهم أمرًا رائعًا".
وأكد أنه "عندما انضم داغان إلينا في بعض اللقاءات تحدثنا مع الإماراتيين بالإنجليزية، أما في اجتماعاتي معهم لوحدي فكان الحديث بالعربية، والقليل من الإنجليزية، مع العلم أن المحادثة في غرفة المعيشة ليست للمحادثات الجادة، لأننا حينها ننتقل لغرفة مغلقة في منتدى من شخصين على كلا الجانبين، بحضور حاكم الإمارات ذاته وكبار المسؤولين، وقد عقدت معهم اجتماعات روتينية مستمرة".
وأوضح أنه "معجب جدا بشخصية ابن زايد، وقد اتخذ قراره الجريء بأن يخطو خطوة للأمام مع إسرائيل، بعدما كان يقول إن السلام غير ممكن مع إسرائيل ما دامت لم تتقدم مع الفلسطينيين، ولكن قبل عام بدا أن هناك تقدماً في الاتجاه المعاكس، اليوم نحن أمام اتفاقية سلام لكل شيء، لقد كان التطبيع طوال الوقت، والآن يتم تأطيره بشكل رسمي، وهذا يخلق ديناميكية من الترتيبات الجديدة".
وتوقع أن "المزيد من الدول العربية ستأتي تباعا بعد الإمارات؛ لا يهم من سيكون الأول والثاني، مع أن السعودية مهمة، فهي دولة كبيرة ومركزية، لكني أفترض أن الأولى ستكون البحرين، ثم سلطنة عمان، ثم السعودية، ثم الكويت، وبينها، ربما نفاجأ بدولة عربية أخرى".
وأشار ميدان إلى أنه "بالنسبة للاتفاق مع السعودية، وأن نرى اتفاقا مع إسرائيل خلال أيام، فإن محمد بن سلمان شخص ليس متوقعًا، لكني متأكد أن خطوة الإمارات تجاه إسرائيل منسقة معه، واتخذت بموافقته، لكنه مطالب بأن يتخذ قرارًا بشأن التوقيت الذي يناسبه، قد يستغرق شهرًا، ثم سيكون اتفاق مع إسرائيل، لن أسقط عن الكرسي إن حدث ذلك، في النهاية سيحدث، وهذا سيناريو معقول جدًا".
وحول مقارنة الاتفاقية الحالية مع الإمارات مع نظيراتها مع الأردن ومصر، على اعتبار أنه كانت لإسرائيل علاقة سلمية مع الإمارات، قال إن "الأمر مختلف، فإسرائيل خاضت مع مصر أربع حروب قاسية، وقتل عشرات الآلاف من الجانبين، والعديد من الأسرى، والأراضي المحتلة، والكثير من الدماء، فعندما أتى الزعيم المصري السادات، وحطم نموذج الحرب، ثم أتى في أعقابه الملك حسين بذات الشجاعة، فإن اختلافهما عن الإمارات أننا أمام واحدة من أغنى الدول، وأكثرها تقدمًا في العالم".
قال ميدان إن "أهمية الاتفاق الإسرائيلي مع الإمارات أنها ستندمج بشكل كبير في اقتصادنا، هذه دولة مغرمة جدًا بالتكنولوجيا وريادة الأعمال، وإسرائيل مناسبة لها جدًا، الإمارات تضخ مليارات الدولارات، وذات احتياطيات اقتصادية بـ تريليوني دولار، وإذا بدأوا الاستثمار لدينا، فسوف يزداد حجم التجارة بيننا".
وأكد أن "التقارير التي تتخوف من أن الاتفاق مع الإمارات قد يقوض التفوق العسكري لإسرائيل في المنطقة، من خلال صفقات الأسلحة النوعية، ليست صحيحة على الإطلاق، فلدينا جميع أنواع الاتفاقات معها في القضايا الأمنية، لأنني لا أرى في الإمارات عدواً، وغدا حين يتدفق الإسرائيليون إلى الإمارات فإن هذه الدولة آمنة جدا، مع شرطة قوية وأجهزة أمنية فعالة".
وكشف النقاب أن "الحديث عن العامل الفلسطيني في الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي يشير لمحمد دحلان، قائد الأمن الوقائي السابق في غزة، وأحد قيادات فتح المفصولة، ويعمل كبير مستشاري ابن زايد، ما قد يجعل من الاتفاق الحالي علامة ما على تتويجه في الساحة الفلسطينية، فالإمارات ستسعد بأن يسيطر على السلطة الفلسطينية، كما أنه يفضله الأمريكيون لكني لا أعرف فرصه في الساحة الفلسطينية".
وختم بالقول إن "مصلحة إسرائيل في وجود دحلان على رأس السلطة الفلسطينية، فإن الأمر مرتبط بأننا يمكن لنا أن نعقد معه صفقة، ولكن هل تريد إسرائيل صفقة مع الفلسطينيين، هذا سؤال آخر"