التدخل الإماراتي بمصر.. إلى أين؟

التدخل الإماراتي بمصر.. إلى أين؟

عمرو عبد الهادي

سمعت منذ عدة أيام أحد الحوارات المنسوبة لمسؤول إماراتي يسرد في أحد مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا برنامج "البال توك"، على حد زعم الناشر طبعا، عن خطة إسقاط مرسي بالتفاصيل المملة.

وطبعا لم أهتم لما فيه نظرا لشكي في المحتوى وعلمي بإمكانية اصطناعه، و لكن لفت نظري حينها حديث هذا المسؤول عن ضرورة الضغط على وزير الرياضة آنذاك أسامة يس، حتى لا تعود الرياضة المصرية متمثلة في النشاط الكروي وخاصة الدوري العام في عهد الدكتور محمد مرسي وإن عاد لا يجب عودة الجماهير للملاعب لأن هذا يصدر صورة استقرار لدولة الرئيس محمد مرسي.

ورغم تذكرنا جميعا ما فعله نجوم الكرة المصرية آنذاك من مؤتمرات ومسيرات والظهور في برامج للضغط على الرئيس، إلا أنني لم أعر التسجيل اهتماما، إلى أن علمت أن يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر ستستضيف الإمارات السوبر المصري في أبوظبي.

ورغم زوال اهتمامي بالرياضة منذ ثورة يناير ولكني حرصت على رؤية مراسم بدء المباراة لتقييم الوضع سياسيا فرأيت نزول المندوب السامي الإماراتي وزير الدولة السلطان جابر الأحمد للترحيب بلاعبي الأهلي والزمالك، وطبعا هذا الوزير نفسه هو من أعلن عن مشروعات الفنكوش المصرية التي بدأت من مشروع المليون وحده سكنية وقناة السويس مرورا بالإعلان عن وظائف في مصر للشباب وجمع تبرعات لمستشفى 57357.

وأخيرا وليس آخرا مشروع العاصمة الإدارية، بمجرد سرد دور هذا المندوب السامي الإماراتي يعيد إلى أذهاننا تعريف الاديمير إليتش لينين لمفهوم الامبريالية التي لطالما ارتبط مصطلحها بكلمة توسعيه، والإمبريالية في عام 1900 التي أطلقها لينين كانت عن الدول الكبرى التي تسعى للسيطرة على الدول الصغرى، وإن كان حيا الآن ورأى التدخلات الإماراتية في مصر لكان أعاد تعريف و صياغة نظريته السياسية مره أخرى.

إن من يتابع الشأن المصري يرى كيف أن الإمارات تدخلت سياسيا في مصر حيث إنها لم تترك مجالا إلا واقتحمته أولا ثم سيطرت عليه ثانيا ثم إدارته إدارة مباشره ثالثا، لدرجة أن هناك وزارات مثل وزارة الخارجية كانت تدار بمعزل عن عبد الفتاح السيسي نفسه لولا تغيير وزير الخارجية مؤخرا فعادت الإدارة التشاركية للحقيبة بين السيسي و محمد بن زايد.

وقد يرى القارئ في ذلك مبالغة ولكنها الحقيقة، إذ كانت بعض بيانات الرئاسة في مرحلة الوزير نبيل فهمي لا تمر على الخارجية حتى لا تعلم بها أبوظبي قبل صدورها، إن الإعلام والإعلاميين الذين احتفوا بالبطاطين والرز الإماراتي هم أنفسهم الذين أشاعوا عن قطر التي ساعدت رؤساء مصر وتساعدهم إلى الآن دون مقابل، كما أشاعوا عنها أيضا أنها ستشتري الأهرامات، وستشتري قناة السويس وغيرها.

إن الفكر التوسعي يكون بمجهود وبقدر الدول لا بحجم مساحتها، فنرى مثلا قطر رغم أن مساحتها 11000 كيلو متر مربع إلا أنها توسعت في مجال الرياضة والإعلام واختصت نفسها بالصبغة العربية الملتزمة إلى حد كبير ويظهر هذا في المناسبات الإسلامية وكيفية استقطاب كل نجوم الدين والدعوة والسياسة أيضا ولم تتدخل في سياسات دول أو تجعل وزيرا لديها يدير دولة أخرى سواء كانت دولة كبيره أو دوله صغيره مما جعل تواجدها على الساحة العالمية تتفوق على دول كبرى في الاتحاد الأوروبي.

بينما الإمارات التي تبلغ مساحتها 86716 كيلومتر مربع لم تستطع إلى الآن أن يكون لها طابع مميز في الوطن العربي إلا التوسع الرأسي في البنيان، واستقطاب رؤوس الأموال، وإعادة تدوير منتجات العالم تحت مسمى صنع في الإمارات عبر ميناء جبل علي، ولا أعلم حقيقة كيف لهم أن يتدخلوا هذا التدخل السافر دون أدنى مراعاة لمشاعر مواطني دولة أخرى.

ولا أعرف ماذا يتوقعون بعد هذا من استفزاز مشاعر 90 مليون مواطن مصري، وأنا أحدهم أرى في كل يوم وزير الدولة الإماراتي يدير دولتي التي زاد عمرها على 7000 عام، وهل يقبل هذا الوزير أن تتدخل مصر في مرحلة ما بعد السيسي لتستضيف رئيس حزب الأمة الإماراتي المعارض حسن أحمد الدقي في مصر وتتبني مؤتمراته وتتبني فكره.

وهل وقتها سيكون لدى الإمارات ما يجعلها تردع وتمنع مصر من هذا وهي لها في كل مناسبة منذ 3 يوليو صورة وفيديو يؤكد تدخلها السافر في مصر؟ أم أنها ستكون جاهزة باعتذار للشعب المصري والشعب العربي، أم سيكون هناك تمثيلية على إثر فشلها أمام الشعب الإماراتي الشقيق في الملف المصري، لقد أبهرتنا الإمارات بتوسعها الرأسي سابقا ولكنها هدمت سمعتها بطريقة توسعها الأفقي على حساب شعب مصر، وهو أمر مرفوض و سينقلب السحر على الساحر قريبا.

(صحيفة عربي21)

الكاتب