ديفيد هيرست: مصر ستواجه نوعين من الكوراث المستقبلية بسبب اتفاقيات التطبيع

ديفيد هيرست: مصر ستواجه نوعين من الكوراث المستقبلية بسبب اتفاقيات التطبيع

يقول الكاتب البريطاني ديفيد هيرست إن مصر تواجه -بسبب اتفاقات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين- نوعين من الكوارث: مستقبلية وأخرى راهنة، تطال مكانتها السياسية في المنطقة ووضعها المالي.

ويوضح هيرست في مقال له على موقع "ميدل إيست آي" (Middle East Eye) أنه سيتم استبدال جزئي لقناة السويس -وهي مصدر مالي مهم لمصر- ببدائل أرخص لنقل النفط من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط، عن طريق أنابيب النقل التي توصل بين ميناءي إيلات وعسقلان الإسرائيليين.

ويضيف أنه مع اتفاق التطبيع، ستفقد القاهرة الدور الذي كانت تتمتع به لعقود من الوساطة في العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، كما أن ما يُسمى بالورقة الفلسطينية التي كانت مصر هي المرجع فيها لكل الفصائل الفلسطينية -من حيث ترتيب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة، أو اجتماعات المصالحة بين فتح وحماس في القاهرة، وغيرها- قد تحولّت من القاهرة إلى أنقرة.

ونسب هيرست إلى المعلق في "الشروق نيوز" محمد عصمت، قوله إن خسارة مصر تذهب إلى أبعد من ذلك، إذ "سيتم تفكيك نظام الأمن القومي العربي بأكمله، بكل أبعاده العسكرية والسياسية والاقتصادية، تماما. كل خطابات العالم العربي حول الحرية والوحدة والتنمية المستقلة ستتوقف وتُنسى. وإسرائيل تطمح لتحل محل مصر في قيادة المنطقة العربية. هناك معادلات جديدة تقضي على كل مؤسسات العمل العربي المشترك وعلى رأسها جامعة الدول العربية نفسها".

وإلى جانب مكانتها في المنطقة، يقول هيرست إن مصر تخسر الأموال الصعبة، إذ توقفت كل من السعودية والإمارات عن ضخ مليارات الدولارات لدكتاتورية السيسي العسكرية.

فالسعودية أوقفت الأموال والنفط عن مصر بسبب أزمة ميزان المدفوعات لدى الرياض، ووجد ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد أهدافا أخرى أكثر جاذبية للعب بأموال بلاده بعد أن انتهى عهد صب الأموال في حفرة جيوب السيسي التي لا نهاية لها.

ويشير هيرست إلى أن تحوّل الاستثمار الإماراتي من مصر إلى إسرائيل يغير اللعبة في المنطقة ولبعض رجال الأعمال في القاهرة.

ويورد مثالا لرجال الأعمال الذين تأثروا بالتحوّل الإماراتي عن مصر، مشيرا مثلا إلى أن صلاح دياب مؤسس جريدة "المصري اليوم" -الذي اعتقل من قبل لارتكابه انتهاكات مزعومة لشركات يملكها، وتم الإفراج عنه بعد التدخل السريع من ابن أخته السفير الإماراتي بواشنطن يوسف العتيبة- قد تعثرت عملية الإفراج عنه هذه المرة.

ويستمر هيرست قائلا إن دياب في السجن الآن، والجنرال أحمد شفيق الذي حاول منافسة السيسي في انتخابات رئاسية سابقة يواجه دعوى قانونية أعيد تنشيطها، خلافا لاتفاق أبرمته مصر مع الإمارات التي فرّ إليها شفيق عندما تولى الرئيس السابق محمد مرسي السلطة عام 2012.

ويقول إن السياسيين المصريين المنفيين خارج مصر والذين يراقبون عن كثب المعارك داخل الوطن، لا يشكون في أن المشاكل القانونية التي يواجهها دياب وشفيق تستهدف دولة الإمارات.

ويُنسب إلى زعيم حزب غد الثورة أيمن نور -المرشح الرئاسي السابق- القول إن اعتقال دياب يعكس حالة الخلاف بين مصر والإمارات بعد التطبيع مع إسرائيل.

وقال أيضا إن موقع "ميدل إيست آي" علم أن رجل أعمال إماراتيا آخر كان يحاول إنشاء شركة إعلامية في القاهرة، اعتقل من قبل السلطات المصرية، ولم يُفرَج عنه إلا بعد تدخل شخصي من طحنون بن زايد شقيق محمد بن زايد.

وعن تأثير خسارة المليارات الخليجية على السيسي، قال الكاتب إن السيسي لجأ إلى صندوق النقد الدولي وفرض تقشفا قاسيا، وهز أغنى رجال أعماله، إلى حد أنه لم يعد أمامه من خيار آخر سوى فرض ضرائب على مواطنيه المنهكين أصلا، وهدم منازلهم وإجبارهم على دفع رسوم باهظة للحكومة، كما أن الدين القومي لمصر تضاعف 3 مرات تقريبا منذ عام 2014، من حوالي 112 مليار دولار إلى حوالي 321 مليار دولار.

وأضاف أن المصاعب المالية لنظام السيسي أدت لانكماش اقتصادي توقفت على أثره أعمال البناء، حيث أجبر العديد من العمال على البقاء في المنزل.

وأصبحت وسائل النقل العام أيضا أكثر صعوبة في الوصول إليها. ففي القطارات -وهي وسيلة النقل الأكثر استخداما بين صعيد مصر والوجه البحري، على سبيل المثال- شهد الركاب ارتفاعا كبيرا في أسعار نقل البضائع.

وعلق بأن المصريين ببساطة لم يعودوا يتحملون المزيد، ولا عجب أن القرى والبلدات المصرية تشهد حاليا سلسلة غير مسبوقة من الاحتجاجات السلمية المناهضة للحكومة.

وختم هيرست مقاله بأن نظام السيسي العسكري الوحشي القاسي والمدمّر أقامته العائلات المالكة الإماراتية والسعودية، إذ لم يكن السيسي لينشق ويخون الرئيس المصري المنتخب السابق الراحل محمد مرسي الذي اختاره وزيرا للدفاع، لولا الأموال التي وعدته بها الرياض وأبوظبي. 

الكاتب