كاتب بريطاني: الإمارات تتغنى بسراب التسامح وبريطانيا تصدّق من أجل الإستثمارات
لماذا ستواصل بريطانيا “البصم” على “أسطورة التسامح” الإماراتي؟ يجيب جوناثان فينتون- هارفي في موقع “بايلاين تايمز” قائلا إن سراب الإمارات من التسامح والتقدم تعرّض للنقد بعد اتهامات منظِمةٍ لمهرجان “هاي أبو ظبي” للشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان بالاعتداء الجنسي عليها.
والشيخ نهيان هو أحد أعضاء العائلة الحاكمة في أبو ظبي ووزير التسامح. وأصبحت قصة كيتلين ماكنمارا معروفة، حيث نشرتها صحيفة “صاندي تايمز” الأسبوع الماضي، كما تحدثت في عدد من المقابلات التلفزيونية منها مقابلة مطولة مع القناة الرابعة. وهي تقوم بمتابعة اتهاماتها قضائيا بعدما أخبرت الشرطة البريطانية عما حدث لها في تلك الليلة من شهر شباط/ فبراير بداية هذا العام.
وقالت ماكنمارا: “بدا لي أنني لست الأولى ولا الأخيرة” وأضافت: “لقد ترك أثره النفسي والجسدي عليّ في عمل كان بالنسبة له مجرد نزوة”. وتعهد المهرجان بعدم العمل مع الشيخ نهيان، وقال إنه “قوّض وبشكل مأساوي عمل حكومته للعمل مع مهرجان هاي لتعزيز حرية التعبير وتقوية المرأة”.
ويعلق الكاتب أن قرار المهرجان عقد مناسبة ثقافية في العاصمة الإماراتية رغم النقد للبلد وسجله غير المتسامح مع حرية التعبير، ومن كتّاب مثل نعوم تشومسكي وستيفن فراي بالإضافة إلى 40 منظمة غير حكومية بما فيها أمنستي انترناشونال ومنظمة “بن- القلم”. ووقعوا على رسالة مشتركة أكدوا فيها على الطريقة التي تقوم بها الحكومة الإماراتية بـ”تشجيع منصة لحرية التعبير وفي الوقت نفسه تعتقل خلف القضبان مواطنين إماراتيين ومقيمين لأنهم عبروا عن مواقفهم وآرائهم”.
وقالت المحامية البريطانية المعروفة هيلينا كيندي، إن على التحقيق البريطاني أن يكون شجاعا ويتعامل مع قضية كيتلين ماكنمارا. ويمكن أن تتم محاكمة آل نهيان بناء على “الولاية القضائية العالمية”، مما سيقدم سابقة في حالات الاعتداء الجنسي بناء على القانون الدولي.
ويعلق الكاتب قائلا إن الإمارات تقوم بحملة علاقات عامة لجذب الرأي العام الغربي وتخفي سجلها في ملاحقة الناقدين لها. وفي 2018 اعتقلت السلطات الإماراتية الأكاديمي البريطاني ماثيو هيجيز بتهمة التجسس لصالح بريطانيا. وعذب ديفيد هيج، مدير نادي ليدز يونايتد السابق وأصبح محاميا لحقوق الإنسان أكثر من مرّة أثناء سجنه لمدة 22 شهرا في دبي.
وهاتان حالتان من عدد من الحالات التي تم فيها استهداف أفراد في الإمارات. ويقول الكاتب إن الإمارات تستثمر كثيرا في المؤسسات وتدعم المبادرات والمناسبات مثل مهرجان “هاي أبو ظبي” الذي بهدف لتقديم صورة جيدة عنها في الخارج، كما تقول صوفيا كالتينبرنر مدير حملة في الحملة الدولية للحرية في الإمارات، و”في الحقيقة لا يتم التسامح مع حقوق الإنسان في الإمارات، وتقيد حقوق المرأة بقسوة”.
وظلت بريطانيا حليفة الإمارات صامتة على اعتقال الناشط الحقوقي أحمد منصور الذي حكم عليه بالسجن لمدة 10 أعوام، رغم ما لدى بريطانيا من نفوذ على أبو ظبي من ناحية مبيعات السلاح والاستثمارات.
وقالت كالتيبنرنر إن منصور كان يجسد حرية التعبير والنقد بدون خوف من الظلم. وكافأته الدولة بالسجن لمدة 10 أعوام، مشيرة إلى أن عيد ميلاده الـ51 حل في 22 تشرين الأول/ أكتوبر الذي قضاه في زنزانة معتمة بسجنه في أبو ظبي.
وأشارت: “الإمارات بالتأكيد ليست دولة تسامح، لكن موقفها الدولي يعتمد على مظهر أن يكون لديها قيم غربية. وحان الوقت لأن يتوقف المجتمع الدولي عن الإيمان بأسطورة التسامح والاستيقاظ على القمع المنظم”.
وتعرّض وزير الخارجية دومينك راب للنقد، عندما وصف في أيار/ مايو الإمارات بـ”الأصدقاء الحقيقيين والشركاء الذين لا يقدرون بثمن” وذلك في معرض حديثه عن التعاون في مجال كوفيد-19. وكتب هيجيز في صحيفة “الغارديان”: “يبدو أن الحكومة البريطانية لم تقدر حياة البريطانيين في الخارج، ولكنها سعيدة بتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان الرهيبة التي ترتكبها أنظمة مثل الإمارات”.
ولدى بريطانيا علاقات استثمارية واسعة مع الإمارات التي تعول عليها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وأشار الكاتب إلى أوراق محكمة سربت وكشفت عن ثروة حاكم الإمارات الشيخ خليفة بن زايد والتي تصل إلى 5.5 مليارات جنيه استرليني في مجال العقارات ببريطانيا.
وتدفق الكثير من الباحثين عن عقارات في بريطانيا من دبي، واستهدفوا شارع كينغز غربي لندن، خاصة باترسي ووايت سيتي. ولدى الإمارات علاقات أخرى مثل شراء أندية رياضية كنادي مانشستر سيتي، ودعم جامعات مثل درم وإكستر وبيرمنغهام ومدرسة لندن للاقتصاد، خاصة أن التعليم العالي في بريطانيا يواجه خسائر بسبب كوفيد- 19.
وفي الوقت نفسه، تشجع بريطانيا شركاتها مثل بي بي ورولز- رويز على الاستثمار في الإمارات. وهو ما دعا وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش للقول إن البريكست هو “محفز للتجارة الحرة”. وزادت الإمارات استثماراتها في بريطانيا منذ الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي. فقد زادت البنوك الإماراتية استثماراتها في بريطانيا بنسبة 23% من 12% في الربع الأول من 2020. وشجعت بريطانيا المستثمرين من دبي على الاستثمار في بريطانيا ما بعد البريكست، وتأمل بملء الفراغ بعد البريكست وكوفيد-19.
وبسجل من الانتهاكات، تواصل بريطانيا “البصم” على أسطورة التسامح الإماراتية من أجل الحصول على استثمارات سهلة.