خاص: هل تتجه الامارات لصراعات التوريث في ظل غياب الديمقراطية الحقيقية؟

خاص: هل تتجه الامارات لصراعات التوريث في ظل غياب الديمقراطية الحقيقية؟

خاص - شؤون إماراتية
عبد الله الطويل

 

أوائل مارس الجاري، كشف الموقع الاستخباري الفرنسي "انتليجنس أونلاين"، تفاصيل ما قال إنه "مخطط ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد" لوراثة الحكم في الإمارات، وذلك من خلال تعيين نجله "خالد"، رئيساً لجهاز أمن الدولة، ليحكم محمد بن زايد سيطرته على الأجهزة الأمنية.

وسلط الموقع في نشرته الأسبوعية، الضوء على الدور الذي لعبه «خالد محمد بن زايد»،مؤخراً في بعض الملفات الاستراتيجية للإمارات، وأبرزها ملاحقة الإصلاحيين والناشطين المتهمين بالانتماء لجماعة «الإخوان المسلمين» وبعض الناشطين.

وأضاف الموقع الفرنسي، أن ولي عهد أبوظبي، عين ابنه "خالد"، رئيسا لجهاز أمن الدولة بدلاً من أخيه «هزاع بن زايد آل نهيان»، في شهر فبراير الماضي، ولمساعدة ابنه الشيخ «خالد»، عين «محمد بن زايد» أخيه الأصغر غير الشقيق الشيخ «طحنون بن زايد آل نهيان» مستشاراً للأمن الوطني أيضاً.

وقالت النشرة إن الشيخ "طحنون" هومحل ثقة ولي عهد أبوظبي وقد رافقه في الزيارات التي قام بها مؤخراً إلى الصين وكوريا الجنوبية وروسيا والهند، وأن محمد بن زايد، كلف أخيه طحنون بالإشراف على التدخل العسكري الإماراتي في اليمن في يونيو الماضي، بالتعاون مع وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان.

وكشف الموقع أن "إقالة الشيخ هزاع بن زايد هو تتويج لتهميش تدريجي تعرض له، بسبب انتقادات من جانب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والذي اتهم بأساليب فظيعة لاختطافه وتعذيبه لعدد كبير من الأشخاص".

ويأتي هذا التعيين لخالد بن زايد، بعد تزايد قضايا أمن الدولة المنظورة أمام محكمة أمن الدولة، وفي ذروة مشاركة الامارات في مؤتمر ميونخ الأمني السنوي الاستراتيجي، وإعلان وزيرالدفاع الأمريكي استعداد مسؤولين إماراتيين التقاهم في ميونخ لإرسال قوات إماراتية لمحاربة داعش برياً في سوريا.
 

انقلاب الامراء

ويعد ما أقدم عليه محمد بن زايد، على غرار ما اتبعه الملك السعودي سلمان، بتعيين نجله محمد لولاية العهد، نموذجاً لما بات يسمي "انقلاب الامراء"، لتثبيت كراسي حكم وإضعاف أخرى.

فأنظمة الحكم الخليجية، "ملكية"،تعتمد على انتقال السلطة في البلاد بين أفراد الأسرة الحاكمة (عائلية السلطة)، ويسير هذا التناقل والتوارث للسلطة في خط الأبوة، وينحصر في الذكور دون الإناث، ولكن هناك بعض الحالات التي لاتحترم فيها هذه القواعد، ومنها الحالة الاماراتية.

وبعدما كان الملمح السلمي هو نمط الخلافة السياسية المتبعة في عدد من الدول الخليجية، ظهرت حالات لاستخدام العنف أو التحايل في خلافة عروش هذه النظم، في ما يعرف بـ "انقلاب الأمراء"، أو "انقلابات القصر"، أو "ثورة القصر"، أو "انقلاب أبيض من الداخل"، أو حتى "صراعات دموية".

حتي باتت هذه الظاهرة الممارسات السياسية الملكية شائعة، لاسيما مع غياب الديمقراطية الحقيقية والاكتفاء بوجود إحدى أبرز مؤسساتها "كالمجلس الوطني الاتحادي" مفرغاً من مضمونه ودوره الفاعل المتمثل في الرقابة والتشريع ، فضلاً عن انشغال الأنظمة بتكريس سلطاتها المحلية، وتثبيت أقدامها، والخشية من حدوث تغييرات لا تصب في مصالحها بعد تداعيات ثورات الربيع العربي، التي تهب رياحها من كل اتجاه.

ومحاولات محمد بن زايد لا تتوقف عند وضع أنجاله في مناصب أمنية حساسة تحكم مفاصل وهياكل الإمارات فحسب، بل بتعيين أهل الثقة من رجالاته وممن صنعتهم أجهزة مخابراته العسكرية والأمنية خلال العقود الثلاث الماضية، والعمل على إيجاد تنافس بين أبناء الأسرة الحاكمة لشغل المراكز المؤهلة لكرسي السلطة، والتي قد تأخذ أشكالاً مختلفة، يركز فيها الشيوخ على تقوية مراكزهم بامتلاء أكبر قدر من أوراق اللعب والضغط.

وبوجه عام، فإن العنصر الحاسم في مسألة الخلافة في دولة الإمارات هوالاتفاق، أوالتضامن بين حكام الإمارات السبع، رغبة في نجاح واستقرار التجربة الاتحادية، ولكن تعيينات بن زايد الأخيرة ربما تعيد الصراعات مرة أخرى، خصوصاً أن توريث الحكم هنا مرتبط بغياب أي نوع من الديمقراطية في البلاد.
 

أمريكا ترعى الانقلاب

وقد أشار تقريران نشرتهما شبكة "بلومبيرج"، ومجلة فورين أفيرز، لرعاية واشنطن لما يفعله محمد بن زايد باعتباره رجلها الذي يرعي مصالحها في المنطقة خاصة قمع الاسلاميين، والحفاظ على مصالح اسرائيل، ووصفت بلومبيرج «محمدبنزايد» بأنه "مهندس الاقتصاد والأمن في أبوظبي ورجل واشنطن وعدو الإسلاميين".

أما مجلة شؤون دولية (فورين آفيرز)،التي تصدر عن مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، فقد اشارت لضرورة المزيد من توثيق العلاقات الأمريكية بالجيل الجديد من الزعماء الخليجيين، وعدم اختزال علاقاتها بالخليجيين بأنها دول ثرية تشتري السلاح مقابل المساهمة في محاربة الإرهاب.

 

الكاتب