مصادر اسرائيلية: نتنياهو يخطط لإجراء أول زيارة للإمارات منتصف الشهر المقبل
كشفت مصادر إسرائيلية أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يخطط لإجراء أول زيارة رسمية إلى الإمارات منتصف الشهر المقبل، وسط تساؤلات عما إذا كان هناك تحالف سعودي- إماراتي- إسرائيلي- جمهوري يتشكل الآن ضد بايدن.
وقالت القناة الإسرائيلية “أي 24” أن زيارة نتنياهو ستأتي تلبية لدعوة تلقاها من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ومن المتوقع أن يدشن نتنياهو الطائرة المخصصة لرئيس الحكومة المعروفة باسم “جناح صهيون” أو “سلاح الجو الإسرائيلي 1” والتي سيتم تسليمها خلال الأيام القادمة إلى سلاح الجو الاسرائيلي بعد استكمال جميع الرحلات التجريبية الخاصة بها.
يشار إلى أن تسيير الطائرة الرئاسية التي ستقلّ نتنياهو إلى الإمارات تأجل عدة أشهر بعد اتخاذ قرار بإقامة مقر خاص لها في قاعدة عسكرية جنوبي البلاد مجهزة بأجهزة أمنية وحراسة متقدمة جدا. كما عين ضابط خاص مسؤول عن حراسة الطائرة في القاعدة العسكرية والاهتمام بصيانتها. وكلف شراء وتجهيز الطائرة مئات ملايين الدولارات، مما أثار حملة انتقادات سياسية وإعلامية.
وهذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها إسرائيل طائرة رسمية خاصة لنقل رئيس الحكومة حيث كان يستخدم طائرات تابعة لسلاح الجو في جيش الاحتلال أو لشركة “اركيع” أو “إلعال”. والطائرة أيضا متاحة لاستخدام الرئيس الاسرائيلي رؤوفين ريفلين، لكنه سبق وأعلن أنه غير معني باستخدامها.
وهذه الطائرة قادرة على الوصول برحلات مباشرة إلى الولايات المتحدة والصين وهي مجهزة بأنظمة اتصال تؤمن اتصالا آمنا مع البلاد، وزودت بأنظمة حماية ضد الصواريخ والهجمات الالكترونية.
في المقابل أعلنت وكالة الأنباء البحرينية بشكل رسمي أن بعثة بحرينية برئاسة وزير الخارجية عبد اللطيف الزياني ستصل في إطار زيارة رسمية إلى إسرائيل اليوم الأربعاء. وذكرت الوكالة البحرينية أن هدف الزيارة هو إجراء محادثات ومناقشات حول اتفاق السلام.
وفي سياق هذه الزيارة، يتساءل محللون ومراقبون عما إذا كانت هناك فعلا ملامح لتحالف قد يجمع الخاسرين من هزيمة ترامب، ليس فقط في داخل الولايات المتحدة، بل خارج حدودها أيضا. ويلاحظ هؤلاء فتورا في ترحيب كل من السعودية وإسرائيل بفوز بايدن، فقد وجهت السعودية التهنئة لبايدن بعد يوم من إعلان وسائل الإعلام الأمريكية فوزه، بعكس الكثير من قادة الدول الذين سارعوا إلى تهنئته فور الإعلان عن فوزه.
ولاحظ موقع “واللا” العبري ذلك، فكتب تحت عنوان “السعودية انتظرت يوما كاملا قبل تهنئة بايدن”: “فيما سارعت دول عربية إلى تهنئة الرئيس المنتخب، فضّل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إرسال التهنئة لرئيس تنزانيا بإعادة انتخابه.
ومثل بن سلمان، تأخر رئيسُ حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في تقديم التهنئة لبايدن مدة يوم ونيف، بشكل لفت نظر وسائل الإعلام العبرية أيضا. ونشر نتنياهو تغريدتين بفارق 14 دقيقة، هنأ في الأولى بايدن ونائبته كامالا هاريس، مشيرا إلى العلاقة الشخصية والدافئة الطويلة لمدة أربعين عاما مع بايدن “الصديق العظيم لإسرائيل”، وإلى تطلعه للعمل معهما لتعزيز التحالف الخاص بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وفي التغريدة الثانية شكر نتنياهو ترامب على صداقته لإسرائيل وله شخصيا وعلى الاعتراف بسيادة إسرائيل على القدس والجولان والوقوف ضد إيران، ودوره في اتفاقيات السلام الأخيرة، ورفع مستوى التحالف الأمريكي- الإسرائيلي إلى مستويات غير مسبوقة.
إيران ملف محوري
رغم ذلك، سيكون الملف الإيراني على الأقل برأي هؤلاء مركزيا في التحالف الذي قد يضم الإمارات والسعودية والبحرين من ناحية، وإسرائيل وحلفائها الجمهوريين من ناحية ثانية. وسيعمل على عرقلة وإحباط الخطوات المتوقع أن يقوم بها الرئيس المنتخب بايدن تجاه طهران، لوقف تبعات ما قام به ترامب في السنوات الأربع الأخيرة في جهوده للقضاء على الإرث الذي تركه الرئيس السابق باراك أوباما، ونائبه بايدن، خاصة الاتفاق النووي مع إيران.
وقد تشكل هذه الدول معا “لوبي” مشتركا في واشنطن يتعاون مع الحزب الجمهوري ويستفيد من العراقيل التي يقوم ترامب بنصبها حاليا لبايدن، لتقييد توجهاته. وكان بايدن أشار إلى نيته الشروع بعدة خطوات تجاه إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الدولي مع إيران، إذا عادت إيران إلى الالتزام بالاتفاق.
وتثير تصريحات بايدن ونائبته هاريس قلقا في إسرائيل لنية الإدارة الأمريكية الجديدة التراجع عن بعض الخطوات التي اتخذتها إدارة ترامب، وذلك بإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وفتح القنصلية الأمريكية في القدس من جديد، التي كانت تضم مكتب الاتصال مع القيادة الفلسطينية قبل أن تضمها إدارة ترامب إلى السفارة التي نقلت من تل أبيب إلى القدس، والعودة إلى تقديم الدعم للسلطة الفلسطينية، وربما إلى وكالة الأونروا.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إنه “إذا لم يتضمن اتفاق جديد هذه الأمور، وتم التوقيع على اتفاق يشمل رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، فإنه على الرغم من أن إيران ستعلق تطوير السلاح النووي، لكنها ستتمكن من التقدم في مسارات أخرى، وخصوصا ترميم اقتصادها المنهار والعودة إلى تصدير الإرهاب بأحجام واسعة إلى الشرق الأوسط، وخاصة إلى سورية ولبنان”.
قلق إسرائيلي
وفيما يتعلق بالفلسطينيين، فإن “القلق في إسرائيل هو من استئناف الضغوط الدولية على إسرائيل من أجل تقديم تنازلات للفلسطينيين” وذلك طبقا لما نقلته صحيفة “إسرائيل اليوم” عن مسؤولين إسرائيليين أمس. ونقلت الصحيفة المقربة من نتنياهو عنهم القول إن “سياسةً أمريكيةً كهذه من شأنها أن تعرقل أيضا الجهود من أجل إقناع دول سنية معتدلة بتحويل علاقاتها مع إسرائيل إلى علاقات علنية “.
وبرأي محللين إسرائيليين تخشى إسرائيل من تجديد بايدن الموقفَ الأمريكي التقليدي من المستوطنات باعتبارها مخالفة للقانون الدولي، والعمل على إحياء حل الدولتين من جديد، وستعتبر إسرائيل ذلك قضاء على “صفقة القرن” التي أعدتها إدارة ترامب بالتعاون مع نتنياهو.
وتشهد علاقة قادة الحزب الديمقراطي توترا مع نتنياهو بعد تحديه أوباما وإلقائه خطابا أمام الكونغرس ضد توجه الإدارة الأمريكية السابقة للتوقيع على الاتفاق الدولي النووي مع إيران في آذار 2015، وما تلا ذلك من انحياز إسرائيل للحزب الجمهوري.
ويرى المحلل السياسي إيتمار آيخنر في تحليل نشرته “يديعوت أحرونوت” أن في الحزب الديمقراطي وفي الدائرة الداخلية لبايدن لا يزال الغضب حاضرا تجاه نتنياهو بسبب عدائه لباراك أوباما وصداقته مع ترامب. وبرأيه يتركز قلق إسرائيل من تصاعد الخلاف مع واشنطن بسبب الصدام مع مسؤولين سيتولون التعامل مع ملف إسرائيل وعملية السلام في الشرق الأوسط والملف الإيراني.
ويقول إن هؤلاء، وخاصة الذين تولوا مناصب في إدارة أوباما، لن ينسوا بسهولة خطاب نتنياهو بدعوة من الحزب الجهوري أمام الكونغرس عام 2015 الذي هاجم فيه الاتفاق النووي الدولي مع إيران. كما لن ينسى بايدن نفسه كيف أحرجته حكومة نتنياهو عام 2010، عندما أعلن وزير الداخلية آنذاك إيلي يشاي خلال زيارة بايدن لإسرائيل عن قرار ببناء 1600 وحدة سكنية استيطانية، الأمر الذي اعتبر إهانة مقصودة من قبل نتنياهو لبايدن. كذلك يستذكر لعب بايدن دوراً في تمرير قرار مجلس الأمن 2334 حول عدم شرعية المستوطنات الذي تبنته الأمم المتحدة في الوقت الذي انتخب فيه ترامب للرئاسة.
السعودية بين بايدن وخاشقجي
وسبق أن أكد بايدن في مناظرة بين المتنافسين على ترشح الحزب الديمقراطي في تشرين الثاني 2019، أنه على قناعة بأن جريمة قتل وتقطيع جثة الصحافي السعودي جمال خاشقجي في السفارة السعودية في تركيا، نُفذت بتعليمات من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لذلك سيعمل بايدن على معاقبة المسؤولين السعوديين على هذه الجريمة، وسيمنع بيع الأسلحة الأمريكية للسعودية وسيوقف الدعم لها وفق تحليل المحلل الإسرائيلي المذكور.
بالمقابل أشارت صحيفة “غلوبس” العبرية إلى مخاوف السعودية والإمارات والبحرين من إمكانية فوز بايدن، لأن ذلك يعني العودة عن الإجراءات والعقوبات التي قام بها ترامب ضد إيران. ونقلت الصحيفة عن مسؤول إماراتي كبير قوله حرفيا: “بايدن لن يعيد عجلة التطبيع إلى الوراء والتحالف الإماراتي مع إسرائيل قوي، لكن إذا عاد إلى مقاربة أوباما مع إيران والتنظيمات الإرهابية التي تدعمها الولايات المتحدة فهذا سيتسبب بحريق في الشرق الأوسط”.
تحالف ضد بايدن
وأكد هذا المسؤول أن الدول الثلاث بالشراكة مع إسرائيل بحثت في الأسابيع الأخيرة سيناريو محتملا لفوز بايدن بالرئاسة، وسبل مواجهة ذلك، وخاصة التوجهات الأمريكية نحو إيران. وأضاف: “إن توقيت التحالف الإماراتي مع إسرائيل مؤخرا جاء في توقيت مناسب، مع تصريحات بايدن أنه إذا التزمت إيران بالاتفاق الدولي فستعود واشنطن للاتفاق وللتعاون معها”.
كما لم يستبعد المسؤول الإماراتي انسحاب السودان من اتفاق التطبيع مع إسرائيل في حال فوز بايدن، وتراجع الإدارة الأمريكية الجديدة عن التعهدات التي قدمتها إدارة ترامب للخرطوم. أما مصر فرغم عدم بروز صوتها بشكل واضح تجاه بايدن، إلا أن مخاوفها تتركز حول تغيير موقف الإدارة الأمريكية من تركيا.
وحسب موقع “واللا” العبري، يجري تنسيق بين إدارة ترامب ونتنياهو ودول خليجية لفرض عقوبات إضافية على إيران لعرقلة عودتها إلى الاتفاق النووي.
من جهتها، ذكرت القناة الثالثة عشرة الإسرائيلية أيضا أن زيارة بومبيو قد تستمر ثلاثة أيام في إسرائيل وستشمل العديد من اللقاءات التي سيتم فيها بحث الخطوات التي يجب القيام بها من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران، قبل تسلم بايدن الرئاسة. وأشارت القناة إلى أنهم في إسرائيل يتوقعون أن تنشأ أزمة بين إسرائيل وإدارة بايدن إذا عاد إلى مرحلة ما قبل ترامب في التعامل مع إيران.
أما في إسرائيل، فتنقل صحيفة “ذي ماركر” المتخصصة في الشؤون الاقتصادية عن يوسي هولاندر، رئيس المعهد الإسرائيلي للتخطيط الاقتصادي، والريادي في عالم التقنية المتقدمة “هايتك”، قوله إن “السنوات الأربع المقبلة ستكون الأصعب على إسرائيل منذ قيامها، وستواجه خطرا وجوديا كبيرا يتجاهله الكثيرون، ويتمثل هذا الخطر في المحيطين ببايدن ونائبته هاريس، التي قد تصبح رئيسة للولايات المتحدة خلال سنوات.
وستكون ذروة الخطر على إسرائيل عندما يتم تقديم مشاريع قرارات تُفرض على إسرائيل في الأمم المتحدة، ولا تستخدم الولايات المتحدة حق الفيتو ضد هذه القرارات. ويقدر هولاندر فرصة حدوث ذلك بستين إلى سبعين في المئة، ويستذكر التوتر الذي شهدته السنة الأخيرة من حكم أوباما، بعد توقيع الاتفاق النووي الدولي مع إيران، وصولا إلى امتناع واشنطن عن استخدام الفيتو ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي 2015.
عشرة أسابيع حاسمة
وبرأي المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية ( مدار) يبقى سلوك ترامب وإدارته في الأسابيع العشرة المتبقية له قبل تولي بايدن الرئاسة، هو أبرز محدد لتفاصيل العمل والجهد الإماراتي- السعودي- الإسرائيلي تجاه الرئيس الديمقراطي. موضحا أنه مع استبعاد ذهاب ترامب إلى عمل عسكري ضد إيران، واللجوء لتشديد العقوبات عليها، وفي الوقت ذاته زرع ألغام سياسية في واشنطن لبايدن، فمن الواضح أن التعاون بين المتضررين من خسارة ترامب، سيبقي الملف الإيراني حاضرا بقوة، ربما على حساب ملف الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، لكن كلا الملفين سينتظران فترة ما حتى يتمكن بايدن من السيطرة على الأزمات التي تواجهها الولايات المتحدة داخليا، خاصة أزمة كورونا وتبعاتها الاقتصادية، وحتى يتجاوز الألغام.
وبرأي المحرر الباحث في “مدار” أنطوان شلحت تؤكد تحليلات الأوساط المقربة من نتنياهو، كما يمكن الاستشفاف مما يظهر منها في الصحيفة الناطقة بلسانه (إسرائيل اليوم) مثلاً، أن فوز بايدن خيّب أمل نتنياهو الذي رغب بفوز ترامب بولاية ثانية، لكنه في الوقت ذاته سرعان ما شخّص أن انتصار بايدن يعود عليه شخصيا بالنفع أيضاً.
ولم ينتظر نتنياهو كثيراً كي يوضح منذ الآن أن الخط السياسي الجديد في مقابل الإدارة الأمريكية المقبلة وأساساً في مقابل الجمهور الإسرائيلي العريض هو الإصرار العنيد على مصالح إسرائيل. ويبدو أن الرسالة التي يريد نتنياهو بثها، فحواها أنه لا يوجد له منافسون في كل ما يتعلق بالصمود في وجه إدارة أمريكية معادية أو نصف معادية للسياسة الإسرائيلية.
ويرجح شلحت أن نتنياهو سيسأل: “على من ستعتمدون عندما تبدأ الإدارة الأمريكية الجديدة بممارسة الضغوط على إسرائيل لنقل مناطق محتلة إلى أيدي العرب؟ هل ستعتمدون على حليفه/ خصمه بيني غانتس الذي يفتقر إلى عمود فقري؟ أو على نفتالي بينيت عديم التجربة؟ أو على قائد من اليسار سيستسلم فوراً؟”.