صراعات متصاعدة وتوترات مسلحة بين فصائل الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً
كشفت صراعات وتوترات مسلحة بين فصائل المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، المدعوم من دولة الإمارات العربية، عن حجم وعمق الاختلافات والصراعات المناطقية بين قياداته، التي تتمترس كل منها خلف وحدات عسكرية وأمنية، وفي مقدمتها القيادات المنتمية لمنطقة يافع بمحافظة لحج ومحافظة الضالع.
وأرجع إعلاميون تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي هذه الصراعات إلى ما وصفوها بـ«المؤامرة» التي تطبخ في العاصمة السعودية الرياض، عبر قيادات في المجلس الانتقالي ذاته، والتي تُوّجت بالصراع المسلح «على المكشوف» الذي كاد يفجّر الوضع عسكرياً بين الوحدات الأمنية والعسكرية في عدن التابعة للمجلس الانتقالي، حيث تتزعم الوحدات الأمنية قيادات المجلس المنتمية للضالع، بينما تقود قوات الأحزمة الأمنية العسكرية القيادات المنتمية لمنطقة يافع، في محافظة لحج.
وشن نشطاء وإعلاميو المجلس الانتقالي حملة إعلامية تحدثت عن مؤامرة ضد المجلس الانتقالي من الداخل تم التدبير والتخطيط لها في الرياض على يد قيادات في المجلس ذاته، وأنه تم القبض على بعض القيادات في المجلس ممن كانت وراء هذه المحاولة الانقلابية، التي اتهموها بالارتباط بالحكومة الشرعية التي حاولت الانقضاض على المجلس من الداخل بعد سيطرة قوات المجلس الانتقالي على مقاليد الأمور في محافظة عدن والمحافظات المجاورة لها في آب/ أغسطس من العام الماضي.
وجاءت هذه الحملة الإعلامية تفسيراً لنزول وحدات عسكرية وأمنية تابعة لقيادات متصارعة مناطقياً في المجلس الانتقالي إلى الشوارع في محافظة عدن قبل يومين، والتي كانت قاب قوسين من انفجار الوضع عسكرياً بينها قبيل احتواء الوضع سلمياً بتدخل مباشر من أبوظبي التي أجبرت الطرفين على التراجع والالتزام بالأوامر الإماراتية.
وشملت الحملة الإعلامية الجنوبية تبادل الاتهامات بين القيادات الجنوبية المنتمية لمنطقة يافع والأخرى المنتمية للضالع والتي أماطت اللثام عن خلافات عميقة بينهما، عكست الإرث التاريخي للصراع بين أبناء المنطقتين حتى في حقبة النظام الاشتراكي اليمني، الذي حكم جنوب اليمن خلال عقدي السبعينيات والثمانينات من القرن المنصرم.
وبحسب مصدر جنوبي أن التوتر العسكري بين الجانبين نهاية الأسبوع المنصرم أسفر عن انتشار قوات من ألوية الإسناد وسيطرتها على طريقي كالتكس والمطار في محافظة عدن، وكذا انتشار قوات أخرى في اتجاه طريق محافظة أبين من جهة محافظة عدن، بالإضافة إلى تسليم معسكر النصر لألوية الحزام الأمني والإسناد «وإن هذا التوتر المسلح يعد تعبيراً عن عمق الصراع الحقيقي الراهن بين قيادات المجلس الانتقالي المنتمية ليافع ونظيرتها المنتكية للضالع على النفوذ في المجلس».
وكان الإعلامي في المجلس الانتقالي الجنوبي، صلاح بن لغبر، كشف عن هذا الصراع الخفي وفسّره بـ«المؤامرة» وقال في إحدى تغريداته بصفحته في مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر»: «فشلت مؤامرة خطيرة جداً في العاصمة الجنوبية، مؤامرة يتم التخطيط لها منذ نحو عام وعليها كانت تعتمد عصابة الشرعية وتتعنّت في تنفيذ الاتفاق» في إشارة إلى اتفاق الرياض، الموقع بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، والذي فشلت السعودية في تنفيذه على أرض الواقع كوسيلة لرأب الصدع بين الجانبين، والذي يتضمن انسحاب ميليشيات المجلس الانتقالي من وحدات عسكرية وأمنية من محافظة عدن، وتسليمها للحكومة الشرعية مقابل مشاركة المجلس الانتقالي في حكومة ائتلافية، تعذر تشكيلها حتى الآن منذ أكثر من عام.
وأوضح بن لغبر في تغريداته أن قيادة المجلس الانتقالي أحبطت محاولة انقلابية كان مقرراً لها أن تتم يوم الخميس في عدن بتخطيط ومشاركة قيادات من المجلس ذاته مقيمة في العاصمة السعودية الرياض.
وفي الوقت الذي هدد فيه بن لغبر بالكشف عن أسماء قيادات المجلس التي شاركت في المحاولة الانقلابية، تراجع بن لغبر عن تهديداته وقام بحذف الجزئية التي اتهم فيها بعض قيادات المجلس بالتورط في المحاولة الانقلابية على حد تعبيره.
وكان أوضح بن لغبر في تغريداته أن «قيادة الخلية تتخذ من أحد المنازل في الرياض مركزاً للاجتماع والتخطيط وضمنها ـ للأسف ـ قيادات جنوبية كبيرة لا يتوقع منها ذلك وهناك تطبخ المؤامرات والحملات التمهيدية». وقال: «نقسم بالله إن لم يرتدعوا سنكشف كل التفاصيل والأسماء مهما كان حجم الصدمة، الجنوب فوق الجميع».
وأوضح لاحقاً أن ثقته بالمجلس الانتقال الجنوبي وقيادته لاحدود لها «ولايوازيها إلا ثقتنا بعدالة قضيتنا وحق شعبنا في أرضه واستقلاله، وهذا الثابت المطلق، لكن سنة الكون وجود شوائب في كل شيء حتى في أثمن وأغلى المعادن، غير أن هذا المجلس هو الأقل شوائب في كل ما حولنا».
إلى ذلك، قال عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، فضل الجعدي: «إن أعداءنا يراهنون على كسرنا من الداخل، سيفتعلون القلاقل، سيثيرون البلبلة، سيستغلون ضعاف النفوس، وسيستخدمون كل الوسائل لشق صفنا، ولذلك فنحن نراهن على الوعي بالقضية والحرص على عظمة الهدف الذي يجمعنا».
إلى ذلك، أوضح القيادي في المقاومة الجنوبية المناهض للمجلس الانتقالي، عادل الحسني، قال إن «أبو خليفة، المتواجد في الرياض، جمع بين ناصر الخبجي وعبد الرحمن شيخ (قيادات بارزة في الانتقالي الجنوبي) وأنهى الخلاف الموجود بين الجماعات المسلحة التابعة للإمارات في عدن، المنتمية للأخوة في الضالع ويافع».
وكان ذكر في وقت سابق أن توتراً عسكرياً في عدن تصاعد بين ميليشيات الإمارات، الحزام الأمني اليافعي من جهة، وقوات مدير أمن عدن المُقال شلال شائع الضالعي حول معسكر النصر. من جهة أخرى، وقال: «على الأرجح لن يسلم شلال شائع معسكر النصر لحزام يافع وكذا لن يسلم إدارة أمن عدن، ويمتلك قوة أكبر منهم، إلا في حالة تدخل الكفيل الإماراتي، حيث ستنتهي هذه المشكلة برسالة فقط» على حد تعبيره