واشنطن بوست: 50 ألف إسرائيلي زاروا الإمارات خلال أسبوعين وانتشار واسع للغة العبرية بدبي
تحت عنوان “حزم الرحلات الدبلوماسية.. آلاف السياح الإسرائيليين يتدفقون على دبي بعد اتفاقية السلام”، قال مراسل صحيفة “واشنطن بوست” في إسرائيل ستيف هندريكس، إن أشيش نيغي، يتفاخر بمعرفته جنسية الزبون ما إن يعتّب محله للمجوهرات في سوق الذهب في دبي، فهو يمزح مع الأمريكيين ويتحدث مع البريطانيين ويفاصل على البضاعة مع الروس، لكن الزائر بالقبعة السوداء وجدائل الشعر المتدلية على جانبي رأسه كان مثار دهشة له. فهذه هي المرة الأولى التي يرى فيها يهوديا أرثوذكسيا في هذه الزاوية من دبي.
ولكنه كان جزءا من أعداد كبيرة تدفقت على دبي في الأيام الأخيرة. ويقول: “هذا أمر لم أشاهده في دبي من قبل… ومن الجيد أن يكون لديك زبائن جدد لتتعرف عليهنم”.
ومنذ بداية الرحلات المباشرة بين إسرائيل والإمارات، شهدت هذه الأخيرة وبشكل مفاجئ ازدهارا في السياحة. وباتت اللغة العبرية تسمع في الأسواق ومراكز التسوق والشواطئ. وتجاهل أكثر من 50 ألف إسرائيلي النصائح من مخاطر كوفيد-19 والإرهاب والتوتر الذي شاب العلاقة بين البلدين على مدى السنوات الماضية.
وتتوقع وزارة السياحة الإسرائيلية وصول أكثر من 70 ألف سائح إسرائيلي في عيد “حانوكا” أو الأنوار الذي بدأ الأسبوع الماضي، إلى الإمارات. وقال الإسرائيليون الذين وصلوا الإمارات إنهم لم يجدوا صداما ثقافيا. وقال أريه إنجل: “هذه أكثر دفئا مما شعرنا به في مصر والأردن” وهما أول دولتين عربيتين وقّعتا اتفاقية سلام مع إسرائيل.
وفي يومه الرابع بدبي، احتفل طاقم فندق “أريبيا تي هاوس” في دبي القديمة بعيد ميلاده بالعربية والإنكليزية وعبرية مكسرة: “هناك شعور أنهم يريدوننا هنا”.
ويقول هندريكس إن الاتفاقيات التي وقّعت في آب/ أغسطس بين الإمارات وإسرائيل ثم البحرين والسودان وأخيرا المغرب، كسرت البرود في العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل. واتهم القادة الفلسطينيون الدول العربية الدول التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل بالخيانة، خاصة أن الضفة الغربية لا تزال تحت الاحتلال، وتمنع إسرائيل قيام دولة فلسطينية.
وبالنسبة للإمارات، فالحوافز مختلفة. فبالإضافة للسياحة، هناك فرص لاستثمارات أجنبية بمليارات الدولارات في قطاع التكنولوجيا والزراعة والسلاح. وقالت ريم اللوز، مهندسة بناء في تل أبيب كانت تحمل حقائب تسوق من مول دبي: “هم أغنياء جدا هنا… ولديهم الكثير ليخسروه لو لم يكن هناك سلام”.
وقام إنجل وزوجته أدينا بحجز رحلة شاملة إلى دبي بـ1.800 دولار منذ أُعلن عنها في تشرين الثاني/ نوفمبر، وذلك لأنهما كانا راغبين بالسفر بعد 10 أشهر من الإغلاق بسبب كوفيد-19، ولكنهما يشعران بالحاجة لأن يرحب بهما في المنطقة.
وقالت أدينا: “بالنسبة لي فهذا مثل انهيار الستار الحديدي”. وعمل البلدان أولا على تفعيل آلة السياحة واعتبار كل منهما “بلدا أخضر” خال من كورونا دون الحاجة للحجر الصحي. إلا أن وزارة الصحة الإسرائيلية غيّرت موقع الإمارات في الأسبوع الماضي إلى وضعية “الأحمر” ولو مؤقتا، مما أثار الفزع لدى السياح الإسرائيليين الذين شعروا أن عليهم الخضوع للحجر بعد عودتهم إلى إسرائيل. لكن الوزارة غيّرت القرار سريعا بأمر من وزارة الخارجية.
كما كانت هناك مخاوف أمنية، فبعد مقتل عالم الذرة الإيراني محسن فخري زادة في عملية يعتقد أنها من تنفيذ الموساد، حذر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السياح من السفر إلى الإمارات خشية عملية انتقامية إيرانية، إلا أن التحذير لم يترك أثره حسب شركات السياحة.
وبحسب يانيف سيتنبرغ، مدير شركة “بريفيلج توريزم”: “لم يقولوا في الحقيقة: لا تذهبوا كما يفعلوا في معظم الحالات… وسأل بعض الناس، لكن لا أحد ألغى رحلته”.
وتدير شركات السياحة في البلدين دورات عبر تطبيق “زووم” لتعليم بعضهما البعض حول العادات والأتيكيت. وأضاف مدراء الفنادق “شمعدان” عيد الأنوار إلى مظاهر الزينة، إلى جانب زينة الكريسماس.
وقالت مديرة في فندق إنها طلبت من عمال الخدمة أن يغضوا الطرف لو شاهدوا شمعدانات مضاءة في غرف الفنادق طالما لم يكن خطيرا. وحوّلت شركة “تريت غورمي” المتخصصة بتوفير المواد الغذائية بدبي نفسها إلى شركة مزودة لوجبات الكوشير، وكذا نادي الضباط في أبو ظبي.
ووقّع مركز المجتمع اليهودي في أبو ظبي عقدا مع مسؤولي السياحة في الإمارة لتدريب وتقديم رخص كوشير لمطابخ 150 فندقا. وفي الوقت الحالي يحاول طهاة المطابخ التعلم والتكيف مع المطالب الجديدة وطبخ السمك في ورق القصدير لحمايته من الفرن غير المخصص لطبخ الكوشير.
وقال المرشد يوسي هيرتزوغ، العامل مع شركة “ميلينيوم ترافل”: “لقد حاولوا جهدهم لمساعدتنا”. وسبعة من عملائه الـ160 بحاجة لطعام كوشير، ولهذا حاول فندق حياة ريجنسي دبي مساعدتهم.
وقال أرون نارينان، مسؤول المشروبات في الفندق: “من حسن الحظ أن كل اللحم هنا حلال، وهذه ميزة”، لكن الطلب سيتفوق على العرض لأشهر قادمة. وقالت شركة سياحة ناصحة عملاءها: “أنصحكم بقوة بعدم ترك علب البسكويت المملح وسمك التونا في البيت”.
وقال الحاخام ميندل داتشمان من مركز المجتمع اليهودي في الإمارات، إنهم زادوا عدد العاملين من خمسة إلى 30 لمساعدة السياح الإسرائيليين. وقال: “نتلقى 300 رسالة إلكترونية في اليوم” ويريد الزوار معرفة أين يأكلون ويصلون والمكفا، وهو الحمام الذي تزوره المرأة اليهودية شهريا.
ويخطط المركز لبناء حمام جديد بمعايير راقية في دبي، و”ربما كان أحسن مكفا في العالم”. وفي احتفالات الحانوكا يعقد المركز اليهودي مناسبات ليلية باذخة في أرضية برج خليفة المكون من 163 طابقا. ويرقص مئات الإسرائيليين فيما يتردد صدى الموسيقى و”دي جي” الذي جاء من إسرائيل خصيصا في المكان.
وقال داتشمان: “أعتقد أن هذا أحسن مكان لأن تكون فيه يهوديا”. ومعظم السياح الإسرائيليين ليسوا ملتزمين بالشعائر الدينية أو بطقوس السبت، مما يعني مواصلة رحلتهم في أيام السبت وزيارة الأماكن السياحية في دبي.
وتقدم بعض شركات السياحة دروسا تثقيفية لعملائها خاصة أن السياح الإسرائيليين يُعرف عنهم الصخب.